اقتصاديات :الاستثمارات الأجنبية والمحلية

اقتصاديات :الاستثمارات الأجنبية والمحلية

 عباس الغالبي
تتبارى دول العالم المتقدمة منها والنامية على السواء على جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة إليها، ولعل العراق احوج ما يكون اليها، إلا ان الحاجة الى الاستثمارات المحلية تندرج ايضا في اطار الحاجة الملحة للاستثمار بشكله الاوسع والاشمل.


ولذلك لابد من تقديم الحوافز والمزايا والتسهيلات والاعفاءات الضريبية والكمركية، وهذه تقوم عن طريق اصلاحات واجراءات مرافقة من شأنها أن تكون مزايا تفاضلية وتروج لها بكافة السبل لإقناع المستثمرين المحتملين بأنها البلد الأفضل لإقامة المشاريع فيها.
ويعد العراق من البلدان الأشد حاجة لاستقدام الاستثمارات الأجنبية المباشرة نظراً للبون الشاسع الذي حصل بسبب انقطاع العراق عن التطور العلمي والتكنولوجي الذي شهده العالم خلال العقود الماضية مما أدى الى اتساع الفجوة التقنية بينه وبين العالم من جهة والى تقادم التقنية المستخدمة في اغلب المؤسسات والمصانع الانتاجية والخدمية من جهة أخرى.
ولا يمكن ان نغفل عن الاختلال الهيكلي الذي يعانينه الاقتصاد العراقي بقطاعاته المختلفة، حيث تكمن هنا الحاجة في اكبر قدر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة للعراق سعياً لتوفير المناخ الاستثماري الملائم من خلال التركيز على اهم عوامل الجذب الاستثماري التي جاءت كمحصلة لتجارب البلدان التي نجحت في استقطاب اكبر قدر من الاستثمارات الأجنبية والمتمثلة بتوفير سوق واسعة ونشيطة وبنية أساسية حديثة ومتطورة، وموارد طبيعية يسهل الوصول إليها، وأيد عاملة ماهرة وملتزمة ورخيصة الأجور فضلاً عن توفير البنى المؤسساتية وهذا يشمل وجود نظام قضائي قادر على تحقيق العدالة والمساواة وسيادة حكم القانون، ووجود ادارة حكومية سليمة وغير فاسدة، وشعور بالمودة تجاه المستثمرين المحليين والأجانب والترحيب بهم، وتوفير الاستقرار السياسي والاقتصادي وثبات السياسات الاستثمارية للدولة على المدى المنظور، وكذلك سهولة الاجراءات الادارية والتنفيذية والمعاملات المالية والضريبية وهذا يعني سهولة اجراءات الحصول على إجازات الدخول والخروج والاقامة ووضوح وشفافية النظام الضريبي وعدالته، وسهولة تحويل الأرباح، ورؤوس الاموال وعدم وجود عوائق بيروقراطية وكذلك سهولة تحويل أقساط القروض وفوائدها وأجور ومكافآت العاملين الأجانب وغيرها بدون صعوبات.
ومن المزايا الاخرى ضرورة توفير نظام مصرفي متطور يلبي متطلبات المستثمرين ويعمل وفق آليات السوق، وان تكون هذه الاستثمارات محدودة، بحيث لا تؤدي الى سيطرة الاجانب على جزء كبير من الثروة الوطنية، وعدم منحها اية امتيازات غير متوفرة لمواطني البلدان المضيفة لهذه الاستثمارات، وان تتم ضمن اطار شراكة مع رأس المال الوطني سواء من حيث القطاع العام او الخاص، وان تكون الملكية الغالبة لرأس المال الوطني، وتتجه لاقامة مشاريع صناعية غير متوفرة في الدولة المضيفة، وكذلك خضوع اي خلاف او نزاع بين المستثمرين الاجانب من جهة وبين مواطني الدولة المضيفة للاستثمارات الى قوانين الدولة المضيفة كما تقتضي متطلبات السيادة.
وينبغي تحديد الأولوليات بما يخدم الاقتصاد ككل وعدم الاهتمام بقطاع معين دون آخر من اجل عدم خلق الازدواجية في الاقتصاد بين قطاع متطلع الى الخارج وآخر.
وبضوء ما تقدم فإن الحاجة تبقى ملحة للاستثمارات المحلية انطلاقاً من مبررات موضوعية واخرى فنية واعتبارية في اطار تشجيع القطاع الخاص المحلي.