سافرة جميل حافظ! نشهدُ أنكِ قد عشتِ!

سافرة جميل حافظ! نشهدُ أنكِ قد عشتِ!

حسين عبد الزّهرة مجيد
نشهدُ أولاً أننا جهلاء، وأنكِ قد عشتِ، وتعيشين إلى الأبد. لا ندري، كيف دخلتِ السجنَ أول مرة بلباس الطالبات الجامعيات، وكنا مانزالُ نرضع من صدور الأمهات. كيف نظروا إليكِ، كيف هي برودة الحيطان وظلمتها؟ هل نظرتِ إلى تلك النخلة السامقة في باحة السجن، وكان العراقُ بلد ملايين النخيل؟ كنتِ سعيدةً.

أعرفُ أن الملكة ماري إنطوانيت حفرت حائط السجن بأظافرها. رفعت طابوقةً، وخبأت منديل الدم هناك. كانت إنسانةً رفيعة. ثم ما خبر شهادة حسن السلوك الممنوعة تلك؟ هذه لا تليق بك، كما لا تليق بكل العراقيات الناهضات، المغيبات. حسن السلوك العراقي لسارقي أموال الشعب. للمغتصبين، يستحيون العراقيات. من قال لهم أن لك أموالاً، منقولةً أو غير منقولة، كي يحجزونها؟ من هذا الحاكم العسكري، خريج الكلية العسكرية العراقية العريقة، الذي أصدر الحكم؟ هل كان يعرف بأنكِ لا تملكين من حطام الدنيا غير الكلمات؟ إقرأ. ثم ما قصر النهاية ذاك، مدرسة إهانة العراقيين؟ هل بصقوا عليك، كما بصقوا علينا بلا إستثناء؟ ماذا همس في أذناك طابور النجاسة الذي أعطى لاحقاً عراقكِ وشعبكِ إلى اليانكي على طبقٍ من ذهب؟ أين البلادُ من جريدة البلاد؟
من هي بولينا حسون، ومن هو جبران ملكون، ومن هي ناجية حمدي، ومن هي ليلى عبد القادر؟ لم تكتفين بالبحث عن الذهب، بل صفيتنه، وغسلتنه، وعرضتنه لجمال كل العراقيين، وما زلنا جهلاء بكن. نشهدُ أنكن قد عشتنّ.
أقولُ، ها نحن نقبّلُ جبهتكِ، وأياديكِ. عشتِ، وتعيشين، حتى وإن جفّ الفراتين.