تأريخ الترجمة والإبداع عند العرب والسريان في  حوار الأمم

تأريخ الترجمة والإبداع عند العرب والسريان في حوار الأمم

أوراق
ان الحضارة حوار ثقافي مستمر بين الأمم المتباينة الألسن، وأفضل أدوات التواصل هو اللسان، الذي قال عنه البيروني " اللسان هو الذي يترجم للسامع ما يريده القائل في الوقت الراهن، فكيف يتيسر نقل الخبر من الماضي إلى المستقبل على الألسنة مع تطاول الأزمنة؟ انه لولا قوة النطق في الانسان المبدع للخط الذي يسري في الأمكنة سريان الرياح وفي الأزمنة سريان الأرواح ما كان ذلك ممكناً،

فسبحان الخالق مصلح أمور الخلق.. هذا الاعتقاد الذي وضعه مؤلف الكتاب محمد عبد الحميد الحمد عن حوار الثقافات حين أطلق على كتابه هذا اســم " حوار الأمم ".
ضمن الاسئلة التي يطرحها الكاتب على نفسه بهذا الشأن هو " هل كان للإنسان ان يتدرج في معارج التقدم الحضاري لولا اللسان؟" وكان الجواب على هذا التساؤل في هذا الكتاب الذي أراد به الكاتب تأريخ الترجمة للعلوم عند العرب.
وأراد الكاتب أن يكون العام "2000" هو عام السلام عند الأمم، السلام الذي لا يتم سوى بالحوار الهادئ، الرصين، أي بالترجمة، ليتساءل الكاتب من جديد: هل يدخل عمله هذا في إطار العولمة الثقافية التي كثر الحديث عنها في هذه الايام؟
وكان جوابه هو أنه لم يبتغِ ذلك، لأنه اشرع في هذا الكتاب أكثر من عقدين من الزمن وأراد به آنذاك الاجابة على ما طرحه المستشرق الألماني ماكس مايرهوف في أيلول 1930، في بحثه حول تاريخ التعليم الفلسفي عند العرب، وكان قصده أن يبين مسار التراث اليوناني من الاسكندرية الى بغداد، ولكنه طرح إشكالية عدم وضوح ذلك المسار، قائلاً " من المؤكد أن مدرسة الاسكندرية، قامت بدورها في نقل العلوم إلى العرب، غير أن الدليل على طريق الانتقال المباشر قد أعوز الباحثين حتى اليوم، أو بعبارة أصح لم يسوقوه في وضوح وجلاء."
يوضح الكاتب في مقدمة كتابه المطولة، ما جاء به كل فصل من الكتاب، ويذكر محمد عبد الحميد الحمد، أن الفصل الاول من الكتاب تحدث عن أثنية كعبة الهلينية وتبين له أن العلوم ازدهرت فيها، بسبب المناخ الديمقراطي الذي كان متوفراً فيها رغم وجود النظام العبودي السائد في مجتمعها، الذي أفرز أعظم فيلسوفين في العالم القادم وهما (افلاطون و أرسطو) وهما الفيلسوفان المفضلان لدى العرب.
أما الفصل الثاني من الكتاب والذي يتحدث عن الاسكندرية قلب العالم المتحضر، فقد تعرض فيه الكاتب الى الصراع بين مدرستي الاسكندرية الوثنية والمسيحية، وما جرى بين علمائهما، من خصومات أدت إلى قتل العالمة الرياضية هوباتيا أبنة ثاون الاسكندري عام 415م، ثم تحدث الحمد عن دور الفيلسوف والعالم يحيى النحوي في الترجمة والتأليف وأثره في الفكرين السرياني والاسلامي.
أما ما اشار له الفصل الثالث، فهو تاريخ بناء مدينة انطاكيا مشيرا الى الاراميين والسريان الذين نسب اليهم ديودورس الصقلي اختراع الحروف واستنباط الكتابة، ودعاهم بآباء الحضارة، وفُرق بين المعنى الآرامي والسرياني. ليناقش بعدها الفصل الرابع من الكتاب مدن الرها ونصيبين ورأس العين والرقة ودورها في الترجمة، وحتى الفصل الخامس الذي ناقش ديرقنسرين واشهر المترجمين فيه.