آيريس مردوخ  بين الرواية والفلسفة

آيريس مردوخ بين الرواية والفلسفة

اعداد/ منارات
السيدة جان آيريس مردوخ (15 تموز 1919 - 8 شباط 1999) هي كاتبة وفيلسوفة أيرلندية اشتهرت بأعمالها الروائية حول الخير والشر، وعن العلاقات الجنسية، وعن الأخلاقيات، فضلًا عن قوة اللاوعي. أسفل الشباك هى أول الروايات التي نُشِرت لها،والتي تم اُختيِرَت في عام 1998م بحسب دار مودرن لايبراري، واحدة من أفضل 100 رواية مكتوبة باللغة الأجليزية في القرن العشرين.

وفي عام 1987م حصلت آيريس على أحد الرتب فائقة الأمتياز التي تمنحها الأمبراطورية البريطانية،وهو وسام السيدة القائد.قامت بتأليف العديد من الاعمال الروائية مثل: رواية الجرس (1958) ورواية الرأس المبتورة (1961) ورواية الأحمر والأخضر (1965) ورواية اللطيف والجيد (1968) ورواية الأمير الأسمر (1973) ورواية هنري وكاتو (1976) ورواية البحر،البحر (1978، جائزة بوكر) ورواية تلميذ الفيلسوف (1983) ورواية المُتمهٍن الجيد (1985) ورواية الكتاب والأُخُوًة (1987) ورواية رسالة إلى الكوكب (1989) ورواية الفارس الأخضر (1993). صنَّفت صحيفة التايمز البريطانية مردوخ الثانية عشر على قائمة"أعظم 50 كاتب بريطاني منذ عام 1945م.

النشأة
ولِدت مردوخ في حى فيبسبورو في مدينة دبلن في أيرلندا،وهى أُخت كلٍ من إيرين أليس (ني ريتشاردسون 1899-1985)[3] ويلز جون هيوز مردوخ. عَمِلَ والدها بالخدمة المدنية وقد جاء من قرية هيلهول في مقاطعة داون ونشأ في أسرة مشيخية تعتمد أساسا على تربية المواشي. وفي عام 1915م جُنِّدَ كجندي في سلاح فرسان الملك إدوارد وخدم في فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى، قبل أن يحصثل على رُتبة كملازم ثان. أمّا والدتها فكانت تتدرب كمغنية قبل أن تلد أيريس، وقد نشات في أسرة من الطبقة المتوسطة تابعة للكنيسة الأيرلندية في مدينة دبلن. التقى والدا أيريس لأول مرة في دبلن، عندما كان والدها في إجازة، ثم تزوجا في عام 1918م.[4]:14 كانت أيريس الطفلة الوحيدة للزوجين، وبعد بضعة أسابيع من ولادتها انتقلت العائلة إلى لندن، حيث التحق الوالد بوزارة الصحة بوصفهِ موظف من الدرجة الثانية
تلقت مردوخ تعليمها في مدارس تدريجية غير حكومية؛ حيث التحقت بمدرسة فرويبل دونيستراشن في عام 1925م، ثم مدرسة بادمنتوم في مدينة بريستول كمُغترِبة في الفترة من 1932م حتى 1938م. وفي نفس العام -1938م-، التحقت بكلية سمرفيل جامعة أوكسفورد بهدف تعلٌم اللغة الإنجليزية، ثم حوَّلت لدراسة الكلاسيكيات. درست الفلسفة في جامعة أُكسفورد مع دونالد م. ماكينون، وحضرت ندوات إدوارد فرانكل عن مسرحية أجاممنون. حصلت على مرتبة الشرف الأولى في عام 1942م.[6] بعد تركِها لجامعة أُكسفورد، توجهت للعمل في لندن في هيئة خزينة صاحبة الجلالة الحكومية. في شهر يونيو من العام 1944م، غادرت الخزانة وذهبت للعمل لدى إدارة الأمم المتحدة للإغاثة وإعادة التأهيل. في البداية، كان تعيينها في المكتب الإقليمي الأوروبي للوكالة في لندن. أمّا في عام 1945م، أنتقلت أولا إلى بروكسل، ثم إلى إنسبروك، وأخيرا إلى غراتس في النمسا، حيث عملت في مخيم للاجئين. حتى تركت الإدارة في عام 1946م.
وفي الفترة من 1947م حتى 1948م قامت أيريس مردوخ بتحضير الدراسات العليا في مجال الفلسفة في كلية نيونهام بجامعة كامبريدج. هُناك التقت فيتجنشتاين، ولكنها لم تستمع لأي من محاضراته، وذلك لانه كان قد ترك العمل كأستاذ في كلية الثالوث (كامبريدج) قبل التحاقها بالدراسات لعليا.وفي عام 1948م أصبحت إحدى أعضاء هيئة التدريس في كلية سانت آن بجامعة أكسفورد، حيث درّست الفلسفة حتى عام 1963م. أمّا من عام 1963م حتى 1967م درّست ليوم واحد في أسبوعيًا في قسم الدراسات العامة في الكلية الملكية للفنون.
تزوجت مردوخ في عام 1956م من الناقد الأدبي والروائي جون بايلي. كان جون بايلي قد عَمِلَ كأستاذ للغة الأنجليزية في كلية وارتون بجامعة أوكسفورد في الفترة من 1974م إلى 1992م، حيث التقت أيريس به في أوكسفورد عام 1954م. دامت هذه العلاقة الرومانسية غير العادية لأكثر من أربعين عامًا حتى وفاة مردوخ. رأى بايلي أن قضية الجنس ما هي إلا مسألة سخيفة ولكن لا مفر منها، على عكس مردوخ التي كان لها قضايا متعددة مع كلًا من الرجل والمرآة واللاتي شهدهم بايلي نفسه من حين لآخر
نشرت أيريس مردوخ روايتها الأولى أسفل الشباك في عام 1954م، وكانت قد نشرت من قبل مقالات في مجال الفلسفة، فضلًا عن نشر أول أفرودة باللغة الإنجليزية عن جان بول سارتر. فيما بعد أصدرت 25 رواية آُخرى وأعمال إضافيةي الفلسفة، وكذلك في الشعر والمسرح. وفي عام 1976م، منحتها الإمبراطورية البريطانية وسام القائد، ثم في عام 1987م، حصلت على رتبة السيدة القائد من رتبة الإمبراطورية البريطانية.حصلت على دكتوراه فخرية من أكثر من جامعة -على سبيل المثال لا الحصر- جامعة باث (دكتوراه في الآداب، 1983م)، وجامعة كامبردج عام 1993م وجامعة كينغستون عام 1994م. فيما تم انتخابها للعضوية الفخرية الخارجية في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم في عام 1982م.
نشرت أيريس مردوخ روايتها الأخيرة -معضلة جاكسون- في عام 1995م. أمّا في عام 1997م، أُصيبت أيريس بمرض ألزهايمر ثم توفت في عام 1999م.
تأثرت كتاباتها الفلسفية بكلٍ مِن سيمون فايل، والتي استعارت منها ايريس مصطلح"الانتباه"، وأفلاطون، وهو من أدعت القتال تحت رايته.[13]:76 أرادت أيريس إعادة إحياء أفكار أفلاطون عن طريف منحِها القوة لحقيقة الخير، وللشعور الغامض بالحياة الأخلاقية بوصفهِ رحلة طويلة من الوهم إلى الحقيقة. ومن خلال وجهة النظر هذه، تعرض مردوج انتقادات حادة من كلٍ من كانط وسارتر وفيتجنشتاين ("سابقًا"و"لاحقًا")

الخيال
أتَّبعت في رواياتها، التي تتسم بالسخاء والاهتمام بدواخل حياة الأفراد، تقاليد بعض الروائيين، مثل دوستويفسكي وتولستوي وجورج إليوت ووبروست، وذلكَ إلى جانب اظهار حب شكسبير الراسخ. ومع ذلك هناك تشكيلة هائلة في إنجازها، وبنية الطبقات الغنية والخيال الهزلي الممزوج بالواقعية المُفحمة في رواية الأمير الأسمر (1973)، تختلف عن الروايات الهزلية السابقة، مثل أسفل الشباك (1954) أو وحيد القرن (1963). تعد وحيد القرن واحدة من الروايات الرومانسية القوطية التي تروق لذوي الثقافة الرفيعة، أو رواية مُحلاه بالزغارف القوطية، أو ربما تُعد بمثابة محاكاة ساخرة للأسلوب القوطي في الكتابة. أمَّا رواية الأمير الأسمر، التي فازت عنها مردوخ بجائزة جيمس تيت الأسمر التذكارية الأدبية، فتعد دراسة في الهوس الجنسي. ويصبح النص أكثر تعقيد بوجود تفسيرات متعددة عندما تعارض بعض الشخصيات الثانية الراوي أو الكاتب الغامض للكتاب في سلسلة من التتابعات. وعلى الرغم من أن رواياتها تختلف عن بعضها البعض بشكل ملحوظ وأن اسلوبها قد تطور، فإن الموضوعات تتكرر. فغالبًا ما تحتوي رواياتها على رجال مثقفين، من الطبقة المتوسطة العليا، واقعين في مَأَزق أخلاقية أو شخصيات مثلية الجنس أو لاجئين أو أنجلوكاثوليكيين لديهم أزمات في الإيمان أو حيوانات أليفة متعاطفة أو أطفال شغوفين بالممعرفة أو أحيانًا رجل ذو قوة وروح شيطانية"ساحر"يفرض إرادته على الشخصيات الآخرى، وهناك نوع من الشخصيات الذكورية يعتبرها البعض تجسيد مردوخ لعشيقه، الحائز على جائزة نوبل، إلياس كانيتي.
جازت مردوخ على جائزة البوكر عام 1978م عن رواية البحر، البحر، وهى رواية دقيقة التفاصيل عن قوة قوة كلا من الحب و الفقدان، تضم الرواية مدير مرحلة متقاعد الذي تملكت منه الغيرة عندما رأى حبيبته السابقة بعد عدة عقود من فراقها. في عام 1997، ظهرت مجموعةالكتابات الشعرية المصرح بها -قصائد أيريس مردوخ-، وقد أعدهاكلا من بول هولا و يوزو مرويا للنشر. تحولت بعض أعمالها إلى أعمال تلفزيونية، بما في ذلك المسلسلين التليزيونيين البريطانيين المأخوذين من روايتيها الوردة غير الرسمية والجرس. صنعت المُعالجة جيه بي بريستلي الدرامية لروايتها لعام 1961م الرأس المبتورة من كلا من إيان هولم وريتشارد أتينبورو نجمًا مُتَميّزًا.
منحتها جمعية القلم الأنجليزي في عام 1997م جائزة القلم الذهبي"لتكريس حياتها للخدمة المتميزة للأدب".

الحياة السياسية
فازت أيريس مردوخ في عام 1946م بمنحة دراسية في كلية فاسار، ولكن تم رفض تأشيرة دخولها الولايات المتحدة لأنها كانت منضمة للحزب الشيوعي في بريطانيا العظمى في عام 1938م عندما كانت طالبة في جامعة أكسفورد. غادرت الحزب في عام 1942م، عندما ذهبت للعمل في وزارة المالية، لكنها ظلت متعاطفة مع الشيوعية لعدة سنوات
بعد عدة سنوات سُمِحَ لها بزيارة الولايات المتحدة، ولكن كانت دائما تحصل على استثناء من تطبيق أحكام قانون ماكاران، التي منعت أعضاء الحزب الشيوعي وأعضائه سابقين من دخول البلاد. وفي مقابلة صحفية مع مجلة باريس ريفيو في عام 1990م، قالت إن عضويتها في الحزب الشيوعي قد جعلتها ترى"مدى قوة ومهابة تلك [الماركسية]، ولكن بالتأكيد في شكلها المنظم".
وبصرف النظر عن عضويتها في الحزب الشيوعي، فإن تراثها الأيرلاني يشكل الجانب الحسّي الآخر في حياة مردوخ السياسية المثيرة للأهتمام. يدور جزء من هذا الأهتمام حول حقيقة أنه على الرغم من كونها أيرلاندية بالميلاد والنسب، فإن مردوخ لا تعرض مجموعة الآراء السياسية التي من المفترض ان يتجه إليها من هو من هذا الأصل:"لا يتفق الجميع على من يحق له أن يتدعي باسم الهوية الأيرلاندية. يطلق أولاد عمومة أيريس -بلفاست- على أنفسِهم بريطانيين وليس أيرلانديين... [ولكن] من أب وأم تربَّيا في أيرلاندا، والنسب في أيرلندا الشمالية والجنوبية تعود ثلاثة قرون. أيريس لديها الصلاحية في الأدعاء بأنها أيرلانية كمعظم الأميركيون الشماليون بأن يدعوا أنفسهم أميركين".

السير الذاتية والمذكرات
كانت السيرة الذاتية التي كتبها بيتر جى كونرادي في عام 2001 هى ثمرة بحث طويل ومدخل مسموح به للمجلات والصحف الأخرى. وكان الدافع لهذا العمل هو علاقة الحب وصداقة بينه وبين مردوخ التي استمرت منذ ألتقيا عندما كانت تلقي محاضرات جيفورد وحتى وفاتها. وقد لاق الكتاب الأستقبال الحسن، وقد علق عليه جون أبدايك قائلا:"لن تكون هناك حاجة للشكوى من السير الذاتية الأدبية فيما بعد إذا كانت كلها بنفس المستوى الجيد".ويتناول النص العديد من الأسئلة الشائعة حول مردوخ، مثل كيفية كونها الأيرلندية، ما هو الاتجاه السياسي التي أنتمت له، الخ. على الرغم من كون كونرادي ليس مؤرخً متدرب، فإن أهتمامه بإنجازات مردوخ كمفكرة يظهر جليًا من خلال السيرة الذاتية، وقد تجلى أكثر في عمله السابق في مجال النقد الأدبي القديس والفنان: دراسة لأعمال أيريس مردوخ (ماكميلان 1986، هاربر كولينز 2001). وقد أستدعى أيضا موجهات شخصية له مع مردوخ حول التحول إلى البوذية: الذعر والفراغ، بوذا وأنا. (كُتيبات، 2005). يوجد أرشيف كونراد للمواد المُتعلقة بمردوخ، جنبا إلى جنب مع مكتبة أيريس مردوخ بجامعة أكسفورد، في جامعة كينغستون
قدم أ.ن. ويلسون سردًا لحياة مردوخ المليئة بالوان الطموح في كتابه الذي نشره عام 2003م"أيريس مردوخ كما عرفتها". وصف جالين ستراوسون هذا العمل في جريدة الغارديان ب"الكاشف الضار"، ووصفها ولنسون نفسه ب"السيرة الذاتية المضادة".يتجنب ويلسون الموضوعية، لكنه في الوقت ذاته يحرص على التأكيد على ميله لهذا الموضوع. يوضح ويلسون أن مردوخ"كانت أحدى الشبات البهيجات... التي كانت تستعد دايما للذهاب للنوم بمفردها".على الرغم من أن فكر مردوخ هو مصدر الإلهام لكونرادي، فإن ويلسون يرى أن عمل مردوخ الفلسفي ما هو إلا شتات. أفصح ويلسون في لقاء إزاعي على راديو بي بي سي 4 عن رأيه في مردوخ وأعمالها في عام 2009م مقرًا بأن ما من طبيب يمكنه أن يُجزم بأن نضال مردوخ من أجل أن تُتم كتابها الفلسفي الأخير الميتافيزيقيا كدليل على الأخلاق، عمل على تقلص شعورها باليأس وأدى إلى إصابتها بالزهايمر في وقتٍ قصير.
ألتقى ديفيد مورغان بأيريس مردوخ في عام 1964م، عندما كان طالبًا في الكلية الملكية للفنون. : وقد وصف في مذكرته لعام 2010م"مع الحب والغضب: صداقة مع أيريس مردوخ"علاقة صداقتيها التي أستمرت مدى الحياة
كتب جون بايلي مذكرتين عن حياته مع أيريس مردوخ. نُشِرت ايريس: مذكرة في المملكة المتحدة في عام 1998م، قبل وقت قصير من وفاتها. ثم نُشِرت الطبعة الأمريكية في عام 1999م باسم مرثاة أيريس. وفيما بعد في نفس العام نُشِرت تكملة بعنوان"أيريس وأصدقائها"بعد وفاتها. رسما الفنانتان كيت وينسلت وجودي دِنش مردوخ في فيلم المُخرِج ريتشارد إير أيريس عام 2001م، مُستنًدتين على ذكريات بايلي لزوجته وقد تمكن منها مرض الزهايمر.

الأعمال
الروايات
أسفل الشِباك (1954)
الهروب من العرَّاف (1956)
قلعة الرمال (1957)
الجرس (1958)
الرأس المبتورة (1961)
الوردة غير الرسمية (1962)
وحيد القرن (1963)
الفتاة الإيطالية (1964)
الأحمر والأخضر (1965)
زمن الملائكة (1966)
اللطيف والجيد (1968)
حلم برونو (1969)
الهزيمة العادلة المُشرِّفة (1970)
الرجل الطارئ (1971)
الأمير الأسمر (1973)، حازت على جائزة تيت جيمس بلاك التذكارية
آلة الحب المُقدَّس والمُدنَّس (1974)، حازت لعى جائزة يتبريد الأدبية في الخيال
طفل الكلمة (1975)
هنري وكاتو (1976)
البحر، البحر (1978)، حازت لى جائزة البوكر
الراهبات والجنود (1980)
تلميذ الفيلسوف(1983)
المُتَمهِن الجيد (1985)
الكتاب والأُخُوة (1987)
رسالة إلى الكوكب (1989)
الفارس الأخضر (1993)
معضلة جاكسون (1995)
الوجوديين والصوفيون: كتابات في الفلسفة والأدب (1997)
المسرحيات
اليرأس المبتورة (مع جى. بي. بريستلي، 1964)
الفتاة الإيطالية (مع جيمس سوندرز، 1969)
الأسهم الثلاث والخدم والثلج (1973)
الخدم (1980)
أكستوس: اثنان من الحوارات الأفلاطونية (1986)
الأمير الأسمر (1987)
المجموعات الشعرية
عام من الطيور (1978، طبعة منقحة، 1984)
قصائد أيريس مردوخ (1997)
القصص القصيرة
شىء ما خاص (1957)
سيادة الخير (1970)
النار والشمس (1977)
ما وراء الطبيعة كمرشد للأخلاق (1992)
الفلسفة
سارتر: العقلانية رومانسية (1953)