عادل الهاشمي.. سيرة ثقافية وموسيقية

عادل الهاشمي.. سيرة ثقافية وموسيقية

ولد (عادل الهاشمي) في بغداد عام 1946 وأكمل فيها دراسته الثانوية، وسافر بعدها الى القاهرة ودرس الموسيقى العربية لعدة سنوات وبعدها عاد الى العراق ودخل في قسم اللغة العربية -كلية الآداب /الجامعة المستنصرية وتخرج منها عام 1967 وعمل محرراً فنياً وناقداً موسيقياً في العديد من صحف العراق من بين جيل نقدي موسيقي عراقي مع هلال عاصم وسعاد الهرمزي وحمدي قدوري وعبد الوهاب الشيخلي، حاولوا صنع ثقافة موسيقية عبر كتاباتهم.

ودخل الهاشمي في "معارك"نقدية مع أشهر الموسيقيين والمطربين العراقيين أثارت عصفاً نقدياً إبان عقدي السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. ولم يهادن الهاشمي في كتاباته بمجلة "ألف باء"وجريدة"الجمهورية" وبرنامج"من الذاكرة"الذي استمر في إعداده لإذاعة بغداد بعد تقاعد ومن ثم رحيل معده الأول سعاد الهرمزي. وشكّل الهاشمي"مدرسة نقدية"في تحليل قيمة الأصوات الغنائية العراقية والعربية والإشارة الى مكامن الرقي والضعف فيها. وتميّز أسلوبه بالبراعة التعبيرية والدقة في اختيار اللغة المتوائمة مع روح النص واللحن. كما أنه أكثر من حلل بنقد حسي وتحليلي لأشهر الأغنيات العراقية والعربية، وكان جريئاً من دون محاباة وكتب دراسات عن موسيقى جميل بشير ومنير بشير وسلمان شكر وروحي الخماش ووديع خوندة، أثارت جدلاً، ودرس عزف الجيل اللاحق لهم مثل علي الإمام وسالم عبد الكريم ومن ثم نصير شمة.
وعالج الهاشمي في كتابات نقدية موسيقى وغناء جيل الخمسينيات، مثل عباس جميل ورضا علي ويحيى حمدي ومحمد عبد المحسن، وقبلها فن محمد القبانجي وناظم الغزالي وألحان ناظم نعيم له. ويعد الهاشمي الناقد"المتميز"لجيل السبعينيات في الغناء العراقي، وتعد دراساته عن الملحنين محمد جواد أموري وطالب القرة غولي وفاروق هلال ومحسن فرحان وكوكب حمزة، الأكثر أهمية بين ما كتب عن هذا الجيل الفني. وهو أول من سمى الأغنية السبعينية العراقية بـ"أغنية البيئات" حيث تمازجت أشجان الريف العراقي بولع وحزن المدينة. وكان من بين أقسى ما كتب الهاشمي حول صوت سعدون جابر في بداية التسعينيات عندما وصفه بـ»الصوت الناحل الذي يدب فيه الوهن والارتخاء»، إلا أن الهاشمي عاد لاحقاً وعبّر عن اعجابه بصوت جابر خصوصاً في أدائه المتميز لأصعب المقامات العراقية وإعادة أداء أغاني ناظم الغزالي. ووقف عادل الهاشمي بحزم من دون محاباة حيال موجة الأصوات الشبابية التي ظهرت في عقد التسعينيات وعرّى أميتهم في مجال علوم الموسيقى والغناء. وكان للهاشمي موقف نقدي سلبي من صوت وأداء واختيارات الفنان كاظم الساهر خصوصاً في بداياته. ووصف صوت الساهر في أشهر حوار أجراه معه كرم نعمة في بداية التسعينات من القرن الماضي، ونشر في جريدة الجمهورية بـ»الصوت الذي يعاني من الجفاف العاطفي"الأمر الذي دفع الساهر الى الرد في حوار آخر أجراه كرم نعمة أيضاً بقوله"إن محمد عبد الوهاب جعل مني خليفة ناظم الغزالي وعادل الهاشمي لا يكتب عني بأمانة».
ونمى عادل الهاشمي ثقافته النقدية الموسيقية بالقراءة المتواصلة، ولم يدرس الموسيقى وكان طالباً خارجياً في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة ولم يحصل على شهادة فنية، بل حصل على البكالوريس باللغة العربية من الجامعة المستنصرية في بغداد، وساعده ذلك في امتلاك لغة نقدية عميقة وظفها في التحليل التعبيري. وأصدر الهاشمي مجموعة من الكتب النقدية، فضلاً عن مئات الدراسات والمقالات في الصحافة العراقية والعربية، وكان آخر كتبه الذي صدر عن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بعنوان"الموسيقى العربية في مائة عام"وقبلها صدر له"الموسيقى والغناء من عصر الإسلام وحتى احتلال بغداد سنة 656»،"مسيرة اللحنية العراقية»،"العود العربي بين التقليد والتقنية»،"فن التلاوة أصوات وأنماط»،"أصوات وألحان كردية»، فيما ضاع له أهم كتبه في رفوف دائرة الشؤون الثقافية العامة في بغداد عن الفنان طالب القرة غولي، عندما دفعه للطبع ولا يعرف مصيره، كما لا يمتلك نسخة ثانية منه. وعمل الهاشمي في لجنة فحص الأصوات بدائرة الإذاعة والتلفزيون، ومارس التدريس لمادة التذوق الموسيقي في معهد الدراسات النغمية العراقية. وقضى الهاشمي سنواته الأخيرة في التأليف والكتابة، وكان أشهر الوجوه النقدية التلفزيونية التي رافقت عرض تجارب الأصوات العراقية. رحل الفقيد عن دنيانا في 11/11/2011.