لماذا دخل الجنرال مود  من الباب المعظم فاتحاً؟

لماذا دخل الجنرال مود من الباب المعظم فاتحاً؟

سالم الآلوسي
باب المعظم أحد معالم بغداد التأريخية والأثرية، وقد كسب هذا المعلم شهرة واسعة قديماً وحديثاً بسبب الحوادث التي جرت فيه وعدد الأسماء التي اطلقت عليه دون سائر الأبواب الثلاثة الأخرى في سور بغداد الشرقية.

في البدء كان باباً معقوداً، ولم يلبث أن أصبح منطقة ورقعة جغرافية مهمة في خارطة بغداد. ومن أسمائه: باب بغداد، الباب الشمالي، باب المعظم، باب الأعظمية، باب السلطان، باب سوق السلطان، دروازة باب السلطان، هذا ما اخبرتنا به كتب التأريخ والتراث.
سمي بالباب الشمالي لوقوعه في الناحية الشمالية من المدينة وباب بغداد لأن السلطان السلجوقي محمد طغرل بك عند دخوله بغداد عام 447 هـ ـضرب خيمة بباب بغداد، أما باب المعظم أو باب الأعظمية كما يسميه المؤرخ العراقي الكبير الأستاذ عباس العزاوي، لأنه يؤدي الى مرقد الإمام الأعظم النعمان بن ثابت الكوفي. وسمي باب السلطان أو باب سوق السلطان نسبة الى السلطان السلجوقي المذكور، وسوق السلطان هو سوق الميدان الحالي. (دليل خارطة بغداد).
وأخيراً جاء الاسم بصيغة"دروازة باب السلطان"ويعلّق الدكتور مصطفى جواد على ذلك بقوله: لاداعي لذكر لفظة"باب"لأن كلمة دروازة الفارسية معناها الباب. عن (في التراث العربي،ج 1، ص 83).
الخوانق والباب: ذكرنا سوق السلطان الذي اشتهر حتى نسب الباب اليه فكانوا يقولون: باب سوق السلطان، فقد جاء في حوادث سنة 646هـ (1248م) أن الخوانق – أي الخناق فشت في أهل بغداد، وإن امرأة منهم رأت في المنام امرأة من الجن تكنّى (أم عنقود) وإنها أشارت الى بئر داخل سوق السلطان وقالت: إن ابني عنقوداً مات في هذا البئر ولم يعرف فيه أحد، فلهذا أخنقكم"فشاع ذلك في الناس، فقصد البئر جماعة من العوام والنساء والصبيان ونصبوا عند البئر خيمة وأقاموا هناك العزاء (في التراث العربي ج 1 ص 82).
أما أخبار الغزو المغولي لبغداد سنة 656هـ، فتقول إن هولاكو كان على رأس القوات المغولية يقود الجيش بنفسه فجعل معسكره الى شمال بغداد وعسكر الجناح الأيمن من الجيش قبالة المدينة أي الجهة الشمالية مواجهاً لباب سوق السلطان أو باب السلطان والجناح الأيسر من الجيش قبالة باب كلواذى (من التراث العربي ج 1 ص 290).
ويذكر المؤرخ الفارسي حمد الله المستوفي الذي دوّن كتابه في سنة 740هـ (1330م) ليسجّل، كان الدخول لمدينة بغداد من الباب الوحيد في السور الشمالي المعروف بـ (باب السلطان) فقط عن: (لاسترنج ص 239)، مما يدل على غلق الأبواب الثلاثة الأخرى.
وفي أخبار الشاه محمد بن قرة يوسف من آل قره قوينلو سنة 814 هـ (1411م) أنه سار الى بغداد حتى وصل الى باب سوق السلطان (من التراث العربي ج 1 ص 82) أما مصطلح (دروازة باب السلطان) فقد ورد في أخبار موت السلطان أحمد اويس والتمويه على الناس بأنه حي فقد جاء"ووقع السيف ببغداد وقتل خلق كثير وكل من قال السلطان مفقود قتل، مضى على هذا مدة ثمانية أشهر، والشاه محمد ناصر على دروازة باب سوق السلطان (من التراث العربي، ج 1 ص 83).
ومن الحوادث التاريخية المتصلة بـ (باب المعظم) إن فاتح في بغداد 11 / 3 / 1917 قائد الجيش البريطاني الجنرال ستانلي مو Stanley maud] دخل بغداد من جهة باب المعظم على ظهر فرس الى (خليل باشا جاده سي) ولم يدخلها من الباب الشرقي (باب كلواذى) وذلك لدواع ٍ وأسباب منها: اظهار قوة وعظمة بريطانيا وجيشها، ولكون الجانب الشمالي من بغداد وباب المعظم يمثل الجزء الأهم والأعظم من بغداد من النواحي العسكرية والجغرافية والاقتصادية والاجتماعية، لوجود عدد من المؤسسات والمواقع والدوائر في هذه المنطقة مثل: قلعة بغداد، بناية القشلة والسراي والجوامع والمدارس والأسواق وبيوت كبار العسكريين والمدنيين فيها وأخيراً، إعلاناً لنهاية السيطرة العثمانية على العراق. بقى باب المعظم قائماً حتى عام 1923 حتى أقدمت أمانة العاصمة على هدمه لتوسيع الشارع العام.

من كتاب (سور بغداد وأبوابه) المخطوط