(16) عاماً، ما زلنا نشعر بأننا نعيش أزمة..متظاهرون: يريدون أن نكون ضحايا لا ثمن لها

(16) عاماً، ما زلنا نشعر بأننا نعيش أزمة..متظاهرون: يريدون أن نكون ضحايا لا ثمن لها

 دعاء يوسف
كحال معظم العراقيين، تتساءل نورس حازم (٢٤عاماً) بنظرات ملؤها القلق، ماذا يحدث لنا؟
تقول "اليوم ومع مرور أكثر من (١٦) عاماً، ما زلنا نشعر بأننا نعيش أزمة وجود بينما الكل يقف عاجزاً تجاهنا".

دفع تصاعد الأحداث الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران في العراق، بالشعور لدى غالبية العراقيين في أنهم "حطب" و"وقود" حرب قد تندلع وتكون أرضهم ساحتها.
تروي نورس معاناتها مع أزمات وحروب البلاد. وتقول: "أخبرتني جدتي عام 2006- قدرنا هكذا- وذلك بعد أيام من وقوع أبي ضحية اعتداء إرهابي".
"فقدت أبي، وبعده بعامين فقدت أمي بسكتة قلبية، وبقيت مع أخوتي الصغار ببيت جدتي"، حسب قولها.
نورس لم تجد غير الرضوخ لهذا الواقع، وتشير إلى أنه لم يكن لها دخل بكل أحداث البلاد، لكنها كانت ضحية اليتم والجوع كما غيرها.

الأوضاع الأمنية
محمد قصي هو الآخر، لا يتذكر طيلة حياته ما يستحق أن يقوله غير الحزن والفواجع والحرمان، يقول: "كّنا نظن أن عام 2003 هو البداية الفعلية لما يسمى التغيير بعد سقوط النظام السابق. وبدأت حينها حياتنا تتغير بالفعل وتنفتح على مختلف دول العالم".
ويتابع "حينها عاد الكثير من العراقيين من المهجر ومنهم أخوتي، وشعرنا بالسعادة لتجمعنا، ولكن سرعان ما هاجروا من جديد لتأزم الأوضاع الأمنية خشية الاغتيالات سواء على الهوية أو المذهب الديني وغير ذلك".
ويتساءل محمد، "هل سنحرم من جديد من العيش كبقية شعوب العالم بسبب مطامع أحزابنا السياسية؟ أم أن داعش سيعود، وربما الانفجارات، وهل سنهجر أو نُعتقل وربما نُقتل كما حدث سابقا؟ ومتى ستنتهي كل هذه المخاوف؟".

الخوف والقلق واليأس
القلق يتزايد. والناس تتهامس حول كيف يمكن أن نكون مثل كل مرة الضحية التي لا ثمن لها.
وتشعر عالية حامد (54 عاماً) اليوم بالخيبة. وتقول "عندما تعرض ابني للضرب وللغاز المسيل للدموع في احتجاجات أكتوبر، كنت أشجعه على الصبر، وألا يشعر باليأس، واستبشرنا خيراً بتلبية بعض مطالب العراقيين ونجاح الثورة".
وتتابع "تفاجأنا بعد ذلك بتحول العراق لساحة صراع بين الولايات المتحدة وإيران".
وتلاحظ عالية بأنها ومحيطها يفعلون أحيانا أشياء كانوا يواظبون على القيام بها أثناء الأزمات والصراعات السياسية والأمنية، وتقول "قد تكون هذه الهواجس والمشاعر محملة بالخوف والقلق واليأس وتكرارها غير منطقي، لكنها للأسف لم تبتعد عنا، بل أنهم يعيدونها إلينا في كل مرة وبأحداث مختلفة".
وتتساءل "لماذا على العراق أن يبقى تابعاً ولا يعرف الحرية، ويديره شعبه بأنفسهم بعيداً عن تدخل أية دولة؟"، وتجيب نفسها بحزن، "يبدو أننا لا نستحق أن يكون لدينا وطناً، وأنه قد كُتب علينا أن نعاني من التبعية والفساد والخراب والقتل طيلة وجودنا على أرض العراق".

الديمقراطية
"اليوم، وأنا في عمر السابعة والعشرين، أشعر أن كلمة الديمقراطية كانت مزحة ثقيلة أو خدعة في البلاد، وأنه لا يحق لأي عراقي التعبير عن انتقاده بحرية، سواء بزمن النظام البائد أو بزمن الأحزاب السياسية"، يقول ميثم طعمة.
ويضيف "قالوا لنا انتهى زمن صدام الدموي، ولكن يبدو أننا صرنا نعيش في حقبة لا تفرق عن ذلك الزمن خطورة".
ويرى الخبير القانوني وعد سلمان، أن الأحزاب السياسية الحاكمة بعد عام 2003 قد تبنت ايديولوجيات لعادات ومذاهب وربما حتى قوميات لدول لا تمثل العراق، بعضها ضالع في التفرقة الدينية والعنف.
هذا الأمر تسبب بشعور العراقيين في أنهم يعيشون داخل دوامة لا تنتهي ولا تتوقف من القتل والدمار والفقر من زمن النظام البائد ولغاية الآن، على حد قوله.
ويعتقد وعد، أن أكثر ما يفاقم الشعور بالخيبة على لسان العراقيين اليوم هو أن تكون بلادهم ساحة حرب وضحيتها الشعب العراقي الذي عاش قهر الحروب والحكومات الفاسدة صامتا.