معمل فتاح باشا أول معمل للصناعات الحديثة في بغداد

معمل فتاح باشا أول معمل للصناعات الحديثة في بغداد

طارق حرب

في سلسلة تراث بغداد كانت لنا محاضرة عن اول معمل للصناعات الحديثة في بغداد، وهو المعمل الذي أسسته العائلة البغدادية المعروفة عائلة فتاح پاشا في منطقة الكاظمية في بغداد . ويعتبر نوري فتاح باشا ملك صناعة النسيج في بغداد لسنوات بحيث تمكنت هذه العائلة من استثمار مبلغ ١٢ الف وخمسمائة دينار سنة ١٩٢٦ الى مبلغ يقارب الثلاثة ملايين دينار نهاية الخمسينات وكان نوري فتاح باشا مديرا لهذا المعمل طيلة هذه الفترة ،

وخاصة عندما ابرم مع الحكومة ان يكون المجهز الوحيد للجيش والشرطة بالملابس الصوفية. وهذه العائلة المكونة من الوالد فتاح باشا الذي خدم بالجيش العثماني ووصل الى رتبة فريق وقائدا لاحدى فرق الحيش العثماني واخوه سليمان وصل الى منصب المساعد الميداني لوزير الدفاع وقائدا للاكاديمية العسكرية، وحتى نوري فتاح باشا نفسه كان ضابطا في الجيش العثماني من سنة ١٩١٢ الى سنة ١٩١٦ .

واستفادت العائلة من التوجهات للملك والحكومة في تشجيع الصناعات الوطنية بدلا من الاستيراد من الخارج ، حتى ان الملك فيصل الاول الذي كان بلا دار سكن يقول انه يفضل رؤية بناء مصنع على رؤية بناء قصر ملكي حيث تم اقراض نوري فتاح مبلغ اكثر من احدى عشر الف دينار . واسهم نوري في شركة الاسمنت العراقية وهي الصناعة الوطنية الثانية بعد مصانع فتاح باشا واستمر مشروع فتاح باشا كمصنع وحيد في بغداد لانتاج المنسوجات حتى سنة حيث اسست الدولة شركة المنسوجات الصوفية ، وكان قد بادر عزيز ميرزا يعقوب وشركاؤه لانشاء معمل للغزل والنسيج في منطقة الكرادة سنة ١٩٢٣ بأموال المانية ولكن لا يعتبر صناعة وطنية لان رأسماله لم يكن وطنيا خالصا . وفي عام ١٩٢٦ اقدم نوري فتاح باشا ووالده على تأسيس اول معمل وطني حديث دخل في تاريخ الصناعة في بغداد والعراق وهو معمل فتاح باشا للغزل والنسيج الذي يبدأ من ان صالح ابراهيم صهر فتاح باشا كان يعمل مديرا لمعمل نسيج الجيش العثماني في منطقة العبخانة في رصافة بغداد وقد صدرت اليه الاوامر عند انسحاب الجيش العثماني من بغداد سنة ١٩١٧ بتفكيك المعمل وتدميره ، غير انه لم يدمر المكائن .

وبعد استقرار الاوضاع في بغداد توجه الى نوري فتاح واقنعه بتأسيس مشروع وطني للغزل والنسيج ، ولان فتاح باشا عمل مديرا لمعمل العبخانة سابقا، وتم اختيار منطقة الكاظمية في بغداد موقعا للمعمل الوطني لتواجد اغلب معامل النسيج اليدوي والايدي العاملة ذات الخبرة السابقة بالصناعة الصوفية ، وبدأ انتاج المعمل سنة ١٩٢٦ حيث تولى نوري فتاح الاعمال الادارية والتجارية والمالية وتولى صالح ابراهيم الادارة الفنية وفي بدايته كان ينتج الغزل الصوفي ويجهزها للمشاغل اليدوية . وبلغ عدد العاملين ٦٥ عاملا ، وتم استكمال المعدات اللازمة للمعمل حيث احتوى على ٤٠ نولا مستوردا من برلندز ومحرك بخاري ٧٥ حصان وجهاز لتوليد الكهرباء وفي عام ١٩٢٩ وبإشراف الفنيون البولنديون واكثر من ٣٠٠ عاملا بإجرة من ٥٠ فلسا الى ٢٥٠ فلسا اعتمادا على الضباط المتقاعدين من زملاء نوري فتاح انتج المعمل الاقمشة والغزل والبطانيات وقد تراوحت قيمة البطانية بين ٤٥٠ فلسا الى ٧٥٠ فلسا اي بحدود ثلاثة دولارات كحد اعلى .

كان اهل بغداد يفضلون هذه البطانيات على البطانيات الاجنبية ، حتى تم تصدير المنتجات الى ايران ومصر وسوريا والخليج العربي وحاز على جوائز وبلغت شهرته حتى ان رجل الاقتصاد المصري طلعت حرب تولى زيارته سنة ١٩٣٦ وحتى ان دليل المملكة الرسمي لسنة ١٩٣٦ اعتبره انموذج الصناعة الوطنية . وكان هنالك التشجيع الشعبي والحكومي وترحيب الصحافة والرأي العام لشراء منتجاته ، كما كان الملك فيصل الاول يدعمه وقرر مجلس الوزراء سنة ١٩٢٧ بالاعفاء من الضرائب لمنتجاته وتم شموله بقانون تشجيع الصناعة رقم (١٤ ) لسنة ١٩٢٩ حيث الامتيازات الكثيرة كالاعفاء من الرسوم الامرايه وتعاقدت وزارة المالية معه ومنحته قرضا بدون فائدة بموافقة مجلس الوزراء بعد اعتراض المندوب السامي البريطاني واسهم في تأسيس محلج وطني بتأسيس شركة تجارة حلج الاقطان العراقية واسهم نوري فتاح في رأسمالها وعضوية مجلس الادارة وساهم نوري فتاح في شركة الدخان الاهلية والمساهمين في شركة السمنت وشركة استخراج الزيوت النباتية وشركة التجارية الصناعية التي تستورد السيارات والمكائن وكان نوري فتاح مديرها المفوض وساهم في البنك التجاري العراقي وتولى رئاسة مجلس ادارته وتولى رئاسة اتحاد الصناعات العرقي للمكانة التي يحظى بها نوري فتاح پاشا.