شخصية عرفتها البصرة..مزهر الشاوي  أشهر مدراء الموانيء العراقية

شخصية عرفتها البصرة..مزهر الشاوي أشهر مدراء الموانيء العراقية

غسان رحمة

ولد مزهر إسماعيل الشاوي في بغداد عام 1908 وفيها توفي. عاش في العراق وبريطانيا. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في بغداد، ثم التحق بالكلية العسكرية 1 ايلول 1926.انتقل إلى بريطانيا ملتحقًا بالكلية العسكرية البريطانية في ساند هيرست وتخرج فيها برتبة ملازم ثان (1929) ثم التحق بكلية الأركان (1936) وتخرج فيها 1937م، أوفد بعدها إلى كلية الأركان البريطانية وتخرج فيها، ثم التحق بدورة الضباط الأقدمين في بريطانيا (1947).

تقلد عدة مناصب في الجيش، منها: قيادة لواء المشاة الثالث، وآمرية كلية الأركان وقيادة الفرقة الأولى.

شارك في عدة حركات عسكرية، منها: حركة 1941 (ثورة رشيد عالي الكيلاني)، وحركات برزان، كما قاتل في فلسطين (1948). عين بعد ثورة 14 تموز 1958م مديرًا عامًا لمصلحة الموانئ العراقية، حتى أعفي منها بعد ثورة 14 رمضان - 1963وفي 14 تموز أحيل على التقاعد على وفق الفقرة (آ) من المادة الثالثة من قانون التقاعد العسكري بموجب المرسوم الجمهوري 186 في 6 اب 1958 ينتسب ال شاوي إلى قبيله العبيد والتي تنتسب بدورها إلى قبيلة الزبيد العربية وهم أولاد عمومة شيوخ قبيلة العبيد (المصطفى) ويرجع عهدهم في بغداد إلى أوائل القرن الثاني عشر الهجري وعرف منهم شاوي بن نصيف. وله المكانة المعلومة في الرئاسة العشائرية. كان (باب العرب) أي ان الحكومة استخدمت هؤلاء الرؤساء واسطة التفاهم بينها وبين العشائر الأخرى. ومن رؤسائهم عبد الله ابن شاوي واولاده واحفاده، ولعل ما جاء في حوادث تاريخ العراق بين احتلالين من المجلد الخامس فيما بعده ما يوضح الحالات. وموقع العبيد يتعين في العلاقات العشائرية بالكرد من جهة، وبشمر، والعزة، وعشائر أخرى. ولا يخلو الأمر من وقائع مشادة أحياناً ولكنها لا تلبث ان تزول، وفي غالب الاحوال. لم يكن مزهر إسماعيل الشاوي من أبناء محافظة البصرة، ولم يكن رباناً أو مهندساً بحرياً وانما كان قائداً عسكرياً برتبة لواء ركن عندما عينه الزعيم عبد الكريم قاسم في العام 1958 مديراً عاماً لمصلحة الموانئ العراقية التي يقع مقرها في البصرة، وفي غضون خمس سنوات قضاها الشاوي في منصبه جعل من الموانئ العراقية من بين أفضل الموانئ التجارية في العالم , وكان الشاوي يمتلك طائرة مروحية يتنقل بواسطتها من ميناء إلى آخر لمتابعة العمل، كما كان يستخدمها في مراقبة الملاحة البحرية من الجو ويروي أنه كان شديد الحرص على توفير حياة كريمة لموظفي الموانئ، اذ أنه أنشأ لأجلهم مناطق سكنية ذات بنية خدمية متكاملة منها أحياء الأبلة الأولى والثانية والكندي وحطين، كما أوجد لهم متنزهات عامة ومنتجعات سياحية منها جزيرة السندباد ومتنزهات الأندلس والبيت الصيني والشاطئ وشفقة (قبعة) العامل. ويشيرالباحثون إلى أن الشاوي هو من أمر ببناء مدينة الألعاب في منطقة المعقل، كما قام بانشاء جمعيات تعاونية ومدارس ومكتبات عامة ونواد ترفيهية ومساجد وصالات للسينما وملاعب رياضية، ويبين أن «منطقة المعقل التي يقع فيها مقر الشركة كانت تضم في عهد الشاوي أربعة مسابح أولمبية، فيما تخلو البصرة حالياً من مسبح أولمبي واحد. و أن الشاوي لم يغفل حتى عن أدق التفاصيل المتعلقة بحياة عمال الموانئ لانه أراد بناء مجتمع عمالي متحضر، ويلفت إلى أنه كان يمنح العمال دراجات هوائية لتسهيل انتقالهم من وإلى مواقع العمل، وعندما فرض على عمال الأرصفة إرتداء الزي الموحد أمر بتجهيزهم سنوياً بثياب شتوية وصيفية أجنبية، ومعها أحذية للسلامة المهنية بريطانية الصنع. ويذكرعلى أن الشاوي كان مصلحاً اجتماعياً رائداً وانه ساهم بخلق جيل من المثقفين والمتعلمين من أبناء الفقراء بلا أدنى تمميز طائفي وعرقي ومناطقي ويشير إلى أنه أرسل الكثير من أبناء العمال الفقراء إلى بريطانيا لدراسة الطب والهندسة والعلوم البحرية في أرقى جامعاتها ومعاهدها على نفقة الشركة ومن أبرز مواقف الشاوي الإصلاحية انه لما تلقى شكاوى تفيد بتسجيل حالات سرقة متكررة لعلب حليب كان يضعها الباعة صباح كل يوم على أعتاب بيوت بعض كبار موظفي الشركة في إحدى المناطق، أمر الشاوي بنصب كمين لاعتقال السارق ولما قبض عليه، تم إحضاره إلى مكتبه بطلب منه، وعندما انهار اللص باكياً وأخبره بانه كان يسرق الحليب مضطراً لإطعام أطفاله الجائعين فأمر فوراً بتوظيفه كحارس ليلي في نفس المنطقة التي كان يمارس السرقة فيها، وتضمن الأمر الإداري صرف راتب له بأثر رجعي اعتباراً من أول سرقة نفذها في المنطقة

البعثيون أطاحوا بالشاوي وتركوه خالي الوفاض

وباعتبار الشاوي كان جزءا من الحكومة التي يقودها قاسم فإن مجيء البعث إلى السلطة على اثر انقلاب 8 شباط 1963 أدى إقالته من منصبه فغادر الموانئ خالي الوفاض كما يروي الخبيرالملاحي كاظم الحمامي.ويلفت الأخير إلى أن الشاوي حينها لم يكن يمتلك رصيداً في مصرف، ولا بيتاً أو قطعة أرض ويروي أنه شوهد آخر مرة في العام 1984 (في العام الذي توفي فيه)، وهو يراجع مستشفى اليرموك في بغداد لعلاج أسنانه، وكان جالساً على كرسي متحرك تدفعه فتاة، ولما استفسر منه مدير المستشفى الدكتور جعفر المظفر عن حالته الصحية واسمه، أخبره بأنه المواطن مزهر إسماعيل الشاوي، فأندهش المدير وأبلغه على الفور بأنه أحد أبناء عمال الموانئ البصريين الذين ابتعثوا إلى بريطانيا بأمر منه لدراسة الطب على نفقة الشركة عندما كان مديرها.