تحرير نظم الإستثمار الأجنبي المباشر وفاعلية الحوافز  فـي  جذب الإستثمارات إلى العراق

تحرير نظم الإستثمار الأجنبي المباشر وفاعلية الحوافز فـي جذب الإستثمارات إلى العراق

د . رجاء عزيز بندر
شهدت العقود الاخيرة تصاعدا مستمرا في نمو تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الـ (FDI) الى اقتصادات الدول النامية مقابل انحسار دور مصادر التمويل الخارجية التقليدية ( كالقروض المصرفية والمساعدات الانمائية) التي اعتمدت عليها هذه

الدول تقليديا بشكل كبير في تنميتها ، وتغير مواقف العديد من الدول النامية تجاه الاستثمارات الاجنبية ، واصبح التحول الى اقتصاديات السوق من ابرز سمات العقدين الاخيرين من خلال تبنيها لسياسات تشجيع النشاط الخاص بغض النظر عن عقيدتها السياسية او فلسفتها الاقتصادية ، واكتسب جذب الاستثمارات الاجنبية بشكل عام والاستثمار الاجنبي المباشر بشكل خاص ليس بعده مصدرا بديلا لتمويل التنمية فحسب
وإنما مصدرا للتكنولوجية الحديثة والمهارات التنظيمية والادارية والتسويقية من خلال ما تتيحه الشركات متعدية الجنسبة من امكانية الاندماج في شبكات الانتاج العالمي عن طريق التجارة والاستثمار الاجنبي المباشر وضرورة اكتساب صادراتها القدرة على المنافسة في ظل بيئة متحررة، وبالمقابل فقد تعاظم دور الشركات المتعدية الجنسية الـ (TNCs) وأضحت في العقدين الاخيرة جهات الانتاج والتنظيم الرئيسة التي تعتمد على التقنية المسبقة وعلى مبدأ تجاوز الحدود الدولية.
وإزاء هذه التطورات فقد سعت العديد من الدول النامية الى جذب الاستثمارات الاجنبية كونها احد الطرق المؤدية الى تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ، وقامت بتغيير البيئة السياسية والاطار القانوني بشكل جذري تجاه تحررانظمة الـFDI واصبحت هذه الاستثمارات سلعة يتعين على مختلف الدول المتقدمة والنامية على حد سواء التنافس للحصول على الكمية المحدودة من FDI المعروضة في العالم ، ويتضمن تحرير نظم الـ FDI تقديم الحوافز اذ ان تفاوت التحرير على نطاق العالم زاد من مجال اختيار مواقع الاستثمار من قبل الـ TNCs))، لذا لم يعد كافيا للبلدان ان تنشىء قانونا استثماريا مناسبا لتنتظر اندفاع المستثمرين الاجانب لذا ظهرت الحاجة الى منح حوافز اضافية لجذب الـ FDI في مثل هذا المناخ التنافسي، ولأنها قابلة للتطبيق بحكم طبيعتها بسهولة اكبر من العوامل الاخرى المؤثرة في قرارات الاستثمار.

نظرية الموقع في تفسير تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر
حاولت هذه النظرية الاجابة على الأسباب التي تكمن وراء اختيار الشركات متعدية الجنسية البلد المضيف موقعاً لها وذلك من خلال التركيز لبيان المحددات والعوامل الموقعية الخاصة بالبلد المضيف وصياغة السياسات الملائمة للفوز بالـ FDI الداخل، اذ تركز هذه النظرية على ثلاث مجاميع من المحددات لتدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر وهــي:
1- دور السياسات الوطنية ولاسيما سياسة تحرير انظمة الاستثمار الاجنبي المباشر ومـدى انسجامها مع السياسة التجارية وسياسة الخصخصة اللتين تؤثران بشكل مباشر وغير مباشر في الاستثمار الاجنبي المباشر الداخل فضلا عن سياسات الاقتصاد الكلي للبلد المضيف مثل (السياسة النقدية ، السياسة المالية وسياسة سعـر الصرف) .
2- الاجراءات الخاصة بتسهيل بيئة الاعمال والتدابير السابقة لتدفق الـ FDI التي تتخذها البلدان بقصد تشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر وتسهيله.
3 - المحددات الاقتصادية والسياسية.
وهناك علاقة متبادلة بين هذه المجاميع وتتوقف الاهمية النسبية لمختلف محددات الموقع على اربعة جوانب من الاستثمار الاول يتعلق بنوع الاستثمار هل هو جديد أو هو إعادة استثمار لإرباح الشركات الأجنبية المنتسبة؟ والثاني يتعلق بقطاع الاستثمار (اولي، تحويلي ام قطاع خدمات) والثالث يخص حجم الشركة متعددية الجنسية المستثمرة (صغيرة او متوسطة أو كبيرة الحجم) واخيراً والاهم هو دافع الاستثمار هل هو باحث عن الاسواق او الموارد او الكفاءة (1) ؟
فضلا عن العوامل الطبيعية التي يتمتع بها البلد المضيف (خصائص السوق، الموارد الطبيعية) ويمكن القول ان البلد يمتلك مزايا موقعية لجذب الاستثمار الاجنبي المباشر بعد نجاحه في تهيئة بيئة ملائمة التي تتضمن شرطي الاستقرار السياسي والاقتصادي.
فالتوازن الاقتصادي يعتمد على استقرار سياسات الاقتصاد الكلي والشرط الاقتصادي يتطلب تقليل كلف الانتاج والنقل واستقرار سعر الصرف، فضلا عن السياسة التجارية المتبعة مثل حوافز التجارة والانفتاح وحوافز الاستثمار فمتى ماتحقق اطار سياسي يمكن الاستثمار الاجنبي المباشر تبرز اهمية العوامل الاقتصادية من حيث كونها محددات تؤثر في توطينه . وتتكون هذه المحددات من ثلاث مجاميع تتناسب ودافع الاستثمار الاجنبي المباشر، وفي ما يلي هذه المحددات التي تمثل في الوقت نفسه دوافع للشركات متعددية الجنسية :

الـ FDI الباحــث عــن الاسـواق
هذا النوع من الاستثمار الاجنبي المباشر يتأثر بحجم ونمو الاسواق في البلدان المضيفة، كذلك يتأثر بنصيب الفرد من الدخل القومي فضلا عن امكانية البلد المضيف في الوصول الى الاسواق الاقليمية.
ويعد حجم السوق محددا تقليدياً مهما لهذا النوع من الاستثمار ، اذ تستطيع الاسواق الكبيرة ان تستوعب عددا كبيرا من الشركات وان تتيح لكل منها جني فوائد وفورات الحجم والنطاق . ولهذا السبب يمكن تفسير لماذا تؤدي اطر التكامل الاقليمي والمشاركة فيها الى زيادة تدفقات الـ FDI الى الداخل (1)؟
ويقاس حجم السوق بمستوى ومعدل نمو الناتج المحلي الاجمالي وحصة الفرد منه التي تعكس القوة الشرائية التي تؤثر في الطلب على السلع والخدمات التي تنتجها الشركات متعددية الجنسية (TNCs) .
وتؤكد اغلب الدراسات في هذا الجانب على وجود علاقة ترابط موجبة بين تدفقات الـ FDI الداخل للبلد المضيف واستقرار وتسارع نمو ناتجه المحلي فالبلدان التي تحقق استقراراً ونمواً متسارعاً للناتج المحلي الإجمالي ستكون مهيأة اكثر لجذب تدفقات اكبر من الاستثمار الاجنبي المباشر (2) .
ويمكن ان نضمن نوعاً آخر من الاستثمارات الاجنبية وهو النوع المتوجه للتصدير Export – Oriented اذ تعد الصادرات بشكل عام والصادرات الصناعية بشكل خاص محدداً مهماً لهذا النوع من الاستثمارات الاجنبية وهذا يتوقف على قدرة البلد المضيف من ايصال صادراته الى الاسواق الاقليمية والعالمية وتوفر مناطق تجهيز الصادرات (EPZs) وخدمات الاتصالات.

- الاستثمار الأجنبي المباشر الباحث عن الموارد والاصول
اهم محددات هذا النوع من الـ FDI هي وفرة المصادر الاولية واليد العاملة غير الماهرة المنخفضة الكلفة ، وكذلك الايدي العاملة الماهرة ، وتشير اغلب الدراسات إلى أهمية كلف العمل ، اذ يعد الدافع الرئيس للشركات متعددية الجنسية لكي تبدأ بنقل عملياتها خارج بلدانها لزيادة ارباحها ، وقـد حظي توفر الأيدي العاملة الرخيصة باهتمام خاص وتزايدت تدفقات الـ FDI المدفوعة برخص العمالة ولاسيما في الصناعات ذات العمالة الكثيفة،فضلا عن توفر العمالة الرخيصة، فأن مدى ملائمة البنية الاساسية المادية والبشرية كالهياكل الاساسية العمرانية وتوفر الموانئ والطرق والاتصالات والسياسات الحكومية مثل فرض التعرفة الكمركية او الحواجز الكمركية والضرائب على رأس المال ومستوى رأس المال البشري وكمية رأس المال المستخدم لتطوير البنى الاساسية الارتكازية (Infrastructure) كلها تعد محددات رئيسة لتدفق الاستثمار الاجنبي المباشر الباحث عن الموارد والاصول (1) . ويمثل النوعين الاول والثاني من حوافز الاستثمار الاجنبي المباشر سبباً مباشرا للدخول الاول للشركة متعددية الجنسية.

الاستثمار الأجنبي المباشر الباحث عن الكفاءة
هـــذا النوع من الاستثمارات او مايسمى بالاستثمارات المتتابعة (التكاملية) تمول عادة من الارباح المعاد استثمارها وتتعهد بها الشركات متعددية الجنسية التي تـم تدويل عملياتها اصلا في البلد المضيف ، وتكون التوجهات الرئيسة لهذا النوع من الاستثمار الموازنة العقلانية للانتاج لاستغلال الاقتصاد المتخصص والاقتصاد الواسع النطاق لتحقيق وفورات الحجم بقصد ترشيد العمليات وتعظيم الارباح وتدني التكاليف بالاستغلال الكامل للمزايا النسبية للبلدان المضيفة (2) ، واهم محدداته كلف العمل المنخفض نسبة إلى الإنتاجية فضلا عن كلف الموارد والمدخلات الوسيطة (النقل والاتصالات) عــلاوة على عضوية البلــد فــي ترتيبات التكامل الاقليميـــة (3) .

ثانيا:الجوانب التعريفية والتفسير الاقتصادي للحوافز
1- مفهوم الحوافز
تّعرف الحوافز على أنها أي ميزة اقتصادية قابلة للتقدير تقدم لشركات بعينها أو لأنواع من الشركات، وبتوجيه من الحكومات لغرض تشجيعها للتصرف بالشكل المرغوب(1) . وتتضمن الإجراءات والترتيبات التي تصمم بشكل محدد لزيادة معدل العائد من نشاط مشاريع الاستثمار FDI أو تخفيض (أو إعادة توزيع) لتكاليفه أو مخاطره.
2- التفسير الاقتصادي للحوافز
يستند المنطق الذي يبرر منح الحوافز الى جملة عوامل، من أهمها السعي لتصحيح التشوهات الموجودة في الاقتصاد او التخفيف من أثارها في الأرباح التي يتوقعها المستثمر الاجنبي ، والحجة في ذلك ان مشروع الاستثمار قد ينطوي فضلاً عن الربح الخاص على منافع اجتماعية غير مباشرة كخلق معرفة جديدة أو رفع مستويات المهارة، أو فسح المجال للاستغلال الداخلي للأصول والممتلكات غير المادية مثل التقانة والخبرة الإدارية .
عملياً هناك فاصل (Wedge) أو نقطة تعادل أن صح التعبير بين العائد العام والخاص المترتب على النشاط الاستثماري من ثم فأنه بإمكان الحوافز تغطية الحد الفاصل بين معدل العائد الاجتماعي والخاص وهي بذلك تخدم عدداً من الأغراض الإنمائية(1). ومن أجل التأكد من ان نظام الحوافز يزيد من إسهام مشروع الاستثمار لأغراض التنمية يجب أجراء تحليل الكلفة-المنفعة وذلك يتطلب قياس الأثر الفردي لكل حافز وكذلك الأثر الكلي لحزمة الحوافز على مستوى الاستثمار أو النمو الاقتصادي.
ولكن في التطبيق العملي ستكون مهمة حساب هذه الآثار صعبة لأسباب عدة منها:
1) ان هذا النظام يفتقر الى الشفافية بالنسبة للمستثمر الاجنبي وغموض لدى المسؤولين عن المنافع التي يحققها المشروع ولاسيما إن للشركات أسباباً كافية لأخفاء نيتها عن الاستثمار الحالي بهدف الحصول على منافع اضافية.
2) قد يكون هذا النظام عرضة للاستغلال الإداري للسلطة المانحة التي قد تحصل على منافع من الاستثمار في حين إن كلف حوافز الاستثمار يدفعها عموم المجتمع(1).
قدمت العديد من الدراسات التجريبية التي أستخدمت تحليل الكلفة - المنفعة لتقييم فعالية الحوافز وأثرها في قرارات المستثمر الاجنبي في توطين استثماراته في البلد المضيف وبينت تلك الدراسات مايلي:
1 - ان فعالية نظام الحوافز تختلف حسب نوع الحافز وتوجه المستثمر ، فالمستثمر الساعي الى السوق المحلي يهتم بحماية السوق اكثر من أهتمامه بالحافز ، وبينت الدراسات التجريبية بأن حوافز العامل (العطل الضريبية، والمساعدات المالية، والأستهلاك المعجل) لم يكن لها تأثير في المستثمر المتوجه نحو السوق المحلي في حين ان الحوافز المعتمدة على البضاعة (التعريفة، والحواجز الكمركية… الخ) كان لها تأثير اكبر "فالشركات التي تنتج الى السوق المحلي تكون مهتمة بالحماية من المنافسة الدولية وبحالة السوق المحلية "(2) ، أمــــا الشركات المتجهة نحو التصدير فأن الصورة مختلفة تماماً .
2 - أوضحت الدراسات بأنه لاتوجد علاقة بين حث الأستثمار لكي يحدد موقعه في بلد ما من ناحية والفوائد الصافية الايجابية من ناحية أخرى. ويجب ان لايكون هدف نظام الحوافز هو زيادة الاستثمار فقط والأفراط بالأهداف التنموية وزيادة كلف الحافز.
3 - اذا اثرت الحوافز في قرارات موقع استثمار بعض الشركات فأن تلك التي تقرر الاستثمار من دون حافز ستجني أرباحاً غير متوقعة ويجعل هذا الترهل في النظام الشامل مكلفاً جداً من ثم فأنها ستكون مجرد تحويل للدخل من البلدان المضيفة الى الشركات المستثمرة.
4 - إذا تزامن تقديم الحوافز بين الدول لم يعد هناك زيادة صافية لجاذبية أي بلد وتكون النتيجة فقط زيادة في أرباح الشركات وكلما زادت حدة المنافسة بين البلدان المضيفة على تقديم حوافز أكثر كلما كانت حصة تلك الشركات من المكاسب المنقولة أكبر.
5 - أن اثر حماية الاستيراد او معونات الصادرات قد تشوه إشارات السوق وبذلك فأن الحوافز ستكون مشابهة للقيود على التجارة، وتتضمن كلفاً عامة مالية وإدارية ولا يكون لصالح المنفعة العامة أن تزيد كلف الحوافز الممنوحة عن قيمة المنافع العامة أي "أن لاتكون الكلف اكبر من قيمة الفرق بين العوائد الخاصة والعوائد الأجتماعية"(1).
وقد أجمعت أغلب الدراسات بأن الحوافز لاتمارس إلا دوراً ضئيلاً في تأثيرها في قرارات الـ TNCs مقارنة بعوامل أخرى أكثر أهمية مثل حجم السوق، والنمو، ومستوى المهارات، والاستقرار الاقتصادي والسياسي وشفافية القوانين، ووفرة العمالة المدربة.
وأظهرت تجارب الكثير من الدول النامية لاسيما الدول العربية بأنها على الرغم من عرضها الكثير من الحوافز ولكنها فشلت في الحصول على كميات كبيرة من الـ FDI بسبب غياب الشروط الأساسية لبيئة الاستثمار والأكثر أهمية من الحوافز مثل الأستقرار السياسي والاقتصادي ، وشفافية القوانين ووفرة قوة العمل المدربة وغير ذلك ، في حين نجحت بلدان ذات اسواق ضيقة مثل هونك كونك وسنغافورة في اجتذاب قدر اكبر من الـFDI عبر تحرير سياستها وعرض حوافز متواضعة فقط (1)، وعلى الرغم من ذلك فعندما تكون المحددات الأخرى متشابهة بين المواقع البديلة للاستثمار، تصبح الحوافز ذات أثر كبير فضلاً عن اهميتها في توجيه الاستثمارات إلى مناطق محددة داخل البلد المضيف ، وهذا يعتمد على قدرة البلد المضيف في تقديم الحوافز وبشكل إنتقائي أي إلى المشاريع التي تسهم في تعزيز التنمية الأقتصادية إذ ان أفضل ممارسة لتقديم الحوافز تتطلب تحديد الأولويات وتؤدي الى حصول الاستثمار الذي لا يحصل من دون تقديمها وبذلك ستكون المنافع اكبر للمجتمع من كلفة تقديم الحافز، فالدول الآسيوية حديثة التصنيع تقدم الحوافز للمشاريع التي تعزز النمو أي أن تكون مصممة بحيث تكون ذات تأثير إضافي معين، واستخدمت الحوافز بشكل إنتقائي لمساعدة صناعات معينة أو شركات معينة(3).
وتبقى معالجة موضوع الحوافز والحد من المبالغة في منحها في سياق المنافسة مهمة جداً وتتطلب تنسيق الجهود على مستوى دولي أو إقليمي لوضع سقوف لقيمة الحوافز ، ولمجمل الكميات ، أو المبالغ التي تنفقها الحكومات على حوافـــز الأستثمار ، أو لأزالة أنواع معينة التي تكون على قدر كبير من اللافعالية .
3- انواع الحوافز
وتصنف الحوافز المستخدمة إلى الأنواع الآتية :
ا - الحوافز المالية: تهدف الى تخفيف العبء الضريبي على المستثمر الاجنبي وتشمل تخفيض المعدل القياسي لضريبة الدخل والإعفاءات الضريبية الأخرى ، وسماحات إعادة الاستثمار، والاندثار المتسارع، والإعفاءات من رسوم الــــواردات.
ب- الحوافز التمويلية : تتضمن توفير الحكومة الأموال المباشرة لمشاريع الـ FDI لتمويل استثمارات جديدة او الاستعادة تكاليف رأس المال وتشمل أنواع الحوافز التمويلية المألوفة المشاركة الحكومية في رأس ا لمال ، والتأمين الحكومي بمعدلات تفضيلية .
ج- الحوافز الأخرى : هناك مجموعة من الحوافز يتعذر تصنيفها ولكن القاسم المشترك بينها كونها تهدف الى تعزيز ربحية المستثمر الاجنبي بطرائق غير مباشرة مثل تقديم الأرض، والبنى الارتكازية، والخدمات، والطاقة بأسعار رخيصة كمجموعة التدابير والتسهيلات المقدمة لمشاريع مناطق تجهيز الصادرات أو تقديم أفضليات في السوق يكون على شكل وصول تفضيلي للعقود الحكومية ومنح المستثمر حق الاحتكار، ومنع دخول مستثمرين جدد ، والحماية من منافسة الواردات، أو المعاملة التفضيلية بشأن الصرف الأجنبي.
4- إجراءات تسهيل بيئة الأعمال
تتمثل إجراءات تسهيل بيئة الأعمال وتعزيز معايير معاملة المستثمرين الاجانب وضمان أداء ملائم للاسواق وفق منظور المشروع خلق مجال للمستثمرين تمكنهم من العمل شريطة ان ترافقه إجراءات تنظيم العملية الاستثمارية المتضمنة جهود التأسيس وتبسيط إجراءات الموافقة، وتوفير الحوافز للمستثمرين، وتخفيض كلف النزاعات في اثناء العمل مثل تخفيض وإزالة الفساد الاداري، وتحسين الكفاءة وتوفير وسائل الراحة ، علاوة على اجراءات تشجيع الاستثمار من خلال برامج وخدمات ترويجية .
وبصفة عامة تقوم البلدان المضيفة بإنشاء أجهزة وهيئات حكومية للاستثمار التي تقوم بالمهام الآتية:
1 ) تخطيط الاستثمار في ضوء الخطة العامة للدولة .
2 ) تنظيم وتوجيه الاستثمار في المجالات الاقتصادية المستهدفة.
3 ) تنسيق جهود الاجهزة الحكومية المعنية بالاستثمار والعمل من حيث كونها وسيطاً بين المستثمر والاجهزة الحكومية ذات العلاقة وغالباً ما تضم لهذه الهيئات ممثلون عن الأجهزة الحكومية المعنية.
4 ) تقديم المساعدات لأجراء دراسات الجدوى الاقتصادية التمهيدية والنهائية للمشروع.
5 ) حل المشكلات التي تواجه المستثمرين.
6 ) مراقبة ومتابعة انجازات وممارسات الشركات .
7 ) أختيار مستوى التكنولوجية وانواعها ووضع الضوابط اللازمة بحيث تتلاءم مع متطلبات وظروف التنمية .
8 ) القيام بمنح الموافقات على المقترحات الخاصة بمشروعات الاستثمار بعد دراستها في ضوء الاهداف العامة .
أما بخصوص البناء التنظيمي والاداري للهيئات والاجهزة القائمة على الاستثمارات فأنها تختلف من دولة لأخرى ويرجع الاختلاف لأسباب عدة :
1 ) درجة المركزية في إتخاذ القرار الخاص بالاستثمار والدور الرئيس الذي يجب ان تضطلع بــه هيأة الاستثمار في ما يخص الاستثمارات بصفة عامة بمعنى هل تترك قرارات الاستثمار لكل قطاع أقتصادي على حدة ويصبح دور الهيأة بمثابة حلقة الوصل بين الوزارات المعنية ،أو أن الهيأة تكون الجهة المركزية التي تتخذ القرارات ومنح الموافقات على طلبات الاستثمار المختلفة بعد أخذ رأي الوزارات؟
2 ) درجة التخصص وتقسيم العمل المطبقة في الهيأة ومدى تعدد الأدوار والمهام المناطة بها.
3 ) درجة تفويض السلطة داخل الهيأة .
وتظهر أهمية اجراءات تنظيم العملية الاستثمارية وتسهيل بيئة الأعمال من حيث كونها محددة لتدفق الاستثمارات وإقبال المستثمرين وأختيار البلد موقعاً للأستثمار من خلال:

أ. النواحي القانونية:
1) شفافية القوانين المنظمة للأستثمار واستقرار الاحكام التشريعية له ،اذ أن استقرار الاحكام التشريعية يوفر للمستثمر الأساس الثابت لتوقعاته، ويعكس الثقة في استقرار وثبات الأوضاع المحيطة ببيئة الاستثمار والعكس سيولد لديه القلق من عدم أستمرارية الفرضيات التي يبنى عليها قراره الاستثماري .
2) كذلك فأن التعارض بين القوانين المنظمة للعملية الاستثمارية، وعدم شمول تشريعات الاستثمار للمسائل كافة التي تعالج وتنظم العملية الاستثمارية الأمر الذي يفتح المجال أمام الاجتهادات بشأن الجوانب التي أغفلتها التشريعات الناظمة للأستثمار وأختلاف الأجتهادات من مسؤول لآخر، ومن وقت لآخر، الامر الذي يخل بعدالة التشريع وقد يحول دون حصوله ، اذ ليس من المعقول ان يمنع المستثمرمن حق التملك طبقاً لقانون الملكية بينما يتيح ذلك قانون الاستثمار .
3 ) سهولة اجراءات الحصول على ترخيص الإستثمار وإجراءات تنفيذه .
4 ) وجــود جهة واحدة يتعامل معها المستثمر والى أي مدى توفر للمستثمر مــايبذله من وقت وجهد وتسهل له اجراءات الترخيص وتنفيذ الاستثمار بعيداً عن التعقيدات الادارية والفساد الأداري .
أن الجوانب الرئيسة لبيئة الأعمال والمتمثلة في التعارض باتخاذ القرار العام وانعدام الشفافية وحالات التداخل البيروقراطي مع قرارت الأعمال كلها عوامل تؤدي الى زيادة كلف المعاملات، لذا فأن السماح بالاستثمارالاجنبي وتقديم الحوافز قد لا تؤدي بالضرورة الى قدوم الاستثمار فقد يكون زيادة كلف المعاملات الناتجة عن الأختلالات في تنفيذ السياسة ما يؤدي الى تثبيط همم المستثمرين الراغبين بالاستثمار، فالدرجة العالية من التنظيم الحكومي، ومركزية إتخاذ القرار لتحقيق الأنسجام بين الأهداف وتنسيق السياسات عوامل ضرورية لتسهيل بيئة الأعمال .

ب. إجراءات تشجيع الاستثمار:
إن اجراءات تشجيع الاستثمارالاجنبي المباشر يمثل عنصراً من عناصر تهيئة بيئة الأعمال، إذ أدركت الحكومات التي تبحث عن الاستثمار و تسعى الى تحسين صورة بلدانها لدى أوساط المستثمرين موقعاً مؤات للأستثمار بأهمية النشاط التشجيعي لوصول المعلومات الى متخذي القرار ولاسيما الدول غير الواضحة وغير الجذابة امام المستثمر الاجنبي، وهي بذلك تعتمد على الأتصال المباشر بالمستثمرين المحتملين وبشكل خاص بالمستثمرين المهمين(1). فالاجراءات التشجيعية تساعد المستثمرين ولاسيما الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم لأكتشاف الفرص الجديدة التي لا يجدونها بأنفسهم، وتشترك حملات تشجيع الاستثمار في ثلاثة عناصر رئيسة(4):
1 - رسم صورة جيدة : وتشمل الاعلان والدعاية من خلال وسائل الإعلام العامة والمتخصصة والمشاركة في المعارض، واستقبال بعثات استثمار عامة من بلدان الشركات (الام)، وتنظيم ندوات معلومات عامة بشأن فرص الاستثمار. ولا يتوقع ان تسفر عن هذه الحملات الاعلامية تحقيقاً لاستثمارات ولكن رسم الصورة الجيدة مفيد حين يكون الواقع في البلد المعنى افضل من إنطباع أوساط المستثمرين الدوليين عنه، وقد يسفر عنه اذا ماتغيرت النظرة الى نتائج أفضل .
2 - تحقيق الاستثمارات : تستهدف انشطة تحقيق الاستثمارات استرعاء اهتمام مستثمرين معينين بفرص استثمار محدد، والسعي لجعلهم يقومون فيها ومن الادوات الفعالة في هذا المجال الحملات الترويجية المباشرة، وبعثات الأستثمار المختصة لصناعة محددة او قطاع محدد أو الندوات الأعلامية ولكن الاسلوب المفضل هي العروض الموجهة لشركات محددة، اذ ينطوي هذا الأسلوب على تحديد فرص الاستثمار في صناعات وقطاعات البلد المضيف المعني وبعد ذلك يتم تحديد الشركات التي قد تود الاستثمار في تلك الصناعات، وتقوم الهيأة المروّجة للأستثمار بدورها في توجيه أنشطتها الى أشخاص محددين مسؤولين عن إتخاذ القرارات في الشركة المعنية.
3 - تقديم الخدمات للمستثمرين: وهو العنصر الثالث من برامج الترويج وتشمل أساليب تقديم المشورة لهم، وتسريع خطة إجراءات تقديم الطلبات والحصول على التصاريح. وقد أتسعت خدمات تسهيل الاستثمار لتشمل خدمات ما بعد الاستثمار، ويعود السبب في ذلك الى ادراك البلدان الى ان الاستثمار المتتابع أي إعادة استثمار الأرباح يمكن ان يكون مصدراً أساسياً للاستثمار، فضلاً عن إن المستثمرين المقتنعين ببيئة الأستثمار في دول معينة يعد أفضل دليلاً على وجود مناخ جيد للاستثمار، فالمستثمر الراضي هو خير سفير يمكن ان يملكه البلد(1). لذا فأن خدمات ما بعد الاستثمار تعد وسيلة لضمان بقاء الاستثمار أطول مدة ممكنة. وتعد المنافع التي تعود على البلد المضيف من وراء تنفيذ برنامج ناجح فعال للترويج للأستثمارات كبيرة ولاسيما للاستثمارات المخصصة للتصدير اذا ما توفر المناخ الجاذب للاستثمار وتوفر فرص استثمارية مجزية وفي المقابل تشير أغلب الدراسات الى أن تنفيذ برنامج كفء للترويج يكون أقل كلفة من تطبيق برامج للأعفاءات الضريبية(2).
أن الترويج للاستثمار هو نوع من أنواع التسويق وينبغي ان يكون العاملون في هيئات الترويج من ذوي الخبرة والكفاءة بالعملية، وهذا يعتمد على حسن الاختيار للمروجين، والحرص على تدريبهم بشكل جيد ومتواصل لدى جهات متنوعة التجارب من اجل تنشئة وتكوين المروج الكفء القادر على الفهم والتعامل مع الاسواق ومع المستثمرين المحتملين بوعي وصدق وموضوعية، وفي ما يتعلق بالشكل التنظيمي المناسب لجهاز الترويج للأستثمار فقد تبين أغلب التجارب ان الشكل الأمثل هو التنظيم شبه الحكومي الذي يتيح إمكانية أجتذاب المهارات اللازمة من القطاع الخاص، وتقديم الخدمات الحكومية للمستثمرين، فضلاً عن تحريره من الروتين الحكومي.
ولضمان الموضوعية في اتخاذ القرار بالموافقة على الاستثمار يفضل إسناد اتخاذ القرار بالموافقة على الاستثمار لغير القائمين بالترويج ومع ذلك فأن الحاجة تدعو الى صلات قوية بين الحكومة وهيئات الترويج للتأثير في القرارات الاستثمارية،فضلاً عن كل ما تقدم فأن الترويج لن ينجح إلا اذا كان البلد المعني جذاباً للمستثمرين الاجانب فالترويج يمكن ان يكمل إصلاح السياسة ولكنه ليس بديلاً عنها.

حوافز الاستثمار التي تضمنها قانون الاستثمار رقم 13لسنة 2006 والتعديل الأول لقانون الاستثمار قانون رقـــم (2) لسنة 2010
حددت الاسباب الموجبة لتشريع هذا القانون بـ ( المساهمة في دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطويرها، وجلب الخبرات التقنية والعلمية وتنمية الموارد البشرية ، فضلا عن إيجاد فرص عمل للعراقيين بتشجيع الاستثمارات (المحلية والأجنبية) وتتجلى اهمية هذا القانون بان نصوصه تضمنت العديد من المزايا والضمانات والاعفاءات والحوافز للمستثمرين الاجانب وبالشكل الذي يخدم اهداف التنمية ويمكن ايجاز ابرز ايجابيات هذا القانون والذي حل محل قانون الاستثمار الاجنبي رقم (39) لسنة 2003 بالاتــي:
- تتأسس بموجب هذا القانون الهيئة الوطنية للاستثمار وتتولى رسم السياسات الوطنية للاستثمار ووضع الضوابط لها ومراقبة تطبيق التعليمات والانظمة في مجال الاستثمار كما يكون للاقاليم والمحافظات هيئات تقوم بذات المهمات في اطار التنسيق بين جميع هذه الجهات ، وتكون تلك الهيئات مسؤولة عن منح اجازات الاستثمار وفق الشروط الموضوعة في هذا القانون وكذلك العمل على تعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية والتعرف على الفرص الاستثمارية وتحفيز الاستثمار فيها والترويج لها.
- يتيح هذا القانون مشاركة مستثمرين عراقيين مع مستثمرين اجانب ويعطي محفزات مغرية ( الفصل الخامس المادة "15"، فقرة ثالثا) ، حيث يمكن للهيئة الوطنية للاستثمار ان تزيد عدد سنوات الاعفاء من الضرائب والرسوم بما يتناسب بشكل طردي مع زيادة نسبة مشاركة المستثمر العراقي لتصل الى 15 سنة اذا كانت نسبة شراكة المستثمر العراقي في المشروع اكثر من 50%.
- يلزم هذا القانون المستثمر الاجنبي بتدريب مستخدميه من العراقيين وتأهيلهم وزيادة كفاءتهم ورفع مهاراتهم وقدراتهم وتكون الاولوية لتوظيف واستخدام العاملين العراقيين ( الفصل الرابع /المادة 14/فقرة ثامنا) وكذلك يفرض هذا القانون على المستثمرالاجنبي الالتزام بالقوانين العراقية النافذة في مجالات الرواتب والاجازات وساعات وظروف العمل وغيرها( الفصل الرابع /المادة 14/فقرة سادسا)
- وفق هذا القانون يلتزم المستثمر الاجنبي بالمحافظة على سلامة البيئة والالتزام بنظم السيطرة النوعية المعمول بها في العراق والانظمة العالمية المعتمدة في هذا المجال والقوانين المتعلقة بالامن والصحة والنظام العام وقيـــم المجتمع العراقـــــــي (الفصل الرابع / المادة 14 فقرة خامسا)
- من خلال هذا القانون يمكن توجيه الاستثمارات الاجنبية الى القطاعات اوالمناطق الضرورية عن طريق تقديم حوافز واعفاءات اضافية للمستثمرين الذين يوجهون استثماراتهم لتلك المناطق اوالقطاعات الاقتصادية ذات الاهمية الستراتيجية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية (الفصل الخامس/ المادة 15فقرة اولاوثانيا)
- يهدف هذا القانون إلى جلب وتشجيع الاستثمارات واكتساب تقنيات متطورة وتعزيز دوري القطاع الخاص المحلي والأجنبي فضلا عن توسيع حجم الصادرات وتطوير القدرة التنافسية للاقتصاد العراقي في القطاعات التي يمتلك فيها العراق ميزة نسبية.
- يهدف هذا القانون الى تشجيع المستثمرين العراقيين من خلال توفير قروض ميسرة وتسهيلات مالية لهم ويتم ذلك من خلال التنسيق بين الهيئة الوطنية للاستثمار ووزارة المالية والمؤسسات المصرفية (الفصل الثاني /المادة9/فقرة ثامنا).
اضافة الى تلك الالتزامات التي فرضها القانون (13) على المستثمرين الاجانب فأنه وفر لهم مزايا وتسهيلات وضمانات واعفاءات ومن اهمها ماياتــي :
- الاعفاء الضريبي لمدة (10) سنوات ابتداءً من التشغيل التجاري للمشروع والاعفاء من رسوم الاستيراد لمستلزمات التـأسيس والتوسيع والتطوير والتحديث بما في ذلك من مواد اولية ووسيطة وقطع غيار.
- ادخال واخراج رؤوس الاموال وعوائدها وتمكين المستثمر الاجنبي من فتح حسابات في المصارف العراقية والاجنبية.
- الاستثمارفي سوق العراق للاوراق المالية بالاسهم والسندات المدرجة فيه وله حق اكتساب العضوية في الشركات المساهمة الخاصة والمختلطة وكما نص عليه قانون التعديل رقم (2) لسنة 2010 (المادة 3/الفقرة ا) .
- وبهدف تطوير قطاع الاسكان والتسريع في عملية التنمية واعادة اعمار العراق للمستثمر العراقي والأجنبي حق تملك الاراضي والعقارات العائدة للدولة ببدل تحدد أسس احتسابه وفق نظام خاص وله حق تملك الاراضي والعقارات العائدة للقطاعين الخاص والمختلط لغرض اقامة مشاريع الاسكان حصرا قانون التعديل رقم 2 لسنة 2010( المادة 2/ فقرة ا).
- تمتع المستثمر الاجنبي في ميزات اضافية واردة في الاتفاقيات الثنائية اوالدولية التي يكون العراق طرفا فيها.
- تحريم مصادرة اوتأميم المشروع الاستثماري بأستثناء من يصدر بحقه حكم قضائي بات.
- الالتزام بحق المستثمر الاجنبي ببيع مشروعه كليا اوجزئيا.