فنان الكاريكتير المغترب منصور البكري:مواضيعي كثيرة أهمها رسم الشخصيات العالمية

فنان الكاريكتير المغترب منصور البكري:مواضيعي كثيرة أهمها رسم الشخصيات العالمية

كاظم السّيد علي

منصور البكري (1956بغداد / العراق) فنان عراقي غادر وطنه الى المنفى عام 1981، بعد رحلة طويلة في عدة دول اوربية، حيث اقامة في إيطاليا 1981 - فلورنسا - روما - بيروجا ودرس في أكاديميتها/ قسم الرسم ،ثم غادرها واستقر في ألمانيا الاتحادية 1982 / برلين الغربية، واكمل دراسته العليا فيها منذ 1982 حتى 1989

وحصل على الشهادة المهنية العليا (الما يستر) (الشهادة الفضيلية التي تعادل شهادة الدكتوراه النظرية) فرع الكرافك عام 1988 من الجامعة العليا للفنون في برلين بأشراف الأستاذ راينهارت براون برسم وتصميم ملحمة كلكامش ككتاب كبير يضم مجموعة رسوم بالألوان المائية تعالج أحداث الملحمة دراميا وحصل على شهادة الدبلوم العالي للفنون في موضوع علم نفس وفانتازيا الاطفال 1989 مع رسم وتصميم كتاب زيارة مزهرية قديمة بأشراف الأستاذ راينهارت براون.

في العام 1970 حتى العام 1981عمل رساما في دار ثقافة الاطفال منذ سنتها الأولى حتى رحيله الى أوربا، مارس عمله كرسام كاريكاتير في الفترة ذاتها للعديد من الصحف والمجلات العراقية، عمل سينوكرافيا (تصميم وتنفيذ ديكور مسرح) مع أشهر مخرجي العراق مثل الفنان عوني كرومي والفنان سعدي يونس في العراق وحاز على الجائزة الاولى 1979 لتصميم ورسم طابع بريدي حول مهرجان الربيع بالموصل،حاصل على شهادة البكالوريوس الجامعية من اكاديمية الفنون الجميلة / بغداد 1978 بأشراف الأستاذ فائق حسن يعمل كرسام في مشغله الخاص لعمل لوحاته لدور العرض لكاليريهات ومؤسسات ثقافية داخل ألمانيا وخارجها وللعديد من دور النشر ودور الإعلان والمجلات والصحف العربية والعالمية. لتسليط الضوء على تجربته هذه كان لي معه هذا الحوار:

كيف ومتى كانت بداياتك مع الرسم؟

- بداياتي بداية اي فنان منذ الطفولة وهي موهبة نرزق بها، بدأت بعمر سنتين حسب قول العائلة وظهرت في تلفزيون بغداد حين كان عمري 4 سنوات مقابلة مع الطفل الموهوب ولاأعرف لحد الان لماذا الرسم!!! انها موهبة بالجينات ولم اختر هذا الطريق من دونه انه قدري. بعدها تطورت موهبتي وكنت افضل رسام في المدرسة الابتدائية وكنت ارسم مواضيع للمدرسة وكل مايحتاجونه... بعدها في المرحلة المتوسطة نفس الشيء وهنا تطورت الامور اكثر لانني كنت ارسم في مرسم المدرسة مع بعض الطلاب الموهوبين أحدهم كان خطاط والاخر شاعر وكاتب فكنا نعمل نشرة مدرسية تعلق على الحائط من تصميمي ورسمي لكل مواضيع النشرة والخطاط المسكين كان يخط كل الاسطر، في ذلك الوقت لم يتوفر في المدرسة مطبعة ولا فوتو كوبي وقبل مرحلة الكومبيوتر كل شيء كان يدوي، وهذه أول تجربة لي للعمل الصحفي واعتز بها رغم بساطتها وسذاجتها والجميل بكل العملية انها كانت انتاج طلابي صرف دون تدخل الهيئة التدريسية.

ميلاد سنوي

متى كانت الانطلاقة الدخول الى عالم الاحتراف الفني؟

-في العام 1970 كنت وقتها ناجح من الصف الثالث متوسط الى الرابع اعدادي وعمري أنذاك 14 سنة، نصحني احد اصدقاء العائلة واسمه مروان القزاز،حيث اخذ بيدي واصطحبني الى “مجلتي” التي كانت قد صدرت منذ عام وتحتفل بعيد ميلادها السنوي وكنت حينها أحد المعجبين جدا بها لأنها المجلة العراقية الوحيدة للأطفال آنذاك جانب مجلة سوبرمان وميكي ماوس ومجلة سمير وبساط الريح المصرية وقد حصل هذا وذهبنا الى دار مجلة مجلتي الواقعة في بناية وكالة الانباء العراقية في الطابق السابع والثامن من البناية لعمل لقاء صحفي معي في المجلة، التقينا بالشاعر فاروق سلوم وكان حينها محرر في المجلة قبل ان يترأسها في السنوات اللاحقة واصطحبني الى رئيس الرسامين الفنان الكبير طالب مكي وكان وحده في الغرفة في قسم الرسم وحين أطلع على أعمالي قال لي بامتعاض هذا مو شغلك!!! كنت خجول في مرحلة مراهقتي وخائف في نفس الوقت لانني امام عملاق فن الكومكس في العراق وأتذكر بأني كنت قد رسمت بعض البورتريهات مثل والدتي وجيمس جويس وسفينة قراصنة وفدائيين بملابسهم المرقطة...الخ (شي مايشبه شي) وقلت له والله هذا رسمي!!! حينها جلب لي ورقة وقلم وقال: ارسم أمامي، فبدأت أرسم ولم أكمل الرسم وبدون أن يتكلم معي او يستشيرني أخذني مع رسومي الى غرفة رئيس التحرير وكان أنذاك هادي نعمان الهيتي وقال له: هذا رسام جديد يجب ان يعمل معنا!!! هذا كان أغرب موقف في حياتي اطلاقا. وبالفعل اعطوني طاولة رسم وكرسي ودولاب ومواد بنفس اليوم وجلست أمام شيخ الرسامين طالب مكي وخصصوا لي مرتب مثل كل رسامي مجلتي آنذاك وهكذا كنت واحد منهم.

أنتهى الدوام الصباحي وقال لي طالب مكي: لا تذهب ابقى للدوام المسائي لتتعرف على الرسامين البقية ودّعني صديقي مروان وكان متعجب من الذي شاهده ومفتخر بعمله في نفس الوقت لأنه اساسا صاحب الفكرة.

كان رسامو مجلتي أغلبهم يعملون في صحف ومجلات اخرى صباحا ويأتون مساءا للعمل في مجلتي وقسم منهم كانوا طلاب في اكاديمية الفنون الجميلة او معهد الفنون وأغلبهم يكبروني بعشرة سنوات (وهذا يعني عمر وخبرة) حصلت ساعة الدوام المسائي وبقى طالب مكي يعمل كذلك، اول من دخل للقاعة بسام فرج كنت أعرف أشكالهم من الرسوم الكاريكاتورية لوجوههم... أرتعبت وقتها لانني اعتبر هؤلاء أساتذتي وعباقرة نتعلم منهم فن الرسم، بعدها دخل فيصل لعيبي ثم صلاح جياد ومؤيد نعمة ووليد شيت وميسر الفاضلي.

وهل انتابك الخوف والاحراج في تلك اللحظة؟

-نعم أكتمل فلم الرعب أمامي، كيف لي أن أتحدث مع هؤلاء عمالقة الفن بالعراق ومن أنا بينهم؟؟؟ ولكن سرعان ما طار هذا الخوف والاحراج بعد ما قدمني طالب مكي لهم بكل تواضع وفخر بنفس الوقت وشاهدوا أعمالي والغريب انهم لم يعاملوني كطفل أو مراهق يزور مجلتي بل أخذوني بكل جدية واحترام وبدأت أرسم معهم وكان طالب وفيصل بالتحديد يقفون جانبي بين الحين والاخر ليعطوني ملاحظاتهم وتوجيهاتهم القيّمة وعلاقتي بهما الى يومنا هذا قوية جدا.

وبعدها كيف اصبحت يامنصور؟

-اصبحت رساما من الرعيل الأول لمجلتي أعمل مع خيرة رسامي الكومكس ورسوم الاطفال أنذاك، وهم بحق خيرة رسامي العراق وهم الاسماء التي ذكرتها اعلاه كذلك من بينهم عبد الرحيم ياسر وضياء الحجار وبلاسم محمد والمعماري قيس يعقوب وأديب مكي ونبيل يعقوب وسيروان ثم التحق بنا رسامون بروح فنية عالية وهم مثلوا الجيل الثاني لمجلتي ومن بينهم علي المندلاوي وعبد الحسين محمود ووليد عبد الله وحسام عبد المحسن وعمار سلمان وسهام كوركيس وهناء مال الله ورضا حسن وحنان شفيق ونديم محسن ومحمد شوقي وفائزة نوّار وأخرون مبدعون كذلك عملت مع خيرة كتاب وشعراء العراق ومن بينهم كاظم صالح وعبد الاله رؤوف ومالك المطلبي وأمل الشرقي وعبد الرزاق المطلبي وفاضل العزاوي وفاروق يوسف وفاروق سلّوم وجعفر صادق وصلاح محمد علي وشفيق مهدي وسالمة صالح وعالية محمد كريم وكريم العراقي وحسن عبد الحميد وأخرون كثيرون، ولي دوامين دوام صباحي في المدرسة في الصف الرابع أعدادي في البداية ودوام مسائي في نفس اليوم بعدها انهيت الاعدادية بتفّوق ثم التحقت بأكاديمية الفنون الجميلة وانهيتها في عام 1978 فرع الرسم (وانا مستمر بدوامي المسائي بدار ثقافة الأطفال) وبأشراف خيرة فناني العراق ومن بينهم فائق حسن وخالد الجادر وكاظم حيدر، ولم أتخلّف بأي سنة دراسية طيلة مراحلي الدراسية. وعملت كذلك في جريدة الجمهورية بملحقها الاسبوعي تموز ورسمت شخصيتها الأولى صبي أسمه تموز يلبس كاسكيت عليه العلم العراقي كذلك عملت في مؤسسات فنية وثقافية أخرى كان أهمها رسم 18 لوحة في المتحف العراقي للأثار في الصالحية بأحجام كبيرة والمتحف يحتفظ بها لحد اليوم.

هل درست مجالات فنية اخرى غير الكاريكاتير؟

-عند وصو لي ألمانيا بداية عام 1982 الى برلين، درست مباشرة حال وصولي اليها في جامعتها العليا للفنون قسم التصميم والكرافك وأنهيت دراستي العليا عام 1989 الماجستير أولا ثم المايستر التي تعادل عندنا شهادة الدكتوراه نظرا لعدد سنوات الدراسة والاختصاص. بعدها أتقان الرسم الأكاديمي بشكله المعاصر اثناء دراستي في اكاديمية برلين وهذا ساعدني جدا الى تكملة مشواري الفني الذي تجسد الأن بالبورتريت (كاريكاتير- تعبيري) وهو اسلوب خليط من الاكاديمي والكاريكاتيري والتعبيري لأنني مارست هذه الاساليب جميعها في رحلتي الفنية، طبعا هناك اعمالا أخرى تتعلق بالحرف والتجريد ولي اسلوبي الخاص برسم الطبيعة كذلك لازلت أرسم أغلفة كتب وصفحات داخلية للأطفال والكبار بنوع الرسم الطباعي المعروف ب(الستريشن) ولكني تخصصت برسم البورتريت الذي يثير شجوني دوما لأنني أجد في الوجه كامل التعبير للشخصية التي ارسمها وطريقة رسم الوجه تشبه عندي برسم الطبيعة فتضاريس الطبيعة ووجه الانسان عندي متشابهان فيلاحظ المتلقي السهول والوديان والجبال والاشجار وانحناءات الطبيعة كلها في الوجه الواحد.

ما مدى تأثرك بالفنانين الذين زاملتهم في بداية مشوارك في مجلتي؟

- تأثرت في البداية بطالب مكي وفيصل لعيبي، وشاهدت تجارب فناني مجلتي في بداية السبعينات واستفدت من تكنيكيهم في الرسم.وبعد حوالي سنة كان لي اسلوبي الخاص وبدأت برسم شخصية علاء الدين والمصباح السحري.

كيف ترى رسامي الكاريكاتير ومن يستوقفك منهم الان؟

-حاليا أرى في رسوم الشباب الذي جاء بعدنا مستقبلا هائلا في الرسم للأطفال وأذكر منهم بشكل عام وليس حصريا عمر طلال حسن من الموصل الذي يتفوق على الجميع بمهارته في رسم الحركات وخاصة حركات الحيوانات وأعماله تصلح لأفلام الكارتون، كذلك وصفي الفضلي من البصرة فهو فنان واعد وجيد جدا ويفهم ما يريده الاطفال.

يقال ان العمل من خلال الكومبيوتر يضعف مهارة الرسم، مارأيك بذلك؟

-قبل الرسم عن طريق البرامج الرقمية على كل فنان ان يمارس الرسم بالأدوات التقليدية كقلم الرصاص والفرشاة والألوان المائية وبعدما يسيطر على حرفة الرسم ممكن استخدام البرامج الرقمية لأنها تساعد الفنان كثيرا وخاصة في المساحات اللونية، أما مباشرة الرسم عن طريق الكومبيوتر دون خوض مراحل الرسم التقليدية فهذا خطأ فادح وستكون أعمال الفنان ضعيفة جدا ودون المستوى.

كيف ترى واقع الفن التشكيلي في العراق الان؟

-واقع الفن التشكيلي العراقي كان ولايزال وسيبقى رائعا جدا والفنانين العراقيين هم الأفضل في الوطن العربي وهناك حركة جميلة للشباب الواعد لرفع مستوى العراق التشكيلي.

مهرجانات دولية

هل لك تواصل والمساهمة في المعارض داخل العراق؟

- نعم متواصل،و شاركت في مهرجانات دولية مثل مهرجان الطفل الدولي في كردستان – أربيل العام 2007 بدعوة من وزارة الثقافة وأقمت معرضين شخصيين عن ملحمة كلكامش أولا في مبنى الوزارة ثم في المركز الثقافي الفرنسي كذلك مؤتمر الطفل الدولي في بغداد العام 2010 أيضا بدعوة من وزارة الثقافة ومن دار ثقافة الأطفال ثم أقمت معرضا شخصيا على قاعة حوار السنوي في كردستان – ديار بكر بمعرض شخصي للبورتريت أيضا بدعوة من وزارة الثقافة هناك. وشاركت بمعرض جمعية الفنانين التشكيليين لرسامي الكاريكاتير بدعوة من الفنان قاسم سبتي.

وأي الموضوعات تتناولها على وجه التحديد في الغربة؟

-مواضيعي في الغربة كثيرة جدا ولكن أهمها والمفضلة لدي هو رسم الشخصيات العالمية الشهيرة كاريكاتيريا وتخصصت بهذا الاتجاه واشارك في مسابقات ومعارض عالمية وكنت أكثر من مرة في لجان التحكيم.

ماذا تتمنى الان؟

-أمنيتي الوحيدة الآن أن يستقر العراق وينتهي الفساد المتفشي في الحكومة العراقية وشعبها أيضا ويكون لنا عراق جميل ليس فيه رشاوى ولاطائفية ولا محسوبية وواسطات أي تكون الأفضلية لأصحاب الخبرة.