من أحداث البصرة في حوادث مايس 1941 .. لجنة أمن البصرة ودورها في إدارة المدينة

من أحداث البصرة في حوادث مايس 1941 .. لجنة أمن البصرة ودورها في إدارة المدينة

صالح محمد صالح العلي

بعد احتلال العشار في 7 مايس 1941 وبعد خسارة البريطانيين 100 جندي من الكوركا، اوعز البريطانيون لجنودهم بكسر ابواب بعض الحوانيت والمخازن لحمل الناس على نهب وسلب الموجود فيها، ونظرا لتعاون اليهود مع الجيش المحتل فقد عمد افراد العشائر المجاورة لمدينة البصرة إلى تحطيم أبواب مخازن اليهود دون غيرها ونهبوا دون ان يعتدوا على احد منهم. . . وأسلوب النهب كثيرًا ما يمارسه المحتلون من اجل إشغال الجماهير بالنهب من الدفاع عن مدينتهم.

ومن اجل اشغال منطقة البصرة خوفا من قيامهم بنجدة العشار انتقلت حركة النهب والسلب من العشار الى منطقة البصرة، فعمت الفوضى في الأسواق، وقد دخلت منطقة البصرة عناصر الهدم والتخريب، وقد ساعد على انتشار هذه الفوضى تخلي افراد الشرطة عن واجباتهم وانسحابهم الى بيوتهم بعد سماعهم بانسحاب مدير الشرطة الى القرنة.

وبادر وجهاء البصرة لانقاذ الموقف، فأخذوا بعض النساء اليهوديات إلى بيوتهم وارسلوا حراسا إلى الذين لم يبق محلا لايوائهم.

وفي يوم الخميس 8 مايس تألف وفد من المحامي سليمان فيضي والحاج مصطفى الطه، ومحمد سعيد العبد الواحد، وعبد الجليل برتو وكيل رئيس البلدية وجابر منير مدير السجن، فقصد الوفد الميجر لويد في ديوان المتصرفية بالعشار وقدموا اليه المطالب التاليه:

1 ـ الاذن للمصارف بتقديم اموال البلدية اليها فورا لتتدارك الوضع الامني وتضع حراسا تجهزهم بالسلاح والعتاد اللازمين.

2 ـ الايعاز إلى وكيل المتصرف بالانتقال إلى منطقة البصرة ليدير شؤونها وينظم حكومتها.

3 ـ او احتلال البصرة من قبل الجيش البريطاني، لان (الغوغاء) نهبت الاسواق وجاء دور البيوت والاعراض.

وقد رفض الميجر لويد احتلال البصرة وقال ان الحكومة البريطانية ليست مكلفة بحفظ الامن في البصرة ولا في العشار، وان الجيش البريطاني انما دخل العشار لتأمين تموينه ليس الا ورفض الايعاز للمصارف بتسليم اموال البلدية وبعد فشل مهمتهم طلبوا من وكيل المتصرف ان يذهب معهم الى البصرة لصيانة الامن والنظام فيها فوافق على التكليف.

لعب الشيخ صالح باش اعيان العباسي دورا بارزا في البصرة في اثناء احداث نيسان ومايس 1941 وكان بصورة عامة يؤيد سلطة الوصي عبد الاله ضد حكومة رشيد عالي الكيلاني الا انه لم يجاهر بهذا التأييد خوفا على عائلته.

ومنذ بداية الحركة كان بعض المواطنين يراجعون ديوانه لمعرفة حقيقة الاحداث ولكن دون جدوى وقد اتصل صالح باش اعيان بالوصي عبد الاله بعد هروبه الى البصرة، لكن اتصالاته توقفت بعد ان علم ان الجيش يشك باختفاء نوري السعيد في منزله، حيث علم ان هناك خطة لمداهمة بيته، ولكنه افلح في اقناعهم بهروب نوري السعيد خارج العراق.

افراد الشرطة والتحاق قسم منها بمديرهم في القرنة، وبعد اطلاع الكيلاني على التقرير الذي بعث به اليه صالح اصدر الكيلاني امرًا مكتوبا ارسله الى وكيل المتصرف مع رسول خاص يأمره فيه بالتوجه الى بغداد مع بقية الموظفين المدنيين، فما كاد الوكيل يتسلم هذا الامر يوم 16 مايس 1941 حتى استدعى زملاءه واطلعهم على مضمونه، وفي صباح 17 مايس كان وكيل المتصرف والموظفون إلاالنزر اليسير والشرطة وآخرون، قد استقلوا السيارات المؤجرة على حساب البلدية للرحيل الى بغداد.

وبعد حركة السيارات من مركز الشرطة في البصرة بدأت عمليات النهب والسلب والاعتداء على مراكز الشرطة من الجماهير وعلى ذلك كلف الميجر لويد الشيخ صالح باش اعيان ان يتولى حماية الامن في البصرة حتى ينجلي الموقف، فطلب الشيخ صالح من القيادة البريطانية ان تتولى حراسة السجن قبل كل شيء، فاجيب إلى طلبه حيث ذهب فصيل من الجيش البريطاني للقيام بهذه المهمة، وقد وجدوا ان عشرين سجينا قد هربوا وان الباقين يستعدون للهرب فاستطاع ان يقمع حركتهم فورا.

ومن خلال الحديث الذي دار بين اعيان البصرة والميجر لويد تبين ان لويد لا يهمه الا امر العشار، اما منطقة البصرة فلم تكن بها اي أهمية استراتيجية، لاسيما أن فيها كثافة سكانية من المعارضين للتدخل والاحتلال البريطاني، وخوفا من المقاومة فقد غض النظر عن قيام الشيخ صالح باش اعيان بتشكيل لجنة أمن البصرة ـ ويظهر أن فانيس الممثل القنصلي الامريكي هو الذي نصح القائد البريطاني بان تبقى السيطرة على مدينة البصرة بيد الشيخ صالح باش اعيان.

وقد اتصل صالح بوجوه البصرة ليكونوا عونا له في تأليف لجنة تحفظ الامن وتدير الامور، وألح عليهم الحاحًا شديدا فأجابه بعضهم وتنصل اخرون وبعد احتلال العشار وازدياد حوادث النهب والسلب وتجميد سلطة وكيل المتصرف واقتصارها على منطقة البصرة وضواحيها، وكذلك بعد انفراط عقد افراد الشرطة والتحاق قسم منها بمديرهم في القرنة، وبعد اطلاع الكيلاني على التقرير الذي بعث به اليه صالح اصدر الكيلاني امرًا مكتوبا ارسله الى وكيل المتصرف مع رسول خاص يأمره فيه بالتوجه الى بغداد مع بقية الموظفين المدنيين، فما كاد الوكيل يتسلم هذا الامر يوم 16 مايس 1941 حتى استدعى زملاءه واطلعهم على مضمونه، وفي صباح 17 مايس كان وكيل المتصرف والموظفون إلاالنزر اليسير والشرطة وآخرون، قد استقلوا السيارات المؤجرة على حساب البلدية للرحيل الى بغداد.

وبعد حركة السيارات من مركز الشرطة في البصرة بدأت عمليات النهب والسلب والاعتداء على مراكز الشرطة من الجماهير وعلى ذلك كلف الميجر لويد الشيخ صالح باش اعيان ان يتولى حماية الامن في البصرة حتى ينجلي الموقف، فطلب الشيخ صالح من القيادة البريطانية ان تتولى حراسة السجن قبل كل شيء، فاجيب إلى طلبه حيث ذهب فصيل من الجيش البريطاني للقيام بهذه المهمة، وقد وجدوا ان عشرين سجينا قد هربوا وان الباقين يستعدون للهرب فاستطاع ان يقمع حركتهم فورا.

ومن خلال الحديث الذي دار بين اعيان البصرة والميجر لويد تبين ان لويد لا يهمه الا امر العشار، اما منطقة البصرة فلم تكن بها اي أهمية استراتيجية، لاسيما أن فيها كثافة سكانية من المعارضين للتدخل والاحتلال البريطاني، وخوفا من المقاومة فقد غض النظر عن قيام الشيخ صالح باش اعيان بتشكيل لجنة أمن البصرة ـ ويظهر أن فانيس الممثل القنصلي الامريكي هو الذي نصح القائد البريطاني بان تبقى السيطرة على مدينة البصرة بيد الشيخ صالح باش اعيان.

وقد اتصل صالح بوجوه البصرة ليكونوا عونا له في تأليف لجنة تحفظ الامن وتدير الامور، وألح عليهم الحاحًا شديدا فأجابه بعضهم وتنصل اخرون غادروا البصرة فيما بعد وقد تشكلت (لجنة الامن في البصرة) برئاسة الشيخ صالح باش اعيان واصدرت بيانا إلى اهالي البصرة بتاريخ 18 مايس 1941 ذكرت فيه اسباب تاليف اللجنة لكونها منتخبة من المجلس البلدي، ومن قراءة البيان نجد ان واجبات اللجنة تقتصر على حفظ الامن في مدينة البصرة من العبث وتأمين الناس على ارواحهم واعراضهم وأموالهم، وقد قامت اللجنة بتعيين حراس لهذا الغرض، كذلك من مهماتها ادارة المستشفى واعاشة المرضى فيها واعاشة المساجين في السجن وكذلك الاستمرار في القيام بالخدمات الصحية والبلدية. . . وقد ختمت اللجنة المنشور بالتذكير بانهم قرروا البقاء في البصرة حماية لارواح المواطنين وان بامكانهم الانتقال إلى املاكهم في ضواحي البصرة وطلبت اللجنة من الموظفين البقاء معها.

وقد قام عبد السلام باش اعيان بادارة البلدية بعد استقالة عبدالجليل برتو من منصبه كوكيل لرئيس البلدية.

وقد اتصلت اللجنة بالجيش البريطاني واستعادت منه قسما من الأسلحة التي استولت عليها القوات البريطانية من الشرطة ووزعت هذه الأسلحة على الحرس الذين عينتهم اللجنة وأكثرهم من (البلوش) الذين يستخدمهم أغنياء البصرة والشركات الأجنبية في الحراسة، وقد انتخب عبدالقادر الراجح الحمداني ليتولى الاشراف على الامن وحراسة المدينة وتشكلت كذلك في كل محلة جماعة تتناوب الحراسة زيادة في الحيطة والحذر.

واستمرت اللجنة في اداء عملها حتى 5 حزيران 1941 وهي تتألف من: صالح باش اعيان ـ محمد صالح الرديني ـ الحاج مصطفى السلمان ـ عبدالرزاق الأمير ـ محمود المعتوق.

وكان أعضاء اللجنة عرضه للاغتيال في كل حين، وقد ظهرت بعض المناشير المحرضة على قتلهم بحجة انهم يصونون أرواح اليهود ويخدمون البريطانيين.

وبالرغم من ذلك فأن اللجنة قد قامت بواجبها في حفظ الأمن داخل منطقة البصرة، فقد جاء في تقرير الميجر لويد الذي قدمه الى جميل المدفعي في 10 حزيران 1941 انه لم تحدث اي حادثة او جريمة او مخالفة خلال فترة قيام لجنة الامن دلالة على يقظتها وحسن تدبيرها واصبح الأمن في منطقة البصرة أفضل من العشار وغيره، ورجعت عوائل كانت قد نزحت إلى القرى القريبة.

عن بحث (موقف البصرة في اثناء حركة 1941)