الخطوات الاولى في المسيرة الاولمبية العراقية

الخطوات الاولى في المسيرة الاولمبية العراقية

د. مؤيد الحافظ

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م الى ثورة تموز 1958م كانت تشكل الفترة الأكثر عهدا في مشاركة ونشاط في الحياة العراقية السياسية والاجتماعية والثقافية في القرن العشرين. في هذه الفترة تشكلت الاحزاب السياسية الجديدة ووسعت بعض الاحزاب قواعدها وتكاثرت الحركات الادبية والثقافية والفنية وحتى الرياضية كما ذكرنا اعلاه. وعند بدء نشاط الحركة الاولمبية العراقية ومع المناصيرين لها والمسؤولين مما ادى الى التفكير الجدي بالمشاركة بالالعاب الاولمبية القادمة في لندن عام 1948م.

من أجل المشاركة في الدورة الاولمبية يتطلب تقديم طلب رسمي اللجنة الاولمبية الدولية بالاعتراف باللجنة الاولمبية العراقية، وفعلا في نيسان 1947م تكونت لجنة تأسيسية للجنة الاولمبية العراقية ثم وصعت النظام الداخلي لها وقدم الطلب رسميا الى اللجنة الاولمبية الدولية للحصول على الاعتراف بها والمشاركة بالدورة الاولمبية القادمة، وفعلا تمت الموافقة وانضم العراق الى الاسرة الدولية الاولمبية، مما شحع اعضاء اللجنة والعاملون والمسؤؤلين للاشتراك بدورة لندن الاولمبية عام 1948م.وقبل الذهاب الى لندن تشكلت اول لجنة اولمبية عراقية برئاسة (عبيد عبدالله المضايفي) امر الحرس الملكي ونلئبه (قدوري اللأرضوملي) ولامين العام (اكرم فهمي) والعضو (مجيد السامرائي).بعد الحصول على المشاركة في دورة لندن استعرض الفريق العراقي المشارك في الدورة الرابعة عشر الاولمبية في لندن لاول مرة وبحضور ملك برطانيا جورج السادس بوفد اولمبي رياضي عدده احى عشر فردا، بفريق لكرة السلة وعدائين في العاب الساحة والميدان مع الادارين المرافقين، اما التدريب لهؤلاء الرياضيين الذين شاركوا في الدورة الاولمبية في لندن كان يجري بجهود شخصية كل حسب مدى معرفته وخبرته في هذا المجال ولم تشارك اي جهة رسمية لرعاية هؤلاء الرياصيين وذلك لإفتقار البلد من المتخصصين،فعلى الصعيد المحلي كانت هناك العاب رياضية تمارس وتدرب بصورة ذاتية ومن ضمنهم رياضييوا لعبة رفع الاثقال.علما كان إنتشار اللعبة على مستوى العراق وإقبال الشباب عليها نتج عن ذلك إقامة اللقائات الرياضية ثم الى بطولات محلية بعد تشكيل اتحاد العراقي للعبة رفع الاثقال عام 1949م والذي يعتبر من اوائل الاتحادات الرياضية العراقية التي تأسست.

المسيرة الاولمبية والرياضية بعد انتهاء دورة لندن 1948م

ولكن يجب ان نقف باحترام الى الخطوة الجريئة عندما شارك العراق في دورة لندن بهذه كانت الخطوة الاولى في طريق المشاركة في الدوراة الاولمبية القادمة بالوقت الذي لم نكن نملك رياضييون بالمستوى العالمي.وان هؤلاء الرياضيون الذي برزوا وشاركوا في وقتها هم قوام الحركة الرياضية الاولمبية في العراق.

بعد الانتهاء دورة لندن الاولمبية بأشهر تم تأسيس اتحاد كرة القدم العراقي في 8/10/1948م.وبعدها بسنتين (1950م) انضم الاتحاد الى الاتحاد الدولي لكرة القدم(الفيفا).اما اتحاد كرة السلة العراقي واتحاد العاب الساحة والميدان (الميدان والمضمار) فقد تأسسا وانضما الى الاتحاد الدولي عام (1948م)، وهم كذلك كانوا من الاوائل في تأسيس اتحادهم.

في فترة بين الدورة اللاولمبية في لندن عام 1948م والدورة الاولمبية في هلسينكي عام 1952م، كان هناك وضوح في تأسيس بعض الاتحادات الرياضية العراقية وتأسيس ايضا الاندية الرياضية الاخرى منها نادي الهواة في بغداد ونادي قريش في الكاظمية عام 1950م ونادي الشباب الرياضي عام 1951م ونادي الاعظمية الرياضي عام 1951م ونادي السليمانية عام1956م ونادي الميناء في البصرة وغيرها في مناطق اخرى. وبدأت المنافسات الرياضية بصورة رسمية فيما بينها مع إقامة الفعاليات الرياضية والترفيهية في المناسبات والاعياد بصورة منفردة.

في الدورة الاولمبية في هلنسكي 1952م اعتذر العراق عن المشاركة فيها لعدم وصول الكفاءة الرياضية لدى اللاعبيين العراقيين الى المستوى الدولي المشارك في هذه الدورة لانها لاتستند على الاسس العلمية الصحيحة.

اما في عام 1956م في الدورة الاولمبية في ملبورن كان من المفروض ان يشارك العراق في تسعة رياضيين في لعبة رفع الاثقال لوجود رباعيين أرقامهم متقدمة تؤهلهم للمشاركة والفوز، وكذلك على لاعبي العاب الساحة والميدان.ولكن العراق قرر الانسحاب تضامنا مع بقية الدول العربية ضد الاعتداء الثلاثي على مصر عام 1956م.

العهد الجمهوري

طموحات الشعب العراقي تمثلت بثورة 14 تموز عام 1958م في جميع المجالات. في البداية تأسست علاقة متبادلة بين الدولة والمثقفين.فكان الاهتمام اولا بالثراث الوطني وجرى استخدام التراث الشعبي كوسيلة لربط بين الطوائف والاديان والقوميات لارتباطها جميعا بالحضارة العراقية القديمة، والتأكيد على مشتركاتهم الثقافية من عادات اجتماعية وطقوس ورياضة وغيرها بإتجاه صلة الجميع بالعراق.في هذا الجو الجديد انفجرت الانشطة والفعاليات المختلفة ومنها الرياضية، ووضوح مشاركة النساء العراقيات في الفعاليات الوطنية ومنها كذلك الرياضية خصوصا بعد صدور قانون المرأة. اما النوادي فقد تم تأسيس نوادي اخرى في مناطق عديدة من العراق خصوصا بعد صدور قانون الجمعيات الذي تم بموجبه تنظيم شؤون الاندية العراقية. وكذلك فقد الغي القانون السابق للجنة الاولمبية العراقية ووضع نظام جديد لها ثم تشكلت لجنة اولمبية عراقية جديدة برئاسة اكرم فهمي، ومن أحد المواد الرئسية للنظام(على يجري انتخاب اللجنة الاولمبية الجديدة في اليوم الاخير لانتهاء دورة الالعاب الاولمبية سواء عقدت ام لم تعقد، وشارك العراق فيها او لم يشارك). على ضوء ذلك تم تشكيل هيئات جديدة لاتحادات الرياضية،وتأسست بعض الاتحادات الرياضية منها (التنس عام 1959م وكرة الطاولة عام 1959م). اما في مجال العلاقات الرياضية الخارجية،فتوطدت الكثير من هذه العلاقات مع الدول منها الجزائر الاتحاد السوفيتي وجيكوسلوفاكيا والسويد والمجر وهولندا وغيرهم. واما الفرق الرياضية لهذه الدول قامت بزيارة للعراق وكانت هذه اللقاءات الرياضية دورا ايجابيا في العلاقات الاخرى.اضافتا الى قدوم مدربين ومدرسين جامعيين لرياضات متنوعة الى العراق خصوصا الى معهد التربية البدنية والذي افتتح عام 1954م.ومن جهة اخرى بدء في ارسلت بعض البعثات والزملات الى الخارج للدراسة في مجال التربية البدنية والرياضية، ولاحقا في السبعينيات تكاثرت هذه البعثات للدراسات العليا في التربية البدنية.

وفي هذه المناسبة علينا ان نذكر بأن اول شهادة دكتوراة في التربية البدنية حصل عليها سامي الصفار كان عام 1965م من الاتحاد السوفيتي في تخصص التدريب في لعبة كرة القدم.

اما في مجال التثقيف الرياضي ظهر البرنامج المحبوب الرياضة في اسبوع عام 1963م مقدمه المعلق الرياضي المشهور مؤيد البدري والذي استمر في ذاكرة العراقين الى حد الان ومستقبلا.هنا يجب ان نتوقف قليلا ونذكر بأن في عام 1963م وخصوصا عام 1964م قامت عمادة المعهد العالي للتربية البدنية والرياضة برئاسة عميدها نجم الدين السهروردي بدأت بخطوة جريئة وعملية وفعالة بقبول اعداد كبيرة من الطلبة في المعهد مما اعطى زخما كبيرا في دفع وانتشار العملية التربوية والنشاط الرياضي. وفي هذه السنين ادخل الكثير من المواد الدراسية العلمية التخصصية البحتة في المنهج الدراسي خصوصا بعد قدوم أساتذة مختصين حاملوا الشهادات العليا في التربية البدنية.

بعد السرد الظروري لواقع العلمية والعملية التي اعطت الرياضة العراقية بعض الزخم لتقدمها الى الامام نعود الى المسيرة الاولمبية.

فبعد التغير بنظام اللجنة الاولمبية بعد تموز 1958م وعودة مشاركة العراق عام 1960م في دورة روما وحصول العراق على المدالية البرونزية في رفع الاثقال في الوزن الخفيف من قبل الرباع عبد الواحد عبد العزيز، بعدها شارك العراق في الدورة الاولمبية الرياضية في طوكيو (اليابان) عام 1964م وعلى اول ارض من القارة الاسيوية بوفد رياضي في العاب الساحة والميدان ولعبة كرة القدم والملاكمة ورياضة رفع الاثقال، ولم يحصل العراق على اي مدالية كما كان في الدورة الاولمبية السابقة.ومن النشاطات المهمة بعد هذه الدورة هو افتتاح ملعب الشعب الدولي عام 1966م.