فيصل الياسري (مفتاح العالمية)

فيصل الياسري (مفتاح العالمية)

ديار العمري

المرة الاولى التي اسمع فيها اسم استاذنا الكبير " فيصل الياسري" كانت في بداية السبعينيات مع بدء موجة المسلسلات السورية والتي عمل فيها مخرجا مبدعا، تبع ذلك اعمال درامية وفنية كثيرة، والاهم من ذلك هو قمة ابداعة الفني في سلسلة برنامج الأطفال " افتتح ياسمسم"، ملايين من جيل الطيبين يتذكرون هذا العمل المحترف الذي خاطب ذهنية الأطفال ببراعة كبيرة.

كان فيصل الياسري "ابو أكرم " في قمة هرم الإبداع الفني ولَم يكن الرجل قادما من فراغ فهو من عشيرة عربية عريقة ال ياسر في المشخاب وابن أصول، درس واجتهد وعمل وفشل ونجح وتعلم واصاب الهدف، اي بمعنى انه فتش عن تجربة طويلة، بدا الاعلام والفن، من الفه الى ياءه.

كان الياسري قد طوى صفحة كبيرة من عمله خارج العراق ودوّل الخليج والشام والنمسا واوربا وعاد للعراق ليكمل ابداعه في برنامج سياسي اسمه "الملف " وقد اثار في حينها الكثير من الجدل خصوصا وان الياسري كان قدم البرنامج باسلوب جديد بعيد عن التكلف والرسميات المعتادة في برامج التلفاز السياسية آنذاك.

اول لقاء جمعني مع الياسري كان منتصف التسعينيات في بداية تأسيس قناة بغداد الثقافية والتى كانت من المفترض ان تكون قناة فضائية عراقية أولى لكن ظروف الحصار وربما بسبب عدم ادراك الدولة لحقيقة واهمية الأعلام وحجم الإنفاق عليه (وهي مشكلة يواجهها الاعلام العراقي) فبقيت القناة على مستواها القطري ولكنها عملت وفق إمكانات بسيطة واستطاعت ان تكون نقطة في بداية إعلام جيد يعني بالثقافة والكلمات الجميلة والأخبار الشيقة وكانت هناك نشرة اخبار ممتازة فيها ترأسها آنذاك استاذنا "محمد السبعاوي" بمهنية عالية وزمالة جميلة مع باقي أفراد التحرير استطاع ان يقدم رؤية جدية للأخبار، وكان معنا زملاء في بداية طريقهم أصبحوا محترفين كالزميلة "فائزة العزي" التي رافقتني كزميلة واخت لوقت طويل، ورياض السعدي وزياد طارق وَعَبَد السلام الضاري وصفاء الضاحي وآيات عزت طبعا ولا ننسى المحترفة الزميلة الكبيرة المشاكسة ناجحة كاظم الغضب الساطع لكنها معلمة بحق.

المهم كان الجلوس مع الاستاذ الياسري متعة كبيرة، فهو يمتاز بروح المرح والقدرة على الاقناع ناهيك عن الدروس التي تتلقاها منه في العمل الفني والاعلامي وكان الياسري وبحكم علاقاته الخارجية مفتاح نحو الشهرة والتطلع الى العالمية، كان هو الحكم والمقياس، وبسبب محدودية القنوات الإعلامية وضيق المساحة الممنوحة للصحفيين العراقين فكان الياسري هو جسر العبور الذي لايتم الا من خلال القدرة المهنية الحقيقية وللامانة كان فيصل الياسري قد ساهم في دعم اجيال من الصحفيين ومنحهم الفرص للانطلاق الى المحيط العربي العالمي وكنت من الذين نلت هذا الشرف.

الياسري وبحكم عمله في الخارج لفترة طويلة وبلكنته غير العراقية كان ظاهرة في الاعلام العراقي والعربي طبعا، كان يتعامل مع العراقين با اُسلوب اوربي وهذا ربما اصاب البعض بشي من الاحباط، لكنه كان محقا في شرح موقفه، كان العطاء بالنسبة له يقف على قدرتك في الإنجاز، فمن دون عمل لاتخاذ شي.

وبحكم خبرته الطويلة فكانت له القدرة على امتصاص الصدمات وارباك الحاضرين وتغير موقفهم، في أوقات الشدة كنّا نلجأ اليه لحلحلة الأمور المتأزمة مع وزارة الاعلام. كان مديرا ناجحا، شخصية جذابة، تختلف معه للحظات طويلة ولكن لا تكره !! لماذا؟؟ لا اعلم.

عملنا معا في الجزيرة وكان صِمَام أمان لمكتبنا الذي اشرف عليه رغم تعدد أسفاره وكان عملا إبداعيا محترفا.

كانت مشاكلنا مع الجهات الحكومية لا تنتهي وكانت الأمور تصل الى حد كسر العظم، ولكن عندما يكون الياسري موجودا اعلم ان الأزمة قد حلت.

عن صفحته في الفيسبوك