من تاريخ بغداد الاجتماعي..جمعية بيوت الأمة.. صفحة إجتماعية منسية

من تاريخ بغداد الاجتماعي..جمعية بيوت الأمة.. صفحة إجتماعية منسية

قاسم حلو كوثر الغرابي

كانت أكثر الجمعيات الخيرية والانسانية في بادئ الأمر رجالية وليس للعنصر النسائي من دور، لكنها على الرغم من ذلك تمكنت من القيام بأعمال ثقافية واجتماعية وخيرية مهمة في حقل الخدمة الوطنية العامة فهي رائدة المؤسسات والجمعيات كافة ومن تلك الجمعيات حماية الاطفال والهلال الأحمر وجمعية الطيران ولكن ما يؤسف له أن هذه الجمعيات الرجالية أخذت في السنوات الأخيرة

وخاصة سني الحرب العالمية الثانية تحد من نشاطها وفعاليتها وأخذ الفتور والخمول يسيطر على القائمين بإدارتها وقد أثر ذلك على أعمالها حتى أصبحت هذه الجمعيات وكأنها غير موجودة سوى في الاسم ولقد حل محلها الجمعيات النسائية التي لم يمضي على تأسيسها بضع سنوات مع العلم أن القسم الأكبر من هذه الجمعيات هي في الواقع فروع لتلك الجمعيات الرجالية ما عدا إثنين أو ثلاثة هي جمعية بيوت الأمة جمعية العلل الاجتماعية وجمعية الاتحاد النسائي وقد برهنت المنظمات النسائية التي قامت على أكتاف المرأة العراقية المثقفة وحيويتها وصحتها ونشاطها وقابليتها الممتازة في مختلف الميادين الخدمة الوطنية ونالت الإعجاب من الرجال قبل غيرهم.

ولعل إنشاء المستوصفات والمبرات ودور الأيتام ومدارس الأطفال ودور الأمة والتمريض والخياطة وتوزيع الألبسة والهداية للمحتاجين في مختلف المناسبات الوطنية والأعياد ما يدل على نشاط ونجاح المرأة العراقية في مضامير الخدمة العامة للمجتمع وربما يعود جزء كبير من هذا النجاح الى الدور الريادي للملكة عالية التي ساهمت مساهمة فاعلة في دفع النشاط النسوي الى الأمام من خلال الإشراف والمتابعة والعمل في الجمعيات النسائية. ومن هذه الجمعيات جمعية بيوت الأمة الخيرية.

تأسست جمعية بيوت الأمة من أجل مكافحة الأمراض التي تفشت في البلاد عام 1935 وذلك من خلال أنشاء المستوصفات الطبية لمعالجة الأمراض و فتح مدارس تربوية لتعليم الأميين من الذكور والإناث وقد أضطلع الفرع النسائي بأعمال مثمرة, وكانت الغاية منها تهذيب أبناء القرى والعشائر تهذيباً أجتماعياً وصحياً واخلاقياً في بيوت الأمة بواسطة الوسائل العلمية, وقد حظيت الجمعية بدعم الملك غازي الذي تبرع بقطعة أرض وإتسع نشاط الجمعية واصبح لها فروعاً في مدن العراق المختلفة وقد تألفت الهيئة الإدارية للجمعية من:

مولود مخلص رئيساً

وحنا خياط عضوا

ورؤف الكبيسي عضوا

وجميل دلالي عضوا

ويحيى قاف الشيخ عبد الواحد, عضوا

وسعيد كمال الدين عبد الجبار الجلبي عضوا

وعلي الشرقي عضوا

وفاضل الجمالي عضوا.

تأسس أول فرع نسوي لجمعية بيوت الأمة في بغداد عام 1938من المثقفات اللواتي ممن تحسن حاجة المجتمع الى جهودهن،وقد نالت هذه الجمعية عطف وتشجيع الملكة عالية التي كانت الرئيس الفخري لهذه الجمعية وكانت تشرف عليها بنفسها وما من مشروع كان يقام إلا كانت تتصفحه وتبدي ملاحظتها عليه، وقد توسعت فكرة التعليم.

فاتسع كيان الجمعية وعظمة مسئولياته فتقدم لهذه المدارس عدد كبير من الأمهات غير المثقفات لتعلم مبادئ القراءة والكتابة ووضعت لهن الارشاداد الصحية ودروس مبسطة في التربية وأصابت أعمال الفرع نجاحاً واسعاً في حقل التعليم.وقد نالت هذه الجمعية أهتمام الملكة عالية من خلال تفقدها المستمر وإقامه الحفلات التي كان يصب ريعها لجمعية بيوت الامة فقد أقام الفرع النسائي لهذه الجمعية حفلة بتاريخ 15 كانون الاول 1944 بحضور الملكة عالية التي أشادة بالجهود الكبيرة التي تقدمه الجمعية,كما استطاعت هذه الجمعية من فتح مستوصف للرمد في بغداد بعد أن جهز له ما يحتاج له من أطباء ومضمدين وباشر بعلاج المرضى من الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر حتى الساعة الثامنة من مساء كل يوم ان ذلك لا يستمر لولا اسناد الجمعية من قبل الملكة عالية التي استمرت بتبرعاتها ففي يوم 10 ايار1945 تبرعت لهذه الجمعية بمبلغ قدره 20 دينار دعما لهذه الجمعية.

كانت هذه الجمعية يكمن نجاحها لأن الملكة عالية أبعدتها عن الجدل والدين والسياسية وأخذت على عاتقها خدمة أبناء البلد,لاسيما وأن لها الحق في فتح فروع في كافة أنحاء العراق كما كان للجمعية نظام داخلي تسير بموجبه وقدمت صورة منه الى وزارة الداخلية.

كان لهذه الجمعية لجان عامة تتنخبها الهيئة الإدارية وتستند اليها للقيام بالإعمال.

انشأت هذه الجمعية مستوصف في محلة الشيخ عمر لمعالجة الأطفال الفقراء، كما شيدت ميتم للبنات الفقيرات ويعتبر هذا أول ميتم يشيد من قبل جمعية نسائية بدعم من الملكة عالية، إذ ساهمت بقسط كبير في تشيده والذي يعرف بميتم الملكة عالية. وإشتمل هذا الميتم على قاعة كبيرة للاجتماعات وغرف عديدة للتدريس وقاعة أخرى للخياطة والتطريز وخصص جناحاً للسكن ومستوصفاً صغيراً تتوفر فيه جميع اسباب الراحة، وتمكن الفرع من جمع المال اللازم للبناء من موارد الحفلات الخيرية التي أقيمت لهذا الغرض، ومن التبرعات التي جمعت في مناسبات عديدة وضم هذا الميتم في أول الأمر عدداً محدوداً من المواطنات اللواتي حرمن من عطف الوالدين لانتشالهن من براثن الجهل والمرض والجوع وتقوم الجمعية بتوجيههن وتثقيفهن لتخلق منهن مواطنات يفخر بهن الوطن على أيدي هيئة تدريسه مزودة بالعلم والثقافة.

عن رسالة (الملكة عالية سيرتها ونشاطها الاجتماعي في العراق1911-1950).