كتب الى الشاشه.. رواية بداية ونهاية لنجيب محفوظ

Saturday 12th of April 2014 08:18:57 PM ,

ملحق اوراق ,

تدور احداث الرواية الماساوية خلال الحرب العالمية الثانية , وتعالج القضايا الاجتماعية التي عاصرت الأزمة الاقتصادية العالمية , حيث كان المجتمع المصري فيها حافلا بقضايا الطبقات وخاصة الطبقتين الشعبية والمتوسطة , ومحاولات كل منهما في الصعود الى الطبقة الأرقى.


تبدأ الرواية بموت العائل تاركا معاشا لا يكفي الاسرة, وتبدأ جوانب المأساة الاجتماعية والنفسية. ويقدم الكاتب شخصيات المأساة الواحدة تلو الاخرى , فبدت أمامنا الاسرة كلها بما فيها: الام والبنت نفيسة والاخوة الثلاثة حسن وحسين وحسنين. كان شعور الجميع بالكارثة فادحا. الاب كان المورد الوحيد لرزقهم فكيف يعيشون بعد اليوم؟ هذه هي الاسرة تتحكم في مقدراتها عوامل الفقر والوراثة والطموح. وتتصدى الام لقيادة الاسرة بصبر وعزم فقد باتت مسؤولة عن عائلة بلا معين.
هكذا كانت البداية البائسة وتوالت الاحداث. كانت حياة الأسرة حياة كفاح وجلد ويأس وانحراف وندم وخطيئة وطموح وقناعة واجرام وطيبة. كان خط الصراع مع الفقر هو الخط الاساسي , وكانت البدايات كلها. سببا واساسا للنهاية. فحسين يرفض فكرة مساهمة نفيسة في نفقات المنزل بأن تعمل كخياطة , ولكن الحاجة أخرسته , والفقر هو الذي زاد من تعاسة نفيسة فهي لا تجني من عملها الا مبالغ زهيدة ولذلك اهتمت بنفسها لكي تلفت انتباه محمد الفل فهي ليست جميلة فانحرفت الى طريق الغواية ورضيت الهوان في سبيل النقود. وهذا حسن يضحي بفرصة التعليم العالي ويعمل ليتم حسنين تعليمه , وحسنين يتخلى عن بهية هروبا من الفقر ويتطلع الى مجتمع افضل , لكنه لم يستطع الهروب من قدره لذلك رفضته اسرة الباشا زوجا لابنتها.
وتنتهي القصة وتصل المأساة الى قمتها بمطاردة الشرطة لحسين بتهمة المخدرات , وتنزل الضربة القاضية على حسنين في النهاية عندما يكتشف وهو الضابط المحترم ان اخته نفيسة تمتهن البغاء سرا حتى قبض عليها في احد بيوت الدعارة. فيسارع حسنين لإطلاق سراحها ويقودها الى النيل لتنتحر غرقا ثم يندم على فعلته ويقنط وينتحر هو الاخر ممثلا الطبقة الوسطى التي يتغير أفرادها في محاولة الصعود.
السينما العربية كانت سباقة في معالجة موضوع هذه الرواية وتقديمها للشاشة.
وكان اول فيلم من إنتاج عام 1960، ومن إخراح صلاح أبو سيف وبطولة فريد شوقي وعمر الشريف وأمينة رزق وسناء جميل. الفيلم مأخوذ من رواية لنجيب محفوظ بنفس الإسم وتعتبر أول روايات نجيب محفوظ التي يتم تحويلها لفيلم سينمائي، تم ترشيح الفيلم لنيل جائزة مهرجان موسكو السينمائي الدولي عام 1961، كما احتلت الممثلة سناء جميل المركز الثالث في جائزة أفضل ممثلة بين ممثلات العالم وكانت هذه هي أول مرة تحتل فيها ممثلة عربية إحدى المراتب الأولى في المهرجانات الدولية، كما تم تصنيف الفيلم في المركز السابع ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية في استفتاء النقاد.
وموضوغ الفيلم لم يبتعد كثيرا عن نص الرواية وتبدأ من موت رب العائلة، فتعاني أسرته من شظف العيش بضالة المعاش وينتهى حسن الابن الأكبر إلى الحياة في حي الرذيلة تاجر للمخدرات والنساء، أما حسين الأوسط فيقبل العمل بشهادته المتوسطة، حتى يتيح الفرصة لأخيه حسنين ليكمل دراسته ويلتحق بالكلية الحربية. أما الابنة نفيسه فاقدة الجمال فيطردها سليمان البقال من حياته بعد أن زلت معه ثم تستمر فى السير فى طريق الرذيلة دون أن يعرف أحد وتساعد أخاها حسنين وأمها بالمبالغ القليلة التى تحصل عليها. يتخرج حسنين ضابطا. فيتنكر لأسرته وخطيبته ووسطه الاجتماعى ويتطلع إلى الارتباط بالطبقة الثرية، عن طريق الزواج منها. يعود حسن جريحاً مطارداً من البوليس إلى اسرته، ويستدعى حسنين في نفس الوقت إلى قسم البوليس ليجد أخته متهمة بالدعارة. يدفع حسنين أخته للانتحار غرقا تخلصا من الفضيحة، ويتذكر حياته ويجد عالمه ينهار فيلقي بنفسه في النيل وراءها.
السينما المكسيكية تناولت روايتين من نجيب محفوظ هما هذه الرواية –بداية ونهاية- وزقاق المدق.. (بداية ونهاية) الذي أخرجه أرتورو ريبستين عام 1993. وقال العريس في دراسة ضمن كتاب (نجيب محفوظ سينمائيا) ان ريبستين رأى المكسيك من خلال رواية محفوظ التي لم يجد صعوبة في تحويلها الى فيلم. وأضاف أن محفوظ شاهد الفيلم ولمح"من دون أن يقول صراحة (الى) أنه للاسف وجد أن هذا الفنان المكسيكي أي ريبستين قد فهم أدبه سينمائيا أفضل مما فعل أي سينمائي عربي. تهذيب محفوظ الفائق منعه من قول هذا".
والمخرج الكبير"ارتورو ريبستين"، تلميذ"لويس بانويل"ومساعده فى إخراج فيلمه (الملاك المبيد) عام 1962، وحصل بـ(بداية ونهاية) على "الصدفة الذهبية" فى المهرجان كأفضل فيلم، وغزا به غالبية مهرجانات العالم الكبرى، من كان إلى برلين وميونيخ وتورونتو ولندن حتى نانت وكوبا والمكسيك وقرطاجنة الكولومبى، خلال عامى 1993 و 1994، وتنوعت الجوائز الحاصل عليها ما بين أفضل فيلم وأفضل مخرج، إلى جانب أفضل ممثلة وأفضل ممثل وأفضل تأليف موسيقى وأفضل ديكور، فضلا عن جوائز نقاد السينما وعلى رأسهم جائزة الاتحاد الدولى للصحفيين السينمائيين (الفيبريسى) فى مهرجان هافانا السينمائى بكوبا عام 1994.