فيزياء الجسد.. نظرية تمتلك مقومات المنهج المسرحي

Saturday 19th of December 2015 06:03:54 PM ,

ملحق اوراق ,

بغداد/ أوراق
يعد مسرح مييرهولد ثورة ابداعية خلقت المقدمات اللازمة لظهور أساليب وتقنيات جديدة للتمثيل، اخذت مساحة واسعة من اهتمام الغرب خلال عشرينات القرن الماضي. دراسة مفصلة تضمنها كتاب الباحث فاضل الجاف (فيزياء الجسد ـ مييرهولد ومسرح الحركة والايقاع) والصادر عن دار (المدى) للثقافة والنشر.


ولا يزال مسرح مييرهولد مؤثراً في المسرح العالمي معتمداُ نظرية فيزياء الجسد وإمكانياته الإبداعية الهائلة التي ترتكز أهميتها على تأثير البوميكانيكا لعمل الممثل، لقد بني مييرهولد منهجه وعلم ممثليه عدم حاجتهم إلى الانتقالات في البداية فيجب أن تؤثر الحركة الصحيحة أولا عندها يأتي الانتقال والإحساس الدقيق، وهكذا فان مييرهولد يعتبر إن أي شيء فوق الخشبة هو حركة ولكنها ليست الحركة التجريدية كما يفعل بعض المخرجين، مييرهولد يعتبر الانتقالات والكلمات ما هي الا جوهر البيوميكانيك. وناضل من اجل تأثير (المثالاثية) وأعطي عمقا داخل الخشبة وأعاد قياسات خشبة مسرح شكسبير والعلاقة مع المسرح القديم، واكسى ممثليه زيا غير وصفي فكل التمارين والأزياء لديه تتحرك مع حركة رمزية دقيقة يستعمل فيها أنواع من المستويات ليقدم حالات مختلفة من الفكر للمجتمع. فهو يريد أن يهيئ الممثل عبر تمارين خاصة ليتمكن من السيطرة على لعبة الانتقالات الميكانيكية بين الداخل والخارج بحيث يترجم الممثل انفعالاته وأحاسيسه الى حركات ورموز جسدية كلغة مخطابة من نوع آخر مع المتلقي شرط أن يدرك الممثل بأنه ممثل على خشبة مسرح وجمهور معاً في نفس المكان، وهنا يعمل مييرهولد على ان يكون الممثل واعياً بما يعمله في كل لحظة حتى يسيطر على نفسه وجسده وحركاته البيوميكانيك هو عرض اجتماعي من أهم مبادئه تنظيم التطبيق الجسدي للممثل والدقة والضبط والأعصاب الفولاذية والشجاعة والاجتهاد والجرأة فهو يعتمد علي التمارين القاسية والتمارين الضرورية لإظهار الأفكار المنظمة للجسد والبنائية الميكانيكية، كل هذه الأشياء البنائية والببيوماتيكية أول من طبقها في المسرح هو مييرهولد معتمداً تحرير الممثل من البعد الثالث للخشبة والجدار الرابع.. وقد اسهم منهج مييرهولد في استعمال أشكال مسرحية أدائية مختلفة مثل البانتومايم ومهارة الحركة ودمج القدرة البدنية بالقدرة الذهنية للممثل واستعمال قواعد الفن التشكيلي في العرض المسرحي والسنوغرافيا. كما علم مييرهولد ممثله منهجه بعدم الاتجاه إلى الانفعالات، وعمل ورشات تمارين الببيوماكنيك المنهج الجديد للتمثيل والرؤيا الإخراجية المختلفة عن المدرستين الطبيعية السيكولوجية. ومازال هذا المنهج يستعمل حتى الآن، لقد اعتمد مييرهولد على الغروستك وإحيائه من التراث القديم وانتماء الممثل الفرونسك لدى مييرهولد هو الكشف عن ازدواجيته الظاهرة وبشاعتها وسخفها فهو يمزج بين الواعي والخيالي ويربط بين الساخر والمأسوي. ويكشف النواقص الاخرى بدقة مما أدي إلى تعميق المعنى الحقيقي لها وارتباطها بالواقع. وبين الباحث ان كلمة غروستك تعني التباين والتناقض والصراع بين الشكل والمضمون، وكان مييرهولد مؤمنا بالمسرح كفن بحد ذاته وان الهدف هو إيجاد مسرح جديد والانتقال من الطبيعية لمؤسسها ستانسلافسكي إلى الرمزية مثل المسرحيات التي أخرجها. موضحاً ان فن مييرهولد يكمن في مزج التقاليد التأريخية بالوظيفة المعاصرة للمسرح.. وان الأهمية التطبيقية لموضوع البحث تتجلى بتناولها من قبل باحث ضليع في التربية والتعليم المسرحيين الى جانب كونه مخرجاً مسرحياً.. يعرض الباحث العملية التاريخية التي ادت الى بروز مييرهولد وابداعه كظاهرة في الثقافة المسرحية العالمية للقرن العشرين بالمقاربة بين دراساته الانجليزية ونظيراتها الروسية، إذ يكتشف وجود تماثل بين المسلمات العلمية.. واحياناً تتطلع تلك الدراسات الى منجزات زملائهم الروس، وفي احيان أخرى تتقدم عليهم في سياق طرح قضايا جديدة.. وان البحوث التي صدرت في العشرينيات والثلاثينيات والتي يجري الحديث عنها خضعت برأي الباحث لتأثير زخم أيديولوجي.. مييرهولد يركز في عمله على فيزياء جسد الممثل ونقطة التوجيه عنده تختلف وفق معادلة من الخارج للداخل أي يستعمل الممثل جسده وطاقاته الإبداعية لتجسيد الشخصية، ولهذا يضيف تطبيقات الجمناستك والسيرك واستفاد من نماذج المسارح الشرقية كمسرح نو الياباني وكابوكي الصيني ونماذج أخرى من المسارح التي تعتمد لحد ما على الحركة والرموز الجسدية.. واهتم بتكوين الممثل وتدريبه وبناء شخصيته وإعداده إعدادا جيداً. ومال إلى الجانب الشكلي في المسرح مستغنياً عن الماكياج والأقنعة وكل المظاهر الخارجية وعوضها بحركة الجسد التي ينبغي تطويعها لتحقيق الواقعية الدرامية.. وهكذا فان هذه التجربة أثبتت أن الممثل هو المحرك الأساسي حيث يمكنه إنقاذ نصا ضعيفا من الفشل، ويمكن للممثل الضعيف ان يفشل نصاً مسرحيا في غاية الجودة والإتقان، لذا يجب ان يدرب الممثل ويتم إعداده إعدادا حسنا ليؤدي دوره المناط به. وكذلك للممثل إمكانية أن يساعد المخرج على الابتكار وإيجاد الحركات المناسبة.