من ملامح نشاط عبد الرزاق الهلالي الصحفي والثقافي

Wednesday 5th of October 2016 06:57:33 PM ,

عراقيون ,

سجى خضير عباس
يعد عبد الرزاق الهلالي أحد الرواد الذين أسهموا في الكتابة الصحفية، وكان منذ نشأته ميالا إلى مطالعة الكتب الاجتماعية والأدبية والتاريخية، وبعد انقلاب بكر صدقي في 29 تشرين الأ ول 1936، ازدادت رغبته في مطالعة الصحف والمجلات، ومن خلال ذلك كانت تطرق مخيلته خواطر التأليف والكتابة في الصحف، ولم تقتصر تلك المقالات على جريدة معينة،

بل توزعت على الصحف العراقية والعربية، وتنوعت في مواضيع شتى منها التاريخية والسياسية والاجتماعية والأدبية، فضلا عما نشر له من كتابات عديدة في المجلات المختلفة، وكان لتلك الكتابات أثر كبير في ازدياد شهرته بين المثقفين العراقيين والعرب.

يعد الهلالي من الشخصيات المعروفة في المجتمع العراقي، سواء في مسقط راسه وسكناه مدينة البصرة، أو في محل عمله ومسكنه فيما بعد مدينة بغداد، فضلا عن مؤلفاته وكتاباته في الصحف والمجلات، إذ كان له قراء للمعلومات التي أودعها في مقالته ومؤلفاته بصورة عامة، حتى طغت شهرته بين الكثيرين ممن أعجبوا بأسلوبه في التأليف، وطريقة تعامله مع الأحداث، بحيث وظف ذكره مقترنا بأبرز الكتاب والمؤرخين والأدباء والصحفيين العراقيين.
عمل عبد الرزاق الهلالي في بدايات نشاطه الثقافي عام 1943 مع مجلتي (الأخباروالأحداث)، وذلك بنشر سلسلة من المقالات تحت عنوان (صور وأحاديث اجتماعية) التي كان يراسها صادق الأزدي، وعندما اصدر الأزدي عام 1947 مجلته الثانية (قرندل) الفكاهية والهزلية كان الهلالي أحد المشاركين في كتابة المقالات والتعليقات، وعند عمله في البلاط الملكي ازداد نشاطه في المجلة، وذلك للكشف عن الخفايا التي تحدث في البلاط،
وحرر مقالات باب (خفايا القصور وأسرار القبولات)، لكن الهلالي لم يكن يضع اسمه على
المقال إنما يوقع تحت اسم)ليلى(، وذلك لأسباب لم يفصح عنها في مذكراته.
نشر عبد الرزاق الهلالي في الثامن من شباط 1944 سلسلة من المقالات بعنوان)هكذا نريد من العراق(، وتحت عنوان)حديث الجامعات (تناول في مقالته الدراسة في مؤسسات التعليم العالي، وضرورة الاهتمام بالطلبة، لما تمثله الفئة الأخيرة من أهمية في تطور المجتمع وتقدمه، كما أوضح أن حياة الطلبة في الجامعات تختلف عن حياتهم في المدارس الثانوية والابتدائية.
ونشر في الثالث عشر من آب 1947، مقالة تحت عنوان (من المسؤول عن جدب حقلنا الأدبي)، إذ تطرق فيها إلى المشكلة التي تقف أمام تطور الحركة الأدبية، وبين سبب تلك المشكلة، وهي التشجيع المادي، ومعاملة الأدباء معاملة التاجر، وأشار إلى ضرورة السعي لوضع أسس صحيحة تقوم عليها الحركة الأدبية، وتلك الأسس هي الدعم المعنوي، والاهتمام بالأديب وبما يكتبه، والاستماع إلى رايه والأخذ به عند الضرورة.وصف عبد الرزاق الهلالي الجدب والفقر الأدبي، كالزرع الذي ينمو ولم يثمر ما لم يغرز الفلاح بذوره، وما لم تكن التربة صالحة للإنبات، كذلك الحقل الثقافي يحتاج إلى من يهتم به، أو ان يترك مهملا مهما كانت الظروف.
ونشرت في الثاني من تموز 1950 مقالة له بعنوان:)أيهما أنفع للبلاد أوقات الدراسة أم أوقات الفراغ (، إذ قال في بداية مقالته ((أن أوقات الفراغ أنفع للبلاد من أوقات الدراسة، وأنها إ ذا ما وضعت هي وأوقات الدراسة في كفتي ميزان فان كفتاها أي أوقات الفراغ، في نظر التربية الحديثة ستكون هي الكفة الراجحة، إذا ما استغلت استغلال تربوي صالح وفق ما تدعو اليه التربية الوطنية))، كما أشار الى أن أوقات الدراسة في المدرسة هي ست ساعات، في حين أوقات الفراغ هي اثنتا عشرة ساعة.
لذلك أكد عبد الرزاق الهلالي إلى ضرورة استغلال أوقات فراغ الطالب، من خلال توفير
نوادٍ رياضية، أو القيام بسفرات مدرسية، أو المطالعة، أو إطالة اليوم المدرسي، أسوة
بالدول المتحضرة التي طبقتها ذلك في مدارسها، وكانت لها أثر فعال في نفوس طلابها.
وقد تمنى عبد الرزاق الهلالي في ختام مقالته ضرورة التفات المسؤولين في ميدان التربية،
إلى استغلال المراكز التي يرتاد الشباب من الطلاب، ومحاولة الاستفادة منها، لتوظيفها،
ومن ثم خلق جيل مثقف صالح لخدمة البلاد.

ونشر عبد الرزاق الهلالي في الخامس والعشرين من شباط 1964 مقالة، تحت عنوان:
)قصة الأرض قبيل الثورات العربية الحديثة وبعدها(، تناول فيها وضع الأراضي في البلدان
الثلاثة المارة الذكر) العراق وسوريا ومصر )، إذ تطرق في بداية المقالة الى وضع الاراضي
في مصر بعد انقلاب 23 تموز 1952، والتي كانت أول أهدافها في مجال الإصلاح
الزراعي، وذلك من خلال وضع قانون الأ راضي عام 1953، وأصبح بموجب القانون عدم
الجواز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي أكثر من 200 فدان، وتم تعديل القانون عام
1958 ليصبح 100 فدان، ولقى ذلك القانون صدى واسعا في مصر نتيجة ما حققه من
نتائج مرضية، لأنه شمل توزيع مساحة من الأرض على أعداد من الفلاحين المصريين.
أما في العراق وسوريا، فقد أكد عبد الرزاق الهلالي أن الإصلاح الزراعي كان في مقدمة
الأهداف التي دعت اليها قيادة ثورة 14 تموز 1958 في العراق، وقيادة وحدة سوريا مع
مصر عام 1958، على الرغم من العقبات التي وقفت في وجه المسؤولين عند تطبيق
القانون، والتي لخصها عبد الرزاق الهلالي بضيق الاراضي الزراعية، وتدهور الوضع
السياسي بين الحين والأخر. ختم الهلالي مقالته بالطلب من المسؤولين في قطاع الزراعة
العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، والوصول إلى الأهداف التي شرعت من أجلها قوانين
الإصلاح، وهي تحقيق مستوى اقتصادي جيد للشعب، وزيادة المنتجات الزراعية، والاهتمام بالاراضيالزراعية، وذلك لاعتماد غالبية السكان على المنتجات الزراعية، وبالتالي إنقاذ الفلاح من الظلم الذي تعرض اليه سابق، ومن ثم حمايته من المتنفذين من أهل المدن والإقطاعيين.

وله مقالة بعنوان) البند في الأدب العراقي )، نشرها في الأول من آيار 1964،وقد تطرق فيها إلى معنى) البند)، ومتى ظهر وهل هو من اختراع العراقيين، ثم بين علاقته بالشعر الفارسي، وأعطى بعض الأمثلة عليه من خلال استعمال الشعراء له، فضلا عن الأغراض الشعرية التي طرقها البند، منها المدح والهجاء والرثاء والغزل، وختم عبد الرزاق الهلالي مقالته مفتخرا، بأن البند شاع في الأدب العربي عامة والأدب العراقي خاصة وانطلق منه، وانه لون من ألوان الأدب العربي وضرب من ضروبه، وأخيرا تمنى عبد الرزاق الهلالي المزيد من الدراسات حول البند ومعرفة الأدباء به.

ونشر في الثلاثين من تشرين الأ ول 1968 مقالة أخرى، بعنوان)قصة القصيدة التي
نظمها الوالي مدحت باشا)، تطرق في بدايتها إلى المراحل الأولى من حياة مدحت باشا
لاولى الإصلاحات التي قام بها في الولايات العثمانية التي أصبح واليا فيها، فضلا عن
ذلك أشار عبد الرزاق الهلالي الى أن الوالي مدحت باشا كان شاعرا أيضا، بعد أن
اطلع على كتاب)العقد المفصل )للمؤلف حيدر الحلي، والمطبوع عام 1912، وقد أشار
الحلي في كتابه المتقدم الى أن مدحت باشا كانت له الرغبة في كتابة الشعر، ومن الأبيات
التي كتبها في هذا المجال هي:
فلا والقنا والمرهفات البواتر
ولا تره أبقيت لي عند واتر
أيذهب خصم في دم لي مضيع
ولست أذيق الخصم طعم البواتر
على أن غلب المؤرخين لم يذكروا أن الوالي مدحت باشا كان ممن ينظم الشعر، أو انه
كان قد تمثل بتلك الأبيات في غمرة استحسانالشعراء ومجاملاتهم. وقد تمنى عبد الرزاق
الهلالي في ختام مقالته أن يتأكد جميع الباحثين في تاريخ العراق في العهد العثماني، من
إ ثبات صحة كون الوالي مدحت باشا شاعرا ام لا، ومن ثم اطلاع القراء على حقيقة نسبة
الشعر الي الأخير أو نظمه بين الحين والآخر.

ونشر عبد الرزاق الهلالي في الرابع من كانون الثاني عام 1974 مقالة، بعنوان)
السيد محمد حبيب العبيدي أثاره الفكرية والأدبية)، استعرض فيها مسيرة حياته وأبرز أثاره
الفكرية والأدبية التي خلفها عقب وفاته، كما تحدث عن أبرز مؤلفات العبيدي، التي منها
كتاب)حبل الاعتصام ووجوب الخلافة في دين الإسلام)، إذ أصدره الأخير عام 1916،
ورأى فيه ضرورة تمسك المسلمين بالحكم العثماني، أبان احتدام المعارك بين دول الحلفاء
والدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
ونشر عبد الرزاق الهلالي في الخامس من كانون الأول عام 1974 مقالة، بعنوان)الاتجاهات الوطنية في الشعر العراقي الحديث)، بين فيها إعجابه بكتاب الدكتور رؤوف الواعظ)الاتجاهات الوطنية في الشعر العراقي الحديث)، اثنى على جهوده في
اخراج ذلك الكتاب، وفي الوقت نفسه علق على بعض الأحداث التي استوقفته وهو يقرأ
الكتاب، أهمها ما يخص بعض الشعراء أمثال محمد رضا الشبيبي، ومحمد سعيد الحبوبي، ومحمد مهدي الجواهري، وجميل صدقي الزهاوي، ومعروف عبد الغني الرصافي، وآخرين.

وكان للمرأة اهتمام في كتابات عبد الرزاق الهلالي، فقد نشر في الثاني من تشرين
الأول عام 1975 مقالة بمناسبة عيد المرأة العالمي بعنوان)الشعراء أول من دافع عن المراة في العراق) دافع فيها عن المراة ودورها في تربية جيل المستقبل، فضلا عما تعانيه في
معظم البلدان من ظلم وغبن لحقوقها، بحكم العادات والتقاليد الموجودة سابق والتي لازلت
موجودة في عقول بعض المجتمعات.
تطرق في مقالته تلك إلى أبرز الشعراء الذين كان لهم دور في الدفاع عن المرأة، ومنهم الشاعر جميل صدقي الزهاوي، الذي دعا إلى تحرر المرأة وتعلمها، والشاعر محمد
باقر الشبيبي، الذي دعا إلى تعليم المراة وتثقيفها، لتكون على قدر من المسؤولية في بناء
المجتمع، والشاعر محمد مهدي الجواهري، الذي وقف معارضا ضد بعض المنادين بغلق
مدارس البنات في النجف الشرف. ودعا عبد الرزاق الهلالي خلال مقالته إلى نصرة
المرأة والدفاع عن حقوقها المسلوبة، كحقها في التعليم والثقافة، لأنها تشكل نصف المجتمع
وانها هي المدرسة الأولى في الحياة.

ونشر عبد الرزاق الهلالي مقالة في الذكرى المئوية لوفاة الأديب محمد كرد علي، في
الثاني من حزيران عام 1976، تحت عنوان)محمد كرد علي وعلاقته بالعلماء والكتاب
العراقيين)،أشاد فيها بالأديب محمد كرد علي ودوره الفكري والثقافي في خدمة الأدب العربي،
فضلا عن استعرض علاقته مع بعض الأدباء العراقيين أمثال الأب انستاس ماري الكرملي وجميل صدقي الزهاوي، ومحمد رضا الشبيبي، ومعروف الرصافي، التي اتصفت بالمتانة، لما جمع بينه وبينهم من رسائل متبادلة كانت أغلبها تخص الأدب والشعر.ونشرت له مقالة في الثالث من آذار عام 1976، بعنوان)شعراء العراق وأحداث المغرب الأقصى) والتي استهلها بقوله))العراقيون، كما هو معلوم في طليعة أبناء الأمة العربية استجابة للواجب القومي واستنفارا للهمم والمشاعر في سبيل خير العرب وخلاصهم))، أشار عبد الرزاق الهلالي في مقالته إلى دور الأدباء والشعراء العراقيين في الأحداث التي جرت في المغرب الأقصى عند قيام الثورة التحررية للتخلص من الاستعمار الاسباني في منطقة الريف وذلك في أوائل العشرينات من القرن العشرين من خلال قصائدهم التي تغنت في وحدة البلدان العربية، وفي النصر الذي حققه الثوار هناك بقيادة عبد الكريم الخطابي، والفرحة التي عمت الشعب العربي آنذاك، أوشاد الهلالي بالدور الذي اداه الأدباء العرب جميعا في وقفتهم مع أهل المغرب الأقصى، والذي يدل على وحدة البلدان العربية بكل أطيافه ضد الاحتلال الأجنبي الذي حاول تدمير تلك البلدان العربية.
وكتب عبد الر ا زق الهلالي مقالة في السادس من أيلول 1977، تحت عنوان:)شاعر من
العراق، أبو الشعراء الشيخ محمد جواد الشبيبي )، تطرق في مقالته إلى التعريف بآل
الشبيبي وبحياة الشاعر محمد جواد الشبيبي وأبرز قصائده وانتاجه الأدبي، فضلا عن دوره
في تاريخ العراق الحديث، ومطالبته بالوحدة العربية ودعوته الى الثورة ضد الاستعمار.
ورأى عبد الر ا زق الهلالي ضرورة تتبع أدباءالعراق، ومعرفة آرائهم وابرز مواقفهم سواء
في السياسة او في الأدب، والحديث عن حياتهم وتراثهم الأدبي لتعريف الجيل الجديد بهم
ونقل أدبهم إلى باقي بلدان العالم.
ونشر في العاشر من تموز 1978، مقالة، تحت عنوان)حقائق وطرائف من تاريخ
التعليم في العراق )، أشار في مقالته إلى بعض الحقائق والطرائف، التي تخص تأسيس
المدارس والمعاهد، والتي قرأ عنها في بعض المصادر التي تبحث عن تاريخ التعليم في
الع ا رق، أثناء تأليفه كتابيه تاريخ التعليم في العراق في العهد العثماني 1638 - 1917،
وتاريخ التعليم في العراق في عهد الانتداب البريطاني.
وكتب مقالة أخرى في السادس عشر من كانون الأول عام 1978، تحت عنوان)مذكرة تاريخية حول السياسة الداخلية في العراق عام 1932 بين الملك فيصل الأول وناجي السويدي) تضمنت المقالة أحداثا تتعلق بشؤون السياسة الداخلية في العراق 1932، وأهمها زيادة أعداد أفراد الجيش العراقي، واعلان قانون الخدمة العسكرية الإلزامية،واحترام الشعائر والتقاليد الدينية، فضلا عما تضمنته مذكرة الملك فيصل الأول التي اراد من خلالها للعراق النهوض بواقعه واللحاق بالدول المتقدمة، والتي قد وزعها على عدد من الشخصيات السياسية، ليجيبوا عنها ومنهم ناجي السويدي.
لم تقتصر مقالات عبد الرزاق الهلالي عن الشخصيات العراقية والأوضاع السياسية الاجتماعية والثقافية في العراق، بل تناول حياة شخصيات عربية أدت ادوارا واضحة في خدمة بلدانهم، ففي مقالة نشرها في السابع عشر من نيسان 1980 تحت عنوان:)الشيخ عبد العزيز الثعالبي يورد فيها حياة الثعالبي ودوره السياسي في الدفاع عن تونس، ثم تطرق إلى سفره إلى باريس لوجود مساحة من الحرية في العاصمة الفرنسية بعد اعتقاله من قبل السلطات الفرنسية، ومن ثم عودته مجددا إلى تونس للمطالبة بالحقوق الأساسية لبلاده مع مطالبته المستمرة في حصول تونس على الاستقلال.
تضمنت مقالته أيضا مجيء الثعالبي إلى العراق وتعيينه أستاذا للفلسفة الإسلامية في جامعة أهل البيت، وحفلات التكريم التي أقيمت له في بغداد، فضلا عن القصائد التي ألقاها
الأدباءالعراقيون في حقه، واوضح الهلالي الخلاف بين الثعالبي ومعروف الرصافي، وبين
عبدالرزاق الهلالي علاقته مع الملك فيصل الأول ورستم حيدر، وختم مقالته بمغادرة الثعالبي للعراق.طالب عبد الرزاق الهلالي في مقالته أيضا ابراز دور الثعالبي في الحركة الوطنية
التونسية، وذلك بإجراء مزيد من الدراسات، آملا ا بإعطاء صورة واضحة عنه، ليتيسر
للباحثين معرفة اتجاه الحركة الوطنية آنذاك.
وله مقالة أيضا نشرها في الثامن عشر من تشرين الثاني 1984 وبعنوان:)مقارنة
تاريخية بين البرلمان العثماني والبرلمان العراقي)، أشار فيها إلى الأسباب التي دعت إلى تشكيل البرلمان العثماني عام 1877 )مجلس المبعوثان)، ومنها التحرر
من استبداد السلطان عبد الحميد الثاني واعطاء الحقوق الأساسية للأفراد، أماالمجلس التأسيسي)البرلمان العراقي )فقد وضعته السلطة المنتدبة البريطانية على العراق،
ومن خلاله ارادت الحفاظ على مصالحها بالتصديق على معاهدة عام 1922، وأجواء
انتخابات لأعضاء المجلس، واقرار القانون الأساسي)الدستور) للدولة العراقية.
أشار عبد الرزاق الهلالي في المقالة إلى الجهود التي بذلها الأحرار وعلى راسهم الوالي
مدحت باشا، بإصدار الدستور العثماني للعام 1876، الذي ألغاه السلطان عبد الحميد
الثاني بعد عام من صدوره، لكن الاتحاديين أجبروه من جديد على اعادة العمل بالدستور
بعد الانقلاب العثماني عام 1908. بين عبد االرزاق الهلالي في مقالته أن مجلس المبعوثان العثماني لم يقر بسهولة، وانما كانت هناك عوامل أدت إلى تكوينه، تلك العوامل كانت من أجل الحقوق الأساسية للفرد العثماني، والتخلص من حكم السلطان الفردي في التحكم بشؤون الدولة. أما المجلس التأسيسي العراقي فلم يكن إل من خلال بريطانيا، لخوفها على مصالحها بالدرجة الأولى، وكانت المعارضة وقتئذ غير قادرة على إفشال ذلك المشروع البريطاني. إلا أن المجلس التأسيسي العراقي كان على العكس من ذلك، فلطالما أدى دورا مهما في إصدار بعض القوانين، التي لا زالت معمول بها حتى اليوم، وهذا ما يختلف عما ذهب اليه عبدالرزاق الهلالي.

كتب عبد الرزاق الهلالي مقالات بخط يده، وتبنت مجلة)آفاق عربية)نشرها بعد وفاته،
وهي شبيهة بتلك التي نشرها في الصحف والمجلات من حيث تنوع الموضوعات التي تناولها، وقوة الأسلوب، وطريقة الكتابة، وأولى تلك المقالات نشرت في الخامس من تشرين الثاني 1985، بعنوان)ثلاثة تماثيل ببغداد حكمت في العشرينات والثلاثينات)، أوضح فيها ما لخصته الكاتبة البريطانية)دورين ورينر)في كتابها)إصلاح الأرض والأعمار في الشرق الأوسط)الصادر عام 1957، للقوى الحاكمة في العراق خلال المدة 1921 - 1958، الذي كان لها تأثير بارز في السياسة العراقية، وتلك القوى هي)تمثال
الجنرال مود فاتح بغداد1917)، الذي يمثل الاحتلال البريطاني للعراق.أما التمثال الثاني فهو نصب)عبدالمحسن السعدون))، الذي يمثل الوطنية، ويشير الهلالي إلى أن حادث انتحاره كان خسارة للعراق والعراقيين لما له من مواقف وطنية مشهودة، والتمثال الثالث هو تمثال الملك فيصل الأول الذي يمثل الدولة العراقية.
استنتج عبد الرزاق الهلالي بأن ما ذهبت اليه الكاتبة البريطانية هو الواقع الذي شهده
العراق آنذاك، وهذا ما لا يمكن إنكاره، لكن في الوقت نفسه يؤكد بأن تلك الرموز أدت ادوارا
بارزة من خلال تواجدها سواء أكانت تلك الأدوار ايجابية أم سلبية، ولها سياسة خاصة
اتبعتها رغم عدم وفاق بعضها البعض في كثير من الأحيان.أما مقالته المنشورة في الثاني عشر من نيسان 1989، التي تبنت مجلة آفاق عربية نشرها بعنوانها)أيام لها تاريخ: هل كان الوصي عبد الإله وحدويا)، أوضح فيها سياسة الوصي عبد الإله وتطلعاته نحو الاتحاد مع سوريا، الذي كان راغبا في توحيد العراق وسوريا، لكن بعد انقلاب حسني الزعيم وتطورات الوضع في سوريا جعل الوصي يعقد اجتماع طارءا لغرض تدارس الوضع، فضلا عن إرساله مفوضا لمعرفة اتجاهات قادة الانقلاب نحو العراق، وتطرق من جانب آخر إلى أوضاع العراق في تلك المدة،وابرز الاجتماعات التي عقدت في قصر الرحاب للبحث في الأمور السياسية للعراق، وعلاقاته مع دول الجوار.
ونشرت له في الأول من آيار 1989 مقالة، بعنوان:)ذكرياتي عن الأمير زيد)، يبرز
فيها الأمير زيد بن الشريف حسين، وتحدث فيها عبد الرزاق الهلالي عن ذكريات جمعت
بعضهما البعض خلال عمله في البلاط الملكي، وأشاد بتواضعه وحسن أخلاقه، وعرج
الحديث بعد ذلك، عن تدخل الحكومة في سير الانتخابات عام 1954 لمصلحة المرشحين
المؤيدين للنظام الملكي.
نشر عبدالرزاق الهلالي أخر مقالة له في الرابع من تشرين الأول 1989، بعنوان:
)اجتماع في قصر الرحاب لمناقشة بنود معاهدة بورتسموث عام 1948)، أوضح فيها
الاجتماع الذي عقد في قصر الرحاب، لغرض إ برام معاهدة جديدة مع بريطانيا تحل محل
معاهدة عام 1930، وأشار الهلالي في مقالته إلى الشخصيات السياسية التي شاركت في
الاجتماع وهم كل من: صالح جبر و نوري السعيد و جميل المدفعي و حمدي الباجة جي و
محمد رضا الشبيبي و السيد عبد المهدي و احمد مختار بابان و توفيق السويدي وآخرون.
وتطرق أيضا في مقالته إلى موقف الأحزاب السياسية من المعاهدة، التي تم رفضها،
فضلا عن حديثه عن المظاهرات التي قام بها طلاب الكليات للتنديد بالمعاهدة، إذ انطلقت
على أنها) وثبة كانون الثاني 1948)، والتي تعد صفحة مشرفة في تاريخ العراق المعاصر، إذا استطاع المتظاهرون من إسقاط وزارة صالح جبر فضلا عن إلغاء معاهدة بورتسموث
1948، وكان للحركة الوطنية في العراق دورها الواضح في تحقيق ذلك الانتصار المشهود
للشعب العراقي.
من خلال دراسة المقالات التي نشرها عبدالرزاق الهلالي في الصحف والمجلات
التي ورد ذكرها، اتضح اتساع الأفق الثقافي له، إذ تناول في مقالته جوانب اقتصادية
واجتماعية وثقافية وسياسية كانت لها علاقة مباشرة بأحداث العراق،لاسيما في العهد
الملكي، فضلا عن تناوله لأحداث معينة في بعض البلدان العربية والأجنبية، وكان يؤكد في
أغلب مقالته التي تتعلق بتاريخ العراق على ضرورة تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي
والثقافي، وضرورة أن يؤدي الشعب العرا قي دوره في بناء بلده، أو ان تمنح الحكومة وكبار
السياسيين الفرصة للحركة الوطنية، لكي تؤدي دورها في عملية التغيير والبناء وبما يساهم
في تقدم العراق وتطوره.

عن رسالة (عبد الرزاق الهلالي سيرته ودوره)