سنوات متلاشية لروبرت ايفيرت..يحافظ بحكمة على بنية كرنولوجية

Saturday 29th of October 2016 06:20:40 PM ,

ملحق اوراق ,

ترجمة: عباس المفرجي
الحياة الحقيقية لروبرت ايفيرت هي سيرة مهنية ناجحة في التمثيل. قد تكون السنوات تلاشت، لكن ايفيرت تخيّرها بمزيج من البصيرة الثاقبة، الملاحظة الساخرة الحازمة والتشهير – لأغراض القذف. مراوغته، هوسه، منظوره الروحي المهتاج – دائما انصهار المقدّس والمدنّس – كلها توسّع من قوة الدراما.

كتاب ايفيرت السابق، " سجاجيد حمر وقشور موز أخرى "، يصف إثارة الوصول الى المجد، بعد بطولة فيلم " بلد آخر " عام 1984 في سن الخامسة والعشرين، والعثرات التي سببها المحافظة عليه في عمر الاربعين. الكتاب الجديد يركّز – بشكل رئيسي في العقد الأخير – على مهن للسوبر ستار الناضج: الأعمال الخيرية، الصحافة، وتوسع نشاطه نحو التلفزيون في اميركا. صديقان شهيران – ايزابيلا سلو، نيكي هاسلام – حاضران دائما، لكنهما لم يأخذا أكثر من نصيبهما من الأضواء، التي تُسلَط بدلا من ذلك على ساحرة من لوس انجلس وعلى والد روبرت الجدير بالعبادة.
" سنوات متلاشية " يحافظ بحكمة على بنية كرنولوجية، لكنها مصممة لتعطي الأسبقة للإستطراد والتذكّر. في الفصل الافتتاحي، على سبيل المثال، تعود بنا ذاكرته الى رحلة الى السينما مع بروك، اليوت ووينتون (رفاق غرفة في المدرسة الداخلية) وحادث تحديد شخصية روبرت. كانوا في الرابعة عشرة من العمر والفكرة كانت الاستمناء على فيلم بذيء في صالة للسينما في يورك.
لكن الفيلم هو على نحو منفر حداثوي جدا – " بيرفورمانس " – تمثيل آنيت بالنبرغ وميك جاغر. بعد مقطع واحد يكون روبرت ((مسحورا)) و((مصدوما)) – ((نسيت تماما الاستمناء.)) بالنسبة لايفيرت، الحاجز الكبير هو ليس المال، الطبقة، بل الجماليات. بخلافه، ((كَرِهَ الآخرون الفيلم)) (وتشكّى اليوت من أنه لم يقذف ((سوى مرة واحدة))). ((منذ ذلك اليوم شاب صداقتنا الفتور.))
حين تحتك معرفة وفطنة ايفيرت بمادة الموضوع الحقيقية، لا يكون المنتَج شرارة عادية. خذ عملية طرد الأرواح الشريرة على يدي الساحرة في لوس انجلس لضمان نجاحه في مسلسلاته التلفزيونية. كوركي هي سيدة كوبية عجوز تعيش في بنغلو في هوليوود، مع ببغاء وروح مرشدة تدعى ’’ الغجري ‘‘ – ((اليوم، قادني هذا الغجري الى الجنون. أوي، روبي!)) استخدمته في مجموعة طقوس ((تفقد العقل)). في ذروتها، تقذف مساعدة الساحرة ميغيلينا ((صارخة دما متخثرا عبْر الغرفة، حرفيا)). ((سترى.)) تقول له كوركي مؤكدة. وبالطبع، ((لم يحدث شيء)).
بعيدا عن هذه الإشارات من سهولة التأثر يالإيحاء، ظلت أحماله الحرارية في أحشائه. أثناء ما كان يصور فيلم " الحرفي المشهور "، كان اشمئزازا فكريا (مع الترامادول والفودكا) هو الذي سبّب له التقيؤ حين سمع بوصول توني بلير الى الاستوديو: ((إستوعبتها بصعوبة ورفعت حاجبي.))
هو ليس جبانا. التهديد الذي تعرض له من وسائل الإعلام بالكشف عن شريط فيديو يُعرَض فيه وهو يمارس الجنس مع رجل في مطعم في لوس انجلس يؤدي الى إنتقام متهوّر. الصحفي المزعج، الذي سبّب في السابق فضيحة الكوكايين لبريتني سبيرس، كان يعيش ((على حافة مستنقع)). ذهب روبرت وشريكه في الجرم في السيارة الى هناك لرمي كيكة كريم عليه – ((هذه من أجل يريتني)) – ثم غادرا بسيارتهما مسرعين.
" سنوات متلاشية "، عنوان من قصيدة لنويل كوارد، يوحي بالنسيان اللاهي والإندفاع السريع للزمن في بريق الشهرة. لكن بالنسبة لايفيرت، السنوات هي أيضا مَسْبَحَة ’’ الزمن المفقود ‘‘، للتسبيح بخرزة بعد خرزة: مذكرات مادونا (الأخرى) ((في آخر أيام شبابها))، أو ليام نيسون وناتاشا ريتشاردسون مندفعين في قارب سريع، وأفق مانهاتن خلفهما. المذكرات التي كانت يوما متألقة والآن متعذر إستردادها – مذكرات ايفيرت هي تذكير بأن حتى السوبر ستار مآله التراب.
بصورة متساوية هو مؤثر ندمه على علاقاته المثلية في الماضي، في رحلة مدرسية الى لودرز، ممارسته الجنس مع أحد أعضاء فريق الكريكت. ذكرى واحدة، بوجه خاص، تلهم كتابة رائعة. في بداية العشرينات من عمره، إكتشف عاشقه الشاب، ألفو، أنه مصاب بالايدز وأخبر روبرت. أدركا انهما يحبان بعض. يركّز ايفيرت على تفاصيل عادية، مصباح سرير النوم مع ((ظلته المخففة للنور المتوسطة المزيّنة بشُرَّابات))، ((الجدران الخضراء الكئيبة)) و((قعقعة حركة السيارات في الخارج)).
هذه الطاقات الشعرية نفسها تُستخدَم في وصفه لهوليوود. الهبوط في مطار خاص مع تينا براون والحاشية، عبْر سياج ((الغابة التي تحترق باللهب، الحيّ والمهدد)) و ((نشعر للحظة ونحن نحتج بشكوى صارخة ونتحرك بسرعة نحو سياراتنا... أن الطبيعة في الواقع تكرهنا.)) هم يشبهون ((صفّا من النمال القاتلة في ملابس سوداء وحقائب جلدية لمّاعة)) بينما تتعلق القُرادات على الشجر ((تمسح الأفق بحثا عن أكياس دم مارّة كي تلعقها)).
على مُعَدِّية تنقله هو وأباه، العليل على كرسي متحرك، الى لودرز، يفكّر وهو يتأمل غروب الشمس، ((لا بد ان بايرون كان يرقب إختفاءها على هذا النحو، قبل ان يجرّ قدمه المعطوبة للذهاب لشرب كأس من الخمر.)) ربما إقتضى الأمر حكمة كي تكون هذا السخيف. وبالتأكيد إنه إقتضى حكمة كي تصعّر وجهك أمام التحرر من الوهم: ((أنا لم أطمح لغنى مفرط.))
ايفيرت ليس راوية جيد فحسب، إنه يملك حساسية موسيقية – إنه يعرف كيف ومتى بالضبط يحوّل مقطوعة موسيقية تأملية قصيرة الى جاز مع نغمة بلو إحتيالية رثائية. إنها حياة من عرض ناجح لبرودواي مأساوي، هزلي، ساخر.
عن صحيفة الغارديان