القوزاق قصص سيباستوبول إدانه الضباط الأرستقراطيين

Saturday 17th of December 2016 06:09:00 PM ,

ملحق اوراق ,

أوراق
يعتمد هذا الكتاب على تجربة تولستوي الشخصية، وأيضاً سنلمس هذا من خلال الاعمال التي يتضمنها هذا الكتاب، ففي ربيع عام 1851 وصل تولستوي إلى القفقاس، وهو في الثانية والعشرين من العمر، بصحبة أخيه الكبير نيقولاي نيقولايفيتش الذي كان ضابطاً في كتبية المدفعية المرابطة في القرية القوزاقية "ستاراغلادكوفسكيا" على الشاطئ الأيسر لنهر تيريك الجبلي.

وقد قضى تولستوي في هذه القرية زهاء ثلاثة اعوام مشتركاً في العمليات الحربية بصفة متطوع أولاً، وبعد ذلك كطالب عسكري وبعد ذلك كضابط بعد تقديمه الامتحانات.
وعلى حد قوله جاء إلى هذه المدينة ليجرب شجاعته، وليرى بعينه ماهي الحرب، وهناك صار كاتباً، رغم ان نشاطه الأدبي قد بدأ بموسكو، حيث أخذ يعمل في قصة " الطفولة" قبيل سفره إلى تلك الأصقاع البعيدة.
ولكنه فرغ من هذه القصة في القفقاس، ومن هناك أرسلها إلى مجلة "سفريمينيك" في بطرسبورغ، فانبهر محررها بمزايا القصة حتى انه نشرها قبل أن يعرف اسم مؤلفها الحقيقي.
قدمت انطباعات تولستوي في القفقاس وملاحظاته مادة لسلسلة من القصص العسكرية "غارة" و "قطع الغابة" و"المنزل على رتبته" ولقصة "اسير القفقاس" المحبوبة لدى الأطفال والتي كتبها تولستوي لكتابه المعروف "القراءة الأولية" 1872 وعلى اساس هذه الانطباعات والملاحظات كتب تولستوي قصتيه الطويلتين الشهيرتين "القوزاق" و"حاج مراد".
قضى الكاتب ربيع وصيف 1854 في الجيش بالدانوب بعد أن اشترك في حصار القلعة التركية "سيلستريا" ثم انتقل منه إلى جيش القرم، بعد أن حصل بناءً على طلبه على تعيين في سيباستوبول المحاصرة من قبل القوات التركية والانكليزية – الفرنسية التي نزلت على ساحل البحر الأسود.
وصار تولستوي احد المدافعين عن سيباستوبول، فعرف الروس البسطاء – من الجنود البحارة وأهالي المدينة عن قرب أكثر مما كان وهو في القفقاس والدانوب. وقد بهره هدوؤهم ورباطة جأشهم، وتواضعهم، وشجاعتهم الأصيلة لا التظاهرية.
كان تولستوي يشعر بقلب الأديب – العسكري والوطني بأن الشعب الروسي كان يخوض في حصون سيباستوبول حرباً دفاعية عادلة، مدافعاً عن أرضه ضد المتدخلين، وقد تكشفت امام الكاتب، أكثر من أي وقت مضى، الملامح العميقة الجذرية للخلق القومي الروسي. فعقد العزم، وكتب سلسلة قصص سيباستوبول، كنشيد لبطولة وصلابة المدافعين عن هذه القلعة الروسية على البحر الاسود.
وقد بهرت اعمال الكاتب الشاب هذه معاصريه بالحقيقة الكالحة عن الحرب، وهي معروضة، كما يقول الكاتب،" في صورتها الحقيقية، في الدم، والعذابات والموت".
وأشار الكاتب في تصويره العمل الشاق الخطير للجنود والبحارة ورجال المدفعية من الحصن الرابع إلى البواعث الداخلية التي كانت تحدو بهم فيقول "لا يمكن أن يتقبل الناس هذه الظروف الفظيعة من أجل نيشان، من أجل لقب، وبسبب من التهديد. ومن الضروري أن هناك سبباً اخر رفيعاً يشحذ الهمم، وهذا السبب هو الشعور النادر الظهور، والخجول عند الروسي ولكنه مستقر في اعماق نفس كل روسي، وهو حب الوطن."
وقصة "سيباستوبول في أيار" مكتوبة بلهجة أخرى، وفيها إدانه قاسية للضباط الأرستقراطيين الذين كان تحركهم إلى سيباستوبول ذا دوافع نفعية، ساعين إلى "اقتناص الصلبان والروبلات" اي للحصول على النياشين والمال.
أن كل قصة من سلسلة القصص السيباستوبولية مكتوبة بمفتاحها الموسيقي الخاص، فقصة " سيباستوبول في شهر كانون الاول" تمتاز بنبرتها الجياشة العالمية في سلمها الموسيقي، رغم احتوائها على كم غير قليل من الصور المضنية.
كما تمتزج ألوان "سيباستوبول في ايار" الحادة الساخرة بالسيكولوجية النفاذة، والتصوير العميق لـ "ديالكتيك الروح" في مشاهد من مثل مشهد مصرع الضابط براسكوخين.
بينما لا تقتصر "سيباستوبول في آب 1855" على وصف المدينة التي هجرتها القوات الروسية بل وعلى مشاهد عن المصرع البطولي للضابطين الأخوين من عائلة كوزلتسوف.