فائق بطي.. معلماً ومربياً ومناضلاً

Wednesday 25th of January 2017 08:40:56 PM ,

عراقيون ,

عواد ناصر
برحيل فائق بطي، المناضل والصحافي المرموق، خسرت الصحافة العراقية رمزاً بارزاً من صحفييها، ليس لأنه صحفي، بالمعنى المهني للكلمة فقط، بل كان أحد موثقيها وشهودها العدول، وما تركه من نتاج يتراوح بين المذكرات والتأريخية، يخرج بالفقيد العزيز من مدار الصحفي العادي إلى صنف المعلم والمربي وجدير بالأجيال الجديدة من الصحفيين دراسة آثاره وتفحص تجربته الغنية والاستفادة منها والتعلم منها،

لأنه قرن بين العمل الصحفي والنضال السياسي على أنهما رافدان من روافد الناشط والمجتهد في مهنة البحث عن المتاعب.
شخصياً، تعرفت على فائق بطي خارج العراق، وخصوصاً في دمشق ولندن، كصديق وزميل، حيث عملنا معاً في رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين التي تأسست ببيروت عام 1980، فكان أحد كوادر رابطتنا التي كرست منظمة ثقافية وصحافية لفضح سياسة وجرائم السلطة البعثية في العراق، فاكتشفت فيه شخصية نقدية جريئة وصريحة وكان يعمل بروحية الفريق الواحد رغم سبق تجربته المهنية على الكثير منا، نحن الذين أسهمنا في تأسيس الرابطة وإصدار مجلتها المهمة «البديل» في بيروت ودمشق.
فائق بطي أحد أبرز وجوه النضال الوطني والديمقراطي في العراق وفي المنفى، وعاش حياة زاهدة ومارس شتى الأعمال، ولم يستنكف عن أن يعمل في أعمال شاقة لكسب قوت يومه، متمسكاً بكرامة المواطن/ الإنسان ولم يخضع لأي ابتزاز أو إغراء، وقد اختار «مهنة المنفى الشاقة» بدلاً من مهنة الارتزاق في وطنه تحت لواء سلطة (السرسرية) في بغداد، وظل على موقفه حتى بعد سقوط تلك السلطة عام 2003، محرضاً على إحياء روح النقد وحق المعارضة وضرورتها في فترة ما يسمى بـ «العراق الجديد» وحتى اليوم.. إذ قال في إجابته على سؤال في حوار معه:
«أنت محق بسؤالك المهم: هل عندنا الآن صحافة معارضة؟ فاجيبك، نعم، هناك صحافة معارضة ولكن تعارض بخجل أيضا ومن دون ان تمتلك الجرأة اللازمة لنقد وتقويم الاخطاء في مسيرة الحكم الحالي، وما أكثرها وتنوعها. فكل صحف المعارضة قبل سقوط النظام، لها وزراؤها ونوابها في المجلس وممثلوها في الحكومة والدولة الجديدة. ولكني على ثقة بأن صحافة المعارضة سوف تنبثق بشكلها الصحيح إستجابة للحاجة والظروف الموضوعية التي توجب وجودها في الساحة السياسية.. ولا أعني هنا، ان نخلق صحافة معارضة لزاماً، وإنما أعني، ان تطور الأوضاع سوف تتحكم بمثل هذه الضرورة، للوقوف بوجه العنف ولغة العنف، وإدانة كل من يحاول ان يتطاول على حقوق وحرية الشعب الذي يتطلع الى دور الحكومة في توفير الأمن والاستقرار والخبز والعمل وكل ما يستحقه عن جدارة، بعد مسيرة طويلة وشاقة من العذاب والحرمان والإرهاب المزدوج، ومن أجل ان يحقق السيادة والسعادة له وللأجيال القادمة. وبكلمة أخرى: نعارض لا من أجل المعارضة، بل من أجل قول الحقيقة، كل الحقيقة لأبناء شعبنا الطيبين».
تحية لك يا فائق، ومجداً أيها المناضل الأبدي، الذي بقيت حاملاً راية الديمقراطية حتى الموت.
العزاء للصديقة العزيزة سعاد الجزائري، ولكل ذويه وأصدقائه وزملائه ومحبيه.