فاطمة رشدي في بغداد.. هل أحبت (ساره برنار الشرق) حقي الشبلي ام تزوجت عراقي آخر؟

Sunday 17th of December 2017 05:48:03 PM ,

ذاكرة عراقية ,

اعداد :رفعة عبد الرزاق محمد
في العشرينيات من القرن العشرين، زار العراق عدد من الفرق الفنية المصرية، وكان لها الدور الكبير في دفع الحركة الفنية العراقية الى الأمام بعد ان كانت محصورة بالعمل المدرسي فحسب. وفي اوائل عام 1929 شهدت صالة السينما الوطني عرض أول مسرحية لفرقة الفنانة الكبيرة فاطمة رشدي (سارة برنار الشرق).

وكانت فرقة الفنان جورج ابيض قد قدمت الى بغداد عام 1926 وأحيت العديد من الحفلات المسرحية. أراد جورج ابيض ممثلين إضافيين ثانويين”كومبارس”لعدد من المسرحيات التي كانت فرقته تعرضها على مسرح السينما الوطني فقصد مدرسة التفيض حيث كان حقي الشبلي احد طلابها وكان متميزا ضمن العروض المدرسية التي تقدمها مدرستنا الجعفرية والمركزية واختار جورج ابيض عددا من الطلاب وكان حقي واحدا منهم، حيث اسند اليه دور”ابن أوديب”في المسرحية المعروفة وقد نجح حقي في تمثيل دوره رغم صغر سنه وفي ختام العرض جاء جورج ابيض وقبله أمام الجمهور.
وكان حقي الشبلي هو الولد والفني الأول بشبابه وحسن تقاطيع وجهه إضافة الى انه كان بطل المسرحيات التي قدمها على مسرح المدرسة، ثم كان كذلك في مسرحيات فرقته «الفرقة التمثيلية الوطنية» المؤسسة عام 1927 وقد جاءت فرقة فاطمة رشدي الى بغداد بعد ذلك بسنتين أي عام 1929. وكان من الطبيعي ان يتصل «ولد المسرح العراقي» وفتاه الأول بـ «صديقة الطلبة”فاطمة رشدي. وهكذا نشأت علاقة «استلطاف”بين الاثنين على طريقة الأفلام يومها لقد أحبت «البنت الولد» ويمكن القول انهما اكتفيا بما نعما به من الخيالات في علاقة «رومانسية» علما بأنهما عرفا واقع العلاقات بين المرأة والرجل ليس بحكم عملهما في المسرح فحسب وإنما أيضا لأن فاطمة رشدي كانت ذات بعل، وكان حقي الشبلي يستعين بهاويات التمثيل من العاملات في الملاهي الليلية!
وبسبب عدم رسو العلاقة بينهما عند نقطة معينة فقد سافر الشبلي الى مصر، إرضاء لعواطفه أولا، وإرضاء لهوايته المسرحية ثانيا، ولم تطل إقامة الشبلي في القاهرة اذ عاد الى بغداد ليستأنف نشاطه الفني

هل أحبت فاطمة رشدي فناننا حقي الشبلي؟
كتب الصحفي الرائد صادق الازدي :
يوم اعلن خبر وفاة المرحوم حقي الشبلي، قبل شهور بادر بعض الذين عرفوه الى الكتابة عنه. واشار اكثر من واحد منهم الى العلاقة الغرامية التي قامت بينه وبين نجمة المسرح المصري السيدة فاطمة رشدي وقد ذكر الزميل الاديب الاستاذ عبد القادر البراك في تعقيب له نشرته جريدة «الاتحاد”ان فاطمة رشدي اشارت الى فناننا المسرحي في مذكراتها، ولكنها اخطأت في كتابة لقبه، اذ كتبته «الشلبي”بدلا من الشبلي!
*والسؤال الان:هل احبت فاطمة رشدي فناننا حقي الشبلي!؟
والجواب: هو «نعم!”وهنا يرد الى الذهن سؤال اخر هو: وهل احبها هو بدوره؟!
ويكون الجواب هو نعم كذلك،لأنه سافر من اجلها من بغداد الى القاهرة ولكن ليس لدى الصق النفس به، واقربهم اليه، اية معلومات سمعوها منه عن علاقته بها، وما وقع بينهما لان في القاهرة، ولا في بغداد قبل ذلك!
الشبلي والحركة المسرحية!
*وقبل الخوض في تفاصيل العلاقة العاطفية التي نشأت بين الشبلي وفاطمة رشدي يحسن بنا العودة الى بداية اهتمامه بالتمثيل المسرحي، وكانت يوم كان من طلاب مدرسة التفيض الاهلية في بداية العشرينيات، كانت بغداد قد عرفت المسرح ولكن الفرق التي دارتها كانت شبه بدائية ومنها فرقة عبد النبي (كشكش بيه) وفرقة (البدوي) وفرقة ابراهيم سامي، وفرقة ارطغول بك! هذا إضافة الى مسرحيات محلية قدمها الطلاب في بعض مدارسنا، وكان حقي احد اولئك، الطلاب وقد ترك المدرسة عام 1924 وإلتحق بوظيفة في متصرفية (محافظة) بغداد، ولكنه إستمر يمارس هوايته!
«الولد» أو الفتى الأول!
*وكان الشبلي، والهواة الذين التفوا حوله يخلطون بين السينما والمسرح في تطلعاتهم وكانت الافلام في ذلك الوقت صامتة، وكان رواد دور العرض يطلقون على بطل كل فلم اسم «الولد» يقابله الفني الاول في المسرحيات وكان يشترط في أي منهما، الفتوة وجمال الوجه، ورشاقة القامة واناقة الملبس، وكان اشهر نجوم «هوليوود» هو الممثل «رودولف فالنتينو» الذي احدثت وفاته في نهاية العشرينيات، ضجة في اوساط مشاهدي افلامه! فكان هو قدوتهم في لباس وحركات، وتصفيف شعر!
*وكان حقي الشبلي هو الولد والفني الاول بشبابه وحسن تقاطيع وجهه اضافة الى انه كان بطل المسرحيات التي قدمها على مسرح المدرسة، ثم كان كذلك في مسرحيات فرقته «الفرقة التمثيلية الوطنية» المؤسسة عام 1927 وقد جاءت فرقة فاطمة رشدي الى بغداد بعد ذلك بسنتين أي عام 1929!

لقاء..فحب!
*وكان من الطبيعي ان يتصل «ولد المسرح العراقي» وفتاه الاول بت «صديقة الطلبة”فاطمة رشدي التي كانت تقيم حفلات تمثيلية خاصة لهم باسعار مخفضة فصار اسمها لايذكر في المجلات الفنية المصرية الا وقد سبقه لقبها كصديقة لهم».
وكان حقي وهو في ريعان شبابه أشبه بطالب في احدى الكليات، وكان يجيد الكلام باللهجة المصرية الدارجة، إذ تابع المسرحيات الشعبية المصرية التي عرضتها بعض الفرق التي جاءت من القاهرة، كما شارك في المسرحيات التي قدمتها «فرقة جورج ابيض”التي عملت في بغداد عام 1926، وكان وثيق الصلة بالمصريين العاملين في العراق، على قلتهم في حينه!
وهكذا نشأت علاقة «إستلطاف”بين الاثنين على طريقة الافلام يومها لقد احبت «البنت الولد» ويمكن القول انهما إكتفيا بما نعما به من الخيالات في علاقة «رومانسية» علما بأنهما عرفا واقع العلاقات بين المرأة والرجل ليس بحكم عملهما في المسرح فحسب وانما ايضا لأن فاطمة رشدي كانت ذات بعل، وكان حقي الشبلي يستعين بهاويات التمثيل من العاملات في الملاهي الليلية!
وبسبب عدم رسو العلاقة بينهما عند نقطة معينة فقد سافر الشبلي الى مصر، إرضاء لعواطفه اولا، وإرضاء لهوايته المسرحية ثانيا، فمصر كانت تحمل راية المسرح العربي، وكانت التمثيل فيها حرفة، وليس هواية كما كان شأنه في العراق وغيره من الاقطار العربية! إضافة الى ان الحركة المسرحية في مصر كانت وثيقة الصلة بالمسارح الاوروبية، وكانت «دار الاوبرا» في القاهرة تستقبل في كل سنة بعض الفرق المسرحية الفرنسية والانكليزية!

السفر الى باريس!
ولم تطل اقامة الشبلي في القاهرة اذ عاد الى بغداد ليستأنف نشاطه الفني، ويتحدث عن زيارته لمصر، وكأنها فنية بحتة –والجديد الذي جاء به صار يلقي المنلوجات المصرية المرحة بين فصول المسرحيات التي يقدمها ومنها منلوج:
ليل أو نهار..نهار او ليل
ما في غير، حديث الخيل!
ويومها كانت سباقات الخيول في مصر والعراق، وتديرها شركات اجنبية تهدف الى الحصول على اكثر الارباح، ولا علاقة لها بالفروسية وتحسين الخيول العربية.

رواية اخرى
وقرأت مقالة للاستاذ جواد الرميثي ذكر فيها رواية جديدة فحواها :
عند قدوم الفنان المصري جورج ابيض إلى بغداد وعرضه لتمثيلياته على مسرح سينما الوطني مقابل جامع السيد سلطان علي، اخذ بمعاونته وتدريبه الفنان العراقي الكبير المرحوم حقي الشبلي وأربعة من التلاميذ الصغار هم عباس بغدادي
وكاظم البحراني وزكي يحيى وعبد الوهاب الأمين. وقد كان جورج ابيض يعامل أفراد فرقته بالقسوة البالغة والشتم والضرب. ومن التمثيليات التي قدمها جورج كانت تمثيلية (لويس الحادي عشر) وتمثيلية (هاملت) و(يوليوس قيصر)، وكان القارئ المرحوم الشيخ أمين حسنين يقرأ القصائد والمواويل قبل بدء التمثيل وعلى مقدمة المسرح قبل رفع الستارة، حيث تجري الاستعدادات لإخراج التمثيلية بعيدا عن انظار الجمهور. وكانت أجرة الدخول لمشاهدة التمثيلية (ربيتان) للصفوف الأمامية و(ربية واحدة) للصفوف الخلفية، أما أجرة اللوج فكانت عشرة ربيات عن اربع كراسي. وكان قد جاء قبل جورج ابيض بمدة قصيرة أمين عطا الله وفرقته المسماة فرقة (كش كش بك) وبرفقته الممثلة الشابة الحسناء (ايزابلا) ولا نعرف هل أن الفنان نجيب الريحاني استقى اسم”كش كش بك”من امين عطا الله ام العكس، و استأجر سطحا مكشوفا مقابل قهوة عارف أغا عرض فيه تمثيلياته. ويظهر ان نجاح هاتين الفرقتين قد شجعت فرقا مصرية أخرى للقدوم إلى العراق. فجاءت فرقة فاطمة رشدي وزوجها عزيز عيد، وكانت فاطمة تجمع بين الجمال والفن، وأشهر تمثيلياتها دورها في رواية (فرخ النسر) ابن نابليون، وكانت تمثل هذا الدور باعتبار أن ابن نابليون كان مراهقا وسيما يشبه الفتيات وقد تزوجت فاطمة رشدي من احد ضباط الشرطة العراقيين بعد أن طلقها عزيز عيد ولكن زواجها لم يدم طويلا، فعادت إلى مصر بعد اقل من سنة.

من هي فاطمة رشدي؟
ولدت فاطمة رشدي في بالإسكندرية واخواتها فنانات أيضا وهن رتيبة وإنصاف رشدي، كما بدأت فاطمة رشدي حياتها الفنية مبكرًا جدًا،عندما كانت في التاسعة أو العاشرة من عمرها عندما زارت بفرقة أمين عطاالله حيث كانت تغني أختها، وأسند إليها أمين عطا الله دورًا في إحدى مسرحياته، كما كانت تؤدي أدوار غنائية ثانوية في بدايتها، وظهرت على المسرح مع فرقة عبد الرحمن رشدي، ثم انضمت بعد ذلك إلى فرقة الجزايرلي وقامت بالتأليف والإخراج والتمثيل، على المسرح والسينما، كما كانت صاحبة فرقة مسرحية وهي فرقة فاطمة رشدي تركت تراثًا فنيًا لا يمكن انكاره. كما أنها عاصرت عمالقة المسرح والسينما المصريين من جيل الرواد من عشاق الفن، وقد لقبت فاطمة رشدي”سارة برنارالشرق"، وكان لديها هوس وحب وولاء منقطع النظير لفن التمثيل في تلك الفترة المبكرة.نشأت وترعرعت في الفن منذ طفولتها وحتى شيخوختها، من رائدات المسرح والسينما المصرية.
ثم تعرفت بعزيز عيد فلقنها دروسا في القراءة والكتابة وأصول التمثيل وانتقلت بين مسارح روض الفرج حيث كانت تشهد تلك المنطقة الشعبية نهضة فنية واسعة واخرجت الكثير من رواد الفن التمثيلي في مصر فعملت في مسرح روز اليوسف ثم في فرقة رمسيس وصارت بطلة للفرقة.وعندما شاهدها المطرب سيد درويش عام 1921 دعاها للعمل بفرقته التي كونها بالقاهرة.فبدأت حياتها الفنية في فريق الكورس والإنشاد مع سيد درويش ونجيب الريحاني. وفي عام 1923 التقى بها رائد فن المسرح عزيز عيد الذي توسم فيها الموهبة والقدرات الفنية الكامنة، فضمها إلى فرقة يوسف وهبي بمسرح رمسيس، وتعهدها بالمران والتدريب وعلمها التمثيل، كما أوكل مهمة تلقينها قواعد اللغة العربية إلى مدرس لغة عربية. ثم تزوجها بعد ذلك لتصبح نجمة فرقة رمسيس المسرحية.
وفي عام 1924 أتيح لفاطمة رشدي بفضل ذلك الدعم الكبير القيام بأدوار البطولة في عدة مسرحيات من بينها”الذئاب، الصحراء، القناع الأزرق، لشرف، ليلة الدخلة،الحرية، النزوات". ومن ذلك مسرحية”النسر الصغير”لمؤلفها أدمون روستان، وقام بتعريبها كل من عزيز عيد والسيد قدري، وقام بدور البطولة فيها فاطمة رشدي وعزيز عيد وقدم لها الكاتب الناقد السوري سامي الشمعة للتعريف بالمسرحية بقوله”وإننا لنرجو أن يقبل الشباب على روايات فاطمة رشدي العظيمة وهي فرصة لا يجدر بهم إضاعتها وهم يرون فيها أميرين من أمراء الفن
وبعد ذلك ذهبت فاطمة رشدي إلى إلى بيروت سنة 1929م، ولقيت إقبالًا كبيرًا من جانب محبيها ولقّبت بصديقة الطلبة، وأقام لها الطلبة في أيار حفلة تكريميّة في فندق رويال، تحدث فيها كنعان خطيب وأحمد دمشقية وتقي الدين الصلح وإبراهيم رشدي وإبراهيم طوقان وخليل تقي الدين. قدمت فرقة فاطمة رشدي على مسرح صالة الأمبير عدة مسرحيات منها: النسر الصغير، غادة الكاميليان، دارك، لسلطان عبد الحميد، يوليوس قيصر.وقدمت في الهواء الطلق على سطح الباريزيانا المسرحية الشهيرة مصرع كليوباتره لأمير الشعراء أحمد شوقي، وغيرهم.
ثم انفصلت فاطمة رشدي عن عزيز عيد بسبب غيرته الشديدة وبانفصالها عنه انفصلت عن مسرح رمسيس، وكونت بعدها فرقتها المسرحية الخاصة الشهيرة التي حملت اسمها وقدمت 15 مسرحية في سبعة أشهر، والتي اخرجت نجومًا مثل محمود المليجي ومحمد فوزي الذي كان يلحن المونولوجات التي تقدم بين فصول المسرحيات. قدمت فرقة فاطمة رشدي العديد من النصوص المترجمة والمقتبسة بالإضافة إلى بعض المؤلفات المحلية وفي مقدمتها مسرحيات أحمد شوقي.
وتخفق في أول تجربة سينمائية لها مع بدر لاما في فيلم «فاجعة فوق الهرم» (1928) والذي قوبل بهجوم كبير نالته من الصحافة لضعف مستواه من وجهة نظرالنقاد في ذلك الوقت، ولولاها لمني الفيلم بخسارة فادحة.ثم أقنعها المخرج وداد عرفي بأن يخرج لها فيلم”تحت سماء مصر"،”تحت ضوء الشمس"، لكنها أحرقته لأنه كان أقل مستوى من الفيلم السابق.
أ نصرفت بعدها إلى المسرح ولعدة مواسم ثم زاوجت بينه وبين السينما.وكانت عودتها إلى الشاشة بفيلم”الزواج"، والذي عرض”1933"، كمؤلفة ومخرجة وممثلة، ومثل أمامها فيه محمود المليجي، في أول أدواره السينمائية ويروي الفيلم قصة الفتاة المغلوبة على أمرها والتي زوجها أبوها على غير ما تهوى فكانت نهايتها الموت. انضمت فاطمة رشدي إلى المسرح العسكري وأدت العديد من البطولات المسرحية، وأخرجت مسرحية”غادة الكاميليا”، ثم انضمت للمسرح الحر عام 1960 وقدمت مسرحيات الكاتب الكبير نجيب محفوظ”بين القصرين”، ثم”ميرامار”عام 1969.و توفيت 23كانون الثاني 1996 عن عمر يناهز الـ87 عامًا.