عندما تكتب المناضلة متذكِّرةً زوجها المناضل

Wednesday 21st of February 2018 06:12:10 PM ,

عراقيون ,

د. كاظم الموسوي
بشرى برتو كتبت في مقدّمة مذكرات رحيم عجينة (1925- 1996) وعنوانها: الاختيار المتجدد، ذكريات شخصية وصفحات من مسيرة الحزب الشيوعي العراقي: بعد فقدان زوجي، الدكتور رحيم عجينة، في يوم 22/5/1996 كانت مهمة العمل على مسودات مذكراته أكثر ما ألحّ عليَّ من هواجس. فبرغم أن هذه المسودات لم تحو إلاّ الجزء اليسير مما قضاه في عمله ونشاطه،

إلا أنها كانت عزيزةً عليه وكان يطمح إلى نشرها، إضافة إلى أنها، ولم أكن قد قرأتها من قبل، جعلت وجوده طوال عملي فيها، متواصلا لما حوته من ذكريات مشتركة وحديث صادق اعتاده طوال حياته. وإذ أقول إنها احتوت جزءاً يسيراً من مسيرة عمله ونشاطه، فذلك لأنه عمل في مختلف مراحل حياته في مجالات حيوية جداً وذات أثر تأريخي لا بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي وحسب، وإنما أيضاً بالنسبة للحركة الوطنية العراقية عموماً، بشقيها العربي والكردي وللحركة الشيوعية العالمية.
أضافت بشرى، أن المذكرات تكاد تكون تاريخ حياتنا المشتركة.. فهو لم يشأ أن يتحدث عن حياته الخاصة وغناها على أصعدة عديدة أخرى غير الصعيد السياسي، ثقافياً وعلاقات إنسانية وأصدقاء واهتمامات وهوايات شخصية وعلاقة زوجية أضفى عليها، من خلقه الرفيع والتزامه العالي وتسامحه، غنىً إضافياً على الرفقة والحياة العملية المشتركة. وتؤكد: أن أهمّ ما تعلمته منه هو أن الطموح الشخصي يجب أن يتركز في تطوير ملكات الشخص والارتقاء بها لمستوى يؤهله بجدارة لخدمة وطنه وشعبه والإنسانية.
قدمت ثمينة ناجي يوسف كتابها عن سلام عادل (1922- 1963)، سيرة مناضل، في جزئين، إن الكتاب هو سيرة حياة مواطن عراقي ولد في عام 1922 في مدينة النجف باسم حسين أحمد الرضي وخلال حياته القصيرة، أصبح نموذجا للشيوعي الجيد وأبناً وفيّاً للشعب العراقي وحركته الوطنية وواحداً من قادته البارزين. وعرفته الحركة الشيوعية العالمية باسم"سلام عادل». وأضافت: إن علاقتي القريبة من سلام عادل ومشاركتي له حياته الشخصية والنضالية طيلة سنوات عديدة تقاسمنا خلالها حلوها ومرّها، ستجد بالتأكيد انعكاساً لها في تناولي لحياته كإنسان ورفيق. فهو كزوج لي وأب لأبنائي، عاملني معاملة إنسانية غامرة وكان خلالها مثالاً للزوج المخلص وقدوة متألقة، فمعاملته الأبوية تجاه أبنائنا وفي التعامل مع عائلتي وحبّه الصادق لها وفوزه بحبها العميق له رغم كل الظروف القاسية التي أحاطت بحياتنا المشتركة.
حين تتناول سيرة مناضل من خلال استعراض حياة سلام عادل تؤكد أنها جزء مهم من تاريخ الحركة الوطنية وفصيلها المناضل الحزب الشيوعي العراقي، وبأنها التزمت النهج الموضوعي والأمانة التاريخية وهو الدرس الذي علمني إياه الحزب وسلام عادل. هذا النهج الذي اعتمده في عمله وهو يناضل في صفوف الحزب وقيادته. وقد لمست ذلك على أرض الواقع في سلوك سلام عادل عندما كان يعالج المهمات اليومية للحزب ويحلل تجارب منظماته، التي عمل فيها عضواً ومسؤولاً، ويستخلص منها الدروس المفيدة للنضال اللاحق. وسجّلت أن الكتاب كشف لها بعد أن استغرق أكثر من ربع قرن من العمل، بأن ما عرفته من خلال حياتهما المشتركة كزوجين ورفيقين ما هو إلاّ جزء من حياة أكثر غنىً وأعمق محتوى عاشها سلام عادل.
مذكرات القيادات الشيوعية والوطنية مهمة جداً، احتوت على صفحات من تاريخ العراق وحركته السياسية والحزب الشيوعي بحكم الانتماء والانتساب السياسي، وكان أصحابها من الرموز التاريخيين، بما قاموا به وما تحملوا من أجله، ولاسيما الشهيد سلام عادل، الذي استشهد وهو قائد الحزب ونموذجه السياسي وبطل الشعب العراقي في حياته واستشهاده. وكذلك حياة القائدين الآخرين، زكي خيري ورحيم عجينة. وفي صفحات ما سجّلاه وما قامت به شريكتا حياتهما ونضالهما من بعد وفاتهما في المنافي البعيدة عن سماوات العراق اللذين قدّما كل حياتهما من أجل وطن حر وشعب سعيد.
في صفحات الكتب التي صدرت كمذكرات شخصية صور متواصلة للمناضلات، وفي الثامن من آذار، عيد المرأة العالمي لهن ومن يهمها الاحتفال والاحتفاء باقات الورود الجميلة وعمراً مديداً مثمراً، ودروساً للأجيال والمستقبل.