وداعاً بشرى برتو.. وداعاً أيتها المناضلة

Wednesday 21st of February 2018 06:18:36 PM ,

عراقيون ,

التيار الديمقراطي العراقي في الخارج
فقدت الحركة النسوية والوطنية العراقية واحدة من قياداتها الرائدة، فقد رحلت في لندن، المناضلة الوطنية الدكتورة (بشرى برتو)، بعد مسيرة حافلة بالنشاط النوعي على المستويين الوطني والأممي، دفاعاً عن حقوق المرأة وعموم الشعب العراقي طوال العقود الماضية.

لقد انتظمت الراحلة في مدرسة النضال الوطني العراقية مبكراً، ولم يثنها الفصل التعسفي من الجامعة عام 1952، الذي كان فاتحة قائمة طويلة من القسوة التي تعرضت لها من الأنظمة الجائرة في العهدين (الملكي والبعث المقبور)، مما اضطرها للرحيل الى (بلجيكا) لمواصلة دراستها ونشاطها المهني والسياسي، قبل أن تعود الى العراق بعد ستة أشهر من قيام ثورة تموز1958، لتبدأ مرحلة جديدة من العمل الوطني الدؤوب دفاعاً عن الثورة ومبادئها الوطنية، قبل أن تبدأ عقود حكم الدكتاتورية، لتحمل السلاح مع رفاقها الأنصار في جبال كردستان ضد البعث الفاشي، ولتغادر معهم الى المنافي بعد استخدام الدكتاتور المقبور الغازات السامة ضدهم لإنهاء الحرب.
لقد كانت الفقيدة من المؤسسات لـ (جمعية الدفاع عن حقوق المرأة)، التي تحولت الى (رابطة المرأة العراقية) لاحقاً، لتكون أهم منظمة وطنية نسوية عراقية (مازالت تعمل) على مدى تأريخ العراق الحديث، على الرغم من كل الإجراءات التعسفية المتخذة ضدها في زمن الدكتاتورية، وصولاً الى المنع والمطاردة والسجون والإعدام.
ولأنها من الرعيل الأول الذي تميّز بالعطاء والمثابرة تحت كل الظروف، فقد تنوعت أنشطتها ومساهماتها لتشمل العمل التنظيمي المهني والسياسي، والمشاركة الفاعلة في المؤتمرات والأنشطة الجماهيرية والندوات في الداخل والخارج، وقد واصلت نشرها للمقالات والبحوث الهادفة لخدمة الانسان في العراق وعموم العالم، وكان من أبرز انجازاتها في هذا المجال، هو البحث الاستقصائي عن جرائم الاستبداد البعثي ضد الشعب العراقي خلال الأعوام (68 الى 81) المعنون (نحن ندين)، والذي قدمته الى (اللجنة الفرنسية ضد الإرهاب في العراق)، وقد صدر ككتاب باللغة الفرنسية، ثم أعادت طباعته (دار سردم) للطباعة والنشر في السليمانية عام 2009 بعنوان (لكي لاننسى)، وهو عمل توثيقي دقيق وكبير ومهم، طبعت فيه الراحلة بصمتها الإنسانية الدالة على فكرها النظيف من التعصب والشخصنة والإملاءات بكل اشكالها، بعد أن تقاعست عن إنجازه مؤسسات وجهات عديدة (لأسباب معروفة)، على الرغم من إمكاناتها الهائلة.
لقد استمرت الفقيدة في نضالها الوطني لآخر لحظة في حياتها، وقد كانت مثالاً للحيوية والنشاط في تنسيقية التيار الديمقراطي العراقي في انكلترا، وقد قدمت في ذلك درساً مضافاً لتأريخها الوطني المشرف، الذي نتشرف به، ويقدم درساً تتعلم منه الأجيال.
لروح فقديتنا السلام.. ولذكراها العطرة باقات الورد والاحترام