روايات خالدة: اللون البنفسجي

Tuesday 7th of August 2018 06:31:51 PM ,

منارات ,

رشــا المالـــح
ولدت الكاتبة الأميركية الأفريقية الثورية آليس ووكر التي فازت بجائزة بوليتزر في إيتونتون عام 1944. ونظراً لفقدانها إحدى عينيها وهي في الثامنة من عمرها بسبب حادث غير متعمد، فقد عزلت نفسها عن أصدقائها وتقول بشأن ذلك،"لم أعد أعتقد بأنني تلك الفتاة الصغيرة. شعرت بأنني عجوز".
ولاعتقادي بأن رؤية وجهي لم تعد تسر النظر، فقد شعرت بالخجل.

انكفأت على نفسي، وبدأت بقراءة القصص وكتابة القصائد. كرّست ووكر اهتمامها على الدراسة وتخرجت عام 1960 لتدخل الحياة العملية. وفي عام 1967 تزوجت من محامٍ أبيض البشرة انفصلت عنه عام 1976.
ولم تتجه نحو مهنة الكتابة إلا بعد أن عملت في التدريس. نشرت أول دواوينها عام 1968، وأول رواية بعد ولادة ابنتها مباشرة عام 1970. وفي عام 1973 نشرت أول مجموعة قصص قصيرة لها بعنوان الحب والمصاعب. وتتمحور مواضيع بدايات قصائدها ورواياتها وقصصها القصيرة حول الاغتصاب، العنف، العزلة، إشكالية العلاقات، ازدواجية رؤية الأجيال، الجنس والعنصرية.
حينما نشرت روايتها «اللون البنفسجي"عام 1982، اتسعت دائرة شهرتها لدى القرّاء بفوزها بجائزة بوليتزر عام 1983، وانتقلت إلى العالمية حينما حوّلت روايتها إلى فيلم سينمائي أخرجه ستيفن سبيلبيرغ. وقد رافق شهرتها جدل واسع حول مواضيعها لاسيما تناولها لشخصية الرجل بصورة سلبية، مما أثار حول أعمالها انتقادات حادة.
وفي كل من عام 1989 وعام 1992 نشرت كتابين، أولهما «معبد ما هو مألوف لديّ»، والثاني «امتلاك سرّ السعادة»، كما تبنّت أيضاً قضية الدفاع عن المرأة الأفريقية في ما يتعلق بختانها، مما أثار المزيد من النقد حولها المتمثل بالتساؤل، إن كانت وولكر امبريالية الثقافية حتى تمنح نفسها الحق في انتقاد حضارة أخرى.
تروي ووكر في كتابها «اللون البنفسجي"الفائز بجائزة بوليتزر، حكاية عائلة يلتم شملها بعد صراعات وخلافات مريرة. تلك العائلة التي لا تعتمد في تواصلها على رابطة الدم بقدر ارتكازها على الأواصر والمشاعر الإنسانية النبيلة. تبدأ القصة بمشهد اغتصاب الشابة سيلي البالغة من العمر خمسة عشر عاماً من قبل من تعتقد بأنه والدها، إلى جانب رؤيتها لعذاب أمها التي كان يضربها الوالد بلا رحمة. تعاهد سيلي نفسها بأن تحمي أختها الصغيرة نيتي من شرور والدها.
وفي الوقت ذاته تلد الأم والابنة، ليقوم الوالد بقتل ابنه من زوجته وببيع طفل سيلي لإحدى العائلات. وبعد مضي سنوات حينما ترتبط أختها بعلاقة مع أرمل له أربعة أولاد وذي صيت سيئ، تحاول سيلي إقناعها بالتخلي عنه، وحينما يتقدم الأخير لطلب يدها من الوالد. يقترح الأب أن يرتبط بالأخت الكبرى التي على الرغم من افتقارها للجمال إلا أنها نموذج مناسب للزوجة التي ترعى مصالحه ومصالح أبنائه.
ولإنقاذ أختها نيتي، توافق سيلي على الزواج منه أملاً في الخلاص من جحيم والدها. وحينما يحاول الوالد التحرش بنيتي، تهرب مباشرة لتعيش مع أختها. كانت سيلي تعيش حياة مهينة ما بين زوج يضربها باستمرار لاقتناعه بأن على الرجل أن يؤدب زوجته ويحثها على عدم التقاعس في العمل، وما بين أولاده الذين كانوا يكررون فعل والدهم معها.
وحينما ترفض نيتي محاولات تودّد زوج أختها، يصمم السيد....، الذي تصر الكاتبة على عدم ذكر اسم عائلته طيلة الرواية، على طرد اختها من البيت. تطلب منها سيلي اللجوء إلى قس المدينة وعائلته التي اكتشفت بأنها قد تبنّت طفلتها وطفلها من أبيها. ومع مضي الزمن يكبر أبناء الزوج. وحينما يقع الابن البكر هاربو في غرام فتاة شابة تدعى صوفيا، يصارح زوجة أبيه سيلي بمشاعره، ويقدم الفتاة لعائلته وهي في الأشهر الأخيرة من حملها.
وحينما يرفض الأب زواجهما لاعتراضه على أخلاقيات الفتاة التي تفتقر إلى الحشمة والخجل، تذهب صوفيا لتعيش مع اختها أوديسا في بلدة أخرى بانتظار هاربو. وبعد حين يتزوج الحبيبان ويعيشان في منزل بجوار عائلة الشاب. وتنشأ صداقة متينة بين المرأتين، وفي حين تضرب الزوجة سيلي، فإن الزوجة الشابة تعكس الآية. وتأتي المفاجأة الكبرى حينما يحضر السيد...، عشيقته المغنية المعروفة شاغ أفيري إلى المنزل بسبب إصابتها بمرض تناسلي يشكّل خطراً على حياتها.
وفي البيت تستأثر هذه المغنية الجميلة باهتمام سيلي، التي ترعاها في مرضها وتعتني بها كابنة لها. ومع مرور الوقت تنشأ صداقة جديدة بين المرأتين. وعلى الرغم من معارضة المجتمع لوجود هذه المرأة الساقطة في بيت العائلة إلا أن سيلي تسعد بوجودها، لاسيما وأن شاغ تساعدها في اكتشاف نفسها والعالم من حولها.
وبعد حين تكتشف سيلي بأن زوجها كان يخفي عنها الرسائل التي كانت تبعثها لها أختها التي انقطعت أخبارها عنها منذ سنوات. وبمساعدة شاغ تحصل على جميع الرسائل التي أخفاها عنها الزوج في صندوق. وتعرف من خلال قراءتها للرسائل أن أختها سافرت مع عائلة القس إلى افريقيا في رحلة تبشيرية وأنها تعيش حياة سعيدة هانئة والأهم من ذلك اكتشاف الحقيقة بأن والدهما لم يكن سوى زوج أمهما مما يبعث الراحة في قلب سيلي.
ولأول مرة في حياتها تعرف سيلي طعم السعادة، فأختها عادت إلى حياتها وشاغ باتت صديقة لها وهي أصبحت امرأة لها عملها الخاص الذي يدر دخلاً مادياً لها، مما ساعدها في استعادة ثقتها بنفسها كإنسانة. وخلال تلك الفترة ينفصل هاربو عن صوفيا التي تغادر المدينة لتعيش مع أختها مجدداً. وبعد حين تزدهر أعمال هاربو حينما يفتح نادياً تغني فيه شاغ بعد أن استعادت عافيتها.
وفي إحدى الليالي وبعد سنوات، تأتي صوفيا مع صديق لها إلى النادي وتلتقي بهاربو وصديقته الجديدة سكويك التي تعيش معه كزوجة مطيعة خانعة. ينشب شجار بين المرأتين، تغادر بعده صوفيا النادي مع صديقها، لتختلق شجاراً آخر مع المحافظ وزوجته ولا تتردد في ضربها، مما يدفع بالشرطة إلى ضربها بلا رحمة وزجّها في السجن لسنوات. وبالطبع يجتمع جميع أفراد العائلة بمن فيهم شاغ وسكويك لمساعدة صوفيا وإخراجها من السجن، وخلال ذلك تعتني المرأتان بأطفال صوفيا.
وفي النهاية تخرج صوفيا من السجن وتعود نيتي من افريقيا مع القس الذي تزوجته بعد وفاة زوجته كروني والابن آدم الذي تزوج من فتاة افريقية والابنة أوليفيا ليعيشوا في بيت سيلي، التي تشعر لأول مرة بأن لحياتها معنىً، حيث التأم شمل جميع أفراد العائلة التي تضم شاغ وهاربو وصوفيا وأبناءها من زوجها الأول وصديقها والأخت أوديسا وسكويك وزوجها الذي تحول من رجل مشاكس إلى إنسان متديّن رحيم.

عن جريدة البيان الاماراتية