كيف انظم حكمت سليمان الى جماعة الاهالي؟ ولماذا اعترض عبد الفتاح ابراهيم عليه؟

Sunday 23rd of December 2018 07:13:31 PM ,

ذاكرة عراقية ,

د. عكاب يوسف الركابي
سعى كامل الجادرجي، وهو عضو بارز في الجماعة لإدخال شخصيات جديدة الى، الجمعية السرية، التي شكلتها، جماعة الأهالي، على أساس الشعبية، وذلك لأنه كان يعتقد، بضرورة ان تكون اللجنة المركزية تحوي بالإضافة الى الشباب، بعض الشخصيات البارزة، بينما كان هناك رأي، بأن تكون اللجنة المذكورة من، الشباب فقط، وكان يدور في ذهن، الجادرجي، من الشخصيات، جعفر ابو التمن، ونصرت الفارسي، وحكمت سليمان، وكان، نصرت الفارسي،

قد جذب الى الجماعة بواسطة، جمعية السعي لمكافحة الامية، فأتجه، كامل الجادرجي، مستعينا ً، بجعفر ابو التمن، من اجل، ضم، حكمت سليمان، الى الجمعية، وقد كانت علاقة الاخير، بجعفر ابو التمن، جيدة.

ذكر، كامل الجادرجي، كيفية مفاتحة، حكمت سليمان، ودور، جعفر ابو التمن، في الموضوع، بما نصه : ((كان، حكمت سليمان، قد أنسحب الى زاوية نائية من بغداد في داره في الصليخ، وقد كانت تصرفات، وزارة المدفعي، الثانية سنة 1934 سيئة جدا ً، والاستياء منها عظيما ً ولم يكن في البلد حزبٌ يقاومها، وكان، حكمت، مثل غيره، محطم الامال لا يختلط بأحد ولا يفكر بعمل سياسي مؤثر، وبعد امعان النظر، قررنا ترك، نصرت الفارسي، وادخال، حكمت سليمان، فقد زرت، حكمت، ذات ليلة في داره وتحدثنا مليّاً عن الوضع السيئ السائد في البلاد، وعن لزوم مقاومته، ومع انه وافقني كل الموافقة، لم أجد أملاً قويا ً في نجاح المسعى، ولم يكن يعلم شيئا ً عن اعمالنا السرية، وعن اعتزامنا تأليف جمعية باسم، الشعبية، كما لم يعلم بعلاقتنا، بجعفر ابو التمن، وقد ذكرت له اسم، جعفر، وقلت له انه مستاء جداً من الوضع الراهن، ولا يستبعد ان يوافق على العمل اذا وجد سبيلا ً الى ذلك، فتغيرت أسارير، حكمت سليمان، وظهرت عليه بوارق الامل وقال ((وهل يرضى، جعفر، ان يشتغل معي؟ لا أظن انه يثق بي كثيرا ً))، وقد كان سؤالاً ذا خطورة وحكما ً غريباً على، جعفر ابو التمن، مما جعلني افكر برهة في جواب مناسب، ولم أرد ان اعلمه بما عندنا في تلك الجلسة، وكان يجب علّي ان اكون على حذر منه لعلمي بعلاقته القوية، برشيد عالي الكيلاني، الذي لم يوافق أحد منا على الاشتغال معه او الاتصال به بأية طريقة كانت مباشرة، او غير مباشرة، وبأي ظرف من الظروف، وكان، جعفر ابو التمن، ايضا ً، من انصار هذا الرأي، فقد سبق ان بين، ان من محاذير العمل مع حكمت سليمان اتصاله، برشيد عالي الكيلاني، وذلك عندما وضعت قضية التعاون مع، حكمت سليمان، على بساط البحث .
وهكذا فبعد ان جس، الجادرجي، نبض، حكمت سليمان، حول موقفه من الاوضاع الراهنة، وجد عنده الرغبة في العمل اولا ً والتعاون مع، جعفر ابو التمن، ثانيا ً، فأخذ بالتمهيد للقاء بينهما، أستمد ضرورته مما عبر عنه، حكمت، من شكوك ازاء استعداد، ابو التمن، للعمل معه، شكوك تعود في اغلب الظن، الى أيام خروج حزب، الاخاء الوطني، على وثيقة التآخي، وكون، حكمت، ذاته من بين الذين تألفت منهم الوزارة التي كانت مثار النقد عموماً، ونقد، جعفر ابو التمن، وحزبه الوطني العراقي، خصوصا ً، وبالتالي، فلم يكن حكم، حكمت، على، جعفر ابو التمن، الذي اعرب عنه، للجادرجي، حكما ً غريبا ً كما ذكر الاخير. وقد ذكر هذا أيضاً : ((سألت حكمت عما اذا كان يتصل، بجعفر ابو التمن، في بعض الاحيان، وما اذا كان قد باحثه في الوضع الراهن؟ فأجاب، سلبا ً، واضاف ان، كلاً منهما معتزل العمل السياسي، وبائس، فسألته عما اذا كان لديه مانع من الاجتماع به، فأجاب، بأنه سيكون مسروراً، وانه يجد ذلك ضرورياً، ثم تكلم بعد ذلك بحماسة وقال : ((انه يثق، بجعفر ابو التمن، كل الثقة وهو لم ينس معاضدته الادبية له في، قضية الاثوريين، وانه كثيرا ً ما حاول ان تستفيد البلاد من اخلاص، جعفر ابو التمن، وشخصيته الفذة في مواقف ايجابية وفي مواقع مهمة، فقد حاول ان، يجعله رئيساً لمجلس الاعيان، ولم يجد رغبة قطعية من جعفر لكنه ايضاً، لم يجد مخالفة شديدة، واضاف ان الذي عرقل مساعيه في هذا الشأن، ياسين الهاشمي، واخذ يهاجم ياسين)) وأضاف، الجادرجي، ((انه بعد مدة قصيرة اجتمع، حكمت سليمان، بجعفر ابو التمن، في داري، وتكلمنا كثير اً حول الوضع الراهن آنئذ واستعرضنا الماضي والحاضر، وتم الاتفاق فيما بيننا على، وجوب تأليف جمعية سرية من أناس جدد وعلى اساس جديد على ان، لا يدخل فيها من رجال، العهد الماضي، الذين خانوا العهود وضربوا المبادئ عرض الحائط، وعلى ان يكون جل اعتمادنا على الشباب المثقف، وقد شرحنا، لحكمت، مبادئ (الشعبية) المنوي تأليف، الجمعية السرية، على اساسها، فابدى استعداده للانضمام وكان ذلك في مطلع العام 1934)).
وهكذا وافق، حكمت سليمان، على الانضمام الى جماعة الاهالي معبرا ً عن، رغبته الشديدة بالعمل مع، جعفر ابو التمن، وقد طلبت الجماعة منه بألحاح، الا يقوم باخبار، ياسين الهاشمي، ورشيد عالي الكيلاني، فوعد بذلك، وان كان المعتقد انه من غير المحتمل، في ظاهر الحال، ان يتمكن، حكمت سليمان، من، قطع علاقاته مع ماضية السياسي ليحتضن مبدأ جديداً.
وهكذا لقي انتماء، حكمت سليمان، الى جماعة الأهالي، استحسانا ً كبيرا ً لديهم، باعتباره سياسياً محترفاً وهم دخلوا الى ميدان السياسة حديثا ً، فهم يشعرون بالحاجة الى شخصية معروفة يلتفون حولها، لذلك اعتبروا انضمامه اليهم بمثابة،”صيدا ً ثميناً”، على الرغم من ان عبد الفتاح إبراهيم، وهو احد المؤسسين للجماعة، لم يخف قلقه من هذا الامر ورأى ان ذلك قد يؤدي الى فتح الأبواب أمام محترفي السياسة لاستغلال هذا التنظيم لإغراضهم السياسية وفي مقابلة للباحث معه، قال، إبراهيم ما نصه : ((ان الغاية من انضمام، حكمت سليمان، الى جماعة الأهالي هي لمساومة الحكام، والاستفادة من، التنظيم الجديد، الذي جذب اليه الكثير من العناصر المثقفة الشابة … أقول لك بصراحة … لم تكن هناك جذور فكرية بين، حكمت سليمان، وجماعة الاهالي … ان، حكمت سليمان، بانضمامه الى الجماعة يحاول الوصول عن طريقهم الى اشباع طموحه السياسي والجلوس على الكرسي))، ولعل حرص عبد الفتاح ابراهيم، على ان تبقى جماعة الاهالي، اتجاها ً فكريا ً، جعله يميل الى هذا الموقف، وهو تخوف مشروع، فهو لم يكن يثق، بحكمت سليمان، ولم يكن، راضيا ً عن الاحترام، الذي كان يعطى له، لذلك عد انتماءه، انحرافاً في مسار جماعة الاهالي، وان كان عمل شخص معهم من عياره، يبدو بطبيعة الحال، جذابا ً للغاية، وهو رأي اثبتت الايام صحته.
عن رسالة (حكمت سليمان ودوره...)