من أوراق سالم الآلوسي..مع المؤرخ عباس العزاوي في ايامه الاخيرة

Sunday 24th of February 2019 08:18:40 PM ,

ذاكرة عراقية ,

سالم الالوسي
باحث ومؤرخ راحل
يتردد على مجلسي الادبي في داري، وعلى مدار السنة الكثير من المؤرخين والكتاب والباحثين داخل العراق وخارجه ، ويدور الحديث الشائق عن العلم والادب والتاريخ بعيدا عن احاديث السياسة التي لا تمر عل بال الجالسين .. ولعل المؤرخ العراقي الكبيرالاستاذ عباس العزاوي صاحب المؤلفات التاريخية الفائقة المثال كان من ابرز هؤلاء المترددين على المجلس .

وكان العلامة العزاوي في مقدمة المتكلمين والمناقشين مع اقرانه وزملائه، وكان من بين اولئك الحضور ممن يطيل البقاء مستمعين ومستفيدين من ثمار علوم هذه النخبة الممتازة من العلماء والاساتذة ومعارفهم ، نذكر منهم الدكاترة مصطفى جواد، جواد علي، احمد سوسة، محمود الجليلي، جابر الشكري، صالح احمد لعلي، عبد العزيز الدوري، فرج بصمه جي والاساتذة ، طه باقر ، فؤاد سفر، بشير فرنسيس، يعقوب سركيس، احمد حامد الصراف، عبود الشالجي، عبد المنعم الغلامي، ورفائيل بطي، حسين جميل، صادق كمونة، ضياء شكارة، الشيخ كاظم الدجيلي وشقيقه الشيخ جواد الدجيلي ، الشيخ مهدي مقلد، روفائيل بابو اسحاق، ناصر النقشبندي ، عبد الرزاق الحسني، مير بصري، يوسف غنيمة، ويوسف يعقوب مسكوني، وكان الاستاذ كوركيس عواد مدير المكتبة يستقبل ضيوفه ويدير المناقشات برحابة صدر وبشاشة.
كانت صلتي بالمؤرخ الكبير عباس العزاوي وثيقة كنا كثيرا نلتقي في مكتبة المتحف العراقي اوقات الدوام الرسمي او في المقهى البرازيلية في الباب الشرقي عصرا اغلب ايام الاسبوع كان رحمه الله ودودا كريما، اهداني اكثر مؤلفاته. وكانت داره محجة للعلماء والمؤرخين والمستشرقين على اختلاف جنسياتهم يلجأون اليه في سؤالاتهم واستسفاراتهم والاطلاع على النوادر من المخطوطات والكتب النفيسة في مكتبته التي كانت تعد من اهم المكتبات واعظمها في عدد المخطوطات والكتب ومن اثمن المجموعات الخطية في العراق وكان حريصا على جمعها وحفظها خلال مدة جاوزت نصف القرن، صرف خلالها من الجهود والاموال من خالص حلاله في حيازتها وشرائها من داخل العراق وخارجه من تركيا وايران وسورية ومصر ولبنان وبعض الاقطار الاوروبية.

وقد انتابته اواخر ايامه عدة امراض اضطر من جرائها الى الرقود في (مستشفى الراهبات) في الكرادة الشرقية من شهر كانون الاول من عام 1970، كنت مواظبا على عيادته وتفقد احواله الصحية، وفي احدى الزيارات حدثني طويلا عن خططه ومشروعاته في المستقبل اذا ما مد الله له في عمره وخرج من المستشفى مشافى معافى، اما اذا قضت ارادة الله سبحانه وتعالى بالارتحال الى الاخرة، وهذا مآل الانسان الحتمي، فانني ارى يا سيد سالم – والقول ما يزال للاستاذ العزاوي – ان اوضاعي الصحية اخذت في التردي ولست ممن يخشى الموت فهو حق وهو نهاية كل البشر، ولا تنسى الاية الشريفة (انك ميت وانهم ميتون)، ولكنني اخشى واخاف على مصير مكتبتي، وكما تعلم انها تضم اكثر من (3000) ثلاثة الاف مخطوطة وعدة الوف من الكتب والمصادر والمراجع، وقد هداني التفكير الى فكرة اقامة بناية خاصة بها يكتب على مدخلها (مكتبة عباس العزاوي المحامي) تشرف عليها وعلى ادارتها هيئة امناء من اصدقائي الذين ائتمنهم واثق بهم وباخلاصهم وكفاءاتهم ومعرفتهم باهمية المكتبة وما تحويه من النوادر والنفائس لاسيما المخطوطات، فكثير منها مكتوب بخطوط مؤلفيها، قلت له: ومن هم اعضاء هيئة الامناء ! قال : في مقدمتهم :الاستاذ حسين جميل ، صادق كمونة المحامي، كوركيس عواد، مير بصري، وانت يا سالم وولدي السيد فاضل العزاوي المحامي.
وفي فجر يوم 17 تموز من عام 1971 ارتحل المؤرخ الكبير العلامة عباس العزاوي المحامي الى عالم الخلود، دون ان تتحقق امنياته في مصير مكتبته، رحمه الله واسكنه فسيح جناته.