إدغار آلآن بو متمردا

Tuesday 2nd of July 2019 08:00:04 PM ,

منارات ,

علي حسين
لكن ألست أنت ميتاً أيضاً، ميتاً بالنسبة للدنيا والسماء والأمل ! لقد عرفت وجودك داخلي " إدغار آلان بو

ولد لأم إنكليزية عاشت طفولتها في مدينة بوسطن الأميركية، كانت تُمني النفس أن تُصبح ممثلة شهيرة، إلا إن الامر انتهى بها مع والده الى أن يعملا في فرقة مسرحية جوالة،

في عام 1810، سيهجر والده الأسرة، وبعد عام ستموت والدته، ليجد إدغار آلان بو نفسه يتيماً وهو في الثانية عشرة من عمره، وقد توزع الأبناء الثلاثة على بعض الاقارب، فانتقل إدغار وهو في سن الثالثة عشرة الى بيت التاجر جون آلان، الذي أحاطه بعنايته، وفي هذا البيت عثر على كتب شكسبير وولتر سكوت فشغف بهما.بعده سيسافر مع العائلة التي تبتنه الى إنكلترا، حيث سُجل في أحدى المدارس الداخلية، وفي المدرسة تعلّم اللغة اللاتينية، وبدأ بكتابة الشعر، وحفظ أشعار بايرون وكيتس، بعد خمس سنوات سيعود الى نيويورك وسيهتم بدراسة علم الفلك، كان في الخامسة والعشرين من عمره، والده الذي تبناه يملك ثروة كبيرة، مما مكنه أن يتفرغ للقراءة الدراسة، يقرأ بالفرنسية واللاتينية والانكليزية، إلا أن هذه الحياة المترفة لم تدم طويلاً، فالأب كان يأمل ان يساعده ابنه بالتبني في اعماله التجارية ، وأن يترك هوسه بالقراءة وكتابة القصائد الغريبة والمخيفة ، في المقابل كان هو يرفض تقاليد العوائل الارستقراطية، ويريد أن يعيش الحياة على طريقته، مما دفع والده بالتبني أن يحرمه من الميراث، فاضطر أن يعمل محرراً للروايات الشعبية، قبل هذا بعام كان إدغار آلان بو قد طرد من الجامعة بتهمة اثارة الفوضى ، والترويج لافكار متطرفة ، مما دفعه الى الانضمام الى الجيش الذي وجد فيه اشباعا لرغبته في التمرد ، لكنه لم يستمر طويلا ، في تلك السنوات كان قد أصدر ديوانين شعريين لم يلقيا الاهتمام، فوجد في وظيفة محرر باباً للرزق، وهو العمل الذي لم يتركه حتى وفاته في سن الأربعين.. وعندما أصيب بخيبة أمل في طموحاته الشعرية، قرر الانتقام لنفسه بطريقة عجيبة، أخذ يكتب قصصا غريبة عن الموت وطموح الإنسان الذي يريد بناء عالم جديد.. كان شاعراً وقاصاً وفيلسوفاً في نفس الوقت، واستطاع أن يبتكر لنفسه أسلوباً يمجد الإرادة التي تتفوق على ثغرات الضعف التي تواجه الإنسان، من خلال توظيف شطحات الجنون والخطيئة والموت في تقديم فن جميل.

عندما بلغ السادسة والثلاثين من عمره نشر قصيدة "الغراب" التي لاقت نجاحاً كبيراً دفع العديد من الصحف الى إعادة نشرها. الأمر الذي دفعه أن يواصل نشر قصائدة بالتزامن مع قصص أطلق عليها اسم " قصص غير عادية " امتلأت بالرعب والدماء والحكايات الغريبة الأمر الذي جعل أندريه بريتون يكتب إن إدغار آلان بو سبق السيرياليين بتقديمه لوحات أدبية مثيرة بأكثر من ثمانين عاماً، وهي القصص التي ترجمها بودلير الى الفرنسية وكتب لها مقدمة يحيي فيها روح التمرد التي تسيطر على كتابات آلان بو، لم يعش إدغار ، سوى أربعين عاماً، إذ انتهت حياته في السابع عشر من تشرين الأول عام 1849، حيث عثر ميتاً في أحد الطرقات، وقد تعددت الروايات عن موته إلا أن شارل بودلير اعتبر موته وحياته إنما : " تأرجحاً بين الحقيقة والخيال سيترك حضوراً لها مع مرور الأزمان "
من بين الكتب الكثيرة التي تركها إدغار آلان بو كتاب بعنوان " فلسفة التأليف " سيعثر عليه فيتزجيرالد في إحدى مكتبات الكتب القديمة في ولاية فرجينيا، وسيجد فيه الطريقة المثلى لكتابة عمل أدبي مُحكم وجيد، وسيكتب في يومياته :" هذه صفحات ستؤثر على روايتي الجديدة التي أخطط لها "، كان فيتزجيرالد قد وضع مخططاً لروايته غاتسبي العظيم وأرادها أن تكون أكثر شاعرية، وتنافس إغراء المرأة الجميلة.
كانت حياة إدغار آلان بو اشبه بصراع محموم للتغلي على قسوة المجتمع الذي حرمه من الثروة ، وجعله معلق لايعرف الى اي طبقة ينتمي ، ومن اجل ان يثبت مكانته خاض معارك شرسة للانتصار على الافلاس والحرمان والديون التي تلاحقه والاهمال والرفض ، ليشكل من خلال كل ذلك شخصبة الكاتب المتمرد والمتفرد يكتب فيتزجيرالد وهو يضع صورة إدغار آلان بو على مكتبه :ط يجب ان لانتعجب عندما ندرك ان العالم الحقيقي وعالم الفن ، عالما واحدا يعتمد وجوده على التوازن الدقيق للقوى والطاقات " .