مرغريت آتوود : جورج أورويل مثلي الأعلى

Tuesday 17th of September 2019 06:28:53 PM ,

منارات ,

ترجمة/ المدى

نشأتُ مع جورج أورويل. ولدت في 1939، وصدرت " مزرعة الحيوانات " في 1945. قرأتها في عمر التاسعة. كانت ملقية هنا وهناك في المنزل وحسبتها كتابا يتحدث عن الحيوانات. لم أكن أعرف شيئا عن الصفة السياسية التي يتضمنها الكتاب. فهم الأطفال للسياسة، حينئذ، كان يشتمل على فكرة بسيطة هي أن هتلر رجل شرير لكنه ميت.

القول أنني كنت مروّعة بهذا الكتاب سيكون تصريحا مكبوحا. قدر مزرعة الحيوانات كالح جدا، كانت الخنازير خسيسة جدا وكذوبة وغادرة، الخراف كانت بلهاء جدا. للأطفال إحساس ثاقب بالظلم، وكان هذا الشيء أكثر ما يغضبني : الخنازير كانت ظالمة كثيرا.

التجربة كلها كانت مربكة بعمق، لكنني ممتنة الى الأبد لجورج أورويل لتنبيهي في وقت مبكر من حياتي الى الرايات التي صرت أحذر منها منذ ذلك الحين. كما علّمنا أورويل، لم تكن اليافطات – المسيحية، الاشتراكية، الإسلام، الديمقراطية، الأعمال – هي الحاسمة، بل الأفعال التي تتم باسمها.
" مزرعة الحيوانات " هو واحد من أكثر كتب الإمبراطور بلا ملابس [ الحكاية الرمزية عن ثياب الإمبراطور ] التي ظهرت في القرن العشرين دراماتيكية، والتي جلبت المتاعب لأورويل. الناس الذين يسيرون عكس تيار الحكمة السائدة، والذين يشيرون الى الوضوح غير المريح، على الأرجح سيثغون على نحو متحمس بسماعهم الخراف الغاضبة. لم أكتشف، بالطبع، كل ذلك في عمر التاسعة – لا على نحو واعي. لكننا تعلّمنا أمثلة القصص قبل أن نتعلّم معانيها، و" مزرعة الحيوانات " كان من ابرز الأمثلة لذلك.
ثم جاءت رواية " 1984 "، التي نشرت عام 1949. قرأتها بغلاف ورقي ( النسخة المنشورة صورتها هنا )، بعد سنوات قليلة، عندما كنت في المدرسة الإعدادية. ثم قرأتها مرة أخرى، وأخرى. أثّرت بي أكثر بواقعيتها، ربما لأن ونستون سميث كان أكثر شبها بي، شخص نحيف نال منه التعب كثيرا وكان عرضة للتربية الجسدية تحت شروط رهيبة – صورة من مدرستي – وكان في خلاف مع الأفكار وأسلوب الحياة المقترح له. ( قد يكون هذا واحدا من أسباب ان أفضل وقت لقراءة " 1984 " هو عندما تكون مراهقا، أغلب المراهقين لهم هذا الإحساس. ) تعاطفت بوجه خاص مع رغبته بكتابة أفكاره المحظورة في دفتر سرّي أبيض. لم أكن بدأت بعد بالكتابة، لكن كان يمكنني أن أرى الجاذبية في هذا. كان يمكنني أيضا أن أرى الأخطار، لأن كتابته هذه – مع الجنس المحرّم، المفردة الأخرى التي تعتبر إغراءً لمراهق في سنوات الخمسينات – هي التي تضع ونستون في ورطة مثل هذه.
أصبح أورويل نموذجا مباشرا لي بعد ذلك بكثير في حياتي – 1984 الحقيقية، السنة التي بدأت فيها كتابة ديستوبيا [ نقيض اليوتوبيا ] مختلفة الى حد ما، " حكاية الخادمة ". في ذلك الوقت كنت أبلغ الرابعة والأربعين من العمر، وتعلمت ما يكفي عن الحكم المطلق الحقيقي بحيث لم أكن بحاجة الى الاتكال على أورويل وحده. الديستوبيات الرئيسية – منها ديستوبيا أورويل – كانت مكتوبة بأقلام رجال ووجهة النظر كانت ذكورية. حين ظهرت النساء فيها، فكانت أما بشر أوتوماتيكيون بلا جنس او ثائرون تحدّوا القواعد الجنسية للنظام. كنت أرغب بمحاولة ديستوبيا من وجهة نظر أنثوية – العالم وفقا لجوليا، كما كان عليه.

عن صحيفة الغارديان