حين يصبح الشيطان حارس بوابة الجنّة..!

Saturday 23rd of November 2019 09:08:13 PM ,

الحريات اولا ,

 يكتبها: متظاهر
لم يجد الغضب الشعبي الداعي للتغيير والاصلاح، منذ اسابيع، حتى الآن آذانآً صاغيةً من الآباء المؤسسين للعملية السياسية فاقدة الصلاحية، لتستمر عمليات القتل على الهوية الوطنية وسقوط المئات من الشهداء والآلاف من المصابين والجرحى.

ورغم وضوح موقف ساحات الاحتجاج والكرامة الرافض لنهج الفريق الحاكم، وطروحاته المفضوحة، ومما تتوهم انه "خارطة طريقٍ" للحل، فان الرئاسات والقيادات السياسية للكتل والميليشيات المسلحة الوقحة تثابر في عقد الاجتماعات واللقاءات المعلنة والسرية لإعادة صياغة مفاهيمها وقيمها في حزمٍ اصلاحية ومشاريع قوانين، ومواثيق شرف، تدرك بحسها التآمري وخبرتها في الالتفاف على القوانين والحقائق والدستور انها مرفوضة من العراقيين المنتفضين، لأن فاقد الشيء، لا يمنح سوى ما يشبههه ويعبر عن سويته.
إن اكثرمن عقدٍ ونصف من تجربة الحكم في إطار ما سُمي بالعملية السياسية، أثبت بوضوح لا لبس فيه، أن الجماعة المهيمنة على السلطة والقرار السياسي، لا تمتلك من الأهلية والكفاءة سوى ما يُمكّنها من سرقة ثروات البلد ومصادرة ارادته والعبث بمقدراته ونشر الفساد في كل ركن من اركان الدولة الملغية وتحويل قيم السرقة والرشى ونهب الممتلكات العامة والخاصة بحكم الإفقار وضيق ذات اليد الى ثقافة اجتماعية سائدة.
ورغم نهوض الحركة الجماهيرية الخلاقة منذ اسابيع، المطالبة بالاصلاح، وتحولها الى المطالبة بالتغيير ورحيل الطغمة المتسلطة، فان اركان السلطة وولاتها من قادة الكتل والاحزاب والميليشيات لم تقتنع بعد أو أنها لا تريد الاقتناع، بان المنظومة السياسية الحاكمة بقادتها واحزابها ورئاساتها هي هدف التغيير، وبدون تغييرها جذرياً، يتعذر اي إصلاحٍ أو تجاوزٍ للأزمات التي تعيد انتاج نفسها لتنعكس ويلاتها بالمزيد من إفقارٍ المجتمع واستباحة كرامة ابنائه ومصادرة سيادة بلده وسد آفاق التطور والتقدم أمام مستقبله .
فكيف يمكن لمن بات موضع شكٍ مطلق، أن يتولى نفسه قيادة عملية اصلاح وسن قانون انتخاب "عادل" واختيار مفوضية نزيهة وطنية كفوءة، وهو الموسوم بالفساد والجريمة المنظمة وتطويع الدستور والقوانين على هشاشتها، وتزوير ارادة الناخبين، واختيار مفوضياتٍ للانتخابات ظلت في طابعها موالية للطبقة الحاكمة، وفاحت في الدورة الانتخابية الاخيرة التي أفرزت الرئاسات الثلاث رائحة بيع صناديق الاقتراع والمقاعد الانتخابية والوزارات علناً بالصوت والصورة وتحت سقف البرلمان نفسه؟ ..!
كيف لمثل هذه الطبقة وتجلياتها التشريعية والتنفيذية، أن تكون موضوع ثقة، وحامي دستورها يخالف الدستور عن عمىً او قصدية مريبة لركوب الموجة حين يشكل لجنة خارج السياقات الدستورية بطبيعة تكوينها. وعن أي قانون عادلٍ، يترافع السيد الحلبوسي واللجنة البرلمانية التي شكلها، هي نفسها تضم من قررت وصوتت على القوانين الانتخابية المتعاقبة بتعديلاتها التي جاءت كلها لتجسد مصالح الكتل الكبيرة المهيمنة، واي مفوضية انتخابات نزيهةٍ، كفوءةٍ، معبرة عن رؤية وطنية لا شوائب طائفية فيها وهو من صوت على المفوضية التي فاقت سابقاتها بالتزوير وبيع صناديق الاقتراع، وحرق المراكز الانتخابية؟ ..
وقد آن لآباء ماضٍ آتٍ مهما طال الزمن: إن الشيطان لا يمكن أن يكون حارس بوابة الجنة، مثلما لن يكون لمثلهم ان يكون بوابة اصلاح او تغييرٍ.
لقد صار لزاماً على كل من يعنيه ايقاف نزيف الدم والحد من الشهداء والضحايا، والحيلولة دون إنزلاق البلاد الى منحدرٍ ليس من بعده سوى قاعٍ لا قرار له، مفتوح على خيارات صعبة وتضحيات جسيمة، لكنها ستنتهي لا محالة الى نهاية فاجعة لمن لا يريد ان يستمع لصوت العقل والحكمة وينحاز الى صوت المنادين بشجاعة وجسارة لم يسبق لهما مثيل الى التغيير المُمَهد وحده للاصلاح والحرية، صوت من ينادون وهم ينزفون دماء ويواجهون ببسالة الرصاص والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع: نريد وطن ..!