جمعية حرس الاستقلال..من تاريخنا الوطني في صفحاته الاولى

Sunday 24th of November 2019 06:30:29 PM ,

ذاكرة عراقية ,

مهند جميل العنزي
اثر اختلاف الرأي العام العراقي حول طبيعة الحكم في العراق , وضعف قدرة الأحزاب الوطنية في إيصال قضية العراق إلى الدول الكبرى, رأى الوطنيون ضرورة تأسيس جمعية سياسية سرية باسم ( جمعية حرس الاستقلال), تهدف الى إنقاذ البلاد من الاحتلال البريطاني, و تحقيق الاستقلال, وقد أعلن عن تأسيسها أواخر شباط عام 1919,

وضمت إضافة إلى علي محمود كل من السيد محمد الصدر, رئيس الجمعية فرع الكاظمية وبهجت زينل,و بإنتمائه أنحاز علي محمود إلى جانب المعارضة السياسية ضد السلطات البريطانية وكان تسلسله في الجمعية (23), وشرع الأعضاء بانتخاب الهيئة الإدارية التي ضمت عشرة أعضاء , ووافقوا على مواد الجمعية وأهدافها في العمل لتحقيق استقلال العراق التام وإيجاد نظام سياسي دستوري ديمقراطي.
وبدأت الجمعية اعمالها بعقد اجتماعات سرية في أماكن متباعدة تارة في الكاظمية وأخرى في بغداد وباشرت بفتح فروع لها في مدن العراق, بالمقارنة بين جمعيتي العهد) تأسست عام 1913 في استنبول علي يد عزيز علي المصري وضمت 315 ضابطاً عربياً اغلبهم من الضباط العراقيين , طمحت إلى حالة من الحكم الذاتي للعرب في أطار الحكم العثماني ,فتحت لها فروعاً في بغداد ترأسه حمدي الباجه جي والموصل وحلب , تكونت اللجنة القيادية للجمعية من سعيد النقشبندي,ونوري فتاح, وانور النقشلي ,علاء الدين النائب ,بهاء الدين الشيخ سعيد, أحمد عزت الأعظمي , وحسن رضا , غايتها الأولى استقلال البلاد العربية . (وحرس الاستقلال فإن الأخيرة كانت أكثر توفيقاً في العمل الدؤوب الذي يكشف عوامل كامنة بين الإدارة لمركزية العراقية التي دعمت جهد جمعية الحرس خلافاً لما عليه العهد التي كانت تدار من الأرضي السورية التي سجلت تراخياً في ذلك الأداء , هنلك خلافات اخرى بينهم منها قومية الجمعية وقطرية حرس الاستقلال وعضوية العهد العسكرية على خلاف الحرس التي انضمت اليها عناصر عسكرية ومدنية .
لقد برز نشاط الجمعية في الدعوة إلى التظاهرات والاعتصام فعندما صدر قرار مؤتمر سان ريمو عام1920 الخاص بالانتداب على العراق برز دور جمعية الحرس في قيادة المظاهرات في بغداد , إضافة إلى دورها الفكري والعسكري في الثورة العراقية الكبرى ,إلا أن القوات البريطانية عملت على ملاحقة عناصرها وألقت القبض عل ونفتهم بعضهم إلى جزيرة هنجام, وهرب بعضهم الآخر إلى منطقة الفرات الأوسط ,وقد عملت جمعية الحرس على الاعداد للثورة ضد البريطانيين فآخت بين الطوائف الإسلامية بإقامة المواليد النبوية والمأتم الحسينية , وكان الطابع البارز لتلك الاحتفالات إلقاء الخطب السياسية والاناشيد الوطنية, وهنا تجلت مواهب علي محمود وبرزت في كتابة المقالات السياسية الحماسية التي تحث الشعب على الاتحاد في مواجهة قوى الاحتلال.
إضافة إلى ذلك دعت جمعية حرس الاستقلال, إلى قيام تظاهرات كبرى في العاصمة بغداد للاحتجاج على السلطة البريطانية والمطالبة بتخويل خمسة عشر مندوباً من ممثلي بغداد والكاظمية ليفاوضوا الحكومة في المسائل السياسية التي يتوقف عليها مستقبل البلاد السياسي وفي مقدمة تلك المسائل, إلغاء الإدارة العسكرية وإنشاء حكومة وطنية حسب وعود الحلفاء.و المندوبون الخمسة عشر هم محمد جعفر أبو التمن , أبو القاسم , الشيخ أحمد الظاهر , السيد محمد الصدر , عبد الكريم , يوسف السويدي , فؤاد الدفتري , وعبد الوهاب النائب , سعيد النقشبندي , محمد مصطفى الخليل , رفعت الجادرجي , علي البزركان , احمد الداود , عبد الرحمن الحيدري , ياسين الخضيري,
قوبلت دعوى الجمعية برضا الشعب وتجمع المتظاهرون في جامع الحيدر خانة وألقيت الخطب الحماسية وجرى انتخاب المندوبين الخمسة عشر, وبينما كان المتظاهرون مجتمعين أرسلت السلطة قوة لتفريقهم فوقعت صدامات قتل فيها أحد المتظاهرين, الأمر الذي دفع بالحاكم البريطاني ويلسون إلى طلب قادة المظاهرة وهددهم بالنفي إذا لم يوقفوا نشاطهم السياسي,الامر الذي دفع الوفد الذي انتخبه المتظاهرون لمقابلة الحاكم العام البريطاني وقدموا له مذكرة طالبوا فيها بالاَتي.
1- الإسراع في تأليف مؤتمر يمثل الأمة العراقية لتقرير مصيرهم وشكل ادارتها في الداخل وعلاقتها في الخارج .
2- منح الحريات للمطبوعات ليتمكن الشعب من الإفصاح عن رغباته وأفكاره .
3- رفع الحواجز في طريق البريد والبرق بين أنحاء البلاد, أولاً: وبينه وبين الأقطار المجاورة والممالك الأخرى, ثانياً: ليتمكن الناس من الاطلاع على التطورات العالمية ونتيجة لرفض السلطات البريطانية تلك المطالب خرجت مظاهرات أخرى وكانت اقرب إلى إعلان الحرب, بعد أن فشلت كل المحاولات السلمية التي اتبعها الزعماء الوطنيون في سبيل تحقيق مطالبهم.
ونتيجة للضغط السياسي والاقتصادي لسلطات الاحتلال البريطاني وتنكرهم للوعود التي قطعوها إلى الشعب العراقي قامت في البلاد حركات مسلحة عديدة توجت في 30 حزيران عام 1920 بثورة نجح العراقيون في مواجة بريطانيا وإلحاق الخسائر بقواتها المتفوقة بالعدد والعدة, ورغم فشل الثورة في تحقيق هدفها وتحرير العراق إلا أنها اَجبرت بريطانيا على تغيير سياستها في حكم العراق.
بعد انتهاء الثورة في العراق عملت بريطانيا على تغيير سياستها اتجاه العراق بعد تعرضها لخسائر كبيرة, بالإضافة إلى الضغوطات الداخلية التي تعرضت لها من قبل دافعي الضريبة في بريطانيا ,فرأت من الضروري تغيير حكمها في العراق من الحكم المباشر إلى غير المباشر, وذلك من خلال تكوين حكومة مؤقتة في العراق , لذلك دعت المندوب السامي برسي كوكسPercy cox) ), وأوكلت إليه مهمة تشكيل تلك الحكومة , ونجح الأخير في تشكيلها إلا أنها لم تدم طويلاً إذ قدمت استقالتها بعد تنصيب الأمير فيصل ملكاً على العراق عام 1921.
عن رسالة: علي محمود الشيخ : حياته ودوره في تاريخ العراق 1901- 1968م