العراق وظاهرة العمالة الأجنبية

Monday 23rd of May 2011 05:25:24 PM ,

ملحق الاقتصادي ,

محمد صادق جراد
تعاني الدول العربية من ظاهرة البطالة التي تهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي لهذه الدول سيما ان البطالة كانت السبب الرئيسي في التظاهرات التي شهدتها المدن العربية وكانت المحرك الاول لتلك الاحتجاجات حيث يمثل حجم البطالة في الوطن العربي اكثر من 22% ورغم ذلك نجد ان أسواق العمل العربية تشهد تزايدا ملحوظا في طلب العمالة الأجنبية والآسيوية التي تتوافد على أسواق تلك الدول بصورة كبيرة .

وبالنسبة للعراق كبلد ينهض من جديد لإعادة بناء بنيته التحتية وبالرغم من معدلات البطالة التي يعاني منها الا ان ذلك لم يحد من توافد العمالة الأجنبية وخاصة الآسيوية من الذين يتم دخولهم الى العراق عن طريق شركات سياحية وبشكل قانوني ورسمي الا ان انتهاء المدة القانونية المسموحة لبقاء هؤلاء في العراق يجعل بقاءهم غير قانوني الأمر الذي جعل الحكومة تصدر أمرا بإخراج هؤلاء من العراق حسب قانون منع العمالة الاجنبية الذي يمنع استقبال هذه العمالة واستخدامها والذي صدر في 27/8/2009 .
ولا يؤيد البعض من أصحاب العمل والشركات هذا القانون بل ويطالبون بإلغائه حيث يرى الكثيرون بان العمالة الأجنبية في العراق لا تشكل تقاطعا مع العمالة العراقية حيث تتخصص العمالة الأجنبية في اكثر الأحوال في المجالات التي لا تجد إقبالا من قبل العمالة العراقية وخاصة مجالات الخدمة والتنظيف .
ويرى البعض من أصحاب العمل بان العمالة الأجنبية تتميز بالالتزام بالعمل وقلة الأجور حيث تصل في أعلى مستوياتها الى 200 دولار شهريا مقابل العمل أكثر من 12 ساعة في اليوم بالإضافة الى الدقة في العمل والمواعيد .
وتشير تجربة إقليم كردستان الى النجاح الذي حققته من خلال استخدام هذه العمالة وكذلك الكثير من الدول العربية ومنها تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تحتل العمالة الآسيوية فيها ما يربو على 87 % من العاملين بالقطاع الخاص الإماراتي وكالاتي : الهنود 53 % , الباكستانيون 10.6 % من العرب 18 % - حيث إن الدول العربية تفضل العمـالـــة الآسيوية نظرا لتدني أجورهم عن العمالة المحلية او العربية . كما هناك مهن داخل الأمارات يشغلها آسيويون منافسة للعمالة العربية المتوفرة بكثرة مثل - الخياطة – التطريز – حلاق رجالي – خباز فرن – مشرف خدمات – مساعد طاه – منظف اواني – صانع عصير – عامل تنظيف – حارس – فراش .
وتجدر الإشارة إلى ان التحسن الأمني في العراق على عكس ما يحدث في دول المنطقة من تدهور في الأوضاع الأمنية شجع العمالة الأسيوية على الوفود إلى العراق بحثا عن العمل وكسب الرزق وخاصة من الدول الآسيوية الفقيرة كالهند وبنغلاديش.
ويرى بعض الوافدين الى العراق إن الظروف التي يعيشها البلد اليوم جعلت العمل هنا أفضل نسبيا من العمل في بعض الدول الأخرى وخاصة في الخليج، حيث يقول المواطن البنغالي أبو بكر ،والذي يعمل في احد الفنادق في مدينة النجف الاشرف انه يفضل العمل في العراق. يقول بأنه يتقاضى راتبا شهريا قدره 200 دولار فضلا عن تأمين صاحب الفندق الطعام والسكن له مجانا، في حين يذكر ابو بكر بانه كان يعمل في المملكة العربية السعودية قبل ان يأتي إلى العراق وكان يتقاضى راتبا قدره 150 دولار فقط مع تحمله نفقات الطعام والسكن .
هذا من جانب ومن الجانب الآخر نجد ان البعض له رأي معاكس مفاده ان تشجيع توافد العمالة الأجنبية يعد أمرا خطيرا حيث يؤثر سلبا على الوضع الذي يعيشه اغلب الشباب العراقي من قلة الموارد والعمل في حال إغراق السوق بالأيدي العاملة الأجنبية والأخطر من ذلك هو تخوف البعض من ان تعتمد الشركات الأجنبية المستثمرة على العمالة الاجنبية لقلة التكاليف وزيادة الأرباح بالرغم من ان قانون الاستثمار يشمل شرط تشغيل الأيدي العاملة العراقية بنسبة 50 % في المشاريع الاستثمارية .
ويرى أصحاب هذا الرأي ان هناك مشاكل أخرى يمكن ان تنجم عن استخدام العمال الأجانب وهي صعوبة متابعتهم من قبل الأجهزة الأمنية سيما بعد انتهاء مدة إقامتهم في البلد حيث تصبح إقامتهم غير قانونية مما يضطر البعض منهم من الذين يفقدون وظائفهم الى الانخراط في المجاميع الإرهابية .
لذلك على الجهات المسؤولة إعادة النظر في قضية توافد العمالة الأجنبية ومعالجتها من خلال عدم ترويج طلبات استقدامها إلا بعد تقديم الشركات المختصة العقد المبرم بين الشركة المعنية والعمال الأجانب, واستحصال موافقة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية كما ويجب تقديم نماذج الفحص الطبي للوافدين على أن تكون مصدقة من قبل دوائر وزارة الصحة وطلب تعهدا خطيا من الجهة الداعية تتعهد فيه بتحمل السكن والمعيشة وتامين إحضارهم في حالة طلبهم من أية جهة أمنية .
واخيرا تنظيم ورشة عمل لمناقشة واقع العمالة الأجنبية في العراق والتشريعات القانونية التي تنظم عملية استقدامها للبلاد وعمل المكاتب غير الشرعية في هذا المجال، فضلا عن بحث التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تخلفها هذه الظاهرة .