فاقد الشيء لا يمنحه: حين يكتفي الرئيس بأن يتابع باهتمام !؟

Sunday 8th of December 2019 09:53:57 PM ,

الحريات اولا ,

 يكتبها متظاهر
ظل برهم صالح وزميله رئيس البرلمان في حالة صمتٍ مريبٍ وهما يتابعان فصول المجازر التي ارتكبت بحق المتظاهرين السلميين منذ الاول من تشرين الأول/اكتوبر. ولم يتغير مشهدهما على شاشات التلفزيون وهما يستقبلان ويودعان ضيوفهما من السفراء والمسؤولين. بقيا مزهوين بموقعهما، لا تفارقهما الابتسامة المفتعلة، ومظاهر الفرح، يحافظان على "أناقتهما الرئاسية" وكأنهما يتبادلان التهنئة بمنجزٍ شعبيٍ، أو يحتفلان بقرب انتصارٍ وطنيٍ وشيكٍ يُعيد "الأمل للعراقيين".

وكانت اجتماعات الرئاسات الثلاث حول الطاولة الرئاسية الدائرية، أشد وقعاً بمرارتها على العراقيين وهم يتابعون مظاهر الاسترخاء واللامبالاة بادية على كل واحد منهم وكأن دماء الشبيبة التي تسفك ببرودة دمٍ ليست سوى مشاهد سينمائية في أحد افلام الرعب. لم يكن اياً منهما على علمٍ بمن يقتل المتظاهرين أو يأمر بقتلهم. وفجأة خرج الرئيسان من غفوتهما السياسية، على وقع مجزرة السنك والخلاني، لينتبها الى أن "عصابات" منفلتة مسلحة خارجة على القانون تحصد ارواح العشرات من المتظاهرين والمئات من المصابين باسلحة متوسطة " RBG " تنقلهم سيارات رباعية الدفع حكومية مضللة لا تحمل ارقاماً. وليتهما بقيا على غفوتهما وصمتهما المريب. فقد صمتا دهراً ونطقا كفراً. فالجريمة التي ارتكبت بتدبيرٍ وهدفٍ مدروسين بعناية، تُعرّف القاصي والداني على هوية القتلة المأجورين ومن يحركهم، قبل وصولهم الى مسرح الجريمة في ساحتي السنك والخلاني، فالناس اصبحت على دراية بحكم التجارب المريرة التي تعايشوا معها مرغمين، أن أمثال هذه الفعلة الاجرامية لا تتجرأ سوى عصابة واحدة على الاقدام عليها، دون خشية من اعتراضها، لأنها تتحرك بهوياتٍ رسميةٍ وسياراتٍ مسجلةٍ حكومية، ويقودها حملة باجاتٍ تُمكنها من اختراق اي حاجزٍ حكوميٍ دون ان تقف أو تُوقف. وقد تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي منذ اللحظات الاولى الاسماء والمسميات للفاعلين ومناشئ اعتدتهم وأسلحتهم. وأول من كشف هوياتهم ميليشيات تريد إبعاد الشبهة عنها وتبرئة ساحتها.! لم يجد الرئيسان تعبيراً تمويهياً للتغطية على الجريمة وأدواتها، سوى القول انها جريمة من فعل "عصابات منفلتة خارجة على القانون"، وأنهما حريصان على التواصل مع الجهات الامنية لكشفها وملاحقتها ووضعها أمام القضاء.! فهل تَقصد الرئيس الساهر على الدستور وحاميه، وكذلك زميله رئيس البرلمان "ممثل الشعب" في اطلاق "كُنية عصابات" وليس "ميليشيات" على اساس انهما صفتان لهوية واحدة؟. وإلا لم يخشيان من وضع النقاط على الحروف واحدهما يمتلك شرعية تطبيق الدستور على كل ما يتعارض مع مبادئه ومبانيه ومضامينه، بما في ذلك وضع أي مسؤول رفيع مدني او امني او عسكري تحت سلطة القانون في حالة الخروج على الدستور او من تحت عباءته الشرعية؟. وهو قادر على إقالة رئيس السلطة التنفيذية أو إحالة القيادات العسكرية الى القضاء أو حل البرلمان في السياقات الدستورية. وعليه واجب مُلزم بتدارك أي تشكيل أو تنظيمٍ يتعارض مع الدستور في حالة تقاطعه مع كيان الدولة وخصوصاً مع القوات المسلحة ويقوم مقامها دون وجه حقٍ أو غطاء دستوري. ورئيس البرلمان يمتلك المشروعية التمثيلية في التصدي تحت قُبة البرلمان للانتهاكات القانونية والكيانية المتقاطعة والمتعارضة مع ما ينص عليه الدستور في توصيف الدولة وهيكليتها ومؤسساتها وسلطاتها القضائية والتشريعية والتنفيذية. فهل تنسجم كل هذه الصلاحيات والمهام الدستورية مع سلوك السيدين برهم صالح ومحمد الحلبوسي وهما يصدران بيانين تعبيراً عن موقفهما من مجزرة الخلاني والسنك مع إهمال "موقعة الجمل العراقية"؟ يبتدأن بالعبارات الهشّة التالية :" تابع باهتمامٍ شديد ما حصل يوم الجمعة الماضي من اعتداءٍ مسلحٍ على المتظاهرين السلميين الذي قامت به عصابات مجرمة خارجة على القانون راح ضحيته عدد من الشهداء والجرحى" وقالت رئاسة الجمهورية إن صالح هو الآخر (تابع باهتمام شديد وبألم عميق مع) الجهات الحكومية المختصة ما حصل من اعتداء اجرامي مسلح قامت به عصابات مجرمة خارجة على القانون)!..
انهما رئيسان يعكف احدهما الآن على اقرار قانوني الانتخابات ومفوضيتها العليا، ويتولى الرئيس صالح تسمية مرشح مستقل، وطني نزيه، كفوء، شجاع، قادر على اتخاذ قرارات جسورة دون خوف او خشية أو تنازل تحت تهديد عصابات خارجة على القانون...!؟ فهل هما كفوء لمثل هذه الاستحقاق الوطني الخطير.
يقول المثل المشهور: فاقد الشيء لا يمنحه ..!