ليست عورة، من تنادي بصوت الثورة عراقية وتبقى حرة

Sunday 5th of January 2020 08:16:44 PM ,

الحريات اولا ,

 ماس القيسي
"ناقصات عقل ودين"، "عورة"، "كنز لابد ان يغلف"، "حجابها رمز عفتها"، "منزلها مملكتها"، وغيرها من عبارات قبيحة الشكل والمضمون، معلومات مهترئة من موروثات مجتمع شرقي كبل ذاته بقيود دينية، هو من رسخها بذكوريته المتسلطة، بنيت على معطيات هزيلة لتشكل معارف حسب المنطق البرمجي،

بعيدة كل البعد عن مكنون المعرفة التي يتداولها المثقفون في جلساتهم الادبية، وانما تكاد تكون اشبه بحروف مكونة تراكيب هجينة، تتراكم على لوح حجري صدئ، غير قابل لمرونة التكيف مع تغيرات الحياة وتطلعاتها.
هي، من كانت منذ فجر التاريخ على ارض حضارات بلاد ما بين النهرين، حيث سومر، اور، بابل، اكد، وآشور، وما زالت رمزا للخصوبة والحب والحياة والعطاء، كيف يمكن بتر دورها الريادي في قيادة بنى الحضارة والتطور والابداع، لمجرد انها من جنس آخر مختلف تعرض للنفي من قبل جنس منح نفسه صلاحية ابدية لقيادة المجتمع، لست ابالغ حين اقر بانها نفيت، نعم، فما دورها الحالي ابان عصور الظلام، ان صحت تسميتها، في شرقنا الاوسط الا دور ركيك لا يسمن من جوع، هيكل انثوي خاوٍ الا من بعض الافكار الطفيفة التي اعتادت ان تحجمها، فلا مفر امام ذاك النرجسي الذي لولا ايمانه المتهرئ لاطلق على نفسه لقب (الرب). نصف المجتمع هي، ومن تربي نصفه الآخر مؤسسة اولى لبنات اعمدة الاساس في تكوين الاسرة ليكتمل نصابها، كيف لها ان تمنح الحياة وتغذي شريان جسد اسرتها وهي مكبلة، منطوية بذاتها او تائهة بين ازقة وطرقات ضيقة، تكابد عناء المسير، قد تكابر وتتقمص دور الايثار، ولكن ليس بالقدر الذي يليق بعظمتها وقداسة الارض التي منحتها حق الحياة والحرية والعطاء.
من هنا كان لابد لها ان تنتفض، تكسر حاجز الصمت وتثور، معبرة عن عنفوانها، كبريائها، فهي انسان قبل ان تكون انثى، مع التحفظ على تجنيس الكائنات حين نتحدث من منطلق الانسانية البحتة، ولكن هذا ما يمليه علينا واقع لا بديل له، فقالت كلمتها اخيرا حين اندلعت ثورة عراقية كانت على موعد معها في اوائل اكتوبر الماضي، عندما اسقطت قيدها كورقة خريف لتولد اخرى بروح مغايرة، نطقت بصوت رخامي زلزل ارض العادات البالية من تحت اقدام الغطرسة الذكورية لترافق ركب الوطن في حراكه الجماهيري سعيا وراء تحطيم اغلاله، تقول رباب: "فيما يخص الوطن والثورة، لا توجد اي قياسات يمكن ان تحدد، لا دين ولا جنس ولا لون او حتى عمر او طبقة، هو ليس بمثابة اجابة لتساؤل عن ماهية دور الانثى كثائرة، بغض النظر عن كل تلك المسميات، فعلت كل ما بوسعي من اجل وطني ومستقبلي، ومن ينادي بأن صوتي عورة هذا لا اعيره اي انتباه".
عشتار بابل، شبعاد سومر، و سميراميس آشور تلك من حفرت مجدها في ذاكرة ارض الرافدين، تظهر من جديد وتصدح بفكرها الجبار (مها عطية) فيما يخص دور المرأة العراقية الثائرة، قائلة: "ما كانت لتلاقي الثورة هذا النجاح لولا تواجد المرأة، فقد بثت الحياة في كل زاوية وشبر من ساحات التظاهر، اذ كانت الطبيبة، المسعفة والفنانة والام، التي تجهز الطعام وتدير امور المنزل الكبير المتمثل بساحة التظاهر". وتعقب بالإشارة الى صوت الانثى الحر اذ تقول: "من اهم نتائج الثورة هو سماع صوت المرأة بكل وضوح، دون اي اعتبار لتقاليد او اعراف بالية تكمم افواه النساء وتسلب حقهن في إبداء الرأي".
كهرمانة هي، حين تقف شامخة بوجه طغيان الارث العقائدي والمجتمعي بجوار رفيق دربها الرجل، وتقول نيران محمد بهذا الصدد: "شاركت المرأة في كل ميادين الثورة، رسمت وعالجت وطبخت وغسلت ملابس المتظاهرين، وشاركت بتنظيف شوارع الساحات، وساهمت في طرح الافكار والمسيرات، كما كان لها الاثر في جميع المسائل القانونية التي تخص ثورتنا، وقفت بجانب الرجل في كل خطوة، بالإضافة الى تفردها بخطوات قادتها بنفسها"، وعن صوتها تستأنف حديثها قائلة "صرخت بوجه من يصف صوتها بانه عورة، وصرحت بكل عنفوان ليصمت امامها خائفاً، قادت المسيرات وتحدثت وعبرت عن رأيها بكل ما يحدث، وطالبت بحقوقها".
لبوة تسابق الاسد في مناورات الصيد وتخطي الازمات، كما تصفها سارة مزهر بقولها: "كانت في بادئ الامر مسعفة للجرحى وداعمة للشباب الثائر، وبعد افتتاح خيم المعتصمين توسع دورها اكثر فاكثر، فقد ساهمت في الدعم اللوجستي، والمعنوي، كما كان لها الرأي المسموع في كل الجلسات السياسية المنعقدة بين الخيم، ولا يمكن التغاضي عن دعمها المادي، بعضهن تخلين عن مجوهراتهن الثمينة وعن عملهن في سبيل البقاء والحضور اليومي الى ساحة الاعتصام"، كما تضيف، فيما يخص صوت الثائرة الصارخ قائلة: "المرأة شعلة الثورة ووقودها، لقد اصبحت عبارة (صوت المرأة عورة) مضحكة داخل ساحات التظاهر، اذ ان صوت المرأة اليوم مؤسس لثورة وطن، صوتها مدعاة فخر لكل عراقي داخل وخارج ساحات الانتفاضة".