تساؤلاتٍ حول مواقف التيار الصدري: قوى الأزمة والخراب، ومن يريد أن يكون طرفاً في الحل..!

Friday 24th of January 2020 09:48:22 PM ,

الحريات اولا ,

 بقلم متظاهر
شهد المشروع الصدري، تحولات مشهودة، انتقلت به من جيش المهدي الذي برز في المشهد السياسي كفصيل مسلح، يقاوم الاحتلال الأميركي، في أعقاب انهيار حكم الطغيان، إلى التيار الصدري، الذي حمل مشروعاً ضبابياً متناقضاً، ثم سائرون، حيث عكست تطوراً ملفتاً في نهجها السياسي،

لجهة إصطفاف وطني يرفض الاحتلال، ويقاوم الإملاءات الخارجية على القرار العراقي دون استثناء النفوذ الإيراني، خارج معايير المصالح المشتركة المبنية على استقلالية القرار العراقي وسيادته واختيار وجهة تطوره الوطني.
وظل المشروع الصدري، متمسكاً بأولوياته، في إنهاء الاحتلال الأميركي، بغض النظر عن حجم تواجده العسكري وتجلياتها السياسية الضاغطة. ودون إغفال ما طرأ على وجهته هذه من تدقيق في الوسائل والأساليب. وهو ما جرى التعبير عنه بوضوح في المبادئ التي دعا إليها السيد مقتدى الصدر في التوجّهات التي تضمنها بيانه الموجّه الى جمهور تياره والرأي العام، مع تأكيدٍ خاصٍ للحكومة العراقية بالأخذ بآليات التعامل مع الاحتلال، وتعديل الخلل في العلاقات الخارجية للعراق مع سائر الدول دون إستثناء، عبر اتفاقياتٍ تكرس المصالح المشتركة وتحمي المصالح الوطنية العليا للعراق.
ومنذ البدء، وفي مجرى تطور العملية السياسية، ونزوعها المتزايد نحو بناء منظومتها السياسية على قاعدة طائفية قوامها المحاصصة والفساد، تابعت الأحزاب والقوى الاجتماعية، والآباء المؤسسون لشبه الدولة المتصدعة، تبعاً لتوجهات كلٍ منها، ومشاريعها المضمرة والمعلنة. التغيرات التي شهدها الصدري. ومن المؤكد ان تلك التحولات لم تتحقق دون تَعزز مواقع زعيم المشروع، السيد مقتدى الصدر، الذي بات يعلن تقاطعه، بغض النظر عن الكيفية والنوايا، مع الأحزاب والكتل الشيعية التي تجمعت في إطار " التحالف الشيعي " وينتقد نهجها وسياساتها " الطائفية ". وصولاً إلى إدانة أذرعها المسلحة، التي سماها بالميليشيات " الوقحة " الخارجة على القانون.
ولتأكيد تمايزه، أعلن عن تجميد جيش المهدي، والتحوّل إلى كتلة سياسية خارج التحالف الشيعي. وأعلن في مرحلة لاحقة خروجه عن أطرها وتوافقاتها، ورفض الإملاءات التي أصرت على فرض نوري المالكي في الولاية الثانية له. متقاطعاً ومعارضاً بشدة للموقف الإيراني المساند للمالكي. وبلغت تلك المعارضة حد القيام بتحركاتٍ سياسية شملت زياراتٍ لدول عربية واقليمية. وتدرّجت مواقفه لتصل إلى إصطفاف مضادٍ للتحالف الشيعي، وتبني خيار الدولة المدنية وقاعدتها "المواطنة ".والتحالف مع الحزب الشيوعي وتجمعات مدنية وسياسية خارج خيارات قوى الإسلام السياسي.
ورغم هذه التحوّلات، والخيارات السياسية المعبرة عنها، والشعارات المنسجمة معها، ظلت أوساط غير قليلة في المجتمع بتياراتها المختلفة، تشكك في صدقية وثبات الأهداف الحقيقية للسيد مقتدى الصدر. ويرى البعض فيها الى جانب تجليات أخرى ، حوامل لصراعاتٍ كامنة تنطوي على مساع لإجراء فرز وتصفيات بهدف الإنفراد بالقرار والزعامة السياسية، عبر تحجيم الأحزاب والكتل الشيعية الأخرى، بل يذهب البعض من الرموز الموالية لولاية الفقيه، إلى حد التشكيك بمشروعه، وتشويه أهدافه التي لا تقتصر حسب ما تقول، على نزوع السيد الصدر نحو الهيمنة والاستئثار والانفراد بزعامة السلطة السياسية، وأنما تكريس نمطٍ يُشبه ولاية الفقيه عراقياً.
وقد سرّب أصحاب هذا التشكيك من الأصطفاف المضاد له، ادعاءاتٍ عن شروطٍ طرحها السيد الصدر في لقاءات "قم" للعودة إلى صف التحالف الشيعي بالاعتراف بزعامته للتحالف، ومطالبات أخرى تتعلق بعددٍ من الميليشيات التي انشقت عن جيش المهدي، وقوام الحشد الشعبي وخضوعه للقيادة العامة للقوات المسلحة.
ويظل الرأي العام المجتمعي منقسماً، بين مشككٍ بالنوايا المُضمَرة ، ومنفتحاً إيجاباً على التحوّلات في نهج السيد الصدر وتياره. فالقوى المشككة بالتسريبات، ترى فيها محاولات لدق إسفين بين السيد الصدر وتياره، والقوى الداعية للوطنية العراقية ورفض الطبقة السياسية المتنفذة، والإملاءات الخارجية من " الغرباء " وإنهاء التواجد الأجنبي والأميركي وسواهم، وبناء دولة مدنية ديمقراطية، واجتثاث ظاهرة الفساد ورموزه، وتكريس غير قابلٍ للمساومة لعراقٍ سيدٍ مستقلٍ، وإنهاء حالات الانفلات الأمني ، والميليشيات المسلحة .
وفي مقدمة أهداف المشككين من مسربي لقاء "قم" وشروط السيد الصدر، محاولة فك التعاقد الضمني بين الموالين له وساحات الاعتصام وأبطال ثورة أكتوبر العراقية وجمهورها على امتداد الوطن، والمراهنة على تصفية الثورة.!
ولابد للسيد مقتدى الصدر، التنبّه لدور بعض كوادر التيار في ترجيح كفة المشككين، والمسربين، المسيئين للثورة وأبطالها وشهدائها، ومن نماذج هذه الاساءة، تصريحات نائب رئيس مجلس النواب "الشتائمية" المشككة بوطنية المتظاهرين والمعتصمين لمجرد تعبير الساحات عن وجهة النظر غير المفهومة لمظاهرة امس "الجمعة"، بمشاركة الميليشيات التي أكد السيد نفسه على أنها ماهي سوى دعامات للفساد والتطرّف والممالأة للغرباء، وحماة للطبقة السياسية المتنفذة المتغولة الفاسدة، بالإضافة لمشاركة احزاب وكتل شيعية "موالية للغرباء"، من بين رافضي نهجه وسياسته " الوطنية " المعلنة. وكذلك التصريحات المغالية للسيد الزاملي، المتناقضة مع تأكيدات السيد الصدر على أن طابعٍ التظاهرات وساحات الاعتصام ، هي لا حزبية ومستقلة ، وأن الصدريين داعمون، ومشاركون فيها بخيارهم الشخصي، فكيف يمكن قبول إدعائه ، بأن إنسحاب أنصار التيار من الساحات كفيل بعدم إبقاء أحدٍ فيها ، بل وتصفيتها.!
ومن حق العراقيين ، المشككين والمتفاعلين على السيد مقتدى الصدر ، توضيح ما يثير تساؤلاتهم المشروعة حول كل ما يُقال، ومن بين ذلك، ما بينته مظاهرات "الجمعة" من توافق ومشاركة مع الميليشيات الوقحة ..!