الأسر البغدادية عبر قصيدة صانع البراقع السود

Sunday 5th of June 2011 05:50:44 PM ,

ذاكرة عراقية ,

حسين الكرخي
السيد جواد زيني (1761م – 1831م) بن السيد محمد بن السيد احمد بن السيد زين الدين بن علي الكاظمي بن سيف الدين الحسني البغدادي الحائري، و(السياه بوشي) لقبه، وهي كلمة اعجمية مركبة، تفيد انه كان يصنع البراقع السود التي تستعملها النساء، او انه كان يبيعها، هذا ما يظهر من هذه النسبة، والسيد جواد شاعر كبير،

له شعر كثير، ومن اشهره القصيدة التي نحن بصدد الحديث عنها، وتقع في اربع وتسعين بيتا، خصها بالاسر البغدادية التي عاصرها.
* وكان الاستاذ المحقق عمود الشالجي المحامي، قد استخرج عدة نسخ منها عام 1967 قدم نسخة مطبوعة بالالة الكاتبة الى والدي، ومنه الي.
وقد نظمها قبل وفاته بعامين، وتعتبر وثيقة تاريخية نادرة، لا اعتقد ان مصدرا غيرها تناول اسماء هذه الاسر البغدادية، منها ما بقيت القابها قائمة حتى الان، كال كبة والاورفلي والباججي والدامرجي والجرجفجي والقسطيني والحيدري وال ونة وعرموش ومنه ما خمل ذكرها، او حورت الى ما يدل عليها، وبقيت اسماء عدد من الاسر لم نهتد اليها وهي (ال مخلف، بني عيشة، بني مزرقات، بني زهرة، العملجيون، الطاطاطيون، العطعطيون، الفينجيون، الدرقريني، سلطحمود، الجلجيون، ال حرباء ، الرفرفيون، ال دامورة، ال قهرية، بني سند، ال طاليقياني، بنو جور عيسى، ال زركوشية، ال النيلفروش – وتعني باعة النيل وهو ضرب من الاصباغ،) وياحبذا لو افادنا من له علم بها، او بما يوافقها او تنصرف اليها بالتحوير وهي اسهامة جليلة في التوثيق والتاريخ، لنشرها في مستدرك قادم ان شاء الله.
* نعود ثانية الى السيد جواد، فنقول انه تلقى تربيته في أحضان ابيه الشاعر، ذكرته كتب التواريخ والتراجم واثنت عليه. قال عنه العالم الجليل السيد محسن الامين (الشاعر الاديب، له قصيدة هجا بها أهل بغداد)، وقال عنه الشيخ محمد السماوي، (كان فاضلا مشاركا في الفنون، مصنفا متصوفا محدثا، صنف (دوحة الانوار) وكان حسن الخط وله مطارحات مع فضلاء عصره)، وهناك أقوال كثيرة وتراجم واقية ذكرتها المجاميع في شخصية السيد جواد وشاعريته، وله راثيا الشيخ ضياء الدين النقشبندي المتوفي في دمشق في 13 ذي القعدة سنة 1242 هـ - 1826م ومطلعها.
خذين الهوى خف الخليط المعاضد
وأطلال أحباب هويت هوامد
معاهدهم عاف القطين قراره لديها وحكاتها الحمام والفواقد
وقد نالت هذه القصيدة العامرة رعاية من أبي الثناء الآلوسي، ونعتها في كتابة (الفيض الوارد على روض مرثية مولانا الخالد) ما نصه:
(إذا حظيت بقصيدة كالقمر ليلة تمامه، وكالزهر المخبوء في أكمامه، قد حوت دقائق التصوف والعلوم، وجمعت من الفصاحة والبلاغة ما فاقت به على قصائد امرئ القيس وعمر بن كلثوم، أنشأها اديب عصره واديب مصره، الفاضل الذي له في الادب زندوري، ومن مورده العذب شرب وري، السيد النجيب والحسيب النسيب، نسل السادة الامجاد، السيد محمد الشهير بالجواد).
وله يمدح والي بغداد داود باشا من قصيدة
عشق السماح فليس قرة عينه
الا بقبضه كفه المتزايد
لا تنجلي عيناه في راد الضحى
إلا إذا اكتحلت بغرة فرقد

توفي في الطاعون الذي حدث ببغداد عام 1247هـ - 1831م.
* القصيدة كما قلت مكتوبة بالآلة الطابعة، وفيها تصحيف وكلمات غير مفهومة، اتى على رسومها الزمن، واخرى بهت لون حبرها، فكان ان قمت والاستاذ الباحث عبد الحميد الرشودي بتحقيقها وضبط شواردها بيتا بيتا، ثم انه تفضل بكتابتها مجددا، واستخرجنا منها بعد التحقيق عدة نسخ، نعتقد انها اقرب الى صورتها الاصلية، التي تناول فيها ناظمها ثلاثة وثلاثين اسرة بغدادية بالقدح والذم.
مستهل القصيدة:
وينبغي غير فضل الله في الطلب
ومن يؤمل عطاء الله لم يخب
ولم نبذل نعيما دائما ابدا
بلذة فزنت بالبؤس والتعب
ولم نعوض بقينا ثم متضحا
بقول ظن ولا زور ولا كذب
هو المجلي دياجي كل حادثة
وكاشف الغم في الاهوال والكرب
حياتنا ذكره، فيه تجاورتنا
بها اكتسبنا العلى اكرم بمكتسب
شفاء علتنا من بحر رحمته
فالمورد العذب منه اي منسكب
وختمها مؤرخا بهذا البيت
نمت وطغرل تاريخ الختام لها
أتى بخمس من العشرين من رجب
عن كتاب مجلس بغداد