المميز يطالب باعادة ( طوب ابو خزامة) الى موقعه القديم

Sunday 23rd of February 2020 07:42:19 PM ,

ذاكرة عراقية ,

اعداد: زين احمد النقشبندي
يقول الحاج امين المميز :
لازمت بغداد أيام طفولتي وصباي وشبابي وكهولتي وشيخوختي، وعشت فيها أيام بؤسها وشقائها وحرمانها، إني أحب الحياة لأني أحب أن أعمل شيئاً مذكوراً في هذه الحياة من أجل نفسي ومن أجل أبنائي وأحفادي ومن أجل وطني وأمتي وذكر لي:

انه كان قد وجه نداء إلى قدامى البغداديين قبل وبعد صدور كتابه ( بغداد كما عرفتها ) أن يكتبوا عن المحلات التي نشأوا وترعرعوا فيها ، وعن الشخصيات التي عاصروها وعن المعالم التي شاهدوها، وعن بغداد أيام طفولتهم وصباهم وشبابهم ، وفي الأسلوب الذي يختارونه.
هذا يكتب عن قنبر علي، وذلك عن محلة باب الشيخ ، وآخر يكتب عن صبابيغ الآل ، وآخر عن القره غول وآخرون يكتبون عن الجعيفر والشيخ بشار والشواكة وسوق الجديد ، ومن ثم يتولى الشيخ جلال الحنفي والأستاذان حميد العلوجي وعزيز الحجية تنسيق هذه المعلومات وتوحيدها وإضافة ما لديهم من معلومات فولكلورية وهم الثقات البغداديون المعاصرون ليخرجوا بكتاب موحد عن حياة بغداد والبغداديين في أوائل القرن الحالي وذلك على غرار مذكرات فخري البارودي المنشورة في دمشق عام 1951 .
أني بهذه الكلمة أطالب بإعادة (طوب أبو خزامة) إلى موقعه الأصلي، فقد كان الموقع خلف بناية المدرسة المأمونية القديمة أزيل مبنى هذه المدرسة، وهو الذي يرقى إلى أواخر عهد الدولة العثمانية، وضمت أرضه إلى وزارة الدفاع المدخل الجنوبي لوزارة الدفاع (القاعة) ثم نقل إلى الحديقة الواقعة في ساحة الميدان وبعد ذلك نقل إلى محل آخر عجزت عن العثور عليه بعد طول بحث وتحرّ ثم استقر في المتحف الحربي في الحارثية من أحياء الجانب الغربي من بغداد ، واخيراً استقر في حدائق مؤسسة الاثار والتراث في (منطقة العلاوي حلة ) فإن كان قد نقل إلى متحف للأسلحة فهذا (الطوب) هو سلاح ليس كمثله سلاح!! إنه السلاح الذي جاء به السلطان مراد الرابع إلى بغداد للدفاع عنها وطرد العجم منها قبل أربعة قرون. ولقد عرف الشيخ جلال الحنفي في (معجم اللغة العامية البغدادية- الجزء الثاني) طوب أبو خزامة بالكلمة الآتية، "من بقايا المدافع التي جلبها السلطان مراد الرابع إلى بغداد لطرد الفرس منها قبل أربعة قرون، ولقب المدفع بذلك لخرق عند فوهته قالوا أنه حدث لأن جبرائيل عليه السلام جره من منخره عند إنزاله من السماء، وكان يحشى بالتراب فينقلب إلى بارود، ويوثق العامة معتقدهم هذا بما يرى على ظهر المدفع من نجوم قالوا أنهم من نجوم السماء وقد علقت به، وكذلك ما يرى عليه من صور أسماك فإنها مما لصق به من أسماك بحر القدرة، وكانت نساء بغداد يدخلن رؤوس أطفالهن في فوهته تبركاً وابتهالاً في أن يكونوا من المقاتلين في سبيل الوطن، وكنت ممن صنع بهم ذلك، وقد نشط هذا الحس في الناس بعد الاحتلال البريطاني لبغداد". وفي كتابي (بغداد كما عرفتها) كتبت ما يأتي عن (طوب أبو خزامة) ونشرت تصويره من ص109-110.
ومقابل كهوة سيد بكر وقرب المدخل الجنوبي للقلعة، يقع تراث بغدادي شهير، هو طوب أبو خزامة الذي جلبه السلطان مراد الرابع مع الحملة التي طردت العجم من العراق، إن لهذا الطوب منزلة فريدة في قلوب البغداديين والبغداديات فهم يعتقدون بأن الطفل لا يعيش ما لم تدخل الأم رأس طفلها في فوهة هذا الطوب، وهذه المراسيم بمثابة استحصال شهادة الجنسية البغدادية للبغدادي، ومن لم يدخل رأسه في فوهة طوب أبو خزامة فهو ليس بغدادياً أصيلاً، مهما ذكر في السجلات الرسمية عن مسقط رأسه وإني قد حصلت على الجنسية البغدادية منذ أن أدخلت المرحومة والدتي رأسي في فوهة هذا الطوب، فمن الله علي بطول العمر لأكتب هذا الكتاب. أما إذا كانت البغدادية عاقراً وتريد (تحبل) فما عليها إلا أن تطلب مرادها من طوب أبو خزامة وتشد (الخرك) في السلاسل والزرزباتات المحيطة به، لقد نقل طوب أبو خزامة من موقعه القديم إلى موقعه الحالي في وسط ساحة الميدان (شارع الرشيد) محاطاً بالزهور والرياحين، معززاً مكرماً، وذلك اعترافاً من البغداديين بفضل هذا (الطوب) على حياة أولادهم وأحفادهم!!
أما وقد دخل رأسي ورأس الشيخ جلال الحنفي في فوهة (طوب أبو خزامة) وإننا ما زلنا على قيد الحياة، فمن حقنا أن ندافع عن هذه (المعجزة) وفاء وتسديداً للدين الذي لها في عنقنا، وذلك بالإلحاح على إعادة طوب أبو خزامة أما إلى موقعه الأخير في حديقة الميدان أو إلى موقعه القديم في ساحة المدرسة المأمونية القديمة (الآن موقف للسيارات) ثم ضمت هذه الأرض إلى وزارة الدفاع على ما تقدم يحتاج الأمر لأكثر من عشرة أمتار مربعة من ذلك الموقف.
عن: كتاب (كناش الثمانين) للراحل امين المميز