أحلام وهبي.. رحلة نغم بين بغداد والقاهرة

Wednesday 14th of October 2020 06:45:54 PM ,
4790 (عراقيون)
عراقيون ,

زياد عساف

في بيئة فنية ولدت احلام وهبي في البصرة عام 1938 ،فوالدها هوالأديب والشاعر حافظ جميل واشرفت على تربيتها المطربة العراقية الشهيرة منيرة الهوزوز التي اصطحبتها وهي في التاسعة من عمرها الى بغداد لتقيم معها هناك ومن خلال تواجدها بالوسط الفني بدأت تردد اغاني مربيتها منيرة لتحظى بشهادة المحيطين حولها بأنها صاحبة صوت جميل ،

شجعها ذلك بالتقدم لاختبار الاذاعة في بداية الخمسينات من القرن العشرين وهي في سن الرابعة عشرة وقدمت يومها واحدة من الأغنيات العراقية الفلوكلورية ، الا انها لم توفق بالإختبار وطلبت منها اللجنة حينها بأن تعود بعد ان تبلغ سن الثامنة عشرة ويكون صوتها قد نضج و اكتمل .

بدأ يتعرف عليها الناس عام1958 عندما قدمت اغنية «عشاق العيون «وحققت نجاحاً ملفتاً تلك الفترة ، الى ان جاءتها الفرصة الكبيرة عندما شاركت بحفل غنائي في الكويت مع اشهر المطربين والمطربات امثال نجاة الصغيرة ومحمد رشدي وفايزة احمد و فريد الاطرش الذي كان متواجداً اّنذاك ، وتقدم منها بعد ان انهت الوصلة التي شاركت بها مبدياً اعجابه بصوتها واقترح عليها ان تصحبه بالسفر للقاهرة لتأخذ فرصتها هناك وهذا ما قد كان ، لتصبح واحدة من وائل المطربات العراقيات اللاتي اثبتن حضورهن في ارض الكنانة حيت كان قد سبقها الى هناك في الثلاثينات المطربة العراقية عفيفة اسكندر التي انضمت الى فرقة بديعة مصابني وببا عزالدين و شاركت بفيلمين سينمائيين هما «القاهرة -بغداد» 1947 و «ليلى في العراق «1949 ، الا ان حضور احلام في مصر كان له تأثيراً و حضوراً مختلفاً بالرغم من انه لم تخلو بداياتها في القاهرة من بعض العقبات خاصة عندما شاركت بحفل اضواء المدينة مع عبد الحليم حافظ و فايزة احمد ومحمد رشدي وغنت باللهجة العراقية وصاح الجمهور يومها «عايزين غنا عربي يا ست !» الحان مصرية ،شكَّل هذا الموقف صدمة بالنسبة لها وقررت على أثره ان تغني باللهجة المصرية ، وغنت من الحان محمد الموجي «زمان يا جار «ونجحت بهذه الاغنية لدرجة ان بدأ الناس ينادونها بإسم هذه الأغنية كلما التقوا بها في الشارع ، وان كان الموجي وكما صرحت هو اكثر الملحنين الذين فهموا صوتها ووظفوه بالشكل الصحيح الا انها تعاونت مع ملحنين مصريين اّخرين ومنم بليغ حمدي ولحن لها اغنية «بين النجوم «وهي اغنية من لون الطرب وحسب رأيها لاتصلح لصوتها ، ولحن لها منير مراد «الفلاحة «وسيد مكاوي «ايه شكل الحب ياما «ولم يتوقف نشاطها الغنائي ضمن حدود القاهرة وشاركت بحفلات غنائية في محافظات مصرية اخرى ويؤكد ذلك تسجيلات لحفلات لها في دمياط وبور سعيد و الزقازيق وموجودة ضمن ارشيفها الغنائي في الإذاعة المصرية و المواقع الألكترونية . بالرغم من انها اسعدت جمهورها بفنها الا انها ظلت تعاني من الأسى والمرارة مما يتناقله الناس ووسائل الإعلام عن التشكيك بحقيقة نسبها لوالدها الشاعر حافظ جميل الذي تؤكدة شهادة ميلادها حسبما ذكرت ولماذا لم تظهر بإسم احلام جميل وليس احلام وهبي وعن امها الحقيقية التي ظلت مجهولة بالنسبة لها لسنوات عديدة وهي مواضيع اعتادت ان تتطرق لها الصحافة اّنذاك تمس المسائل الشخصية بدلاً من تقييم الفنان بمنجزاته وخصوصيته كأنسان مبدع .

ابدعت احلام وهبي في تقديم الاغنية الخفيفة البغدادية مع تعبير غنائي راقص تميزت به بالإضافة لتقديمها للأغنية العاطفية والحزينة ، من اغانيها الخفيفة التي اشتهرت بها «االله من عيونك» التي ظل يطلبها الجمهور منها دائماً وتميزت بها بأداءها التعبيري الراقص المصاحب للأغنية و أغاني اخرى من هذا اللون منها «هلهلي باالله يا سمره ««ضحكات شفافك وردية «و» عندي هدية للولف وردة «،»ايه لولا «،» من ادنى حكاية «،» ملقاك شمس و قمر «،» خاله دشوفي هذا الولد .. ماكو بحلاته بكل البلد «،» تسلملي حبيبي عيونك الزرقا «،» فكر يا حبيبي «،» ولفي شمحلاه «،» يا هلا باحباب قلبي «،» شمس العمر «،» تلاقينا «،» قلبي يهواك «،» وياك اروحن»،» حلوين السمر والبيض احلى «،»سنتين وسنة وكم شهر «،» هالليلة فرحتنا وللصبح سهرتنا «، «قومي اركضي وارفعي البوشية «،» رش النجوم «و «بياع المناديل «. من اغانيها العاطفية التي يغلب عليها طابع الشجن الذي اتسمت به الأغاني العراقية قدمت اغاني عديدة مثل»بريئة «، «لو الك عندي عتاب «،»الناس يقولون الليالي «، «راح الكان الي سلوى «، «لا انت ترحمني ولا عزالي «،» سبع ايام من عمري «،» من يدري «، «عداد النجم «،» الوم العين «،» الك االله يا قلبي «،» ما اعتب عليك «،» اهلي ما يرضون «،» هاي من االله قسمتي «،» واالله وحرت وياك يا عيني «،»يلوموني احباب قلبي «،» خلي العتاب «،» هلي يا ظلام «،» يا ناس ولفي «،» كدر الخاطر «،» وردة ليش ذبلانة «،» لا يا قلبي «،» يتيمة «،» خليه يروح «،» من الأغاني التي أعادتها بصوتها»قلبك صخر جلمود «و «نوبه مخمرة «لسليمة مراد «واغنية «شقول على حظي «لزكية جورج «و «يا عيني ع الهوزوز «لمنيرة الهوزوز .

الأغنية الوطنية العراقية لها هويتها الخاصة و الجميلة بنفس الوقت واحلام قدمت من خلال الحفلات والاذاعة والتلفزيون العراقي مجموعة من الاغاني الوطنية منها «شهر الحرية «و دويتو «احباب الوطن دجلة و الفرات «مع المطرب احمد سليمان ، وقدمت اغاني دعائية لترويج السياحة في العراق ، خلال تواجدها في مصر وفي دعوة للوحدة العربية قدمت اغنية جميلة عام 1965 بلحن ولهجة مصرية تقول كلماتها «مع المراكبية لف البلاد .. على بحر متحني و موجة بتغني .. دي الفرحة بترفرف دي الفرحة بتلوح .. وقلبي مطَّوح .. وجايه من العراق .. ومحملة اشواق قومية عربية .. مع المراكبية «. كانت واحدة من المطربات العراقيات اللاتي قدمن اغاني الاسرة واستذكرت احلام الام في أكثر من أغنية منها «يمه من يمر اسمك في بالي .. اذكر تعبك وسهر الليالي «و «يا وحيِّد يا يمه «. ناظم نعيم كان من اكثر الملحنين العراقيين الذين تعاونت معهم بالإضافة لياسين الراوي و عباس جميل و سالم حسين خضر و خليل مختار و احمد الخليل و خزعل مهدي ورضا علي و محمد عبد المحسن ومحمد نوشي ومن الاردن جميل العاص ومن شعراء الاغاني الذين تغنت بكلماتهم ناصر الدين التميمي وسيف الدين ولائي وكاظم عمار و ابراهيم وافي ومن مصر عبد الرحمن الابنودي ومحمد حلاوة ، كانت موفقة بقرارها عندما اعادت تسجيل بعض اغانيها القديمة بالألوان في التلفزيون العراقي خاصة ان صوتها ظل محافظاً على رونقه وجماله وحافظت على اصالة اللحن في هذه الأعمال وهذا ما يتوافق مع رأيها الذي صرحت به فيما يتعلق بوجهة نظرها عن الأغنية العراقية بين الأمس واليوم وترى بأن الألحان القديمة لا تتكرروكانت الحانا حقيقية مبنية على اسس علمية لها علاقة بالتراث والفلوكلور العراقي الأصيل .

صحیفة الرأي 13/ 10/ 2020