كيف تأسست جمعية الموسيقيين العراقيين سنة 1951 ؟

Sunday 18th of October 2020 06:32:33 PM ,
4792 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

د . اياد يونس عريبي

تحتل الموسيقى العراقية مكانة مرموقة بين موسيقى الشعوب , لما تشتمل عليه من تنوع وثراء في الصيغ والانماط والبناء اللحني والايقاعي , واساليب الاداء وانطلاقاً من كون الطابع الغنائي هو السائد في الموسيقى التقليدية في العراق شائنها بذلك شان اغلب موسيقى الشعوب القديمة في الشرق الاوسط , فان تنوع اللغات واللهجات النابع من التعددية الاثنية لسكان وادي الرافدين , قد اسهم في تكوين هذا التنوع والثراء في الموسيقى العراقية.

في بداية العقد الخامس من القرن العشرين نشطت الحركة الموسيقية في العراق وتوسعت افاقها بعد ان ابدى , لهذه الساحة نخبة من الفنانين المبدعين في اعوام ذلك العقد , فرفدت الواقع الموسيقي بنشاطات يشار اليها بالأبداع , وفي خضم تلك الاجواء التي شحت بالعطاءات الفنية المميزة شعر هؤلاء الفنانين , بحاجة الى خيمة تحتضن هذه النخبة , وتحافظ على لحمتها وتعززها وتزيد من نتاجاتها الفنية , فبادرت هذه المجموعة بتقديم طلب الى الجهات المسؤولة في تلك الاعوام لتأسيس جمعية للموسيقيين , الا ان هذه المحاولة باءت بالفشل بسبب رفض الحكومة لهذا الطلب.

وفي عام 1951 اعاد هؤلاء الفنانون الكرة مرة ثانية لتأسيس جمعية للموسيقيين, وقد حصلت على الموافقات الاصولية من وزارة الداخلية بكتابها المرقم (3289) في 28 شباط 1951 على تأسيس جمعية باسم " جمعية الموسيقيين العراقيين" استنادا الى احكام المادة السابعة من قانون تأليف الجمعيات لعام 1922(وقد انضوى تحت خيمة هذه الجمعية جمع من الفنانين العاملين في الحقل الموسيقي والغنائي , وكان الفنان محمد القبنجي والفنان حقي الشبلي اعضاء شرف فيها , اما مؤسسو هذه الجمعية هم كل من سلمان شكر وناظم الغزالي واحمد الخليل ويحيى حمدي ومحمد كريم , وقد اتخذوا مقرا للجمعية في شارع الرشيد محلة الحيدر خانة , وبدأ اسم الجمعية يبرز في الصحف والمجلات.

بعد ان حصلت الجمعية على الاذن بتأسيسها اجتمعت الهيئة العامة للجمعية في يوم الثلاثاء المصادف 6 شباط 1951 في مقر الجمعية , وجرى انتخاب اعضاء الهيئة الادارية للجمعية وفاز بالانتخابات كل من سلمان شكر رئيساً ومحمد كريم نائب الرئيس واحمد الخليل سكرتيرا وناظم احمد الغزالي مديرا للإدارة وواجد ابراهيم الغانمي امينا للصندوق .

وقد حصلت الجمعية على الاذن من وزارة الداخلية على اصدار مجلة ناطقة باسمها باسم ( الفنان ) وهي اول مجلة موسيقية تصدر في العراقفي 22 تموز 1951اهتمت هذه المجلة بنشر انشطة الجمعية واعلاناتها وبحوث موسيقية واخبار الفن والفنانين كما اسهمت الجمعية بأحياء عدد من الحفلات الموسيقية في بغداد والمحافظات ومن هذه الحفلات الحفلة الموسيقية التي اقيمت على خشبة سينما ريجنت.

وقد كانت غاية الجمعية هو رفع مستوى الموسيقي والغناء بمختلف انواعها ونشر الثقافة الفنية بين مختلف طبقات الشعب وتنمية روح التعاون بين منتسبيها وتكوين الالفة بينهم وصيانة حق الفنان العراقي والدفاع عنه وتشجيعه.

واستمرت الجمعية في عملها ونشاطها البسيط , ثم تلاشت واضمحلت نتيجة الخلافات بين مؤسسيها , حيث استقال منير بشير منها , وبعد حين حلت هذه الهيئة , وتم اجراء انتخاب جديد فاز بها منير بشير رئيساً , وجميل بشير نائب الرئيس , واحمد الخليل سكرتيرا وواجد ابراهيم الغانمي امين الصندوق.

وقد اسهمت عدة جهات بتشجيع " جمعية الموسيقيين العراقية " فسرعان ما ساهمت دار الاذاعة العراقية بتشجيع الجمعية , بتخصيص منهج اسبوعي لها كان له الاثر الفاعل في دعم ماليتها , كما ايدت عمادة معهد الفنون الجميلة هذه الجمعية ومدتها بمساعدات معنوية قيمة أولها انتماء عميد المعهد عزيز سامي اليها .

إقامت جمعية الموسيقيين حفلات موسيقية مساء أحد الأيام من كل أسبوع في قاعة الطالبات في دار المعلمين العالية ، إذ تقدم فيها ألواناً من الموسيقى الكلاسيكية الشرقية والغربية تحت إشراف أحد أساتذة قسم (اللغة الإنكليزية) الذي يتولى مهمة التعليق والشرح وتقديم القطع الموسيقية، ويتم فيها عرض حياة الموسيقار الذي تسمع مقطوعاته.

عن رسالة ( الجمعيات الاجتماعية والدينية والفنية واثرها الثقافي في بغداد )