المقريء عبد الباسط عبد الصمد والمجتمع العراقي

Sunday 20th of December 2020 05:55:41 PM ,
4835 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

تحدث المقريء المصري الكبيرعبد الباسط محمد عبد الصمد لمجلة ( بغداد) بمناسبة زيارته الكريمة لبغداد عن رأيه وانطباعه عن المجتمع العراقي ، فقال:

لقد تقدم العراق كثيراً و لمست فروقاً بارزة بين ما كان عليه في زيارتي الأولى وما هو عليه اليوم. مرتل القرآن الكريم الذي يحظى بإعجاب الملايين تحدث لـ(بغداد) عن :رأيه في الغناء العراقي إعجابه بالقارئ المعروف المحروم الملا مهدي، سفراته المتواصلة التي كونت منه (سندباداً) في القرن العشرين، كيف اضطر إلى إن يستبدل العمامة والجبة ببدلة (الأفندية) في باريس! كان لقاء هذا العدد مع المقرئ المعروف الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد بمناسبة زيارته العراق وتقديمه قراءاته المعطرة من آي الذكر الحكيم من إذاعة وتلفزيون الجمهورية العراقية.اقترحنا على الشيخ عبد الصمد أن نتكلم بانطلاق.. لنجعل اللقاء بلا (سين وجيم) وليكون حديثاً عاماً يستوعب كل فكرة .. فرحب الرجل وابتدأ يتحدث عن (فنه)، فن القراءات أولاً وقال:(إن فن الترتيل في العربية المتحدة فن معتنى به منذ أمد بعيد إلا أن الأصوات. الجميلة حجبت عن عشاقها قبل عصر المقرئ المعروف الشيخ محمد رفعت لأن مكبرات الصوت والإذاعات لم يتسع شمولها بعد. وكان من حسن حظ الذين عاصروا أجهزة الصوت الحديثة ووسائل البث- وأنا منهم أن يسمعوا عشاق الترتيل فنون التلاوة معتمدين على أصول (القراءات السبع) ومهتمين بالأداء الحسن والصوت الجميل المطرب ذلك لأن عنصر (التطريب) من أبرز عناصر الترتيل الحسن، ومعروف أن أحكام القرآن الكريم تتحكم بالقارئ في نطاق مرسوم ولا تسمح له أن يخرج عليه كما يفعل المغني مثلاً حيث يتصرف بالغناء كما يشاء ويهوى ما دام في جو النغم الذي ينشد فيه.

وتحدث الشيخ عبد الباسط عن انطباعاته بمناسبة زيارته الأخيرة العراق فقال :زرت العراق أول مرة عام 1956 وها أنا أزوره ثانية بعد مضي ثماني سنوات، وحقاً أقول لقد وجدت الفرق، بين ما كان وما هو عليه اليوم ، كبيراً جداً فمعالم النهضة بارزة والتطور مشهود. أما الجمهور العراقي فقد كان وما زال ذلك المستمع الجيد والذواقة الذي يقدر الصوت الجميل ويثمنه وها هي رسائل المعجبين ونداءاتهم التلفونية تترى علي منذ ووطئت قدماي أرض العراق الحبيب وتلك مكرمة لها في نفسي أعظم الأثر.وأنا باعتباري من الصعيد وهو يبعد عن القاهرة العاصمة حوالي 600 كيلو متر جنوباً فقد وجدت في اللهجة العراقية توافقاً مع مزاجي لأنها شبيهة إلى حد ما باللهجة الصعيدية . وهذا الأمر بالذات جعلني وكأنني أعيش بين (الصعايدة) في مصر هذا بالإضافة إلى تشابه الجو والشمس والنيل بدجلة. وبالاختصار فأنني بالعراق بين أهلي وأخوتي أتكلم اللهجة التي نشأت أتكلمها وأعيش في جو يشبه أعظم الشبه الجو الذي نشأت فيه هناك.

وقال الشيخ المقرئ في معرض حديثه عن المقرئين والمطربين العراقيين:(... استطيع أن أقول إن فن القراءة عند المقرئين العراقيين لا بأس به ويريح السامع وقد كنت من المعجبين بالقارئ العراقي المرحوم الملا مهدي، أما فيما يتعلق بالمطربين العراقيين فإن أنغامهم تعجبني وألوان غنائهم تريحني إلا أنني لا استطيع أن أسمّي مطرباً معينا، لأنني عندما اسمع الغناء العراقي لا استطيع أن افقه ماذا يقول المطرب). واستطرد الشيخ عبد الصمد فقال:( لقد سنحت لي الفرصة لزيارة الكثير من بلدان العالم، فقد زرت البلاد العربية كلها وبلا استثناء كما زرت الدول الآسيوية والأفريقية مثل اندنوسيا وبورما وسيام والهند، وفي طريقي إلى المغرب مررت بباريس إلاّ إنني واجهت متاعب جمة من ( الجبة والعمامة) وقد لفتت إليّ الأنظار بشكل غريب. ولذلك فقد اضطررت أن استبدلها ببدلة (الأفندي) عند عودتي تجنباً للمتاعب ووجه نصيحة للمقرئين قال فيها:( لعل أحسن ما أوصي به هاوي الترتيل هو أن يجعل لنفسه (مكانة) مميزة ويكون لها شخصية خاصة وان لا يعتمد إلاّ على نفسه، فالتقليد لا يوصل إلى نتيجة البتة وسيجد المقلد نفسه يوماً ما تعباً لا يستطيع أن يؤدي واجبه كما ينبغي)... وفي الختام شكرنا للمقرئ الكبير إتاحته هذه الفرصة لنا وودعناه وهو يلح بالشكر الجزيل لما لقيه من السادة المسؤولين وأبناء الشعب من رعاية وعناية.

مجلة بغداد / حزيران 1965