الفنان جعفر حسن .. ستون عاماً من العطاء

Wednesday 21st of April 2021 09:52:31 PM ,
4928 (عراقيون)
عراقيون ,

رحيم الحلي

فنان عانى الظلم والتهميش ليس فقط من قوى الاستبداد بل حتى من الناس الذين عمل معهم سنوات عمره الطويل ، فنان اعطى الكثير للغناء والموسيقى واظنه لم يحصد ثماره التي توزعتها مدن بعيدة لم تكن امنة من عاديات الازمنة الغبراء وتقلباتها ومن غدر اعداء الحياة والثقافة والنور وفتكهم برموز الابداع

لكنه كان محظوظاً بسلامته رغم ان خصومه خططوا لتعطيل زمنه واشعر انني شخصياً لم اضع زوادتي في واحته رغم معرفتي الطويلة به وبتجربته الموسيقية والغنائية ورغم المشتركات الكثيرة بيننا والمعرفة الشخصية القريبة ، فنان اشتغل كثيراً وطويلاً في سبيل وطن اجمل وغناء احلى ، أُغنياته راسخة في ذاكرة عشاق الوطن وفي ميدان الكلمة والغناء ، وفي ذاكرة الحالمين بعراق بلا سجان او حاكم مستبد . عاش حياةً مليئة بالاوجاع والاحزان بين سجن وحرمان وفصل او هجرة طويلة ، فنان اممي ووطني ويحب لغة اهله وانتماءهم القومي ويعشق اغانيهم ، نشأ في بيت طيب ، شرب روح الثورة من امه الثائرة بوجه الاستبداد والتي سجنت وعاش معها في سجنها ليتعلم منها روح التحدي .

حين نتذكر اغنياته او نتذكر اسمه نستحضر زمناً جميلاً حافلاً بالاحلام ومغمساً بالعذابات ، فهو يحلم بعالم جديد وسعيد ، وكما وصف الاعلامي زاهي وهبة تجربته وتلك الحقبة من حياته بالرومانسيّة الثوريّة وبتقديري فان تلك التجربة المريرة جعلته سندباداً ينتهي قاربه في شواطيء حضرموت حيث وجد مسكناً طيباً لقلبه العاشق فأحب مدن حضرموت واحب ناسها ومغنيها وبادلوه ذات الحب والتقدير.

هذا الفنان الجميل خرج الى الدنيا في مدينة خانقين حيث بدأت طفولته ، وفي احدى حاراتها عزف على آلة الناي بشكل فطري ، وحيث عاش في بيت وجد فيه (كراموفون) ، وفي ذلك البيت استمع الى اسطوانات القبانجي واسمهان وعبدالوهاب وزكية جورج وحضيري ابو عزيز وسليمة مراد وام كلثوم ، وإبتدأ عشقه للغناء وحبه لآلة الناي واكتشف ذلك العشق وهو في سن الطفولة وقبل دخوله المدرسة الإبتدائية وأصبح حديث المدينة ، في السنة الرابعة إبتدائي إنتقل الى بغداد لظروف عائلية وكان بيتهم على مقربة من الجسر في منطقة الصالحية ، ومن احد النوادي الليلية القريبة استرق السمع والنظر الى الحفلات الغنائية حيث كان يتابع من فوق جسر الاحرار المطل على ذلك النادي الليلي حفلات ناظم الغزالي ، والمطربة فائزة أحمد وهي تغني بين الفواصل بالاضافة غناء مطربين اخرين مثل سليمة مراد وناظم الغزالي ولميعة توفيق وعباس جميل ورضا علي وغيرهم وتعلق عشقه أكثر بالغناء وخاصة كانت الإذاعة على مقربة أمتار منه ويتمنى دخولها يوماً.

بعد ثورة 14 تموز مباشرةً عاد مجدداً الى مدينته خانقين ليكمل دراسته المتوسطة فيها وفي نفس السنة 1958 عمل مع مجموعة من فناني خانقين على تأسيس فرقة خانقين الموسيقية كمغني ، واول حفلة شارك بها كانت في نقابة المعلمين في خانقين نهاية عام 1958 ، لحن أول أغنية وطنية عام 1959 وهو لم يزل في بداية طريقه الفني، وبعدها في عام 1960 عاد وانتقل الى بغداد مجدداً ليحقق حلمه الأبدي بالدخول لمعهد الفنون الجميلة والإذاعة والتلفزيون ، وبعد فترة قصيرة بدأ يغني في الحفلات الموسيقية ، ثم غنى في التلفزيون أغاني محمد عبد الوهاب القديمة ومثله شخصياً في برنامج أيام زمان الذي كان يقدمه الفنان خليل الرفاعي .

عام 1962 ترك دراسته الثانوية وتقدم للدراسة في معهد الفنون الجميلة في بغداد قسم الموسيقى ولمع بين اقرانه فقد دخل المعهد الفنون الجميلة وهو يجيد العزف على العود والناي والغناء ثم عمل في الاذاعة مع فرقة أبناء دجلة للموشحات مع أستاذه الفنان روحي الخماش الذي كان مهتماً به كموهبة متميزة ، ولم يكن والدهُ راضياً يدخوله ولده جعفر معهد فنون الجميلة وهو يعتقد ان ابنهُ يَدرس في الكلية العسكرية في بغداد حيث تمنى لولده ان يكون تاجراً مثله او ضابطاً في الجيش.

اصبح جعفر حسن من مطربي الاذاعة والتلفزيون في منتصف الستينيات ، وفي الانقلاب العسكري في شباط عام 1963 فصل من المعهد ومنع من دخول الاذاعة ولم تثني تلك الاحداث عزيمته وعشقه للغناء ، في عام 1964 قام بتسجيل الاغاني عدة أغاني لاذاعة الكويت عن طريق شركة (بشير فون) لصاحبها الفنان جميل بشير اي أن بدايته كمطرب لم تكن من اذاعة وطنه بغداد بل كانت من اذاعة الكويت ، وقتها كتبت الصحف العراقية الوطنية عدة مرات أن الفنان جعفر حسن ممنوع من الغناء في اذاعة بغداد ويغني في الكويت ،بعدها إضطرت الإذاعة ومسؤوليها قبوله كمطرب معتمد لدى الإذاعة والتلفزيون وسجل اول اغنية في اذاعة بغــداد من الحان الملحن المعروف الاستاذ جميل سليم وكلمات الفنان الاستاذ محمد القبانجي بعنوان (كلما أتمعن برسمك) وكانت هذه الاغنية ملحنة كي يغنيها الفنان ناظم الغزالي لكنه آجل تسجيلها لحين عودته من سفرته الأخيرة الى لبنان ، وبعد عودته للعراق بيوم واحد توفى الفنان ناظم الغزالي وبقيت الأغنية تنتظر من سيغنيها.. ثم أصبحت من نصيب الفنان جعفرحسن الذي غناها وإشتهرت في وقتها برغم الروف والمضايقات التي كان يلقاها .

شارك جعفر حسن عام 1964 في أول مسرحية شعرية غنائية بعنوان (مصرع كليوباترا) لأحمد شوقي ومن اخراج الفنان ابراهيم جلال ، وقبل ذلك شارك في عدة مسرحيات ممثلاً مع فرقة الكاظمية مع مجموعة من الفنانين العراقيين ومن إخراج الفنان حمودي الحارثي ، في عام 1964 كان احد المؤسسين لفرقة الرشيد للفنون الشعبية برئاسة عميد المسرح العراقي الأستاذ حقي الشبلي الى جانب فنانين كبار امثال الفنان سالم حسين وجميل بشير وغانم حداد وجميل سليم و وجميل جرجيس و قادر كوردي وأنور الشيخلي وجمال جلال وفائق حنا وعقيل عبد السلام وغيره، قدم خلالها العديد من الأغاني والحفلات في داخل وخارج العراق.

عام 1967 وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة أسس جعفرحسن وزميله عازف الكيتار فهمي يعقوب معهداً لتدريس الموسيقى بإسم ( دار الموسيقى ) في بغداد ضم اساتذة وطلبة كثيرين واستمر لعدة سنوات بالإضافة لعمله في فرقة الرشيد للفنون الشعبية .

عام 1968 شارك في اول تجربة سينمائية عراقية بغنائه وعزفه لأغنية ( شارع الأحلام ) التي إشتهرت حينها من كلمات كاظم عمارة والحان أنور الشيخلي في فلم طريق الظلام من إخراج مؤيد وهبي

وفي نهاية عام 1968 جاء قرار حل الفرقة وتأسيس الفرقة القومية للفنون الشعبية العراقية وكان حينها احد المؤسسين للفرقة وأسس أول فرقة للإنشاد (فرقة كورال) في العراق تغني بتعدد الأصوات الهارمونية للأغاني الشعبية والفولكلورية وسجلت بعضها للإذاعة العراقية كأغنية طولي يا ليلة وأغنية إنعيمة وأُغنية دادة عبد وبعض الموشحات الأندلسية مثل بدت من الخدرِ ، وكانت تظم خيرة أصوات الشابات والشباب الغنائية زاد عددهم عن 30 عضواً حيث أصبح بعضهم لاحقاً من المطربين المعروفين أمثال أمل خضير والهام حسن وغاده سالم ورياض أحمد وقحطان العطار وصلاح عبد الغفور وقاسم إسماعيل ورضا الخياط وعباس العطار وهادي سعدون وعارف محسن وغيرهم كثير وقدم اعمالاً غنائية والحان شعبية عديدة ، وفي عام 1972 فصل من الفرقة القومية بعد عودته من مهرجان الجزائر وعاد للنشاط الفني في التربية والتعليم ، عام 1973 منع من دخول الاذاعة والتلفزيون بسبب مواقفه السياسية وعدم قبوله الغناء ومدح السلطة والنظام القائم وقتها، كما فصل ايضاً من فرقة الموشحات حيث كان يعزف العود ويساعد الاستاذ روحي الخماش في تدريباتها، وعلى اثر مقابلة صحفية في جريدة التآخي عن إشتراكه في مهرجان الشباب العالمي في برلين وحصوله على ميداليات المهرجان حينها كانت حجة كافية لسلطة الإذاعة والتلفزيون لفصله ومنعه من دخولها بل وصل الأمر بالإيعاز بمسح جميع أعماله الغنائية من الإذاعة والتلفزيون ، وفي عام 1975 فُصل من التـربية والنشاط الفني نهائياً ثم اشتغل بعدها عاملاً في مطبعة طريق الشعب وصحفياً فنياً، في عام 1972 أسس مع مجموعة من الشباب الموسيقيين فرقة( بيلز) وقدم العديد من الأغاني الوطنية والسياسية والشعبية ( لاتسألني عن عنواني ,اغنية يابو علي وعمي يابو جاكوج وعمال وغيرها ) وفي عام 1974 تأسست فرقة الرواد المركزية وأنظمت لها فرقة بيلز وعازفين آخرين وكورس وفرقة رقص شعبي وكان الفنان جعفرحسن يقودها ويلحن لها ويغني ، وشاركت الفرقة في كل الاحتفالات العلنية التي اقامها الحزب الشيوعي والشبيبة الديموقراطية ائنذاك. كما نقل تجربته الحديثة في الأغنية التضامنية الإنسانية السياسية الى لبنان حيث ساهم في تأسيس فرقة الشبيبة اللبنانية ولحن لها عام 1974 حين ساهم وفرقة الرواد في المهرجان الكبير الذي أقامه الحزب الشيوعي اللبناني في بيروت ، ومن اغانيه الشهيرة التي قدمتها فرقة الرواد وغناها مع الفرقة الموسيقية التي اسسها ودربها بنفسه مع عدد كبير من المنشدين والعازفين : لاتسألني عن عنواني ، يابو علي وعمي يابو جاكوج وللمرأة غنوتنه وعمال نطلع الصبح و قبليني للمرة الاخيرة وغيرها كثير. تم اعتقاله في 1978 في تلك الفترة الصعبة المليئة بالمتناقضات والمخاطر والمجازفات وبعد ذلك اضطر الى للهرب خارج العراق مشياً على الاقدام الى اليمن الديمقراطية عبر رحلة شاقة للغاية .

وهو اول من لحن أغنية (الريل وحمد) للشاعر مظفر النواب عام 1965 حين كان ما يزال طالباً في معهد الفنون الجميلة وتم قبول اللحن من قبل لجنة فحص الألحان والنصوص ولكنها رفضت من قبل مدير برامج الموسيقى آنذاك كون الشاعر مظفر النواب والمغني والملحن جعفرحسن ذوي أفكارٍ تقدمية يسارية. وفي هذا اللحن ( مرينة بيكم حمد ) للشاعر مظفر النواب لم يأخذ الفنان جعفر حسن الفرصة بتقديمه من خلال الإذاعة والتلفزيون بل بقى يغنيه في الحفلات الخاصة بمرافقة بعض الموسيقيين وكان لحنه سابقا بعدة سنوات للحن الذي لحنه الفنان محمد جواد اموري والذي لحن مقدمة الأغنية بنفس الشكل وعلى مقام الحجاز بينما لحنه جعفرحسن من قبل على مقام العجم وكان الفرق الاختلاف بالمقام فقط ويمكن لأي موسيقي أن يحلل ذلك ، كذلك تكرر الامر في الحانٍ أخرى .

لحن جعفرحسن عام 1970(اغنية اغضب كما تشاء) للشاعر نزار قباني وكان اللحن معداً للفنانة نجاة الصغيرة وكما جرى الاتفاق في بيروت مع الشاعر نزار قباني ، لكن ظروف الفنان المطارد جعفر حسن تسببت في ضياع فرصة ذهبية لأنتشار هذا اللحن الرائع ، رغم ان الفنانة انوار عبد الوهاب قد غنته عام 1972 بشكل جميل ولكن نجاة صغيرة ربما كانت ستنجح اكثر على توصيل هذه الاغنية الى جمهور اوسع . وكان هذا اللحن الكبير والأسلوب الجديد لأغنية ( إغضب كما تشاء ) قد أثار ثائرة فناني السلطة ومسؤولي الإذاعة وقتها فقرروا أن يقطعوا عليه الطريق بشتى الوسائل ويحاربوه وأخيراً يمنعوه من دخول الإذاعة.

الفنان جعفر حسن من الفنانين الكبار الذين ظلمهم الحكام اللؤماء ، القوميون والبعثيون والذين لم يتسامحوا مع اليساريين الذي كان الفنان جعفر حسن احد نشطائهم ، خرج جعفر حسن من العراق ومن موت محقق اعده له قادة البعث لكن الصدفة والحيطة تحالفتا لانقاذه ، وفي انتخابات الفنانين عام 1973 وأثناء التحضيرات اصطدم مع محمد سعيد الصحاف مدير الاذاعة والتلفزيون ائنذاك وتلاسن معه حيث اراد البعث الهيمنة على نقابة الفنانين ولم يحصلوا الا على تسع وثلاثين صوت بينما حصل الشيوعيون على اكثر من اربعمائة صوت وكان جعفرحسن على رأس قائمة الفنانين التقدمية ، كانت نتيجة تلك الملاسنة أن امر الصحاف بمنع الفنان جعفرحسن من الغناء والتلحين و من دخول مبنى الإذاعة والتلفزيون وإتلاف كل تسجيلاته الغنائية الصوتية والتلفزيونية ..

عـدن وتجربته الموسيقية والغنائية – 1979-1997

في جلسة غنائية في عدن في اليمن الجنوبي في الثمانينات ، غنى جعفرحسن( قصيدة اشواق) من الحان رياض السنباطي وشعر مصطفى عبد الرحمن ، كان احد الحضور من مصر وهو موسيقي سابق ويعمل في مكتب الامم المتحدة في عدن ، سجل الأغنية في السهرة ، وأخذه التسجيل الى مصر وكان على علاقة بالفنان الكبير رياض السنباطي وحين استمع السنباطي الى التسجيل طلب منه ان يأتي بالفنان جعفر حسن الى مصر قائلاً (هو ده بيعمل ايه في اليمن ؟) لم يتمكن الفنان جعفر حسن بجواز سفره اليمني وقتها من دخول مصر وحين سنحت له الفرصة بدخول مصر كان القدر السيء يقف مرة اخرى امام فناننا الرائع جعفر حسن حيث توفى السنباطي قبل أن يتمكن من الوصول الى مصر ، استطاعت الفنانة ميادة الحناوي من الحصول على اللحن وتسجيله بصوتها .. فحظوظ جعفر حسن ليس كحظ ميادة الحناوي ..

في جمهورية اليمن الديموقراطية أسس ( فرقة أشيد ) الموسيقية الغنائية المشهورة التي ضمت العديد من الفنانين والمغنيين اليمنيين الشـباب حيث قدم لها العشرات من الألحان والأغاني القديمة والجديدة ونقل تجربته في الأغنية السياسية والتحريضية التضامنية الإنسانية بنجاح وإقتدار اليها ..حين وصل عدن وجد أغانيه السياسية الممنوعة في العراق تسبقه اليها وتباع في الأسواق ولازالت ليومنا هذا يرددها الشباب والشيوخ ومنها أغاني باللهجة اليمنية والإيقاعات والنكهة اليمنية بالإضافة لأغانية العراقية العديدة فالكل هناك يغني يابو علي ويابو الجاكوج ونيرودا ولا تسألني وكذلك اغانية اليمنية في اليمن لاقيت خلي وأغنية قالت عدن المعروفة وهيلا يا صياد وعشرات غيرها ، كما أعاد صياغة بعض الالحان التراثية اليمنية بإسلوبٍ جديد كما أن معظم الفرق الموسيقية اليمنية تعزف وتحفظ أغانيه والحانه . كما حصل على شهادات تقديرية عديدة لجهوده في تطوير معهد الفنون وتأسيس فرق الشبيبة للموسيقى والغناء في المحافظات الأخرى وأسس أول ستوديو للتسجيلات الصوتية الحديثة في عدن عام 1989، رغم مغادرته عــدن واليمن منذ زمن طويل لكن حنينه اليها لن ينتهي ، فهناك بقيت اثاره الموسيقية وأغانيه ومحرابه الذي يحكي ذكرياته وقصصه مع الغناء والناس والبحر والنوارس.

عام 1987 ومن ثمرة لقائه بصديقة الشاعر أحمد فؤاد نجم في عدن لحن له مسلسل من 30 حلقة بعنوان ( مذكرات جحـا ) لإذاعة عدن ومجموعة أغاني البومه ( عابر سبيل ) الذي سيرى النور أخيراً وبالإضافة لعشرات السهرات الغنائية التلفزيونية والأماسي الفنية التي إشتركت فيها ايضاً الفنانة إلهام حسن التي عادرتنا منذ أوائل القرن وبقي مرقدها في مدينة عـدن .

في بداية الثمانيات قام بتصوير اول أغنية فيديو كليب ( مجالس الشعب ) من الحانه وغنائه نالت شهرة واسعة وثم أعقبها بأغنية ( مشكلتك إنته) من الحانه و كلمات رسول الصغير وكانت هاتان الأغنيتان أولى الأغاني التي تم تصويرها بطريقة الفيديو كليب في عـدن بين عامي 86 و87.

كما كان بيته مضيافاً وملتقاً للأصدقاء والفنانين اليمنيين والعرب الذين غالباً ما يحضرون للمشاركة في الإحتفالات والمهرجانات التي كانت تقام بإستمرار ومنهم صديقيه الحميمين الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم كذلك الشاعر عبد الرحمن الأبنودي والفنان محمد منير والفنان محمد حمام والفنانة محسنة توفيق و الكاتبة فتحية العسال والفنانة سميحة ايوب وعشراتٍ غيرهم من الفنانين حيث كان جعفرحسن يشكل جسراً للتواصل بين الفنانين من مختلف أنحاء العالم المتوافدين على جمهورية اليمن الديموقراطية.

جعفرحسن والمجمع الثقافي :-

من عام 1997 ولنهاية 2004 عمل الفنان جعفرحسن مستشاراً فنياً لدى المجمع الثقافي في أبو ظبي – دولة الإمارات العربية المتحدة . وقدم خلالها العديد من الحفلات الموسيقية والغنائية واصدر( البوم الغريب) من الحانه وغنائه ولمجموعة من الشعراء العراقيين، وثلاث مسرحيات غنائية لمسرح ليلى للأطفال وثلاث مسرحيات لفرقة الإتحاد إحداها للمؤلف الألماني بريخت وإخراج الفنان عوني كرومي وكذلك مسرحية من إخراج الفنان فاروق أوهان وغيرها ، كذلك الف وعزف العديد من الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام التسجيلية وللكتاب المسموع وقدم العديد من الحفلات الغنائية والموسيقية والأماسي الفنية الثقافية في دول الخليج ومصر واوروبا وكندا واميركا.

والفنان جعفرحسن واحد من أقدم رواد الأغاني الوطنية والسياسية الإحتجاجية اليسارية في العراق والوطن العربي فمنذ 1958 وقف على المسرح مغنياً وعازفاً للناي، ولاحقاً شارك في الكثير من المهرجانات المحلية والعربية والعالمية ومعظمها مهرجانات يسارية وشبابية وسياسية قدم فيها كل ماهو جديد في عالم الفن الملتزم ولحن عدد من المسرحيات الغنائية والمسلسلات التلفزيونية وهي بمجملها تمثل الفكر الوطني اليساري وتدعوا للوحدة والتسامح والسلام وبناء الانسان وصدر له اكثر من 20 البوما غنائياً وإسطوانة .

جعفرحسن يعزف العديد من الآلات الموسيقية بإحتراف منها آلة الناي والعود والكمان والفيولا والكيتار والباص والأورغ وأغلب الآلات الإيقاعية وهو مخرج ومهندس صوت محترف لديه ستوديو ومشغله الخاص أينما حل وإستقر بحيث يسجل أغلب أعماله الفنية وخاصة الأخيرة بنفسه دون الإستعانة بموسيقيين آخرين وآخرها البوم ( حبيناك ) في 2014 وله البومين جديدين آخرين من الحانه ( عابر سبيل ) مع الشاعر المعروف أحمد فؤاد نجم وكذلك البوم ( السفر ) مع الشاعر كامل الركابي والفريد سمعان وعريان السيد خلف ونعمه يوسف وعبد الفالح الدراجي وعلي العضب وآشتي وآخرين من المؤمل أن يصدرهما خلال هذا العام إن وجد له منتجاً وموزعاً .

الفنان جعفر حسن ولد وتربى في مدينة خانقين التي يتكلم أهلها عدة لغات كما احتوت المدينة في الخمسينات على ستة دور للسينما و مكتبات وكان الكثير من الشبان مشغولين بقراءة الكتب وسماع الموسيقى في المقاهي الثقافية وانجبت المدينة عدد من الفنانين المعروفين والكتاب المبدعين والرياضيين ،

تميز بتقديم الأغاني الوطنية بأسلوب غنـائي جديـد متميز من السهل الممتنع وبما يعرف (بالأغاني الإنسانية ) وترجمت بعض منها الى اللغات العالمية. كما شارك في العديد من فعاليات المراكزالثقافية لمختلف الشعوب . وأسس عدد من استوديوهات التسجيل الصوتية في العراق واليمن والإمارات ، و قدم العديد من المشاريع والاستشارات الفنية والعديد من الندوات والمحاضرات الفنية واللقاآت التلفزيونية والصحفية وشارك في العديد من المهرجانات العربية والعالمية والعديد من الجولات الفنية للجالية العراقية في كندا وأميركا واوروبا والدول العربية قدم خلالها الكثير من الحفلات والمهرجانات الغنائية, كما أنه حاصل على العديد من الجوائز والميداليات والشهادات التقديرية. قدم أغاني بمختلف الألوان الغنائية العراقية وبمختلف اللهجات واللغات كالعربية والكوردية والإنكليزية والألمانية والإيطالية ويعزف على العديد من الآلات الموسيقية والإيقاعية المتنوعة ( آلة الناي والعود والكمان والأورغ والكيتار والكونتر باص والطبلة والرق وباقي الآلات الإيقاعية المختلفة ) بالإضافة لهندسة الصوت والتسجيل والمونتاج بحيث مكنه لوحده من تسجيل العديد من أعماله الموسيقية الغنائية آخرها البوم حبيناك والبوم عابر سبيل والبوم السفر فهو لا زال يلحن ويغني وينتج الألبومات الغنائية والموسيقية الجديدة. بالإضافة لكتابة كلمات بعض أغانيه وتصميم أغلفة الألبومات الغنائية وغيرها من أمور فنية عديدة بحيث أطلق عليه لقب الفنان الشامل في كثير من المحافل الفنية بالإضافة للصحف ومن خلال اللقاآت التلفزيونية.

وحين تسأله عن الدراسات العليا والجامعات والشهادات وأنشغال الكثير من الفنانين بالحصول عليها وهل بأمكانها أن تخلق لنا فنانين مبدعين ؟ يبادرك القول (الجامعات والشهادات لا تخلق فنانين مبدعين إن لم تكن لديهم موهبة حقيقية وإستعداد فطري .. فكثير من الفنانين المبدعين محلياً وعالمياً ليس لديهم حتى شهادة الإبتدائية .. أنا أعتقد أن الشهادات التي يبحث عنها البعض بشكل محموم هي للوظيفة والوجاهة فقط الموهبة والخبرة والتجارب العملية أهم من ذلك كله في خلق فنان مبدع حقيقي).

جعفر حسن يعتب على الإعلام العراقي بشدة ويحمله المسؤولية بالسكوت عما يجري من تردي لمستوى الثقافة والفنون وبعدم إهتمامه بالفن والفنانين المبدعين الحقيقيين وبالأغاني الإنسانية الراقية والموضوعية والتي تمس مصالح وطموحات الشعب بغدٍ أفضل ، كما يشعر بالاسى اليوم على واقع الثقافة والفنون في العراق .. حيث المكتبات زوارها قليلون والقراء قليلون ومستوى تشجيع الفن والثقافة ضئيل جداً والأغاني والألحان في هبوط مستمر وفي تراجع بينما توجد إمكانيات تكنولوجية وستوديوهات وفضائيات واجهزة متطورة ولا يستفاد منها بشكلٍ صحيح ولا تنتج فناً متميزاً ، كما أن أغلب المنتجين ليسوا مهنيين ولا لهم علاقة بالفن ويبحثون عن الربح السريع ولا يهمهم المستوى الفني والثقافي وهذا ساهم بشكل سئ جداً في إنتشار الأغاني الهابطة التي نسمعها ونشاهدها يومياً بينما الفنانون الحقيقيون والحانهم وأغانيم الإنسانية الجميلة لا تجد لها مكاناً في وسط هذه الفوضى الغير خلاقة .

عام 2004 عاد جعفرحسن للوطن وإستقر في كوردستان العراق بعد رحلة وهجرة قسرية دامت لأكثر من ربع قرن .. فهو يدعوا ويتأمل من الفنانين العراقيين الحقيقيين أن يتكاتفوا لإنقاذ ما تبقى من الفنون والثقافة العراقية وإعادتهما لمسارهما الصحيح والحفاظ عليها .