صندوق النقد الدولي وسياساته الاقتصادية

Monday 20th of June 2011 05:20:28 PM ,

ملحق الاقتصادي ,

علي نافع حمودي
نلاحظ دائماً بأن اجتماعات صندوق النقد الدولي تصاحبها موجة استياء شعبي والسبب ناجم عن أملاءات هذا الجهاز الاقتصادي الدولي التي تطال مختلف جوانب حياة أصحاب الدخول المتوسطة فما دون، والتي تصب دائماً في بوتقة التقشف والخصخصة وبيع الأصول في بعض الأحيان، والتدخل في وضع السياسات الاقتصادية للبلدان التي تضطر لطلب المعونة أو الاستشارة من هذه الجهة

وما يترتب على ذلك من التزامات تؤثر على الحياة الاقتصادية في هذه البلدان وتحد من دعم الدولة للكثير من الخدمات المقدمة للمواطنين وأحياناً كثيرة تجبر الدول على إتباع سياسة اقتصادية معينة بغية تجاوز أزمتها.
ونحن في العراق خضعنا لهذا في أكثر من مناسبة ومجال في السنوات الماضية وتم إملاء الكثير من القرارات الاقتصادية من قبل صندوق النقد الدولي كرفع أسعار المشتقات النفطية والحد من دعم الغذاء وغيرها من الأمور التي تمس حياة المواطنين اليومية.
ولكن لا أحد منا سأل نفسه عن هذا الصندوق وموارده وسياسة الإقراض التي يتبعها مع الدول وغير ذلك من الأمور المهمة والتي تجعلنا على بينة من أمرنا.
إن معظم موارد الصندوق المخصصة للإقراض تأتي مما يقدمه بلدانه الأعضاء، لا سيما مدفوعاتها لسداد حصص العضوية. وفي غضون العام 2009/2010، وقع الصندوق على عدد من اتفاقيات الاقتراض الثنائية وشراء السندات الجديدة كي يصبح أقدر على دعم البلدان الأعضاء أثناء أزمة الاقتصاد العالمي. وتمثل اتفاقات الاقتراض متعددة الأطراف أداة داعمة أخرى لموارد الصندوق، حيث يتم تمويل عمليات الإقراض الميسر ومساعدات تخفيف أعباء الديون للبلدان منخفضة الدخل من خلال صناديق استئمانية منفصلة تقوم على المساهمات، حيث تخصص لكل بلد عضو في الصندوق حصة عضوية معينة تتحدد عموماً حسب حجمه النسبي في الاقتصاد العالمي، ويتحدد على أساسها الحد الأقصى لمساهمته في موارد الصندوق المالية. وعند انضمام أي بلد إلى عضوية الصندوق، عادة ما يدفع مبلغاً يصل إلى ربع حصته في شكل عملات أجنبية قابلة للتداول على نطاق واسع كالدولار الأمريكي أو اليورو أو الين أو الجنيه الاسترليني، أو حقوق سحب خاصة.
تصل حيازات الصندوق من الذهب إلى نحو 96.6 مليون أوقية بالوزن الترويسي (3.3005 طناً مترياً) في نهاية 2010، ما يجعل الصندوق ثالث أكبر الحائزين الرسميين للذهب في العالم، بحسب تقرير أورده موقع صندوق النقد الدولي الإلكتروني، غير أن اتفاقية تأسيس الصندوق تضع حدوداً صارمة لاستخدامه. فالصندوق يجوز له بيع الذهب أو قبوله من البلدان الأعضاء كوسيلة للدفع بشرط موافقة أغلبية 85 بالمئة من مجموع أصوات البلدان الأعضاء، ولكن يحظر عليه شراؤه أو إجراء أي معاملات أخرى فيه.
ولدى الصندوق اتفاقان للاقتراض على أساس دائم متعدد الأطراف هما «الاتفاقات الجديدة للاقتراض» و«الاتفاقات العامة للاقتراض» بطاقة اقتراض كلية تعادل حالياً 34 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (نحو 52 مليار دولار أمريكي). ويمكن للصندوق تفعيل هذين الاتفاقين إذا رأى أن قدرته على الالتزام الآجل قد لا تكفي لسد احتياجات بلدانه الأعضاء عند وقوع أزمة مالية كبرى.
وقد وقع الصندوق عدداً من اتفاقيات الاقتراض الثنائية منذ العام 2009. ويبلغ عدد اتفاقيات الاقتراض الثنائية حالياً 14 اتفاقية بقيمة 188 مليار دولار أمريكي تقريباً آخرها ما قدم لتونس ومصر لدعم اقتصادهما.
ولعلنا هنا نتوقف أمام سؤال عن دواعي الاقتراض من الصندوق؟ وللإجابة على هذا السؤال علينا أن نعرف بأنه يجوز للبلد العضو أن يطلب من الصندوق مساعدة مالية ـ (فعلية أو محتملة) ـ عند احتياج ميزان مدفوعاته إلى التمويل ـ أي إذا لم يكن باستطاعته تدبير تمويل كاف بشروط معقولة لسداد مدفوعاته الدولية الصافية مع الاحتفاظ بقدر كاف من الأرصدة الاحتياطية للمستقبل. وتتيح قروض الصندوق هامش أمان وقائياً يعمل على تيسير سياسات التصحيح والإصلاحات التي يتعين على البلد العضو تنفيذها لمعالجة المشكلة التي تواجه ميزان مدفوعاته واستعادة الأوضاع المواتية لتحقيق نمو اقتصادي قوي.
وما تتميز به قروض الصندوق بدرجة عالية من التذبذب عبر مختلف الفترات الزمنية. فقد حدثت زيادات حادة في قروض الصندوق عقب صدمة النفط في السبعينات وأزمة الدين في الثمانينات. وشهدت التسعينات طفرات أخرى في الطلب على موارد الصندوق إثر بدء عملية التحول في أوروبا الوسطى والشرقية والأزمات التي لحقت باقتصاديات الأسواق الصاعدة. وظل الطلب على هذه الموارد مرتفعاً بسبب الأزمات العميقة التي تعرضت لها أمريكا اللاتينية في أوائل الألفية. كذلك يقدم الصندوق مساعدات الطوارئ لدعم جميع بلدانه الأعضاء التي تحتاج إلى الدعم لتتعافى من الكوارث الطبيعية والصراعات.
ومن هنا نجد بأن الكثير من الدول تجد نفسها أحياناً كثيرة بحاجة ماسة للاقتراض وفق تسهيلات معينة ولمدد وفترات سداد طويلة نسبياً كما حصل للعراق مؤخراً عندما طلب قرض بقيمة مليار ونصف المليار لسد عجز الموازنة المالية ويبدو بأن هذا المبلغ الذي يشكل فقط 1,2% من موازنة العراق ضئيل جداً وبالتالي فإن العراق لا يحتاج لأن يربط اقتصاده بشروط صندوق النقد الدولي، خاصة وإن العراق باستطاعته تأمين هذا المبلغ من موارد اقتصادية عديدة داخل البلد.