عندما أصبح عبد العزيز القصاب متصرفاً لكربلاء سنة 1922

Sunday 15th of August 2021 11:03:32 PM ,
5003 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

وصال عبد العزيز محمد

بسبب إشكالية الوضع المتأزم وما كان ينجم عنه من تداخل للصلاحيات وتصادم الرغبات وقع خلاف بين الملك فيصل الاول ودار المعتمد البريطاني والتي تحدث من وقت لاخر بعضها يبقى في طي السرية والاخرى تطفو على السطح منها مثلا ان الخلاف الذي حصل بينهما حول متصرفية كربلاء. فجاء امر نقل عبد العزيز القصاب الى متصرفية لواء كربلاء في 3 كانون الثاني 1922. محاولة لتهدئة الاوضاع التي تازمت بين الملك فيصل ودار الاعتماد .

فالملك فيصل لم يكن راغبا في استمرار عبد الحميد اسد خان في وظيفته متصرفا لكربلاء لعلاقته الوثيقة بدار الاعتماد ، فعين متصرفا عوضا عنه هو الحاج سليم قائمقام الكاظمية . رفضت دار الاعتماد ذلك التعيين تحديا للملك فيصل ، وادت تلك المشكلة الى توتر شديد بين الملك فيصل ودار الاعتماد ، وتفاديا للمشكلة اشار رئيس الوزراء عبد الرحمن النقيب بترشيح عبد العزيز القصاب متصرفا لكربلاء الذي باشر في وظيفته اعتبارا من 16 شباط 1922 ، واستقبل استقبالا حسنا من سادة واشراف اللواء ورؤساء القبائل المعارضة لعبد الحميد اسد خان.

ويبدو ان الملك فيصل الاول وانطلاقا من سياسة التوازن التي انتهجها اراد ان يعين اشخاصاً يؤيدونه ويحسبون عليه حتى يحرج دار الاعتماد البريطاني.

ولم تكن تلك السياسة التي انتهجها الملك فيصل تقتصرعلى الاداريين فقط بل انها امتدت لتشمل رؤساء العشائر ايضا . اذا اوجد امام كل عشيرة مؤيدة لبريطانيا رئيسا اخر مواليا له . وعمل بعناية على تنمية ولاء اعداء المشايخ الموالين للبريطانيين وربما كان (لنجرس الكعود) مثالا صريحا دعمه الملك ليكون معارضا للشيخ (علي السليمان) رئيس الدليم الموالي للبريطانيين.

في كربلاء درس عبد العزيز القصاب الأوضاع عند توليه المسؤولية الادارية في هذا اللواء إذ تعرف على علماء اللواء واعيانهم وكسب ثقتهم . وكتب الى مدراء النواحي في لواء كربلاء مؤكد اعلى العدل والاستقامة والتعاون بين المؤسسات لغرض انجاز اعمال المواطنين ،واتضح له بعد دراسة اوضاع اللواء تقصير وعدم تعاون المتصرف السابق عبد الحميد اسد خان مع الدوائر والمؤسسات الاخرى لذلك اصدر كتابه ذلك الذي جاء فيه مايأتي :

« لي الشرف بان اخبركم استلامي ادارة هذا اللواء المقدس معتمدا على معونة الحق جل جلاله ومتوسلا بروحانيه رسوله وال البيت الطاهرين راجيا منكم معاضدتي باجراء الوظائف على محورها القانوني بكمال العفة وقضاء امور الرعية بالعدل والاستقامة بدون تاخير وبذلك تجعلوني شاكرا اهتمامكم واقتداركم وفي الختام اقبلوا مني مزيد التحية .

ان المشاكل التي واجهت عبد العزيز القصاب في لواء كربلاء لم تكن قليلة ولكنه استعان بخبرة بعض الشخصيات من ذوي الراي وبافراد من بيوتات كربلاء المعروفة والمشهورة بحكمتها واتزانها ، وقد فصل هذه القضايا والمشاكل والمعالجات في مذكراته المطبوعه ومعظمها ذات طابع محلي وشخصي.

الا ان هناك مشاكل أخرى واجهته وواجهت متصرفين اخرين في الوية اخرى وهي المشاكل الناجمة في العلاقة مع البريطانيين بسبب التداخل في الصلاحيات والتصادم في الاجراءات الادارية.منها مثلا في 26حزيران 1922 حدثت جريمة قتل الشرطي عبدالحسين من مراتب مخفر الدرعيه خلال قيامه في حراسة باب الدرعيه , وقد طلب قائم مقام النجف من متعهد الحراسه بتسليم المجرمين خلال عشرة ايام وتم القاء القبض على الاشخاص المعروفون بسوء اخلاقهم لمحاولتهم الهروب بعد وقوع الجريمه بما اثار الشكوك حولهم الاان هؤلاء تم اطلاق سراحهم من قبل مفتش الشرطه (الكابتن روول) captains Roll دون اخبار القائم مقام.

ولما سمع عبدالعزيز القصاب بما جرى امر باعاده المتهمين الى السجن وعد ذلك اساءة الى سمعة الحكومة. كما اثاره تدخل مفتش الشرطة وأثار اهل النجف وعلماؤها . واصر عبد العزيز القصاب على اعفائه عن متصرفية كربلاء مالم يوافقوا على تبديل المفتش (الكابتن روول) , الا ان طلباته لم تنفذ .وتم استدعاء عبدالعزيز القصاب من قبل (المس بل) السكرتيرة الشرقية لدار الاعتماد البريطاني وطلبت منه سحب الاعفاء وحدثت مشاده كلاميه بينهما بسبب اصراره على تبديل مفتش الشرطة الكابتن البريطاني واحتج على تدخلات المس بيل لانه هو المتصرف وانه هو المسؤول عن شؤون ادارته العامة وخاصة القضايا التي تمس الامن فاضطرت المس بل الى التراجع وقدمت اعتذارها وتم اعفاء الكابتن روول الذي اعترف بخطئه وانتهت القضيه بمغادرة روول النجف وهكذا استمرت واستمرت الادارة في تحقيق العداله بموجب القانون دون تدخل خارجي). وقد كان لهذه الحادثة صدى كبير لدى الاوساط الشعبية في كربلاء والنجف كما رفعت من رصيد متصرفها على المستوى الشعبي.

كما كان له الدور الواضح خلال الزيارات الاربعينية في كربلاء من خلال اصداره التعليمات لشرطة اللواء لتنظيم مواكب العزاء ، وارشاد روؤساء مواكب العزاء الى الطرق التي عليهم سلوكها في البلدة وفي الصحن الشريف حفظا على سلامتهم.

ومن نشاطاته الاخرى استقباله للامير زيد.في 19 تشرين الاول 1922 الذي جاء الى كربلاء لزيارة العتبات المقدسة وفي دار البلدية زاره جمع من العلماء والرؤوساء الاعيان شاكرا لما لقاه من حفاوة وتكريم. كما انه بذل جهدا مميزا لترميم مستشفى كربلاء والذي انهار نتيجة الفيضان الكبير خلال الحرب وعينت وزارة الداخلية اول طبيب ومدير له هو الدكتور فائق شاكر السامرائي. حيث عمل هذا الطبيب مع بعض المساعدين على النهوض بالواقع الصحي في كربلاء .. الاان مجهوداتهم متواضعه بسبب الظروف العامة والامكانيات المحدودة.

في 12 كانون الاول 1922أصدرت الارادة الملكية أمراً بنقل عبد العزيز القصاب من متصرفية لواء كربلاء الى متصرفية لواء المنتفك .

عن رسالة (عبد العزيز القصاب وأثره الاداري والسياسي في العراق 1882-1965)