جان- لوك نانسي: استثناء فيروسي

Wednesday 8th of September 2021 12:43:40 AM ,
5019 (منارات)
منارات ,

ترجمة : جميلة حنيفي

يزعم جورجيو أغامبين، وهو صديق قديم لي، أن فيروس كورونا لا يكاد يختلف عن الأنفلونزا العادية. يبدو أنه قد نسي أن مرض الإنفلونزا “العادية” يمكن علاجه بواسطة لقاح قد ثبتت فعاليته. ومع ذلك فهو يحتاج إلى إعادة التكيف مع الطفرات الفيروسية عامًا بعد عام.

ثم إن الإنفلونزا “العادية” دائما ما يروح ضحيتها عدد كبير من الناس، في حين أن فيروس كورونا، الذي لا يوجد لقاح ضده، قادر بشكل واضح على التسبب في عدد كبير من الوفيات. يتراوح الفرق (وفقًا للمصادر نفسها التي عاد إليها أغمبن Agamben) تقريبا بين 1% إلى 30%، وهو ما يبدو فرقا معتبرا بالنسبة إلي.

يذكر جورجيو أغمبن أن الحكومات لطالما تستفيد من جميع أنواع الذرائع لإعلان حالات الاستثناء. لكنه لم يلاحظ أن الاستثناء قد أصبح بالفعل القاعدة في عالم بلغت فيه التعاملات التقنية من جميع الأنواع (الحركة، التحويلات بأنواعها، التشرّب، انتشار المواد، وغيره) كثافة غير معلومة حتى الآن، وتنمو بمعدل نمو السكان نفسه. حتى في البلدان الغنية فإن هذه الزيادة في عدد السكان تقتضي توقعات بعمر أطول، وبالتالي زيادة في عدد المسنين، وعلى العموم، زيادة في عدد الناس المعرضين للخطر.

من الضروري توخى الحذر حتى لا نصيب هدفا خاطئا: لا شك أن الحضارة البشرية برمتها هي الآن موضع استفهام. هناك نوع من الاستثناءات الفيروسية – سواء كانت بيولوجية أو علمية أو حاسوبية أو ثقافية- التي تصنع الجائحة. وفي خضم ذلك ليست الحكومات سوى جلاد مقيت، ويبدو أن إلقاء اللوم عليها ليس سوى مناورة مضللة أكثر من كونها تفكيرا سياسيًا.

ذكرت أعلاه أن جورجيو صديق قديم. وأنا أعتذر عن استعادة ذكرى شخصية، لكنني إذ أفعل ذلك فأنا لست بالذي يتخلى عن مدوّنة تأملاته الفكرية العامة. منذ ما يقارب ثلاثين عامًا قرر الأطباء أنني أحتاج إلى عملية زرع القلب. فكان جورجيو من القلائل الذين نصحوني بعدم الإنصات إليهم. لو أخذت بنصيحته لكنت على الأرجح قد توفيت حينها. من الممكن ارتكاب خطأ. وعلى الرغم من ذلك، يمكن القول إن جورجيو برقة روحه وطيبتها– ومن دون أدنى تهكم- يعد شخصا استثنائيا.

عن موقع كوة