أصل حيثما أكون غريباً.. قصيدة: آراغون

Tuesday 5th of October 2021 10:19:02 PM ,
5037 (منارات)
منارات ,

ترجمة وتقديم : شاكر لعيبي

تقديم:

القصيدة من مجموعة آراغون (الديانا الفرنسية) 1944. تثير القصيدة بعض المسائل، وأولها عنوان المجموعة التي تَضُمُّها، وقد أبقيتُه الآن بصيغة: الديانا الفرنسية La Diane Francaise. والمقصود بالديانا هنا (أو الديان) الطبل أو البوق الذي يُنْفَخ فيه فجراً لإيقاظ الجنود والبحّارة،

لأن الشاعر فيها، حسب شُرّاحه، يدقّ على الـ “ديانا” محاولاً إيقاظ الفرنسيين النائمين، وبالتالي فإن أقرب رديف عربيّ لذلك هو طبل الحرب، أو طبل الغزاة، أو البوق. في بعض الاستخدامات الفرنسية تستخدم الديان رديفاً (للنفخ بالصُّوْر)، والصُّوْر في لغة العرب هو القرْن يشبه البوق. لكن شتّان بين إحالات هذه المفردات العربية، وإحالة المفردة الفرنسية نفسها، وبالتالي قصيدة آراغون، على ربّة الصيد الرومانية ديانا. من الواضح أن اسم هذا الطبل أو القرن مشتق من عمل الربّة. الفارق النفسيّ شاسع بين ديانا والنفخ بالصُّوْر.

القصيدة غنّاها جان فيرا 1995، ويمكن سماعها على النيت.

في المآل الأخير للترجمة، ثمة دوماً شخص المُؤوِّل، هنا وهناك.

لا عارضَ مثل العيش

لا عابرَ كالكائن

[بـ] ذوبان كالجليد قليلاً

وخفّة من أجل الريح

أصِلُ حيثما أكونُ غريباً

ستجتاز الحدود يوماً

من أينما جئتَ وأينما تذهبُ

لا أهمية للغد ولا أهمية للأمس

القلبُ يتقلّب مع الشوك

كلّ شيءٍ دون قافيةٍ ولا مغفرة

مرّرْ إصبعكَ هنا على صَدْغك

مُسَّ طفولةَ عينيك

خير لك من ترْكِ المصابيح خافتة

الليل الذي يمتدّ طويلاً خير لنا

والنهار يصير عجوزاً

الأشجار أكثر جمالاً أثناء الخريف

لكن ما الذي آلَ إليه الطفلُ

أنظرُ لنفسي وأندهشُ

من هذا الرحّالة المجهول

من وجهه وقدميه العاريتين

تلوذُ بالصمت رويداً رويداً

لكن ليس بالسرعةِ الكافية

وعلى ذاتك الآفلة

يتساقط غبارُ الزمن

بطيئاً يشيخُ المرءُ في نهاية المطاف

الرملُ يتسرّبُ من بين أصابعنا

ماءٌ باردٌ يتصاعد

خزيٌ يتعاظم

ثمة جِلْدٌ يَصْرخ عند شدّه

بطيئاً تصير إنساناً، شيئاً

بطيئاً تتخلّى عن كل شيء

وتشعرُ بالتبدّلات

التي تنهضُ في داخلنا

وهي تَثْني ببطء رُكَبَتينا

يا بحراً مرّاً، يا بحراً عميقاً

ما ساعة مدّك وجزرك؟

كم ينبغي من السنوات – اللحظات

للإنسان، كي يَكْفر بالإنسان؟

لِمَ، لِمَ هذا التصنُّع؟

لا عارضَ مثل العيش

لا عابرَ كالكائن

[بـ] ذوبان كالجليد قليلاً

وخفّة من أجل الريح

أصِلُ حيثما أكونُ غريباً