لماذ سميت (مليكة غناء العرب)..لقاء مع منيرة الهوزوز في الخمسينيات

Sunday 21st of November 2021 10:52:34 PM ,
5069 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

وحيد الشاهر

صارت موضة تلك الاعوام من الثلاثينيات ان المقاهي كانت ترغب بالمزيد من الرواد، فعليها شراء جهاز الحاكي والاسطوانات، ومتابعة الجديد الذي تعرضه الشركات من تلك الاسطوانات.!

هذا اضافة الى الاسطوانات التي كانت تجيء من اقطار عربية مثل سوريا ولبنان ومصر!

وبعد ان كبرت، وصرت من رجال الصحافة،، رضي “ابو ريياض” ام لم يرض، وفي ليلة كنت اقضيها في “مقهى ابي نؤاس” في الباب الشرقي، فوجئت بمن جاء يدعوني الى حضور حفل زفاف احد الزملاء، وقال لي ان “العريس” يرجوك الحضور، فذهبت الى شقة تقع قريبا من الملهى، وهناك وجدت “العريس والعروسة”.. وكانت العروس احدى الفنانات، وعرفوني على احدى الحاضرات وقالوا انها “منيرة الهوزوز” فسررت بمعرفتها، لاسيما بعد ان عرفت انها ذات علاقة بالعروس!. وكانت “منيرة” قد تركت الملاهي ولم تعد تعمل فيها، وكان ذلك سنة 1947 على ما اذكر!

ومرت السنوات، وفي اوائل الخمسينات حل ببغداد احد الاطباء الاجانب الذين تخصصوا باجراء عمليات تجميل الوجوه، وكانت احدى الفنانات العربيات اللواتي عرفتهن، قد اجرت عملية لديه ولم اعرف ذلك الا بعد ايام من اجرائها، فقد كنت بعيدا عن بغداد، ولما عدت اليها وسمعت بالعملية رايت من المناسب زيارتها، فسالت عن مكان سكناها، ولما قيل لي انها تحل في دار استأجرتها منيرة الهوزوز في منطقة البتاوين، غير بعيد عن “سينما الاورفه لي” قلت:

- منيرة اذن تقوم الان بادارة بانسيون، كي تعيش؟

وذهبت الى “بانسيون منيرة” وضغطت على جرس الباب، وفتحته امرأة تقدم بها العمر تغطي رأسها بـ “الفوطة والجرغد” ولما اخبرتها بما جئت من اجله، قالت ان التي جئت لاراها قد خرجت اليوم لاول مرة بعد شفائها، ولكنها ستعود بعد ساعة على اكثر تقدير!

فقلت لمنيرة الواقفة امامي: انا فلان.. اتذكريني؟

فرحبت بي، ورجتني ان ادخل لانتظر الفنانة التي جئت لاراها!

احاديث...

* وجلست مع “بنت الهوزوز” في غرفتها التي تجاور باب الدار، ورحنا نتحدت فسالتها:

- لماذا تركت العمل مبكرا؟

فابتسمت وقالت قالوا: كل لعب وراه راحة، وقد لعبت كفاية!

فسالتها: واين كانت دور اللهو يوم عملت فيها؟

ففكرت بضع لحظات قبل ان تجيب قائلة كانت معظم الملاهي تقع في منطقة الميدان، وكان كل ملهى هو ملهى نهارا، ومن هنا جاءت الاغنية التي تقول فيها ناظمها “ياكهوتك عزاوي بيها المدلل سهران”، وعندما يقولون “مقهى سبع” فهم يقصدون “تخوت المقهى”. ومعظم المسارح لم تكن غير “تانكيات” صار عليها الاخشاب، وبمرور الوقت تطورت الملاهي وارت كما تراها اليوم.

- وهل تذكرين اسماء الملاهي التي كانت؟

- اذكر منها في الثلاثينات “الجواهري” ونزهة البدور، واواتيل الهلال وكوكب الشرقية ودار السلام!

كما اذكر انني عند ذهابي الى الملهى الذي كنت اعمل فيه، وعند عودتي منه الى بيتي غير البعيد، ان احد الاشخاص كان يسير امامي وهو يحمل الفانوس النفطي الذي يضيء لي الدرب بضوئه وذلك ان بغداد لم تكن قد عرفت الكهرباء في بعض الاماكن!

ولما توقفت سالتها ومن هم رواد تلك الملاهي، وهل كان عدد يكفي لتستمر على العمل، وخاصة ان العمل كان قليل الموارد غالبا؟!

ولاحظت وهي ساكنة انها تابى الاجابة فقلت: ااذكر اسماء بعض من اعرفهم فهم؟

فقالت فورا: لا... لا... دعنا منهم، فبعضهم رحلوا الى دار البقاء، وبعضهم الاخر تزوجوا وعندهم اليوم العديد من الاولاد والبنات فما لنا والحديث عنهم؟؟

فعقبل فورا وقلت: ولكن الرصافي لم يتزوج، والاصح تزوج وطلق وليس له خلف؟

وهزت راسها موافقة وسكتت مرة ثانية

*

فقلت: كيف تعرفت على ناظم المقطوعة التي جعلك فيها “مليكة غناء العرب”؟

قالت: تعرفت عليه في الملهى، وقد اعجب بي كمطربة فجاءني بقصيدةته التي نشروها في الجزء الاول من ديوانه، وقد سمعت عدة قصائد اخرى من الشعراء المعجبين ولكن تظل قصيدته تلك ذات مكانة في نفسي، وان كنت لست بقارئة ولا بكاتبة!

* فسألتها: وما راي المطربة منيرة الهوزوز في الشاعر معروف الرصافي الذي فارق الحياة منذ سنوات؟

قالت: بصراحة.. الرصافي كان يتغزل بي كمغنية فهو يحب الغناء القديم وكان يطرب لغنائي كما يطرب لمغنين عراقيين وعرب من الجنسين!

قلت: فقط؟

قالت: نعم، وكان يتصف بالصراحة في اجوبته، وكان يبدو لي في احايين كثيرة انه غاية في الخشونة!

فسالتها: وهل التقيت به نهارا؟

فضحكت وقالت: كثيرا فقد كنا نسكن في دكان شناوه، وكان يعيش في دار تجاو “لاله ابراهيم»!

وهنا رن جرس الباب، فنهضت لتفتح للقادمة.. وهي الفنانة التي جئت لزيارتها!.

عن كتاب (زيارات ولقاءات)