الجواهري في حياته الإجتماعية

Thursday 28th of July 2022 12:23:46 AM ,
5231 (عراقيون)
عراقيون ,

إعداد: عراقيون

قيل – اذا سافرت احمل وطنك معك.. والشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري. الذي سافر وتغرب عن الوطن كان يحمل وطنه معه لأن الابتعاد عن حدود الوطن لايلغي الوطن من داخل حدود القلب!! وهو الذي قال في قصيدة لم تنشر سنة 1967..
سهرت وطال شوقي للعراق
وهل يدنو بعيد باشتياق؟

ومنذ سنة 1961 اتخذ شاعرنا العاصمة التشكيلية “براغ” مقاما له وقد احبها كثيرا لجمالها وهدوئها وقد ذكها في بعض قصائده. ولكن هذا الشيخ الجليل ورغم تخطيه سن التسعين يبقى حنينه ابدا. لأول منزل!! خاصة ان في هذا المنزل ذكريات طفولة وموطن ابائه ودوحة شعره ومنهل علمه ومسرح شهرته وعبقريته ونبوغه كشاعر لعله الثاني بعد المتنبي!! وبلده العراق هو تاريخ كفاحه في فقره او غناء ومساجلاته في البلاط الملكي مع الملك فيصل الاول وفي شعره الرقيق في غزل النساء ويجمع في حياته المثيرة الغريبة هذا التناقض الغريب في شخصيته وهو الذي قال يوما لو كان عندي جيل من الذهب لانفقته على الجمال.
***
لقد فجع الجواهري بوفاة زوجته الاولى سنة 1939 وهي ام فرات والدتي والتي لا تتجاوز من العمر السابعة والعشرين سنة بعد ان خلفت له فرات والدكتور فلاح وابنته البكر اميرة. وقد اثر الجواهري ان لا تتولى شؤون العناية بالاولاد الصغار امرأة غريبة عن العائلة. فتزوج من شقيقة زوجته الاولى “مناهل” اختها (امونة) في سنة 1939 وكنا نحن اطفالا. اختي عمرها (11) سنة وانا عمري 9 سنوات وفلاح عمره 4 سنوات.. فتزوج امونة خالتي.. اي بمعنى ان الفقيدة لم تكون غريبة علينا.. قبل ان يتزوجها هي خالتنا.. وانت تعرف المثل العراقي الذي يقول”اشفق من امي خالتي».
* كيف كانت رفقة الفقيدة “امونة” مع والدك الشعر الكبير الجواهري؟
- كانت الفقيدة (امونة) ام نجاح.. صبورة جدا مع الجواهري فلقد رافقته 53 سنة مع شتى المعاناة التي تحملتها مع الشاعر المزاجي الكبير فكم من مرة طلب ان تبيع الغراض وتبيع البيت. لكي يهاجر ومن ثم يعود ليعدل عن قراره وكانت فقيدتنا مطيعة له ترافقه اينما يحل واينما يرحل.. وتحترم مزاجه الخاص الذي يتناسب مع حجم عبقريته!!
* ما حكاية وفاة والدتك السيدة مناهل؟
تزوج الجواهري من والدتي (ام فرات) اولا السيدة (مناهل رحمها الله وتوفيق بطريقة مفاجئة للجواهري عندما كان في لبنان ووصل نبأ وفاتها وكتب عنها اجمل مرثياته بل تكاد تكون المرتبة الاجور في شعر الجواهري سنة 1939 ويقول فيها –
في ذمة الله ما القى وما اجد
اهذه صخرة ام هذه كبد
حييت ام فرات ان والدة
بمثل ما انجبت تكنى بماتلد
بكيت حتى بكى من ليس يعرفني
ونحت حتى حكاني طائر غرد
قالوا اتى البرق عجلان فقلت لهم
والله لو كان خيرا ابطأت بردُ.
وقد وصف فيها كيف ورد اليه النبأ المفجع وكان انذاك في بيروت متوجها الى القاهرة.. وكان البيت الاخير اجملها الذي يصف به توجسه وتخوفه من اخبار قدوم البرقيات!!
* ماذا عن الزوجة الثانية في حياة الجواهري؟
كانت (خالتي) كما سبق وان شرحت لك ذلك تزوجها الجواهري بعد وفاة والدتي ام فرات.. وقد انجبت له نجاح وكفاح وبنتين هما خيال وظلال.. وكان الجواهري يحبها كثيرا فكتب فيها اجمل قصائده وقال فيها.. يهديها – “الى التي افنت شبابها وكهولتها معي صامدة واثقة، مؤمنة في حياة تشبه الاساطير.. الى زوجتي امونة».
يا حلوة المجتلى والنفس غائمة
والامر مختلط والجو مختنق
ويا ضحوكة ثغر والدتي عبس
ويا صفية طبع والمنى رنق
ويا صبورة على البلوى تلطفها
حتى تعود كبنت الحان تصطلق
اذن.. كان الجواهري يحبها كثيرا كشقيقتها (ام فرات) لان (ان نجاح) داوت الكثير من اشجان الجواهري وكان لها في حياته الكثير.. وكانت تطاوعه حتى في ما يخالف العقل من الحكمة.. من ثورات (جواهرية) وعلى مدى (53) سنة استمرت هذه الحياة حتى توفيت في الشهر الماضي من هذه السنة..
* ماذا عن رحيل امونة “ام نجاح».
يقول الاستاذ فرات:
توفيت المرحومة ام نجاح في احد مستشفيات بلندن وقد شيعت الى مثواها الاخير بموكب مهيب.. واقيمت الفاتحة على روحها الطاهرة في مسجد (براثا) في بغداد العطيفية لمدة ثلاثة ايام وقد حضرها عدد كبير من الناس ومن محبي الجواهري ومن الادباء والكتاب.. وقد وجهت دعوة الى شاعرنا الجواهري لحضور الفاتحة.. ولكن الرجل اعتذر وشكر الذين اتصلوا به فردا فردا وقال بالحرف الواحد ان محبي المرحومة هم الاوفر عددا في بلدها والاعلى مقاما!!
هذا الكلام عبر الهاتف.. وبه ازيلت جفوة كبيرة وازيحت غمامة عما قيل ويقال عن الجواهري شاعر العراق وشاعر العربية!!
* وزوجاته الاخريات؟
لقد تزوج الجواهري بالسيدة السورية اللبنانية لفترة قصيرة ولظروف جغرافية خاصة هي “رزمية البيضوني” عام 1945 ولم يستمر معها سوى سنتين.. واثناء وجود الجواهري في ضيعته الزراعية في منطقة علي الغربي عام 1957 تزوج ايضا من السيدة نعيمة من عشائر “البو دراج” وكان عمرها صغيرا ولم ينجب منها شيئا ثم انفصل عنها.. وطلقها ومازال اهلها يذكرون هذا ويقولون نحن “نسبان” الجواهري.. وبحق.. اقول لك.. تبقى الزوجتان الاعمق اثرا في نفس الجواهري هما الشقيقتان (مناهل) ام فرات.. و(امونة) ام نجاح رحمهما الله حيث يسجل التاريخ الشعري للجواهري واحدة من اجود مرثياته للمرحومة مناهل واجمل قصائد الحب للسيدة المرحومة امونة.. ولقد سبق ذكرهما!!.
هذا الحوار مع نجله الراحل فرات الجواهري