كوركيس عواد..شمعة مضيئة في تاريخ أعلام شعبنا

Thursday 11th of August 2022 12:23:42 AM ,
5240 (عراقيون)
عراقيون ,

سامر الياس سعيد

فيما تعيش مدينة الموصل بما يمكن وصفه بالـ” غيبوبة” بسبب وضعها الأمني المتذبذب، لا يُستغرب أنها تغيب عن الاحتفاء بنخبة من أعلامها الذين أنجبتهم وأضاءت بهم أفق الثقافة العراقية وحلقوا من خلال هذا التألق الى افاق العالمية بما دبجه يراعهم من كتب ومؤلفات القت بظلالها الايجابية على واقع المؤلفات المهمة التي رصدت زوايا وخفايا من أزمنة العراق وأديرته واعلامه.

وإذا كانت المهمة التي اضطلعت بها بعض المؤسسات الإعلامية ومنها مؤسسة (المدى) مشكورة في الاحتفاء بالذكرى الـ(18) لرحيل علامة مهمة بقامة الباحث كوركيس عواد الذي ألف وحقق ما يقارب الـ 90 كتابا وله اكثر من 400 بحث ودراسة ومقالة منشورة في أمهات المجلات العراقية والعربية والأجنبية كما يشير بذلك الباحث والمؤرخ الدكتور ابراهيم خليل العلاف في الملحق الذي اصدرته جريدة المدى بمناسبة الاحتفاء بذكرى عواد، الا ان العلاف اورد في سياق معلوماته عن عواد ولادته في ناحية القوش عام 1908 وهي معلومة مبهمة لاصحة لها اذ التقينا الشماس بهنام سليم حبابة الذي كان مديرا لمدرسة شمعون الصفا من عام 66 ولغاية 1972 وهو من مجايلي الباحث كوركيس عواد وشقيقه ميخائيل حيث تحدث حبابة عن الاخوين في سياق حوار خاص عنهما فقال:

بالنسبة للاستاذ كوركيس عواد فهو موصلي الأصل وهو ابن حنا الياس ججي من ملة السريان الكاثوليك تتلمذ في صغره مع أخيه ميخائيل على يد القس روفائيل حبابة في بيعة القديس مار يوسف للكلدان في محلة الميدان ثم انتقلا الى مدرسة شمعون الصفا بمحلة الساعة، وبعد ذلك درسا في دار المعلمين ببغداد وتعين كوركيس معلما في مدرسة بعشيقة، ثم انتقل الى مدرسة القوش مدة أربع سنوات، وانتقل بعدها معلما بمدرسة شمعون الصفا بالموصل وكان أخوه ميخائيل معلما أيضا لمادة التربية الرياضية بمدرسة مار توما..

واضاف حبابة بان أولى مؤلفات كوركيس كانت عن دير الربان هرمزد في القوش حيث صدر هذا الكتاب عام 1934 كما كان يرفد مجلة النجم الموصلية بمقالاته وانتقلا الاخوين عواد الى بغداد عام 1936حيث سكنا بمنطقة الكرادة –داخل -فتعين كوركيس بمكتبة المتحف أما ميخائيل فعين معلما بمدرسة المامونية التي كانت تقع قرب وزارة الدفاع وكان من تلاميذ ميخائيل الدكتور احمد عبد الستار الجواري الذي عين فيما بعد وزيرا للتربية أما عن حياة الاخوين الاجتماعية فكوركيس تزوج من كريمة فتوحي توماشي وكنيته أبو سهيل أما زوجة الأستاذ ميخائيل فهي كريمة بيت شنو من كلدان مسكنتة وكنيته أبو هلال وكان لهما أخ غير شقيق يدعى افرام أما والد الاخوين عواد فهو حنا الذي كان يعمل نجارا في منطقة الميدان واختص بعمل العود ولقب بحنا العواد تاركا لقب ججي هو وأولاده..

ميخائيل عواد

ويستطرد الشماس بهنام حبابة معلوماته عن الاخوين عواد فيقول: في عام 1948 أصبح الأستاذ كوركيس عضوا بالمجمع العلمي، وقد وضع العديد من المؤلفات ومنها معجم المؤلفين العراقيين بثلاثة أجزاء وتاريخ مدينة واسط وكتاب عن حياة ومؤلفات الأب انستاس الكرملي ورسالة عن الأحجار الكريمة وسيبويه في اثار الدارسين، وإحياء التراث العربي في العراق. وقد أشار الموسوعي حميد المطبعي الى ان الكتب التي وضعها العلامة كوركيس عواد بلغ عددها 74 كتابا ما عدا المؤلفات الخطية التي لاتزال غير مطبوعة ومنها تحقيقه للمعجم المساعد للأب الكرملي، أما مؤلفات شقيه ميخائيل فاهمها هي دير قني في العراق وهو الدير الواقع قرب مدينة واسط وأقسام ضائعة من كتاب تحفة الأمراء لابي هلال الصابئي، ورسوم دار الخلافة العباسية الذي نشره عام 1964 وأعيد طبع الكتاب وترجم الى اللغة الانكليزية والروسية، واعتبر من روائع الكتب وفصل من كتاب فضائل بغداد الذي نشره عام 1947 فضلا عن نشره لكتاب الديارات للشابشتي بعد تحقيقه وكتاب أخر عن المتنبي وكتب أخرى تم وضعها مشاركة هو وشقيقه كوركيس، حيث كانا يعدان الأبرز ضمن رواد مجلس الأب الشهير انستاس الكرملي الذي كان يعقد يوم كل جمعة بدير الاباء الكرمليين وكان يحضره الى جانب الاخوين نخبة من النخب الثقافية أمثال عبد الرزاق الحسني، وحارث طه الراوي، والوزير يوسف غنيمة، واحمد حامد الصراف ومنير القاضي وابراهيم الواعظ ومير بصري والدكتور داؤد الجلبي وإسماعيل القاضي ومصطفى جواد وتوفيق السمعاني وحنا رسام قبل ان ينفض المجلس بعد ان وافت الكرملي المنية بتاريخ 7 كانون الثاني عام 1947..

وتابع الشماس حبابة ذكرياته عن العلامة كوركيس فأشار الى ان الأخير معروف بولعه بالفهرسة وقد أحصى مئات الكتب والمقالات حتى عرف بلقب ابن النديم نسبة لشهرته بهذا المجال وبعد ان أحيل على التقاعد طلب منه العمل بمكتبة الجامعة المستنصرية التي قدم لها الكثير من جهده ووقته وقد دبج عشرات المقالات بمجلة المجمع العلمي حيث كان عضوا بالهيئة السريانية بالمجمع ومعه شقيقه ميخائيل والذي شغل فيما بعد مدير المكتب الخاص بوزير التربية ولمدة تزيد على الـ(30) عاما..من المؤلفات المشتركة للاخوين عواد كتاب الأشقاء في التاريخ وحياة والدهما حنا العواد الذي انفرد بصنع العود والرسائل المتبادلة بين تيمور باشا والأب الكرملي وكتب عن ابي تمام الطائي والخليل بن احمد الفراهيدي ودراسة عن المتنبي وادب الرسائل بين العلامين الكرملي والالوسي وقد اقيم حفل تأبيني بذكرى الأربعينية لرحيل العلامة كوركيس عواد شهدت القاء العديد من قصائد الرثاء بحق الفقيد ومنها قصيدة لاسماعيل القاضي جاء في مطلعها:

لاتخف دمعك شان الموت مدروس فقال والدمع يجري مات كوركيس