اقتصاديات: اتفاقيات الصندوق والبنك الدوليين.. الى أين؟

Monday 11th of July 2011 05:23:09 PM ,

ملحق الاقتصادي ,

 عباس الغالبي
تمثل اتفاقيات صندوق النقد والبنك الدوليين ظاهرة لها انعكاساتها على عمليات الاصلاح الاقتصادي المرتقبة في العراق، إلا انها وبعد مضي اكثر من سبع سنين، ما الذي تحقق، والى أين تسير هذه الاتفاقيات التي حققت ردود افعال بين مؤيدة ومعارضة منتقدة واخرى تقف على الوسط.

وفي واقع الحال قد جرت تهيئة لتصحيح اسعار المنتجات النفطية قبل ان يحل اتفاق مع صندوق النقد الدولي و لكن صندوق النقد الدولي و البنك الدولي للانشاء و التعمير كانا حاضرين في العراق منذ 2003 و صندوق النقد الدولي هو الذي اقترح مسودة قانون المصارف و مسودة قانون البنك المركزي التي صدرت عن سلطة الائتلاف الموحدة فيما بعد و لكن سلطة الائتلاف هي من روجت و ضغطت بأتجاه تصحيح اسعار المنتجات النفطية.
ومن جملة المبادئ المتعارف عليها في نظام الاقتصاد الحر هو توفير المنافسة الكاملة و التصرف الامثل في الموارد الاقتصادية و بالتالي يجب ان تكون التكاليف حقيقية و الاسعار معبرة عن تلك التكاليف و بما ان اسعار المنتجات النفطية في العراق ادنى بكثير من مستوياتها في العالم فهذا يعني بحسب رأيهم وجود اساءة للتصرف بالموارد الاقتصادية لان جميع المنشآت و الوحدات الاقتصادية التي سوف تستخدم المنتجات النفطية تكون تكاليفها غير حقيقية و بالتالي تتخذ قرارات اقتصادية غير حقيقية.
وفي ثمانينات القرن الماضي فأن الذين كانوا يعملون على دراسات الجدوى كانوا ينصحون بتصحيح الاسعار حسابياً بمعنى انك تجري تصحيحاً مالياً و تظهر في الكشوفات المبالغ التي تدفع بموجب الاسعار لكن التحليل الاقتصادي يقتضي استبدال هذه المنظومة من الاسعار المحددة ادارياً بمنظومة اسعار حقيقية، و كنا في ذلك الوقت نعتمد مبدأ الاسعار الدولية للسلع المتاجر بها و من جملتها المنتجات النفطية فمن ناحية الاقتصاد الحر ينبغي ان تكون الاسعار صحيحة بمعنى ان تكون منسجمة مع المستويات الدولية لنفس السلع لكن من جهة اخرى وفرة الطاقة و رخص اسعارها هي الميزة الاقتصادية النسبية للعراق فعندما صححت اسعار المنتجات النفطية التي انعكست على تكاليف الطاقة و اصبحت تكاليف الطاقة مرتفعة فقد العراق هذه الميزة الاقتصادية النسبية دون تعويضها بميزة اخرى بديلة، فأضافةً الى تخلف انتاجية العمل الذي هو انعكاس للتخلف التقني و الاداري، العراق عندما كانت اسعار النفط منخفضة كان اقدر على التنافس مع الخارج مما هو عليه الان بمعنى انه كان يستطيع انتاج سلع اكثر مما هو عليه الان و بالتالي انخفضت القدرة التنافسية النسبية للعراق بتصحيح اسعار منتجات النفط.
ومن هنا فأن الاصلاح الذي فرضه صندوق النقد على العراق كانت بواعثه من هذا الانخفاض في قدرة العراق التنافسية، ولكن هذا الالزام لم يحقق الاهداف المتوخاة من جدلية اتفاقيات العراق مع صندوق النقد والبنك الدوليين، بل مازالت قدرة العراق ضعيفة بسبب عدم امتلاك العراق للميزة المعيارية لحيثيات وفضاءات اقتصاد السوق بسبب غياب السياسات الاقتصادية الواضحة القادرة على التعاطي ووضع العلاجات الناجعة للاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد العراقي.