عمو بابا بعيون أبنائه في كرة القدم العراقية

Thursday 12th of January 2023 12:00:40 AM ,
5346 (عراقيون)
عراقيون ,

عادل فاخر

الكابتن عمو بابا الذي عرف بشيخ المدربين أو مدرب الأجيال، والذي طلب في وصيته أن يدفن بجوار ملعب الشعب الدولي، فكيف استذكره اللاعبون الذين تدربوا على يده وهم الآن رؤساء فرق رياضية ومدربون في ذكرى وفاته التي تصادف اليوم؟

عمانويل داود، الشهير بعمو بابا، من مواليد 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1934 بمدينة الحبانية التي تبعد عن مركز العاصمة العراقية بغداد نحو 100 كيلومتر غربا، اكتشف موهبته الرياضية المدرب والمعلق الرياضي المشهور إسماعيل محمد عام 1951، وهو الذي أطلق عليه تسمية عمو بابا، وكانت أولى مشاركاته في الدورة العربية المدرسية في القاهرة.

شيخ المدربين عمو بابا - الموسوعة

عمو بابا درب المنتخبات العراقية في 123 مباراة حقق من خلالها العديد من الإنجازات (مواقع التواصل)

درجال وعمو بابا

يقول وزير الشباب ورئيس اتحاد كرة القدم العراقي عدنان درجال إن الراحل عمو بابا من الشخصيات العظيمة التي صنعت مجدها بنفسها، وكان له أسلوبه المميز في تدريب المنتخبات الوطنية، وتخرج على يديه أبرز نجوم العراق لاعبين ومدربين، كما حقق للعراق العديد من النتاىج الكبيرة على مدى سنين عمره.

وفي حديث للجزيرة نت، قال درجال إن اسم عمو بابا وحده مدرسة كروية بحد ذاتها وظاهرة تدرس في عالم التدريب، فهو الذي زرع في قلوب لاعبيه -الذين نهلوا أساسيات كرة القدم الصحيحة على يديه- حب اللعبة والالتزام واحترام الوقت والطرق الصحيحة لبناء القدرات البدنية والمهارية.

وأشار درجال إلى أن المدرب الراحال أعطى لكرة القدم كل شيء لاعبا ومدربا، فوهبته حب الجماهير العراقية التي لا تجد بينها من يختلف على حبه رغم اختلاف أمزجتهم الرياضية وفرقهم التي يشجعونها، بل امتدت شهرته ومحبته إلى خارج العراق.

درجال أوضح أن وزارته احتفت بهذا الاسم الكبير، وجعلت قبره يتوسط مقر الوزارة واتحاد كرة القدم ومجمع الشعب الذي يضم ملعبا ومسبحا وقاعة ليكون متحفا أنيقا يخلد التاريخ الذي قضاه عمو بابا في خدمة الكرة العراقية.

رمز رياضي

يقول اللاعب الدولي السابق ورئيس نادي الكرخ الرياضي حاليا الكابتن شرار حيدر إن الراحل عمو بابا يصعب نسيانه، فبرحيله فقدنا رمزا رياضيا كرويا مميزا، وستظل إنجازاته مع المنتخب الوطني خالدة.

وأضاف حيدر في حديث للجزيرة نت أن عمو بابا كان يتمتع بكاريزما قوية وشخصية قيادية، وعرف بقساوته في التدريب، لكن كان عاطفيا في صورة أبوية مع اللاعبين، إذ يحبه جميع من تعامل معه.

ويتحدث حيدر عن موقف سابق حدث له مع عمو بابا، قال إنه لا ينساه أبدا، إذ دُعي حيدر عام 1997 مجددا إلى اللعب في المنتخب في أعقاب اعتقاله في معسكر الرضوانية من قبل عدي صدام حسين الذي كان يتولى قطاع الرياضة آنذاك، وقال “تولى عمو بابا تدريب المنتخب بدلا من المدرب عامر جميل، ثم أشرف على تدريبنا 3 أيام في ملعب الشعب قبل خوض مباراتين تجريبيتين، أولاهما مع نادي الشرطة العراقي، والثانية مع منتخب الهند، ولم تكن لدي رغبة في اللعب مجددا بسبب التعذيب الذي تعرضت له، ولم يكن عمو بابا يرغب في إشراكي، غير أن المنتخب كان يفتقر لوجود مدافع يلعب بمركز مساك يسار».

شرار حيدر قال إن إنجازات عمو بابا مع المنتخب العراقي ستظل خالدة (الجزيرة)

ويتابع حيدر “قلت لعمو بابا أمام جميع اللاعبين بأنني لاعب منتخبات وأستطيع اللعب بكلتا القدمين، فأخبرني بانزعاج أنه لا يريد مدافعا يلاحق المهاجم فقط في الملعب، فشعرت وقتها بنوع من الإهانة، وأجبته بأنه لم يدربني من قبل ولا يمكن له أن يحكم على لاعب من خلال المعلومات التي تصله من البعض، وأكدت له عدم رغبتي في اللعب للمنتخب مرة أخرى، وتمت دعوتي رغما عني، فرد علي وقال إذن سوف أشركك في المباراة بمركز مساك يسار ونرى مستواك، ثم بدأت المباراة أمام نادي الشرطة وفزنا بهدف، وكنت أفضل لاعب في المباراة».

وبعد المباراة يضيف حيدر “ذهبت مباشرة إلى غرف تبديل الملابس وغيرت ملابسي وخرجت مسرعا لكي لا أراه، وكنت قد قررت أن لا أستمر مع المنتخب، لكني أردت إثبات حقيقة خطأ تقيميه لي، وقبل خروجي قابلته فطلب مني العودة وقال أمام اللاعبين: أنا هنا أقول لشرار حيدر بأنك على صواب يا بنيّ، وأثبتّ اليوم بعلو كعبك أني كنت مخطئا بحقك وأنا آسف».

وأضاف “خجلت جدا، وقلت له أنا من عليه أن يعتذر منك ومن الفريق لأنني جادلتك، وهكذا استمررت في حبي واحترامي له».

اعتراف بجهود الآخرين

أما اللاعب الدولي السابق حبيب جعفر فيقول للجزيرة نت إن شيخ المدربين ومعلم الأجيال الراحل عمو بابا كان يتمتع بالعقلية القوية، ويختلف عن باقي المدربين بأسلوب التمارين الرياضية القوية، ويعتمد على القوة والطول والسرعة، واعتبر أن من أهم البطولات التي توّج بها المدرب الراحل مع المنتخب هي كأس الخليج وكأس العرب.

من جانبه، روى اللاعب الدولي السابق والمدرب الحالي نعيم صدام موقفا له مع المدرب الراحل، وقال “كان عمو بابا يمر بوعكة صحية ويرقد في المستشفى في تسعينيات القرن الماضي وكان حينها يدرب نادي الزوراء وأنا ضمن الفريق، وأمامنا مباراة مع نادي الطلبة في نهائي الكأس، واجتمع بابا بمساعديه إبراهيم علي وكاظم خلف في المستشفى، وضمن خطته للمباراة طلب منهما أن ألعب أساسيا ولكن لمدة 20 دقيقة فقط من الشوط الأول».

وأضاف نعيم صدام “خلال المباراة واصلت اللعب بطلب من المساعدين حتى أحرزت هدفا في مرمى الطلبة، وانتهت المباراة بفوزنا، وبعد خروج عمو بابا من المستشفى اجتمع بنا، وقال لنا بالنص: لدي مدربون مساعدون أقوياء، وأصحاب قرار، رغم أني طلبت أن يلعب صدام 20 دقيقة فقط، لكنه هو الذي منحنا الفوز والكأس».

الكابتن نشأت أكرم، وهو لاعب دولي سابق وأحد خريجي مدرسة عمو بابا الكروية، يقول للجزيرة نت إن المدرب الراحل صاحب الفضل الكبير، ليس فقط على نشأت وإنما على الكرة العراقية بعمومها.

وأوضح أن الراحل تميّز بالجرأة والمغامرة والعين الثاقبة لاختيار اللاعب وصقل الموهبة من ناحية التدريب والتكرار على مميزات اللاعب، للاستفادة بشكل كبير من المميزات وزرع الثقة في نفس اللاعب رغم صغر سنن أعمار اللاعبين.

محطات من حياة عمو بابا

يذكر أن عمو بابا أحرز أول هدف دولي للعراق وكان ذلك في مرمى المنتخب المغربي بالمباراة التي جرت ضمن الدورة الرياضية العربية في بيروت في 1957.

درب عمو بابا المنتخبات العراقية في 123 مباراة حقق من خلالها العديد من الإنجازات أبرزها لقب بطولة الخليج 3 مرات وذهبية دورة الألعاب الآسيوية في الهند عام 1982، وبطولة العالم العسكرية 3 مرات، والتأهل إلى الألعاب الأولمبية 3 مرات، إضافة إلى إحراز كأس العرب عام 1988.

وأشرف على تدريب بعض الأندية المحلية منها نادي الطلبة الذي أحرز معه لقب الدوري عام 1981، ونادي الزوراء، وكان مشرفا على المدرسة الكروية التابعة للاتحاد العراقي لكرة القدم.

وتلقى عمو بابا تكريمات شرفية منها اختياره من قبل اللجنة الأولمبية السويدية سفيرا للرياضة العراقية، كما منح لقب مدرب القرن الـ20 من قبل لجنة المحررين الرياضيين في نقابة الصحافيين العراقيين.

وتوفي يوم 27 مايو/أيار 2009 بمستشفى دهوك للطوارئ بعد أزمة صحية، وشيعت جنازته بحضور رسمي، ودفن حسب وصيته قرب ملعب الشعب الذي شهد تاريخه لاعبا ومدربا ورمزا من رموز العراق.

المصدر : الجزيرة